الزعيم الخالد جمال عبد الناصر 15 يناير من كل عام تاريخ خالد لا ينسي ولا يمحي من ذاكرة المصريين، تاريخ ميلاد زعيم خالد في التاريخ مهما كان الخلاف حوله أو عليه، فهو بشر، والبشر يخطئ ويصيب، له ما له من إنجازات، وعليه ما عليه من إخفاقات تمر بتاريخ كل الشعوب التي تحاصرها المؤامرات وتحاك لها الدسائس لكي لا تنهض، زعيم جاء في لحظة فارقة من الزمان، وكتب له القدر أن يهزم أعتي قوي البغي والاستعمار عندما التف الشعب حوله، نعم كسر في نكسة 1967 لكن الجواد لم يسقط، ومصر لم ولن تقهر، وستبقي مرفوعة الهامة، وسيبقي ابنها البار جمال عبد الناصر خالدا في وجدانها وتاريخها. تعالوا نسترجع التاريخ لنري كيف كانت أحوال مصر عندما ولد جمال عبد الناصر في 15 يناير 1918، كان السلطان كامل قد توفي في 9 أكتوبر 1917، بعد أن عَرض السلطنة علي نجله كمال الدين حسين لكنه تنحي عن ذلك، وارتقي السلطان فؤاد الأول العرش، لم يشأ فؤاد تغيير الحكومة، فعهد لحسين رشدي باشا بتأليف الوزارة في أكتوبر 1917 قبل مولد جمال عبد الناصر بشهرين وامتدت هذه الوزارة حتي أبريل 1919، وضمت في تشكيلها: إبراهيم باشا فتحي وزيرًا للأوقاف، وأحمد زيور باشا وزيرا للحربية والبحرية، وأحمد حلمي وزيرا للزراعة، إسماعيل سري باشا وزيرًا للأشغال العمومية، حسين رشدي باشا وزيرًا للداخلية، وعبد الخالق ثروت باشا وزيرًا للحقانية، وعدلي يكن باشا وزيرًا للمعارف العمومية، ويوسف باشا وهبة وزيرًا للمالية، وكانت مصر وقتها قد صرفت من خزائنها في مصلحة بريطانيا 3.5 مليون جنيه استرليني منذ بداية الحرب. ولد جمال عبد الناصر في ظل أجواء الحرب العالمية الأولي التي أسدل عنها الستار في 11 نوفمبر 1918 عقب ولادته بعشرة شهور إلا أربعة أيام، في هذه الأجواء طغي ازدياد النفوذ الأجنبي في البنوك والمصانع والمتاجر علي الاقتصاد المصري، وهبط سعر القطن هبوطًا جسيمًا إلي ما يعادل 1.60 جنيه مصري بعد أن كان سعره 4 جنيهات قبل الحرب، ورفضت البنوك التسليف علي القطن، وبدأت البنوك العقارية المطالبة بأقساطها، واستعملت الحكومة القسوة في جمع الضرائب، مما دفع الكثيرين إلي بيع أقطانهم بأدني سعر "1.20 جنيه"، وبيع المصوغات والماشية والاستدانة من المرابين لسداد بقية الديون المطلوبة منهم، وسُمِح للبنك الأهلي بإرسال رصيده من الذهب إلي لندن، وإعفاء الأوراق النقدية من الغطاء الذهبي، وأمام صراخ ومعاناة الناس منحت الحكومة علاوة للموظفين لمواجهة الغلاء، مع رفع أجور النقل بالسكك الحديدية ليصل مقدار الزيادة ل100%، وألغت الحكومة عقود التصدير وحصرتها في عدد محدود من شركات التصدير الأجنبية، وفي عام 1918 الذي ولد به جمال عبد الناصر بلغت خسارة مصر من القطن 32 مليون جنيه، وخلال عامي 1918 و1919 اتسع نطاق الحراك الوطني ليشمل طبقات كانت بمعزل عنه. في ظل كل هذه الأجواء المرتبكة ولد الطفل جمال عبد الناصر في حي " باكوس " الشعبي بالإسكندرية، ويعتقد أن هذه التسمية ترجع إلي "باكوس أو باخوس" إله الخمر عند الإغريق والرومان، الذين كانوا يسكنون الحي بكثرة آنذاك، في حين يقول آخرون إن محطة "باكوس" ومحطة "شوتس" تنسب اسماهما إلي الشخصين اللذين قاما بمد شريط ترام الإسكندرية من محطة الرمل والأزاريطة ليصل في نهايته إلي كلية فيكتوريا، وليس كما يظن البعض نسبة لسكن اليونانيين بها لأن معظم اليونانيين والأوربيين عموما يسكنون قريبا من البحر، وكان حي باكوس يسكن به كثير من الجاليات الأرمينية واليونانية، ملامح الحي تغيرت كثيرا الآن عما كانت عليه وقت ميلاد الزعيم جمال عبد الناصر، اختفت القصور وأقيمت محلها عمارات متعددة الطوابق لكن بقي في الحي بعض من المباني التي عاصرها جمال عبد الناصر في طفولته ومنها مدرسة عبد العزيز جاويش، ومن معالم الحي المميزة البيت الذي ولد به جمال عبد الناصر، الذي تحول إلي "متحف الزعيم جمال عبد الناصر". من حي " باكوس " الشعبي خرج زعيم ولد لأسرة بسيطة، فأبوه موظف بسيط في مصلحة البريد، تنقل مع الأسرة من بلدة لأخري لدرس في أكثر من مدرسة، وسرد الرحلة لا تسعها تلك السطور، لكنه عشق القراءة التي فتحت وعيه علي مصر التاريخ والجغرافيا، اختزن في نفسه حلم الخلاص من نير المستعمر وفساد الأحزاب والقصر، فتزعم تنظيم الضباط الأحرار داخل الجيش بعد هزيمة 1948 وضياع فلسطين، وكان لهذا التنظيم فضل تخليص البلاد بثورة 23 يوليو 1952 واستعادتها من أجل إنصاف الفلاحين والفقراء والعمال وبناء جيش وطني واقتصاد مصري حر بعيدا عن السيطرة والامتيازات الأجنبية.. سلام لك.. وسلام عليك يا عبد الناصر في ذكري مولدك ال (101) وستبقي خالدا في قلوب المصريين والأمة العربية. من » أرشيف كنوز »