تطبيق الهيئة الوطنية للانتخابات.. استعلم عن لجنتك في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    بعد انخفاض 160 جنيهًا بالصاغة.. أسعار الذهب والسبائك اليوم وعيار 21 الآن بالمصنعية    أسعار الفراخ اليوم الاثنين 14-7-2025 بعد الارتفاع الجديد وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    وسائل إعلام سورية: مقتل 21 مدنيا وإصابة 80 آخرين جراء الاشتباكات في محافظة السويداء    صاروخ إسرائيلي يخطئ هدفه ويقتل 8 فلسطينيين معظمهم أطفال في النصيرات    جونزالو يتصدر قائمة هدافي مونديال الأندية.. وأبو علي خامسا    «لغلق الاجتهادات».. خالد بيبو يكشف سر بيان الأهلي بشأن رحيل إمام عاشور    «الأفضل في كأس العالم».. إنجاز مميز ل وسام أبوعلي بمونديال الأندية    ب لقطات جديدة.. عمرو يوسف يروّج لفيلم «درويش».. ويعلن موعد طرحه في السينمات    وزير العمل: القانون الجديد قضى على استمارة 6 سيئة السمعة.. والحكم خلال 3 أشهر من النزاع (فيديو)    10 شهداء وإصابة العشرات بقصف الاحتلال مدينة غزة وخان يونس    «انت الخسران».. جماهير الأهلي تنفجر غضبًا ضد وسام أبوعلي بعد التصرف الأخير    ترامب: آمل التوصل إلى اتفاق بشأن غزة الأسبوع القادم    «هنشر المحادثة».. أول رد من محمد عمارة على تهديد شوبير وبلاغ النائب العام (خاص)    وزارة التعليم العالى تزف بشرى سارة ل أوائل الشهادات الفنية    بداية فترة من النجاح المتصاعد.. حظ برج الدلو اليوم 14 يوليو    بعد ساعتين من طرحه.. كيف تفاعل جمهور «الكينج ونجم الجيل» مع برومو «الذوق العالي»؟    القنصل الفلسطيني يشهد العرض الأردني «يافا والباب الأزرق» بمهرجان المسرح الدولي    محمد صلاح: المجلس الحالي لا يقدّر أبناء الزمالك وفاروق جعفر "أهلاوي"    "قربت".. مصدر يكشف لمصراوي آخر تفاصيل مفاوضات الزمالك مع حامد حمدان    أول بيان من الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية بعد اشتباكات السويداء    "النقل العراقية" تنفي إغلاق الأجواء وتؤكد استمرار الرحلات مع تركيا    هيئة الأرصاد تحذر: حالة الطقس اليوم في مطروح الإثنين 14 يوليو 2025    "أنا شهاب من الجمعية" و"أحمد بخيت كوكب".. قصتان متناقضتان لسائقي توك توك في مصر    الدولار ب49.43 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 14-7-2025    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 14 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    الجيش السوداني يستعيد أم صميمة من قوات الدعم السريع في شمال كردفان    مطار "لندن ساوث إند" يعلق جميع الرحلات بعد تحطم طائرة ركاب صغيرة    فؤاد أباظة: القائمة الوطنية داعمة لجهود الدولة المصرية    الكهرباء: عودة 5 وحدات غازية للعمل بمحطة الشباب المركبة بالإسماعيلية    السيسي في قمة الاتحاد الإفريقي: تعزيز التكامل القاري ودعم السلم والأمن أولويات مصر في إفريقيا    الطب الشرعي يُجري أعمال الصفة التشريحية لبيان سبب وفاة برلماني سابق    سر موتهم لا يزال مجهولًا.. دفن الجثة الرابعة للأشقاء المتوفين بالمنيا    ضبط مستأجرين تعتدوا على مالكة شقة وابنتها بالدقهلية (صور)    9 صور لتسليم ترامب جوائز نهائي بطولة كأس العالم للأندية للاعبين    فقد أعصابه.. إنريكي يعتدي على جواو بيدرو بعد خسارة نهائي كأس العالم للأندية    حزب المؤتمر: وضعنا خطط عمل مشتركة للوصول إلى أكبر شريحة من الناخبين    15 صورة جديدة من حفل زفاف حفيد الزعيم عادل إمام    حدث بالفن | عزاء المخرج سامح عبدالعزيز ونقل لطفي لبيب إلى المستشفى    "ليه ميدخلش بالجلابية؟".. رسالة غاضبة من وائل شيتوس إلى مسؤولي الأندية    دعاء في جوف الليل: اللهم اللهم أرِح قلبي بما أنت به أعلم    "عندي 11 سنة وأؤدي بعض الصلوات هل آخذ عليها ثواب؟".. أمين الفتوى يُجيب    لا يحتاج لإنترنت ويعمل بال«بلوتوث».. مؤسس «تويتر» ينافس «واتساب» بتطبيق جديد    نائب محافظ الجيزة يتفقد الوحدة المحلية بقرية القبابات والقرى التابعة لها بمركز أطفيح    مساعد وزير الداخلية الأسبق: ترخيص «التوك توك» ضرورة أمنية (فيديو)    نقيب الصحفيين: التدريب على القضايا الدينية مسئولية وطنية لمواجهة التشويه والتطرف    وزير الزراعة: أضفنا 3.5 مليون فدان خلال 3 سنوات.. والدورة الزراعية لا تصلح لكل المناطق    مواعيد وشروط التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي 2025–2026    طبيب مصري: أجريت 375 عملية في غزة.. وأدركت هناك قيمة جراحة الشبكية    قد تحميك من أمراض القلب والسرطان.. خبراء يستعرضون فوائد تناول الشمام في الصيف    ساعد في علاج حالة نادرة عانى منها الزوج.. الذكاء الاصطناعي يحقق حلم الأمومة لسيدة بعد انتظار 18 عاما    تعظيم سلام لوزارة الداخلية    عادات صحية واظبي عليها يوميا للحصول على جسم رشيق    "ستوديو إكسترا" يعرض استغاثة محمد شوقى.. ووزارة الصحة تستجيب بسرعة    رئيس جامعة جنوب الوادى يناقش الحوكمة الإلكترونية لنظم الصيانة بالجامعة    ما حكم الصلاة ب«الهارد جل»؟.. أمينة الفتوى توضح    هل يجوز المسح على الطاقية أو العمامة عند الوضوء؟.. عالم أزهري يوضح    ذكري رحيل السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق.. تعرف على أهم الكتب التي تناولت سيرتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وا عَمَّتاهْ
نشر في شباب مصر يوم 11 - 07 - 2012

غَرَّدَتْ مُوسيقى مِهْتافِي ؛ في تضاعِيفِ ثالِثِ الشُّهورِ مِن سَنتِنا هذهِ:
اثنتي عشرةَ وألفَينِ ، فأجَبْتُ فإذا صوتُ إحدى عَمَّاتي يَنسَكِبُ في أُذُنِي ، وهي بنتُ ستةٍ وسبعِينَ صَيفًا ، وإنها لَمِن أحَبِّ الناسِ عندي ، ومِن تهَدُّجِ صَوتِها وضعفِهِ أخذني الظنُّ أنَّ مرَضًا قضَّ مَضجَعَها أو جَهْدًا اختلسَ قُوَّتَها ، فسألتها: ما شأنُ صِحَّتِكِ فقالتْ : أحمَدُ اللهَ إليكَ وأُثنِي عليهِ ، ثم تأدَّى إليَّ الخَبَرُ أنها لماّ حادثتني كانتْ قد خرجتْ مُذ يومٍ مِن مُستشفًى رقدتْ فيها أسبوعًا في إثرِ جَلطةِ قلبٍ أتَتْها بَغتةً ، والطِّبُّ بالعراقِ امَّحَى رَونقُهُ تلِيَّةَ الغزوِ ؛ لأنَّ الأطبّاءَ أُولِي المَهارةِ واللطافةِ والصِّدقِ أحاطتْ بهم شُّرورٌ ما لها مِن دافِعٍ فقُتِلَ كثيرٌ وهاجَرَ كثيرٌ إلى أدنى الأرضِ وأقصاها وبَقِيَتْ كَوكبةٌ قليلونَ لا كِفايةَ بهم . ثم انقضَى شهرٌ وعمَّتِي يَنهشُ أحشاءَها السرطانُ نهشًا ؛ فعزَمَتْ على أنْ تتوجَّهَ تِلقاءَ لبنانَ لعَلّها تظفرُ برَأفةٍ وعِنايةٍ فتئُولَ إلى مَراتِعِ العافيةِ ، فأجْمَعَتْ أمرَها وأجَدَّتِ التحلِيقَ إلى مَقصِدِها فإذا تِجارةُ الطبِّ فيهِ كتِجارةِ الطِّبِّ بالعراقِ؛ على أنَّ لِلبنانيينَ زِيادَةً في مُواساةِ مَرضاهم والترَفُّقِ بهم، فرَضِيَتْ عمَّتي بأخَفِّ الضَّرَرَينِ مِن قِلَّةِ حِيلتِها ،وهكذا العراقيُّ لا خِيَرَةَ لهُ، وأُجرِي لها في الأمعاءِ عمليةٌ عَصِيبةٌ لم يَلتئمْ إكليلُ نجاحِها فأقامتْ أيامًا مَعدوداتٍ ريثما تسوفِي عِدَّةَ النقاهةِ ثمَّ قفلتْ إلى العراقِ وقد تبدَّدَ مالُها واحتدَّ دَاؤها ،وكأنَّ المتنبي يَنطِقُ بمُصابِها قائلاً:
وإنْ أسلمْ فما أبقَى ولكنْ
سَلِمْتُ من الحِمامِ إلى الحِمامِ.
الحِمامُ : الموتُ ، والمعنى أنه يَنتقِلُ مِن سببٍ للموتِ إلى سببٍ آخَرَ.
ولمّا تصرَّمَتْ مُدَّةٌ : شهرٌ أو شهرانِ آنَ أَيْنُ الصيفِ بأجَّتِهِ ولَهَبانِهِ ،
ولاتَ حِينَ كهرباءَ ما عدا سُوَيعاتٍ مُتفرِّقاتٍ تحنو وما تلبثُ أنْ تجْفوَ ؛ صَعُبَ على عَمَّتي المُقامُ والحالةُ تلكَ واخشَوشَنَ مَعاشُها فرَحَلتْ إلى لبنانَ رِحلةَ العَناءِ والصَّيفِ ، وبَينا هي هنالِكَ إذ غَشِيَها سُباتٌ (غَيبوبةٌ) ثمانيةَ أيامٍ حُسُومًا ، فتلظَّى قلبي هَلَعًا ، غيرَ أنّي كنتُ أُؤَمِّلُ نفسي بلُقيَتِها ، ونِلتُ بعضَ أمَلِي ؛ إذ أفاقتْ مِن سُباتِها وأخذتْ أُولى حِصَصِ الدواءِ الكيماوي وأنفقتْ بَقِيَّةَ دَنانيرِها ؛ وأصبحتْ لا عِندها مالٌ يُستلبُ منها ولا تعافٍ تنهَضُ بهِ ، ثمَّ كرَّ عليها السُّباتُ آخِرَ كرَّتَينِ ومَكثتْ تغفو على سَرِيرِ الفِقدانِ والضَّراءِ.
وعَشِيَّةَ الأحدِ أوَّلَ مِن أمسِ استأثرُ اللهُ بعَمَّتِي لِثمانِي ليالٍ خَلونَ مِن تموز ورَدَّ روحَها إليهِ وخَلَّى لِي ولِمُحِبِّيها جميلَ ما مضَى مِن فَواضِلِها وأصِيلَ ما ازدهَى مِن فضائلِها.
كم حَمِيَتِ الرَّجاءَةُ في خاطِري وقلتُ : لَئِنْ عاشتْ إلى دُونِ رمضانَ لآتِيَنَّها فلأبْتهِجَنَّ بصُحبتِها وحُلوِ حِديثِها ولأُطلِعَنَّها على آخِرِ مُسَوَّداتِي ولأُماشِيَنَّها في جبلِ الأرزِ والسلتيرِ وجونيه وجبيل ، ومَغارةِ جعيتا حيثُ صُوِّرتْ لي معها التصويرةُ المَغروزةُ في رأسِ المقالةِ ، إنّي حَسِبتُ لِقاءَها نائلاً لا مَرَدَّ لهُ ؛ فقضَى عليها رَيبُ المَنونِ فبعَّدها وحَرَمَنِي إيّاها ؛
فكنتُ كأبي تمامٍ يومَ قالَ:
قرَّبَتها المُنَى وباعَدَها النأيُ فأضحَتْ مِنّي قريبًا بَعِيدا
ألا ما أشَدَّ لَأواءَ العراقيِّ ! وما أفدَحَ الضَّيمَ الواقعَ بهِ ! ، الألَمُ يَقتفِي آثارَهُ ، والغَشَشَةُ يقعُدُونَ لهُ كلَّ مَرصَدٍ، والقهرُ يَنهَكُهُ حِقبةً فحِقبةً ، لكنهُ يَتصَبَّرُ لا بل يتبسَّمُ ولو على فِراشِ المَنيةِ ،وفؤادُهُ مُتعَلِّقٌ
بالخالقِ وحدَهُ.
هل أدلُّكم على أحسنِ ما في الأمرِ ؟!
عَمَّتي كتمَتْ عَليَّ نبأَ وَعكتِها لِئلاّ تُهَيِّجَ فِيَّ شُجُونًا لا صبرَ لي على احتمالِ مَضَضِهِا ، إذ هي تعلمُ أنَّما مَشاقُّ الحياةِ تَحُوطُني بأذاها،
ويا ليتَها عَلِمَتْ أنَّ فِراقَها سَيِّدُ الأشجانِ ، وأضلاعِي مِن الأسَى مُوشِكاتٌ أنْ يَنتحِبْنَ بقولِ أبي العلاء المعري:
وأحمِلُ فيكَ الحُزنَ حَيًّا فإنْ أمُتْ
وألقَكَ لم أسلُكْ طريقًا إلى الحُزنِ
ربِّ امْنُنْ عليها بغَزِيرِ رضوانِكَ وألحِقها بالصالِحاتِ وأورِدْها أعالِيَ جَنَّاتِكَ وهَبْ لي مِن لدُنكَ سُلُوًّا ؛ بهِ أتقوَّى وتنجَلِي عنّي لوْعاتُ الفؤاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.