الرئيس السيسى: تحرير سيناء يعكس قوة إرادتنا فى استرداد كل شبر من أرضنا    فاتن عبد المعبود: سيناء أرض الفيروز وكنز لدينا في مصر    المحلات مغلقة.. حال أسواق أسماك بورسعيد خامس يوم المقاطعة| صور    تكلفة 2 مليون جنيه.. رفع كفاءة وتطوير وتركيب إنترلوك بمنطقة السنوسي بحوش عيسى    6 تريليون دولار على الأقل تحتاجها الدول النامية لتمويل المناخ بحلول 2030.. «حوار بتسبيرج للمناخ» يؤكد الحاجة للشفافية في تتبع ورصد التمويل    رد عاجل من حركة حماس على طلب 17 دولة بالأفراج عن الرهائن    آلاف اليهود يؤدون الصلاة عند حائط البراق .. فيديو    الأهلي يودع كأس الكؤوس الإفريقية لكرة اليد بعد الخسارة أمام الترجي    رئيس اتحاد الجودو: الدولة والشركة المتحدة لا يدخرون جهدا في دعم الرياضة    مصرع طفلين وإصابة بنت فى التجمع.. الأب: رجعت من شغلي وفوجئت بالحريق    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    "حماس": حال قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس سنضم جناحنا العسكري للجيش الوطني    قطاع الأعمال تبحث تطوير ملاحة "سبيكة" بسيناء وإقامة مجمع صناعي    خبير اقتصادي: الدولة نفذت 994 مشروعا تنمويا في سيناء بنحو التريليون جنيه    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    أنطوي: أطمح للفوز على الزمالك والتتويج بالكونفدرالية    تشافي يبرّر البقاء مدربًا في برشلونة ثقة لابورتا ودعم اللاعبين أقنعاني بالبقاء    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    «الجيزة» تزيل تعديات وإشغالات الطريق العام بشوارع ربيع الجيزي والمحطة والميدان (صور)    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    جدول مواعيد امتحانات الصفين الأول والثانى الثانوى أخر العام 2024 في القليوبية    نقابة الموسيقيين تنعي مسعد رضوان وتشييع جثمانه من بلبيس    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    غير مستقر.. سعر الدولار الآن بالبنوك بعد ارتفاعه المفاجئ    الصحة: فحص 6 ملايين و389 طفلًا ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    بنات ألفة لهند صبرى ورسائل الشيخ دراز يفوزان بجوائز لجان تحكيم مهرجان أسوان    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    عقب سحب «تنظيم الجنازات».. «إمام»: أدعم العمل الصحفي بعيداً عن إجراءات قد تُفهم على أنها تقييد للحريات    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    وزارة العمل تنظم فعاليات «سلامتك تهمنا» بمنشآت السويس    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    حبس شاب لاستعراضه القوة وإطلاق أعيرة نارية بشبرا الخيمة    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    محافظ شمال سيناء: كل المرافق في رفح الجديدة مجانًا وغير مضافة على تكلفة الوحدة السكنية    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    آخرهم وائل فرج ومروة الأزلي.. نجوم انفصلوا قبل أيام من الزفاف    منها طلب أجرة أكثر من المقررة.. 14 مخالفة مرورية لا يجوز فيها التصالح بالقانون (تفاصيل)    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



23 عاماً بين إنجازات وصدمات وشائعات !
نشر في أخبار السيارات يوم 13 - 04 - 2019

أقام الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق حفل توقيع بمناسبة صدور كتابه الجديد «فاروق حسنى يتذكر.. زمن من الثقافة».. الصادر عن دار نهضة مصر للكاتبة الصحفية إنتصار دردير.
شهد الاحتفال نخبة من الكتاب والصحفيين والفنانين والسياسيين، على رأسهم السفير عمرو موسى، د. مصطفى الفقى، د. زاهى حواس، فريدة الشوباشى، محمد إبراهيم رئيس نهضة مصر، إيناس الدغيدى، إلهام شاهين، لميس الحديدى.
وتحول الاحتفال إلى تظاهرة حب لما قدمه الفنان فاروق حسنى عبر تاريخه كوزيرًا لثقافة مصر طوال 23 عامًا..، وتحدث د. مصطفى الفقى مدير مكتبة الأسكندرية قائلًا: لم أر شخصية ملأت الدنيا وشغلت الناس فى الثلاثين عامًا الأخيرة مثل فاروق حسنى، وأنا أتذكر الحملة التى شنت ضده عقب إختياره وزيرًا، وفى رأيى أن اليوم الذى أصبح فيه وزيرًا كان عندما ذهب لمجلس الوزراء فى حضور رئيس الجمهورية ليعرض ما سيتم فى إحتفالية إفتتاح دار الأوبرا الجديدة، وبدأ يومها يتحدث وكأنه أستاذ أوبرا يفهم ما يقول جيدًا وعرض برنامج الاحتفال ببراعة وهذا أدهش الجميع بمن فيهم الرئيس، ومنذ هذا اليوم لم أسمع صوتًا واحدًا ينتقده، لم يكن فاروق محبوبًا لكنه كان ناجحًا، ورغم أنه فنانًا تشكيليًا لكننى فوجئت أنه ملم بأطراف العملية الثقافية فى مصر كما لم يمسك بخيوطها أحد، كان يفهم فى المسرح والسينما والآثار والأدب والتمثيل».
فيما قال فاروق حسنى: «الكتاب ليس للحكايات وليس للأستعراض ولكنه يحتوى على حقائق سعى الكثيرون لطمسها، يحتوى على تاريخ ونبراس لمن يريد فعل عمل ثقافى، وبما أن هذا الكتاب وثيقة للشعب فأنا لم أعتمد إلا على الصدق فقط في كل كلمة كتبت فى صفحاته.
وعبرت المخرجة إيناس الدغيدى عن سعادتها بفترة فاروق حسنى، وقالت: أذكر هنا واقعة خاصة بفيلم «مذكرات مراهقة» الذى تمت مناقشته ومهاجمته بقوة فى مجلس الشعب، لكن فاروق حسنى كان له موقفًا واضحًا وأعطانى سلطة الرقيب بثقة حتى أننى كنت أنزل لدار العرض وأرى إنطباعات الناس وقمت بحذف بعض المشاهد، ثم شاهد أعضاء مجلس الشعب الفيلم ووافقوا عليه، فكان هذا ذكاءً من فاروق حسنى، وهو وزير شيك وأنيق ومثقف ولم يتعامل معنا فى الوسط الفنى كوزير ولكنه كان صديقًا ونحن نقدره جدًا ونحترمه،.. وفى كلمته قال د. زاهى حواس: نجاح فاروق حسنى كان بسبب تقديمه ملفًا لرئيس الجمهورية عن السياسة الثقافية التى سيسير عليها، وأجمل ما فيه إختياره شخصيات قوية للمناصب داخل الوزارة وهذا ساهم فى نجاحة .. وكل ما تم فى عهده لم ولن يتكرر..
كتاب للتاريخ
الكتاب بشكل عام يوثق مرحلة مهمة من تاريخ مصر، وأول ما يجذبك فى الكتاب كلمة لفاروق حسنى فى صدر الكتاب كتب فيها: «بينى وبين البحر نداء دائم يكون خلاله ذلك الصوت الهامس الغامض الذى كان يحدثنى بما سيكون.. لم يكن إدراكى يذهب إلى ماكان يشار إليه، لكن أبدًا لم تكذب الأيام ما كان يهمس لى به.. وكان أول همسة الغامض أنى أحسست أنه يومًا ما سأتجاوز البحر الأبيض المتوسط إلى ضفته الأخرى.. إلى باريس تحديدًا.. وإلى جوار البحر تشكلت علاقتى بالمكان والتى حققت علاقتى بالزمان، حيث كنت أبحث وأختار الأماكن فلم تكن البعيدة أو القاصية، بل كانت الفريدة التى تتيح لى أن أكون مع نفسى.. ربما لكى أسمع وأستوعب، أو قل أتدرب على أن أتحقق من ذلك الصوت الهامس الذى يشير ولا يفصح.. ربما كان المكان هو ذلك الطريق الطويل من مدرستى إبراهيم الأول إلى البيت.. وكان طريقًا عاديًا يعج بالرائحين والآيبين.. ربما كان المكان الأعلى فى قلعة قايتباى حيث الإشراف إلى الأفق أقرب ما يكون إلى تدنى الأفق إليك»..
الشيخ رفعت
يضم الكتاب عدة عناوين تلخص مشوار حياة فاروق حسنى منذ نشأته فى حى الأنفوشى بالأسكندرية وعشقه للرسم وخطوته الأولى معه باهتمام مضاعف من أمه بمنحه أكبر غرفة فى البيت من أجل مرسمه، فتحولت مع الوقت إلى متحف فنى وموسيقى وملتقى ثقافى لأصدقائه وزملاء الكلية بل والأساتذة أيضًا، وكان لديه مكتبة موسيقية تضم اسطوانات نادرة، حيث أدرك أن الثقافة لا تتحقق بالدراسة فقط وإنما تتجاوز ذلك بسماع الموسيقى ومشاهدة اللوحات والأفلام، ووجد فى هذه الفنون ما لم يجده فى الكتب، مثلما وجد فى صوت الشيخ محمد رفعت مالم يجده فى كتب التفاسير.. وعن ذلك يقول فاروق حسنى: كنت أهيم بصوته وحنجرته الذهبية وأدائه العبقرى الذى تتجلى فيه كل معانى الإيمان والصفاء وهو يتلو آيات القرآن الكريم فأستشعرها على نحو مختلف، وقد حفظت أجزاء كثيرة منها خلال سماعى له، واستمتاعى بأسلوبه فى ترتيل القرآن، كان صوته يتردد داخل بيتنا وأنا صغير، وقد قال عنه الموسيقار محمد عبد الوهاب إن الشيخ رفعت علمنا «فن الإبانة» أى «إبانة اللفظ» وإظهاره، بما يجعلك تكتشف عمق المعنى وجماله..
الفنون الجميلة
خلال سنوات دراسته بكلية الفنون الجميلة جامعة الأسكندرية صار الطالب فاروق حسنى مسئولًا عن لجنة الرحلات وكان ينظم لزملائه رحلة كل عام لإكتشاف صعيد مصر.. الأقصر وأسوان واستكشاف المواقع الأثرية والمعابد، وكانوا يرسمون كل مايروق لهم أثناء تلك الرحلات، وكما يقول حسنى: كانت مرحلة الجامعة استكشافًا أكبر للذات، ففى تلك الفترة انفتحت على كافة أشكال الفنون، وتضخمت مكتبتى الموسيقية، فلم تعد تضم أعمال «تشايكوفسكى، فانجر، بيتهوفن» وآخرين فقط، بل شملت القائمة أعمالًا لعباقرة التأليف من عصر الباروك وغيرها من المدارس الحديثة للموسيقى وازداد نهمى للقراءة فى الدراما والمسرح والفلسفة، ولا أعرف مصدر هذه الطاقة الجبارة التى جعلتنى أتوجه لتثقيف ذاتى فى العلوم والفلسفة والشعر، وأدركت تمامًا رغم صغر سنى أن الحياة لا تصلح بدون فلسفة.. ويتابع حسنى: أذكر أن من أهم الكتب التى أثرت بتكوينى كتاب «حوار العباقرة» لباول أرنيست، وكان يضم محاورات بين العباقرة من أجيال مختلفة مثل محاورة مايكل أنجلو ودافنشى مع بيكاسو.
بين باريس وروما
ويتطرق حسنى فى أحد عناوين الكتاب إلى باريس و روما .. فعقب تخرجه عام 1964 تم تعيينه موظفًا بوزارة الثقافة، إدارة المراقبة على الخدمات الفنية بمقر الوزارة بالزمالك، وكان يعمل فى تصميم أغلفة الكتب.. وسرعان ماتم تعيينه مديرًا لقصر ثقافة الأنفوشى وبالتالى عودته للأسكندرية وكان عمره 26 عامًا فقط ..، ثم تم ترشيحه للسفر إلى باريس ضمن بعض رؤساء قصور الثقافة للتدريب هناك وكان حسنى يتقن اللغة الفرنسية .. وبالفعل قضي هناك ستة أشهر ثم عاد ليواصل عمله كمدير لقصر ثقافة الأنفوشى، ونجح فى تحويله إلى ملتقى ثقافى وفنى لشباب الحى والأحياء المجاورة، فقد استضاف كبار الشعراء والفنانين والمخرجين أمثال صلاح جاهين، أمل دنقل، سيد مكاوى، صلاح أبو سيف واستقدم أوركسترا القاهرة السيمفونى وعازفى الموسيقى الأوربيين والسيرك العالمى.. ولهذا النجاح تم اختياره مديرًا للمركز الثقافى المصرى فى فرنسا لتسع سنوات، نجح فيها بجدارة، ونجح فى استقطاب العديد من المبدعين ليقدمهم للمجتمع الفرنسى، إذ كان مهمومًا بكيفية تقديم مصر إلى العالم من خلال أعظم ماتمتلكه: تراثها وفنونها وآدابها وإبداعها، أى ثقافتها.. انتقل حسنى بعد ذلك إلى روما وعمل رئيسًا للأكاديمية المصرية للفنون «1979-1987» وقد عمل قبلها وكيلًا للأكاديمية لأربع سنوات، وأندمج داخل المجتمع الايطالى وتعلم اللغة الإيطالية ، وأنبهرت عيون العالم كما يقول حسنى بكل ماتقدمه الأكاديمية المصرية فى روما من فنون.
مكالمة عاطف صدقى
أثناء تواجد فاروق حسنى فى روما تلقى مكالمة أثارت حيرته من د. عاطف صدقى رئيس الوزراء (1968-1996) .. كانت محددة وموجزة: «استقل أول طائرة وعد إلى القاهرة».. وبالفعل عاد حسنى بعد غيابه عن القاهرة لمدة 18 عامًا قضاها بين باريس وروما.. ويقول حسنى: كان د. عاطف صديقًا عزيزًا ومعلمًا ونزيهًا للغاية..، ويتابع حسنى: حين وصلت للقاهرة اتجهت من المطار إلى منزله مباشرة ليخبرنى بترشيحى وزيرًا للثقافة، كان الأمر مفاجئًا ومزعجًا وصادمًا.. ورغم تقديرى لذلك لكنى اعتذرت له، ولكنه صرخ فى وجهى: «أنت مجنون، مستحيل أن تعتذر، وقال منفعلًا: يعنى هو إحنا اللى واقعين من قعر القفة؟ّ عشت أنت سنوات طويلة فى أوروبا، ما المانع أن تخدم البلد معنا سنتين أو ثلاث؟!.. فأبديت موافقتى، ولم يحسمها سوى أننى سأخدم وطنى وسأحقق رؤيتى لمصر كبلد ذى ثقافة وتاريخ عريق.. وبمجرد إعلان إختيار حسنى للوزارة أثيرت ضجة كبيرة وصفها الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين ب»عاصفة فاروق حسنى» لاعتراض بعض المثقفين عليه .. وتساءل بعضهم: من هو فاروق حسنى؟ نحن لانعرفه ولا نقبله وزيرًا، وساهم فى الرفض ثروت أباظة بصفته رئيسًا لاتحاد الكتاب، وكان النصيب الأكبر فى الهجوم الصادم من الكاتب عبد الرحمن الشرقاوى عندما أعلن فى صدر الصفحة الأولى فى جريدة الوفد: «نحن لا نقبل هذا الوزير، ولا نعرف من يكون».. ومن الطريف أن الشرقاوى أقام لحسنى حفل تكريم عندما عرفه عن قرب!.. وكان وحيد حامد من المعارضين له لصغر سنه ولعدم خبرته بالثقافة، قبل أن يعلن بعد ذلك أنه وجد فيه وزيرًا بعقل فنانًا مثقفًا .. ويستطرد حسنى: فوجئت بمكالمة من الكاتبة الصحفية حُسن شاه تقول لى: «لا تغضب وأرجو أن تتصل بموسى صبرى ضرورى الآن»، وبالفعل اتصلت به ولم نكن قد التقينا من قبل إلا أنه رحب بى جدًا وقال: «عرفت عنك الكثير من شخص موثوق به إلى درجة كبيرة جدًا وهو السيد منصور حسن- وزير الثقافة الأسبق- قال لى مبروك عليكم فاروق حسنى، وأشاد كثيرًا باختيارك» واستطرد صبرى مشجعًا: «وأنا اثق فى حكمه».
صفوت الشريف
وعن وقوف وزير الإعلام صفوت شريف ضده يقول حسنى: «كانت هناك رغبة فى الاستحواذ على الثقافة لتكون وزارة واحدة تجمع الإعلام والثقافة، مثلما كانت أيام د. حاتم ود. عطيفى وعبد المنعم الصاوى.. وبالفعل بعد إنفصال الثقافة عن الإعلام شعر بعض وزراء الإعلام أنها سلبت منهم، وعملوا على إفشالى من اللحظة الأولى».. ويقول حسنى: كان هناك ممن دافعوا عنى وأذكر منهم الكاتب الكبير رجاء النقاش الذى كتب فى المصور «اختيار حسنى قائم على أساس تجديد القيادات الثقافية، فالرجل له تاريخه الذى أثبت كفاءته فى كل مراحل العمل الثقافى، وهو قبل ذلك أكبر الفنانين التشكيليين فى مصر، وأعماله تلقى الترحيب والتقدير فى الأوساط العالمية، ويكفى أن «فللينى» يقتنى لوحات فاروق بمنزله».. بالفعل لقد كان حسنى فى معركته الأولى، نهبًا للشائعات غير المدعمة بوثائق أو مستندات أو دلائل، وفريسة لما يدغدغ اهتمامات البعض، أو يمس مخاوفهم ورغباتهم وتطلعاتهم وآمالهم ومراكزهم السياسية والاجتماعية والوظيفية، وكان لابد من إجابة حاسمة تقطع الشك باليقين .. ويفاجأنا حسنى بقوله: لا يعرف الكثيرون أنى كنت سأتولى الوزارة قبل اختيارى بعام، فقد حدث خلال اتصالى لتهنئة د. عاطف صدقى بتولى رئاسة الوزراء أن سألنى عمن أرشحه لتولى منصب وزير الثقافة خلفًا للدكتور أحمد هيكل، فرشحت سعد الدين وهبة، إلا أن صدقى قال لى: «الرئيس مش مرتاح له»، وسألنى عن أسماء أخرى فقلت له: ولماذا لا تترك د. هيكل عامًا آخر، تستطيع أن تعثر خلاله على آخرين؟ ثم فوجئت بترشيحى بعد ذلك وكشف لى أنه رشحنى منذ توليه المسئولية ولكن الأجهزة الأمنية لم تكن قد أتممت تحرياتها عنى، فرأى تأجيل إختيارى، والحقيقة أننى كنت مندهشًا لترشيحى وكنت خامس المرشحين وأصغرهم سنًا.
كتف أبى الهول
سقطت كتف أبى الهول فى شتاء 1988 وكادت تلحق بمصير أنفه الذى بقى سرا غامضًا.. لم يتحمل فاروق حسنى وزير الثقافة الجديد الذى لم يمض سوى شهور قلائل على توليه منصبه هذا الحدث الجلل، وبدا له حلمًا مثل حلم تحتمس الرابع حين تجسد له أبو الهول فى منامه يطلب منه أن يزيل عنه الرمال التى غطته وأخفت ملامحه، واعدًا إياه بأنه إذا فعل ذلك فسوف يعتلى عرش مصر، وبالفعل تحقق الوعد وجسد تحتمس ذلك فى لوحة الحلم الموجودة بجوار أبى الهول.. تحولت أزمة كتف أبى الهول إلى معركة بين الوزير ود. أحمد قدرى رئيس هيئة الآثار انتهت بإبعاد الأخير وعمل مُضنِ لمدة عشر سنوات لإعادة كتف التمثال وكانت اليونسكو طرفًا أصيلًا فيه.. وأقيم إحتفال عالمى بترميم أبى الهول.. وعن شارع المعز يقول حسنى: ليس هناك فى رأيى أجمل من شارع المعز الذى يضم 1000 عام من العمارة الإسلامية تتمثل فى المساجد والأسبلة والقصور والكتاتيب والبوابات، وللأسف لم يحظ بأى إهتمام.. وقد زرت عواصم أوربية ولاحظت كيف تحظى الأحياء القديمة باهتمام تلك الدول وكيف تجذب السياح إليها.. وبالفعل نجحنا بشكل علمى ودراسات متعددة فى تحويل الشارع لمتحف مفتوح ومنع مرور المركبات به.. وصار بحق تحفة فنية ومفخرة لمصر. لغز زهرة الخشخاش ! شهد قطاع الفنون التشكيلية تطويرًا كبيرًا سواء على مستوى النشاط الفنى من المعارض والسمبوزيوم أو البينالى أو على مستوى المتاحف الفنية التى أقيمت لتخليد أعمال كبار الفنانين، إذ أنه بجانب المتاحف الأثرية التى لقيت اهتمامًا كبيرًا، حظيت المتاحف الفنية باهتمام مماثل تقديرًا من فاروق حسنى كفنان تشكيلى لرواد هذا الفن، فأقام متاحف ناجى، وراتب صديق، وسعيد الصدر، ومتحف سعد الخادم وزوجته عفت ناجى بسراى القبة الذى تولت وزارة الثقافة تطويره، ومتحف فنون الأسكندرية ومركز محمود سعيد، ومركز الجزيرة .. وتم تطوير متاحف عديدة من بينها متحف محمود خليل بالقاهرة..، وعن سرقة لوحة زهرة الخشخاش للفنان الهولندى «فان جوخ» من هذا المتحف فى عز النهار.. قال: لم تكن هذه المرة الأولى التى تعرضت فيه اللوحة للاختفاء فقد واجهت السرقة من قبل فى 4 يونيو 1977 ونشرت تفاصيل الواقعة على صفحات أخبار اليوم.. ويكمل حسنى: فى ذلك الوقت ذهبت بنفسى إلى المتحف بالزمالك (كان قد تم نقل مقتنيات محمود خليل لقصر عمرو إبراهيم بالزمالك لإخلاء المكان لإقامة الرئيس السادات)، ولاحظت عدم وجود أجهزة إنذار وانشغال الحراس فى تناول الشاى خارج المتحف، فقررت أن أثبت هذا الاهمال الذى سهل عملية السرقة، وذهبت فى المساء برفقة مصور أخبار اليوم عادل حسنى، وتسلقنا إحدى النوافذ وقام الصحفى بنزع لوحة للرسام العالمى رامبرنت، والتقط المصور لقطات عديدة وهو يحمل اللوحة ثم أعادها إلى مكانها وخرجنا دون أن يلاحظنا أحد .. وهذا التحقيق أثار ضجة كبيرة عند نشره، مما دفع اللص التائب حسن العسال الذى سرقها بالفعل لزيارة الكاتب الصحفى محمود صلاح بمكتبه واعترف له بالسرقة بنفس الطريقة ومن نفس النافذة مقابل 1000 جنيه لحساب مرشد سياحى، وبالفعل سافر المرشد باللوحة للكويت، ونجحت أجهزة الأمن فى إستعادتها، لكن فى المرة الثانية التى سرقت فيها اللوحة عام 2010 مازال لغز سرقتها قائمًا.
المشهد الأخير
فى مايو 2011 وبعد أربعة أشهر من ترك حسنى منصبه تم استدعائه من قبل جهاز الكسب غير المشروع، وجرى التحقيق معه لمدة ثلاث ساعات، وتم صرفه بعد التأكد من كل مصادر دخله، وفى سبتمبر 2012 صدر قرار من جهاز الكسب غير المشروع بإحالته إلى محكمة الجنايات.. والتحفظ على أمواله ولكن حسنى كان مطمئنًا وقال:»لا تقلقوا سأحصل على البراءة».. وبالفعل حصل حسنى على البراءة.. وعن هجرته خارج مصر فى ظل تلك الأحداث قال: لا أستطيع أن أترك مصر وأهاجر بعيدًا عنها، لأن الفرد عندما يهجر وطنه يكون عاريًا من كل شىء، والذى يحب مصر ويدرك إمكاناتها الحقيقية تاريخًا وجغرافيا ومكانة يذوب فيها عشقًا، لقد تلقيت دعوة كريمة من الإمارات الشقيقة ولم أشعر بغربة فيها، أنا فنان والفن حياتى، ولو عشت فى ظل حكم الإخوان كنت سأقتل فنيًا وحسيًا، وقصدت أن أعيش فى بلد منفتح ثقافيًا وعلميًا، ولم أتعجل العودة إلى مصر بسبب الإخوان، إلا أننى كنت موقنًا بأنه مشهد لن يستمر طويلًا وتوقعت إنتفاضة الشعب.. وبالفعل خرج الشعب كالأمواج فى 30 يونيو يطالب بعزل الإخوان، ولم يكن الجيش المصرى إلا مؤازرًا لرغبة الشعب..، وفى نهاية الكتاب لفت نظرى كلمة ل زاهى حواس قال فيها: «شهدت سنوات عمل فاروق حسنى إنجازات من أجل مصلحة الوطن فى سيمفونية رائعة لم ولن تتكرر، سنوات اشتعلت بالمعارك الظالمة التى تعرض لها والتى لو واجهها شخص آخر لما استطاع أن يصمد أمامها، لأنه سبق عصره بأفكاره ورؤيته فقد وجد دومًا من يعارضونه ويقفون له بالمرصاد، وهو من اختار موقع متحف الحضارة، وكذلك المتحف الكبير الذى يعد بكل فخر أهم مشروع ثقافى فى القرن ال 21 لذا أتمنى أن يؤخذ برأيه فى هذا المتحف لأنه من خطط وأنجز ووضع رؤية متكاملة له».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.