صدر حديثاً عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة كتاب تحت عنوان "الحرف العربي في الفن الحديث" للباحثة الدكتورة إيناس حسني. جاء الكتاب في 258 صفحة، مقسماً إلى مقدمة بعنوان: الحرف العربي كقيمة تشكيلية، وثلاثة فصول، الفصل الأول من الكتاب يستعرض علاقة الفنان الأوروبي بالحرف العربي، وكيف كتب الأوروبيون فنهم بالحرف العربي؟ أمثال الفرنسيين ديلاكروا، جورج ماثيو، الألماني بول كلي، الهولندي موندريان، الروسي كاندينسكي، والأمريكي روبرت أنديانا.. الفصل الثاني تناولت الباحثة الحروفية وروادها من الأردن أحمد أبو عدس، من السودان أحمد محمد شبرين، وعثمان وقيع الله (لوحة الغلاف من أعماله)، من سوريا برهان كركوتلي، سامي برهان، محمد غنوم ومحمود حماد، من لبنان سعيد عقل ووجيه نحلة، من العراق ضياء العزاوي، من الإمارات عبد القادر الريس، من تونس نجا المهداوي، من قطر يوسف أحمد. وخصصت الباحثة الفصل الثالث للحديث عن الفنانين المصريين المعاصرين واستلهامهم حروف الكتابة في أعمالهم الفنية أمثال أحمد ماهر رائف، أحمد مصطفى، حسين الجبالي، رمزي مصطفى، سامي رافع، سعد كامل، عمر النجدي، كمال السراج، محمد طه حسين، منصور البدوي، يوسف سيده. وثقت الباحثة كتابها بالعديد من الصور التي توضح أعمال هؤلاء الفنانين. وفى مقدمة هذا الكتاب أشارت الباحثة د. إيناس حسني إلى أن استخدام الفنان للحرف العربي هو محاولة لتوصيف هوية العمل الفني كعمل عربي. فالفن التجريدي قد أصبح فناً عالمياً يصعب ربطه بمكان أو ثقافة معينة. فنحن نعرف جميعاً أن الفن التجريدي فن غربي في أصله ثم أصبح هذا الفن عالمياً مع سطوة الثقافة الغربية على العالم خصوصاً عندنا في الدول العربية. ومع تنامي الحاجة إلى إظهار الخصوصية في ثقافتنا عموماً بدأ استخدام الحروف العربية في الأعمال الفنية حلاً مناسباً لإضفاء الهوية. فصارت هذه الأعمال تشبه ناساً كثيرين في مجتماعتنا العربية، حيث أننا كأشخاص تلبسنا بالثقافة الغربية في الكثير من نواحي حياتنا. الحرف العربي ليس مجرد وسيلة لنقل النص، فهو جميل في ذاته دون أن يكون جزءاً من كلمة، ومعاصر وحداثي، تلك هي شخصية الحرف. فالحرف العربي قادر على أن يخطف العين والقلب دون حاجة لأن يشغل المتلقي رأسه بقراءة ما يعنيه مجموع الحروف الملتصقة في هيئة كلمة أو جملة حتى ولو كانت بيتاً من الشعر، فجماله مفصول عن اللغة ولا يحتاج منك أن تعرف العربية أو أن تعرف القراءة أصلاً. إن الخط العربي موجود بقيمة فنية منذ عقود عديدة، وأيضاً يوجد الحرف دون أن يكون له قراءة أو معنى فقط، بل من الناحية الشكلية، وهذا ما استطاع فعله معظم الفنانين، وذلك بأن يتعاملوا مع الحرف إما لوحده أو مع مجموعة حروف، دون التطرق إلى المعنى أو القراءة.