»يعني احنا حنفهم أكتر من كل العلماء دُول.. ما يمكن اللي بيقولوه صح واللي بتقولوه انتم غلط.. همّ دارسين وانتم مهما درستم مش حتيجوا جمبهم حاجة.. هم أفنوا حياتهم في دراسة الدين يبقي اللي بيقولوه صح غصب عنكم وخلي بالك احنا أكتر منكم بكتير».. ملخص رسالة طويلة جدا اقترن فيها النقد بالسب وصلتني من أحد القراء وبالطبع لم يذكر اسمه، وبدوري أقول له هل سمعت من قبل يا قارئي العزيز عن أناس اسمهم الراسخون في العلم؟.. تمااااااام.. فكما أن هناك ناس راسخون في العلم كذلك هناك أناس راسخون في الجهل مثلك ويرفضون إعمال عقولهم ولو علي سبيل التجربة فيما يقال له ويسمعه ويراه.. هذا بالرغم من أن آيات القرآن الكريم تزخر بعشرات الآيات التي تحث علي التفكر والتدبر والفهم العميق وليس الفهم اللي من فوق الوش.. وفقه الأئمة القدامي الموجود في كتب التراث للحق ليس كله من فوق الوش ولكن أيضا به الكثير الذي أقل ما يقال عنه إنه ليس صحيحا ويخالف في الكثير من المعاني والتفسير وبالتالي الأحكام الفقهية محكم كتاب الله تعالي، هذا علاوة علي الخرافات والخزعبلات المنسوبة لسيد الخلق عليه الصلاة والسلام، والعيب يا سيدي العزيز ليس في فقه الأئمة القدامي لأنهم اجتهدوا بقدر طاقتهم ولكن العيب فيمن يدافع عنه مستميتا من أجل أن يظل هو السقف المرفوع الذي لا يجوز اختراقه أبدا.. طب لمصلحة مين إذا كان هذا الفكر يفرّخ لنا أجيالا من حملة الفكر الإرهابي، وأنا أعترف أنهم ليسوا جميعا يحملون السلاح ولكن في المقابل عليك أن تعترف أن من بينهم من يحمل السلاح فعلا ويقتل به الأبرياء وهو يتوهم أنه يقاتل في سبيل الله.. وقد رأينا جميعا أن معظم من تم إعدامهم مؤخرا في قضية اغتيال المستشار هشام بركات النائب العام السابق هم من طلبة وخريجي جامعة الأزهر.. فالتنشئة المبكرة القائمة علي التطرف الفكري تجعل من الطلاب حين يشبون عن الطوق أدوات طيعة يمكن تجنيدها في شبكات الإرهاب المحلية والدولية، ويساعد علي هذه الكارثة أن التعليم في الدول العربية يقوم علي التلقين ولا يقوم علي الفهم أو النقد أو الحوار بين الأفكار، فتكون النتيجة الحتمية هي صياغة عقول تابعة.. وأين هي العقول الاتباعية من العقول النقدية التي نريدها.. نحن يا سيدي لا نطالب بحرق هذه الكتب ولكن نطالب بتنقيتها من كل ما يخالف صحيح الدين فيها ومن كل أحاديث الدم والإرهاب المنسوبة للرحمة المهداة للعالمين، وليس معني أن يكون عدد المدافعين عن كتب التراث بكل ما تحتويها من أكاذيب وخرافات أكثر ممن هم يطالبون بتطهيرها أن الأكثرية علي حق والأقلية علي الباطل.. إطلااااااقا.. فأكثر الناس في القرآن الكريم أحيانا لا يعلمون وأحيانا لا يؤمنون وأحيانا لا يشكرون ده غير اللي يجهلون ومعرضون وفاسقون ولا يعقلون ولا يسمعون، فالكثرة ليس معيارا للحق دائما.. بينما »وقليل من عبادي الشكور» و»وما آمن معه إلا قليل» و»ثلة من الأولين وقليل من الآخرين».. والأمر للأسف لم يعد تحت السيطرة فهو قد تعدي حدود مصر الجغرافية وصارت حمامات الدم تجري في المنطقة كلها، بل يكاد العالم الإسلامي يسبح في بركة من دماء أبنائه مثلما أصبحت مدن كبري مجرد خرائب وأطلال.. ما قل ودل: فيه ناس كده.. فاكرين إن همّ بس اللي من حقهم يزعلوا وبقية الناس اتخلقت عشان تصالحهم..