مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    عيار 21 يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 أبريل بالصاغة بعد آخر انخفاض    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    توقعات برفع سعر الفائدة خلال اجتماع البنك المركزي المقبل    "حزب الله" يعلن ضرب قافلة إسرائيلية في كمين مركب    فلسطين.. المدفعية الإسرائيلية تقصف الشجاعية والزيتون شرقي غزة    الزمالك: هناك مكافآت للاعبين حال الفوز على دريمز.. ومجلس الإدارة يستطيع حل أزمة القيد    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    هاني حتحوت يكشف كواليس أزمة خالد بوطيب وإيقاف قيد الزمالك    إعلامي يفجر مفاجأة بشأن رحيل نجم الزمالك    مصر تسيطر على نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية (PSA 2024) للرجال والسيدات    «عودة قوية للشتاء» .. بيان مهم بشأن الطقس اليوم الجمعة وخريطة سقوط الأمطار    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    فيلم «النداء الأخير- Last C all» يختتم حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية القصير الدورة 10    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    ارتفاع سعر الفراخ البيضاء وتراجع كرتونة البيض (أحمر وأبيض) بالأسواق الجمعة 26 أبريل 2024    هل المقاطعة هي الحل؟ رئيس شعبة الأسماك في بورسعيد يرد    كل سنة وكل مصري بخير.. حمدي رزق يهنئ المصريين بمناسبة عيد تحرير سيناء    أحمد أبو مسلم: كولر تفكيره غريب وهذا تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    مصدر نهر النيل.. أمطار أعلى من معدلاتها على بحيرة فيكتوريا    بقيمة 6 مليارات .. حزمة أسلحة أمريكية جديدة لأوكرانيا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على جدول مواعيد عمل محاكم مجلس الدولة    عبقرينو اتحبس | استولى على 23 حساب فيس بوك.. تفاصيل    حركة "غير ملتزم" تنضم إلى المحتجين على حرب غزة في جامعة ميشيجان    حلقات ذكر وإطعام، المئات من أتباع الطرق الصوفية يحتفلون برجبية السيد البدوي بطنطا (فيديو)    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    خالد جادالله: الأهلي سيتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو هو المسؤول عن استبعاده الدائم    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    ليلى أحمد زاهر: مسلسل أعلى نسبة مشاهدة نقطة تحوّل في بداية مشواري.. وتلقيت رسائل تهديد    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    "الأهلي ضد مازيمبي ودوريات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    مجلس جامعة الوادي الجديد يعتمد تعديل بعض اللوائح ويدرس الاستعداد لامتحانات الكليات    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمير الإسكندرانى: حرب اكتوبر حدث عظيم لن يتكرر ومظهرى التحرر أوحى للموساد اننى يسهل تجنيدى
نشر في بوابة الشباب يوم 19 - 07 - 2013

عرفناه كمطرب له ما يميزه علي الساحة الفنية من اغاني لها بريقها و اختلافها من حيث الشكل او المضمون ، لكن ما لا نعرفه عنه هو كونه كان واحدا من اهم النماذج الوطنية التي يجب ان تعرفها الأجيال الجديدة لتقتدي ، و ذلك من خلال دوره مع المخابرات المصرية و الذي قال عنه جهاز المخابرات انه لا يقدر بثمن و لأنه وفر علي مصر الكثير من المال و الوقت ، و بالرغم من انه لم يتكلم كثيرا عن ذلك الدور الهام في تاريخ مصر و الفترة التي قضاها مجندا من قبل جهاز الموساد الإسرائيلي ، إلا أن من يعرفونه عن قرب يعرفون انه كان له دورا هاما في احباط واحدة من اهم شبكات التجسس الإسرائيلية علي مصر و انه كان بطلا لا يقل قيمة عن رأفت الهجان و جمعة الشوان ، و بالرغم من انه مازال رافضا الحديث عن ذلك الموضوع إلا ان محاولاتي معه نجحت أخيرا بعد الحاح شديد و ايضا بعد ان تم القبض مؤخرا علي شابا مصريا متهما بالتجسس لصالح اسرائيل ، فقرر ان يحكي حكايته لربما كانت مثلا للشباب في الخوف علي وطنهم و الحفاظ عليه .
علي مدي أكثر من سبعة و ثلاثون عاما و انت حريصا علي آلا تتكلم كثيرا في تفاصيل حكايتك مع الموساد و تجنيدك في جهاز المخابرات الإسرائيلي .. !
ليس حرصا و لكني أري انني قدمت دورا وطنيا و خدمة لبلدي و بالرغم من اهمية هذا الدور إلا اني اتعامل معه و كأنه شيئا عاديا و واجب لو كان اي شخصا اخر مكاني لفعله ، و مع ذلك فقد تحدثت عنه اكثر من مرة و لكني لا احب ان القي الضوء عليه كثيرا حتي لا يتصور البعض انني اتاجر به و بحكايتي مع الموساد و المخابرات المصرية .
آلا تري انه أن الأوان لتتكلم عن تلك الحكاية بالتفصيل ؟
و الله ربما يكون كلامك صحيحا لعل و عسي تكون تلك الحكاية درسا للشباب الذي يتصور ان الظروف الصعبة قد تكون مبررا للتفريط في حق وطنه و بلده ، لأن الخطأ لا يبرره خطأ فحتي لو كان هناك فسادا فلابد ان تسعي الأجيال الجديده لمقاومته و الخلاص منه و ليس المساهمه فيه .
إذن نبدأ الحكاية من اول يوم تم تجنيدك فيه ؟
بدأت اللعبة الخطيرة معي عندما ذهبت في منحة دراسية الي ايطاليا و تحديدا في مدينة "بيروجيريا" عام 1958 و كنت وقتها في العشرين من عمري و لكني كنت مختلف بعض الشيء عن الشباب المصريين فقد كنت اتحدث خمس لغات و كان ظاهري يبدو عليه التحرر و الحماس و الإنطلاق خاصة اني كنت اجيد الرقص و الغناء و كنت ارسم بورتريهات في الشارع لأعيش من عائدها لأني اصلا خريج كلية فنون جميلة ، و لم تختلف ايطاليا عن باقي دول اوروبا وقتها في كونها تمتليء بعيون صيادي الموساد لعلهم يقعوا علي من يصلح ان يكون فريسة سهله لتجنيده في شبكاتهم الجاسوسية ، و كنت انا ممن وقع اختيارهم عليه حيث تصوروا ان سلوكي المتحرر لا ينتمي للنموذج المصري المتحفظ الذي اعتادوا عليه في الشباب المصريين الذين يدرسون في الخارج و بالتالي يسهل تجنيدي و التعامل معي ، و لكنهم لم يدركوا ان هذا الشاب المتحرر هو نفسه الذي ولد و تربي في "حوش قدم " بالغورية و هو الذي كان يذهب مع والده تاجر الموبيليا البسيط للصلاة في سيدنا الحسين منذ ان كان عمره خمس سنوات و هو ايضا الذي يوجد بداخله انتماء و صلابه لا يمكن ان تنكسر ابدا تحت اي ضغط او إغراء .
معني ذلك ان تجنيدك لم يكن سهلا ؟
مجرد فكرة تجنيدي لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي كانت فكرة مستحيلة و لكنهم لم يتخيلوا ذلك ، و من هنا ادخلوا علي شخصا اسمه سليم قدم نفسه لي علي انه شابا مصريا من اصل يوناني عاش في القاهرة لسنوات طويله ثم انتقل بعد ذلك ليعيش في ايطاليا و يعمل في التجاره بمشروعات تدر عليه ارباحا كبيرا خاصة انهم كانوا يعلمون مدي الظروف الصعبة التي اعيشها هناك لأكمل دراستي و عندما توطدت علاقتي به بدأ يحدثني عن النظام المصري و مدي كراهيته له و مع الوقت توطدت علاقتي به و لكني لاحظت مدي اهتمامه المبالغ فيه بي و بكل ما يتعلق بحياتي و كان كلما التقينا دار حواره حول الحال الذي آلت اليه مصر و في كونه غير راض عنه بالمرة حتي بدأت أشعر أن هناك شيئا غريبا في أمر هذا الرجل و مع الوقت ازداد شكي فيه فأخبرته و كأني أفضي اليه بسرا عظيما اني لا أريد العودة الي مصر مرة أخري و لم أعد أحتمل الحياة مع المصريين خاصة انني لست من اصلا مصريا مائه في المائة و انما انا من اصل يهودي مغربي و ان جدي الأكبر هو الذي جاء الي مصر و عاش بها ، و هنا بدأت تنكشف لي حقيقة سليم حيث شعرت بمدي السعاده التي بدت علي وجهه عندما أخبرته بذلك الخبر و اعترف لي هو الأخر انه من اصل يهودي و من طريقه كلامه معي شعرت انني استطعت خداعه و تأكدت شكوكي فيه لكن لم يكن امامي مفرا من ان استمر معه الي النهاية لأعرف ما يريده مني بالضبط بالرغم من اني كنت بدأت ادرك انه اسرائيلي يسعي الي تجنيدي و هذا ما حدث بالضبط بعد ذلك حيث كشف لي سليم عن رغبته في العمل معه و التعاون مع جهاز الموساد الإسرائيلي و وطلب مني ان اعد نفسي للقاء رجلا يدعي " جوناثان شميث " و هو وسيطا للموساد في روما و لكنه يعمل تحت ستار منظمه " البحر الأبيض لمحاربة الشيوعية و الإستعمار " و عندما التقيت الرجل تحدث معي حول الشيوعية التي بدأت تزحف علي الشرق الأوسط و ان منظمته هدفها القضاء علي تلك الشيوعية و استرداد الأموال التي اغتصبتها حكومة مصر من اليهود الذين هاجروا من مصر بعد حرب 1956 و قد ابديت تجاوبي معه و اعلنت له عن مدي كراهيتي لهذا النظام المصري و لكنه لم يعلن لي عن رغبته في ان اعمل معه من اول لقاء بيننا و بعد ان توطدت علاقتي به اعتقد جوناثان انني اصبحت مستعدا للعمل معه ففاتحني في رغبته تلك و لكنه لم يعلن لي صراحة ان عملي سيكون مع الموساد و انما ابلغني انني سأعمل معه في المنظمة و ان دوري هو ان امده بالمعلومات التي تفيدها في محاربة الشيوعية و ابديت الموافقه علي طلبه و بدأت عملية تدريبي علي التعامل مع الحبر السري و اساليب الكتابه به و كيفية جمع المعلومات و طريقة رسم الطرق و المواقع العسكرية و الكباري و كنت انا قد ادركت وقتها تماما اني تم تجنيدي لصالح جهاز المخابرات الإسرائيلية و لكني ابدو امامهم و كأني اتعامل مع منظمة محاربة الشيوعية في الشرق الأوسط و طلب مني الرجل بعد ذلك العودة الي مصر و الإقامة هناك لجمع اكبر قدر ممكن من المعلومات و ارسال تقارير بها بدعوي ان كل ذلك سيفيد المنظمة في حربها ضد الشيوعية و كانت كل التقارير لابد ان تكتب بالحبر السري كل ذلك مقابل راتب شهري كبيرسيصل الي في القاهرة من شخص لا أعرفه .
و كيف طلبوا منك ارسال رسومات للمواقع العسكرية و هذا الأمر كان مستحيلا تقريبا في ظل الظروف التي كانت مصر تمر بها في ذلك الوقت ؟
لقد طلبوا مني محاولة الإلتحاق بأي عمل في القوات المسلحة و كذلك مصادقة بعض الشباب الذين يعملون بها لأن ذلك سيساعدني في جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات ، و قد ابديت الموافقة علي كل طلباتهم بل و الحماس لها حتي استطيع ان اكشف امرهم خاصة عندما ادركت اني مجرد فردا صغيرا في شبكة كبيرة كل خيوطها موجودة في مصرو بالتالي كان لابد علي ان اكشف تلك الخيوط و اذكر انه من اهم النصائح و التعليمات التي حرص جوناثان علي تدريبي عليها هي السرية التامة و عدم افضائي بأي معلومة عن تلك المنظمة لأي شخص حتي لو كان والدي و طلب مني ايضا ان انتظر تعليماته بموعد السفر الي مصر و لا انسي القلق و التوتر الذي عشته في تلك الفترة لدرجة ان اليوم كان يمر علي و كأنه عاما كاملا و اخيرا جاء لي الأمر بالسفر و قدم لي الرجل تذكرة السفر بالباخرة من فينسيا الي الأسكندرية و مبلغا من المال و بمجرد ان ركبت الباخرة شعرت بمدي خطوره ما احمله من سرا كبيرا و ما الذي لابد ان افعله و كيف لهؤلاء اليهود الخونه ان يفكروا في مثل هذا التفكير و انني يمكن ان اخون بلدي مهما كانت الظروف و الضغوط التي كنت امر بها ، ياااه كان احساسا مؤلما جدا .
بأمانة شديدة آلم تفكر و لو للحظة في التجاوب معهم من باب الخوف من اغتيالك ؟
لو كنت فكرت كنت انا قتلت نفسي قبل ان يقتلوني هم فمن يبيع وطنه مثل من يبيع امه او زوجته فالوطن شرف و عرض مثل الأم و الزوجة تمام و الحقيقة اني من اول لحظة شعرت فيها برغبتهم في تجنيدي عقدت العزم علي الغدر بهم .
و كيف تعاملت معهم بعد وصولك مصر ؟
بمجرد ان وصلت الباخرة الأسكندرية أخذت سيارة أجرة الي القاهرة و ذهبت فورا الي بيتي و بمجرد ان رأني والدي اندهش جدا لأني جئت دون موعد سابق و الدراسة مازالت مستمرة في ايطاليا و لكني سلمت عليه بسرعة و دخلت فورا علي التليفون و اتصلت برئاسة الجمهورية فرد علي شخصا ابلغته اني وصلت من ايطاليا من ساعات قليلة و اني لدي معلومات هامة تخص سلامة و أمن البلاد و اريد مقابلة الرئيس جمال عبد الناصر فورا فأغلق التليفون في وجهي فأتصلت أكثر من خمس مرات بعد ذلك و كان يرد علي نفس الرجل و لكنه لم يبدي اهتماما كبيرا لدرجة اني " شتمته " و قلت له انت " معندكش دم " بأقول لك عندي معلومات هامة عن شبكة تجسس كبيرة موجوده في مصر ، فسألني والدي ماذا بك ؟ فحكيت له كل ما حدث لي و تعرضت له في ايطاليا فساعدني عن طريق صديق له سبق و اشتري منه موبيليا و كان هذا الرجل وكيل المخابرات العامة فاتصلنا به و حكيت له ما مررت به و لكنه تحدث معي بعدم اكتراث و طلب مني ان امر عليه و هو يضحك فقلت له انني لن أمر عليه و لكنه اذا اراد ان ان يعرف الحقيقة عليه ان يقابلني في جروبي و تكون معه سيدة تبدو و كأنها زوجته هنا تغيرت لهجة الرجل و بدي اكثر حزما لأنه أدرك انني مدربا و لست مجرد شابا يريد مقابلة رئيس الجمهورية لسببا تافها ، و بعد ساعة تقريبا تقابلنا في جروبي و كأنها صدفة انا و هو و تلك السيدة و سلمنا علي بعض و كأننا نعرف بعض من زمان و سالني انت فين ووصلت مصر امتي و اخذني معه في سيارة فيات بيضاء 1300و غيرنا طريقنا اكثر من مرة و نزلت انا و ركبت سيارة اخري سوداء و بعد فترة وجدت نفسي في مبني انيق بمصر الجديدة و دخلنا مكتب قابلت فيه ضابطا قدم نفسه لي بإسم جعفر و عندما طلب مني ان يعرف حقيقة الأمر قلت له انا لا اعرف حضرتك و لا اعرف الباشا و كلامي معناه حياتي و رقبتي لذلك انا لن اتحدث إلا مع الشخص الذي اعرفه و عندما سألوني من الذي تعرفه قلت لهم الرئيس جمال عبد الناصر و حاول الرجلان ان يقنعوني بالحديث و لكنني رفضت تماما فقالوا لي لو غيرت رأيك اتصل بنا و غادرت المخابرات دون ان انطق بك و علي مدي شهر و نصف ظللت اذهب يوميا الي قصر عابدين و مبني رياسة الجمهورية لربما اقابل الرئيس عبد الناصر
و طوال هذه الفترة لم احاول الإتصال بالمخابرات الإسرائيلية بأي شكل من الأشكال حتي اتصلت بي المخابرات المصرية و طلبوا مني الذهاب اليهم في موعد و مكان محدد فذهبت في الموعد بالضبط و اخذوني معهم الي فيلا بسيطة بمصر الجديدة و بمجرد ان وصلنا استقبلنا رجلا انيقا و هو يقول اهلا صلاح بك فأكتشفت ان الرجل الذي سبق و استقبلني في مكتبه بإسم جعفر و كان يركب معي السيارة هو صلاح نصر مدير المخابرات العامة و دخلنا صالون به صور للرئيس جمال عبد الناصر و اولاده و صورة للرئيس محمد نجيب و بعد فترة من الوقت اظنها لا تتعدي ربع ساعة دخل علينا الرئيس جمال عبد الناصر فهجمت عليه و قبلته و حاولت تقبيل يده و لكنه رفض فقلت له انا محتاجلك انا في مشكلة كبيرة فقال لي صلاح ابلغني عنك كلام كويس قوي علشان كده قابلتك و كفاية انك جئت لنا بنفسك و عرفت ان الفتره التي تركوني فيها قام رجال المخابرات بعمل مسح شامل عني و عن عائلتي و حكيت للرئيس كل ما تعرضت له في ايطاليا فأعطي إشارة البدء لصلاح نصر لتتعامل معي و كانت الوسيلة التي استقرت عليها المخابرات هي ان استمر في العمل مع المخابرات الإسرائيلية .
ألم يكن هناك شخصا مسئولا عن تدريبك في مصر للتعامل مع الموساد؟
لا طبعا تم تكليف ضابطا مصريا لتدريبي علي التعامل مع الموساد و بالفعل استمر التعامل بيني و بينهم ثلاث سنوات وكأنني اعمل لحسابهم كنت اسافر الي روما من وقتا لأخر حسب ما تستدعي ظروف عملي معهم و من خلال المعلومات المتبادلة بيني و بينهم بدأت المخابرات المصرية تضع يدها علي رؤوس التجسس لهذه الشبكة في مصر و كان أخطرهم عميلهم الهولندي " موريس جور" الذي تم القبض عليه قبل الإعلان عن القضية بستة أشهر و كانت تتم مراسلة الموساد بإسمه و من خلال تلك المراسلات تكشفت باقي ابعاد تلك الشبكة .
و ما هي طبيعة المعلومات التي كنت ترسلها لهم ؟
معظمها المعلومات التي كانت تمدني بها المخابرات المصرية يعني مثلا من اول الرسائل التي ارسلت بها اليهم أنني سافرت الي الأسكندرية و تدربت لمدة اسبوع علي الصيد بنادي اليخت و اشتريت بندقية صيد و أجهزة للغطس و ايضا صور لقطع بحرية و لكني لم استطيع ان اتبين اسماءها او ارقامها لبعد المسافة و معظم الرسائل كانت تدور عن القوات المسلحة .
و هل كانوا يردون عليك ام يرسلون طلباتهم بطرق شفهية ؟
لا دائما ما كنا نتعامل بالرسائل المكتوبة بالحبر السري و كانوا عادة ما يرسلون الي برسائل شكر عن المعلومات العسكرية الهامة التي ارسلها لهم و كانوا يطلبون مني ان استمر في التقاط صور للمواقع العسكرية و كانوا احيانا يرسلون لي المبالغ النقجية المتفق عليها في علب الحلوي .
و ماذا عن اصعب ما كانوا يطلبونه منك ؟
كانت معظم رسائلهم و طلباتهم تدور حول الدفعات و الشخصيات التي يريدون تجنيدها في القوات المسلحة خاصة انهم كانوا يركزون علي تخصصات معينة و ايضا كانوا يريدون معلومات كاملة عن الحالة النفسية و الصحية للناس في مصر و نظرا لأن الذي كان يتولي الرد عليهم هو جهاز المخابرات المصري بمنتهي الحذر و الحيطة و الذكاء ايضا فكانت النتيجة انني اصبحت احد اهم عملائهم في مصر لما تحتوي عليه التقارير المرسلة من دقة متناهية .
طوال فترة تعاملك معهم لم يشكوا فيك و لو للحظة واحدة ؟
لقد وضعوني تحت اختبارات و مراقبة شديدة جدا و لكن المخابرات المصرية كانت تخطط لي كل تحركاتي بشكل جعلهم يثقوا في و يطمئنوا لولائي لهم مائة في المائة
و ما هي اهم العمليات التي كانت تهدف اليها الموساد في مصر من خلال شبكة التجسس التي كنت انت احد اعضائها ؟
اولا أغتيال المشير عبد الحكيم عامر بعد ان فشلت محاولاتهم لنسف طائرة " اليوشن 14 " عام 1956 في الجو علي اعتبار انه بداخلها و كانوا يجندون لتلك العملية جاسوس مصري اسمه " ابراهيم رشيد " كانت كل تقاريره مسئولة لأن ترسم للموساد تحركات المشير اول بأول و كان مدير المخابرات الإسرائيلية وقتها يكرر طلبه دائما لتوافر معلومات اكثر عن تحركات المشير ، اما الأخطر فهو اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر عن طريق وضع سم طويل المدي في طعامه خاصة انه كان يمثل الخطر الرئيسي علي اسرائيل علي حسب قول اسحاق رابين رئيس وزراء اسرائيل وقتها .
و لكن وضع السم في طعام عبد الناصر لم يكن شيئا سهلا .. فكيف خططوا لتلك العملية ؟
عن طريق تجنيد شيف يوناني يعمل في محلات جروبي بالقاهرة و كان هو المكلف بتلك العملية و كانت الخطة علي حسب اعترافات هذا العامل نفسه بعد القبض عليه هي انه كان مقررا ان يراقب هذا الشيف و اسمه " جورج ايستاماتيو" مواعيد الحفلات الرسمية التي يتواجد فيها عبد الناصر و تشرف محلات جروبي علي خدمة الطعام و الشراب فيها و كان دوره ان يضع سم طويل المدي لعبد الناصر في طعامه الخاص بحيث لا يأتي هذا السم بمفعوله القاتل الا بعد ستة او سبعة أشهر و بالتالي يصبح من المستحيل اكتشاف تلك العملية .
و هل كان لك علاقة شخصية بإحباط تلك العملية ؟
ليست تلك العملية فقط و لكن بكل العمليات التي تم احباطها لتلك الشبكة فانا كنت وسيلة الإتصال الرئيسية للمخابرات المصرية بالموساد و عن طريقي تم القبض علي كل عناصرها و كان اخطرهم رجلا يدعي " مويس جود سوارد " و ذلك عندما ابلغوني في الموساد ان هناك صديقا للمنظمة يقيم في القاهرة سيتصل بي ليعطيني مبلغا من المال و فعلا اتصل هذا الصديق و اخبرني بأنه ارسل لي الفلوس عن طريق صندوق البريد و ظل امر هذا الرجل مجهولا بالرغم من مدي اهميته في شبكة التجسس و بذلت المخابرات المصرية مجهودا شاقا للقبض عليه و حدث ذلك بعد ان تلقيت خطابا منه مكتوبا بالحبر السري و يحمل رقم صندوق بريده و تليفون منزله فسلمت هذا الخطاب للمخابرات و التي بدورها قارنت خطه بخط زائر اجنبي يقيم في الأسكندرية فتأكوا انه نفس الرجل و هاجمت المخابرات منزله و تم القبض عليه و اعترف علي نفسه و علي الهدف من وجوده في مصر و طبيعة المعلومات المطلوبه منه بالضبط و لكن الأهم من ذلك ان المخابرات المصرية استخدمت هذا الرجل فيما بعد كوسيلة خداع جديدة للمخابرات الإسرائيلية حيث قدمت لهم عن طريقة معلومات خاطئة عن الموقف العسكري لمصر و تحركات المدفعية و محطات الرادرات و كان مويس يرد عليهم بنفس الطريقة التي دربوه بها مما جعلهم لم يشكوا فيه ابدا خاصة ان معلوماته كانت تتطابق مع معلوماتي و الإثنين يخرجوا من المخابرات المصرية بالشكل الذي جعلهم يتأكدوا من صحة و دقة ما نقدمه لهم ، لكن الأهم من ذلك ان التحقيقات مع مويس كشفت الجديد في اسرار تلك الشبكة و لكنه كان الأخطر حيث تأكدت المخابرات المصرية من تورط " رايموندي بترو " مدير فندق العجمي بالأسكندرية في تلك الشبكة و استطاعت ايضا الوصول الي العميل الإسرائيلي المسئول عن تجنيد المصريين الذين يذهبون الي ايطاليا للعمل في المخابرات الإسرائيلية ، كما كشفت عن شخصية " فرناندو باتشولا " خبير الغوص الذي يرأس واحدة من اكبر المنظمات الإسرائيلية للتجسس و الذي جاء الي القاهرة ليعمل خبيرا للغطس و نتيجة لكفاءته عمل بعد ذلك خبيرا لدي قوات الكوماندوز البحرية و هذا في حد ذاته يوضح مدي خطورة هذا الرجل فضلا عن انه كان يرشح لإسرائيل اسماء الشباب المصريين الذي يسهل تجنيدهما و لكنه قبل القبض عليه غادر مصر ، و بالتالي كان لابد من اعادته الي مصر و ارسلت اليه المخابرات المصرية شخصا يعرض عليه العمل كخبيرا في القوات البحرية المصرية بصفته احد اهم من يعملون في هذا المجال و بالفعل وافق فرناندو خاصة انه لم يجد فرصة افضل من تلك للحصول علي المعلومات التي يحتاجها بنفسه ز بمجرد عودته الي القاهرة ليوقع العقد المتفق عليه وجد رجال المخابرات المصرية في انتظاره ليوقعوا معه عقدا من نوع اخر و كان القبض علي هذا الرجل هو اخر خيط في تلك الشبكة الخطيرة و الي ساعدت اعترافات كل اعضائها المخابرات المصرية في الوصول لأكبر كم ممكن من المعلومات عن ما تبحث عنه اسرائيل في مصر و ايضا كانت هذه المعلومات من الأسس الرئيسية التي استندت عليها مصر لتحقيق نصر اكتوبر 1973 و كان القبض علي هذه الشبكة بمثابة ضربة قاضية لإسرائيل مما دفع رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية وقتها لتقديم استقالته لأنه لم يحتمل الضربة التي وجهتها لهم مصر و التي كنت انا اليد التي ضربتهم بها و المدهش انهم لم يشكوا في لحظة واحدة إلا عندما خرجت الصحف المصرية بخبر سقوط هذه الشبكة بفضل جهود جهاز المخابرات المصري و بفضل المهندس الشاب سمير الإسكندراني و الذي كان اهم اعضاء هذه الشبكة و ايضا مفتاح رجال المخابرات للوصول لكل اعضائها .
و بعد ان اكتشفوا خيانتك لهم .. آلم يحاولوا اغتيالك او الإنتقام منك ؟
بالفعل كانت هناك محاولات و لكن الحقيقة ان المخابرات المصرية كانت اشد حرصا علي من نفسي و اظنهم حتي الأن يعينون علي حراسة من وقتا لأخر و لكني لا انسي ابدا يوم ان انتهي تدريبي في ايطاليا و اصبحت جاهزا للتعامل مع المخابرات الإسرائيلية عندما قال لي ضابط الموساد الذي كان يتولي تدريبي " يمكننا ان نجعل منك رحلا مهما في بلدك اذا نفذت كل ما نطلبه منك لكن نحذرك من الخديعة لأن مصيرك سيكون الموت " و مع ذلك شعرت و قتها و كأن الكلام لم يصل الي إذني لأن نية الخديعة كانت عندي من اول لحظة ، و لكن الخوف كان علي سامي اخي الأصغر الذي كان يدرس الهندسة بجامعة جراتز بالنمسا و كان اول من عرف حكايتي من اول محاولة لتجنيدي عندما كنت في ايطاليا و قلت له انا مش عارف اعمل ايه فقال لي ترجع مصر فورا و تبلغ جهاز المخابرات هناك فقلت له لو اكتشفوا الأمر لن تستطيع ان تكمل دراستك فقال لي مش مهم ، المهم ان الرئيس عبد الناصر يعرف كل حاجة حصلت لك ، و فعلا بعد مضي ثلاث سنوات من تعاملي مع الموساد كان هو في السنة الثالثة بالجامعة هناك و كان متفوق جدا في الدراسة و لكن مما لا شك فيه ان عملاء الموساد الموجودين هناك كانوا سينتقمون منه فتوجه احد ضباط المخابرات المصرية الي النمسا لإحضاره في سرية تامة و بالفعل عادا الإثنين في طائرة خاصة و التحق سامي بكلية الهندسة في مصر و لكنه بدأ من السنة الأولي نظرا لإختلاف نظام الدراسة في مصر عنها في النمسا .
لماذا لم تفكر في كتابة قصتك مع الموساد في عملا سينمائيا او تليفزيونيا كما حدث مع جمعة الشوان و رأفت الهجان ؟
كتبت القصة بالفعل تحت عنوان الثعلب و هو الإسم الذي كان معروفا عني وقت تجنيدي إلا انني فوجئت بعمل مسلسل يحمل نفس الإسم و قد أحزني هذا الأمر كثيرا ، و كان من المفروض ان قصتي ستقدم فعلا في فيلما سينمائيا لولا الأستاذ ممدوح الليثي هو الذي عرقل انتاجها و لكني اسعي الأن لتقديمها في عملا دراميا لتكون قدوة للأجيال الجديدة في التفاني من أجل الوطن .
بماذا تصف الشاب الذي تم القبض عليه مؤخرا بتهمة التجسس لصالح اسرائيل ؟
خائن و قذر فلا يوجد شيء في الكون كله يستاهل ان يبيع وطنه مهما كان حجم الضغوط التي يتعرض لها ، بالعكس كان عليه او علي من يفكرون مثله ان يحاولوا و يجتهدوا و بالتأكيد كانوا سيجدون مردودا لإجتهادهم هذا لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عمله .
هل كنت تتخيل ان اسرائيل مازالت تسعي لتجنيد شبابا مصريين بهدف التجسس علي مصر ؟
ستظل مصر العدو الأول و الأكبر لإسرائيل مهما إدعوا عكس ذلك ، فمصر هي الدولة المحركة لكل الأحداث في المنطقة ، فضلا عن اعتقادهم العجيب ان اسرائيل من النيل للفرات لذلك فإن حربهم معنا لن تنتهي ، فكل ما حدث ان الحرب العسكرية هي التي انتهت اما الحروب التكنولوجية و الإقتصادية و النفسية فلن تنتهي ابدا خاصة انها اشد شراسة من الحروب العسكرية .
كيف ترى حرب أكتوبر اليوم بعد مرور 40 سنة ؟
حدث عظيم لن يتكرر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.