«التصوف بوابة للتشيع» عبارة قالها الدكتور يوسف القرضاوى منذ ما يزيد على عامين، ووقتها «قامت الدنيا ولم تقعد» كما يقال، ونحن هنا نبتعد عن العلاقة بين التصوف والتشيع، لنعدو إلى المعنى الأهم، نسأل عن معنى التصوف لكن من وجهة نظر القرضاوى، وربما يختلف البعض مع الشيخ الجليل، لكن هذا رأيه. والصوفية ظهروا فى وقت غلب على المسلمين فيه الجانب المادى و العقلى بعد اتساع الفتوحات، وكثرة الأموال، وأصبح الإيمان عبارة عن «فلسف» و«علم كلام» «وجدل»، لا يشبع للإنسان نهما روحيا، ومن هنا كما يقول القرضاوى فى فتوى له على موقع إسلام أون لاين نت هؤلاء الصوفية ليسدوا ذلك الفراغ، فلم يشبع هذا الجوع إلا الصوفية الذين عنوا بتطهير الباطن قبل الظاهر، وإعطاء الأولية لأعمال القلوب وشغلوا أنفسهم بالتربية الروحية والأخلاقية. وكان أوائل الصوفية ملتزمين بالكتاب والسنة، مطاردين للبدع والانحرافات فى الفكر والسلوك، ولقد دخل على أيدى الصوفية المتبعين كثير من الناس فى الإسلام وتاب على أيديهم أعداد لا تحصى من العصاة، غير أن كثيرا منهم غلوا، وانحرفوا عن الطريق السوى، وعرفت عن بعضهم أفكار غير إسلامية، كقولهم بالحقيقة والشريعة، وكان لهم كلام فى أن الأذواق تعتبر مصدرا من مصادر الحكم.. أى إن الإنسان يرجع فى الحكم إلى ذوقه ووجدانه وقلبه.. وكان بعضهم يعيب على المحدّثين، لأنهم يقولون: حدثنا فلان قال وحدثنا فلان... ويقول الصوفى: حدثنى قلبى عن ربى.. أو يقول: إنكم تأخذون علمكم ميتا عن ميت، ونحن نأخذ علمنا عن الحى الذى لا يموت.. أى إنه متصل بزعمه بالسماء مباشرة. ويضيف القرضاوى «هذا النوع من الغلو، ومثله الغلو فى الناحية التربوية غلوا يضعف شخصية المريد كقولهم: إن المريد بين يدى شيخه كالميت بين يدى غاسله، وهذه الاتجاهات قتلت نفسيات كثير من أبناء المسلمين، فسرت فيهم روح جبرية سلبية كاعتقادهم القائل: دع الملك للمالك، واترك الخلق للخالق، يعنى بذلك أن يكون موقفه سلبيا أمام الانحراف والفساد وأمام الظلم والاستبداد، وهذا أيضا من الغلو والانحراف اللذين ظهرت عند الصوفية. ولكن كثيرا من أهل السنة والسلف قوّم علوم الصوفية، بالكتاب، والسنة، ونستطيع أن نأخذ من الصوفية الجوانب المشرقة، كجانب الطاعة لله، ومحبة الناس بعضهم لبعض، ومعرفة عيوب النفس، ومداخل الشيطان، وعلاجها، واهتمامهم بما يرقق القلوب، ويذكر بالآخرة. نستطيع أن نعرف عن هذا الكثير عن طريق بعض الصوفية كالإمام الغزالى مع الحذر من شطحاتهم، وانحرافاتهم، وغلوائهم على حد قول القرضاوى ووزن ذلك بالكتاب والسنة، وهذا لا يقدر عليه إلا أهل العلم وأهل المعرفة. و«لهذا أنصح الرجل العادى بأن يرجع فى معارفه إلى المسلمين العلماء السلفيين المعتدلين الذين يرجعون فى كل ما يقولون إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .