حالة من القلق والخوف الشديد سيطرت على ملاك الفنادق والعاملين بقطاع السياحة، جراء ما يعتبره البعض خروجا على الشريعة الإسلامية وبحسب هذه الرؤية فإن هذا قد يؤدى إلى إحجام المستثمرين عن ضخ استثمارات جديدة بهذا القطاع رغم تكبده خسائر فادحة خلال الفترة الماضية، وإن أكدت المؤشرات زيادة الحركة السياحية خلال الفترة من أول يناير وحتى آخر مايو الماضيين بنسبة 29٪.
إذ كانت روسيا فى مقدمة الجنسيات التى جاءت إلى مصر تليها ألمانيا وإنجلترا وإيطاليا وبولندا وبرغم تخفيض منظمة السياحة العالمية لتصنيف مصر من المرتبة ال 18 إلى المرتبة 26 إلا أنهم أعتبروا أن هذا أمر طبيعى بسبب الظروف التى كانت تمر بها البلاد قبل انتخاب د.محمد مرسى رئيسا لمصر.
إلا أن جميع العاملين فى هذا القطاع أجمعوا على ضرورة أن تبدأ الحكومة فورا فى إرسال رسائل طمأنة إلى جميع الدول المصدرة للسياحة فى العالم وخاصة دول أوروبا وروسيا بأنها قادرة على تقديم جميع التسهيلات للزوار الأجانب والعرب.. وأنه لن يحدث أى تعديل فى التشريعات المنظمة للعمل السياحى.
إلا أن لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال المصريين برأت ذمتها، ورفعت إلى الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية ورقة عمل تضمنت أهم الأولويات والإجراءات التى يجب اتخاذها خلال الفترة المقبلة للنهوض بقطاع السياحة فى مصر.
حيث ركزت الورقة التى شارك فى وضعها رؤساء وأعضاء مجالس إدارات جمعيات الاستثمار على عدد من المطالب العاجلة يأتى فى مقدمتها توجيه رسالة طمأنة إلى دول العالم المصدرة للسياحة إلى مصر وضرورة تأكيد احترام الحريات الشخصية للسائحين من حرية المأكل والملبس والمشرب.
وشددت اللجنة برئاسة المهندس أحمد بلبع رئيس لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال على ضرورة التركيز على استعادة التواجد الأمنى وتكثيفه بأكبر قدر ممكن داخل المدن السياحية والطرق المؤدية إليها، خاصة محافظة جنوبسيناء والتعديات التى حدثت خلال الفترة السابقة على المشروعات السياحية.
كما طالبت اللجنة أيضا بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للسياحة على أن يمثل من مستثمرين سياحيين وخبراء متخصصين بالمجال فى مصر، على أن يعقد بصفة دورية لدراسة الموقف السياحى والموضوعات المتعلقة بالقطاع والتأكيد على عدم إصدار أى قرارات قد تؤثر على منظومة العمل السياحى من أى جهة أخرى دون المجلس الأعلى.
هذا فى الوقت الذى يقوم فيه بعض رجال أعمال جماعة الإخوان المسلمين بشراء بعض المنتجعات السياحية، ومنهم كما كشفت لنا مصادر مطلعة عن اعتزام النائب السابق لمرشد جماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر شراء 3,87٪ من فندق سفير بالغردقة بقيمة إجمالية تصل إلى 10 ملايين جنيه حيث تشمل صفقة الشراء التى من المقرر إبرامها نسبة من شركة «إيجيبت كابيتال» إحدى شركات البنك الوطنى لتنمية الصادرات والبالغة 3,87٪ من الفندق، على أن تقوم شركة مصر كابيتال بدور المقيم العقارى لتلك العملية.
وكما أكد خيرت الشاطر فى تصريحات سابقة فإن قطاع السياحة بصورة خاصة قطاع قادر على تحقيق عائد سريع، دون أى ضوابط تضفى الصبغة الإسلامية عليه فى ظل حكم الإخوان.
مضيفا أن جماعته تواصلت مع غرف السياحة فى الخارج للتعرف على أسباب تراجع أعداد السياح التى توصلت إلى أن السبب هو ضعف الخدمة وضعف القدرة على تسويق القطاع السياحى خصوصا السياحة الرخيصة.
اللواء طارق سعد الدين رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية قال لنا إننا لسنا متخوفين إطلاقا من الفترة المقبلة خاصة أننا حضرنا اجتماع حزب الحرية والعدالة فى مرسى علم والذى قدم رؤيته لكيفية تطوير صناعة السياحة خلال الفترة المقبلة، وإن كان توجههم يتماشى مع الاستراتيجية الجديدة التى سوف تتبناها الهيئة والتى ترتكز على مجموعة من المحاور هدفها تحقيق تنمية شاملة تتواكب مع استراتيجية وزارة السياحة للوصول بعدد السائحين خلال 2020 إلى 25 مليون سائح.
وأضاف أننا كنا نعتمد على 80٪ من السياحة الشاطئية، لذلك نستهدف مستقبلا تنويع المنتج السياحى بالاهتمام بالسياحة ذات الاهتمام الخاص مثل السياحة العلاجية والسياحة البيئية وسياحة تسلق الجبال ودراسة الحياة البرية وسياحة المؤتمرات، وليس فقط الاهتمام بزيادة أعداد الغرف الفندقية، لذلك تسعى الهيئة إلى تخصيص الأراضى لإنشاء مراكز سياحية متكاملة، تدعم السياحة والاقتصاد المصرى وليس وفقا لرؤى المستثمر وأهوائه كما كان يحدث من قبل.
واستطرد قائلا: إن استراتيجية الهيئة ستقوم الفترة المقبلة على إقامة مشروعات غير تقليدية تحقق تنمية سياحية مستدامة وذلك ربما من خلال طرح أراض لإنشاء منتجعات سياحية تتماشى مع التقاليد والعادات الإسلامية، ومن المقرر أن تكون بمنطقة الساحل الشمالى، وبالفعل قمنا بلقاء بعض من أعضاء البرلمان من حزب النور السلفى والذين رحبوا بهذه الفكرة، وذلك من خلال إنشاء شركات مساهمة تحصل على الأراضى وتنشئ وتدير تلك المنتجعات وسيكون طرح الأراضى لتلك المشروعات عن طريق المزايدة أو التخصيص المباشر لإتاحة الخصوصية لنزلاء هذه المنتجعات وإقامة شواطئ خاصة للسيدات لجذب السياحة العربية بجانب السياحة الأوروبية الوافدة، حيث إنه ربما تتيح هذه المنتجعات نوعا من الخصوصية لأصحابها.
وأشار إلى أننا سنعيد رؤيتنا فى تخطيط المراكز السياحية التى يتصل عددها إلى 50 مركزا فى الساحل الشمالى والعين السخنة ورأس سدر ونبق وشرم الشيخ وخليج العقبة وغيرها من المناطق الحيوية حتى على مستوى الجمهورية لتصبح متكاملة بمعنى أن يتم تخصيص الأراضى مع تخصيص المشاريع التى ستقام عليها، وذلك حتى نضمن عدم تخطيط المركز السياحى كله كمنتجع سياحى دون وجود مناطق للخدمات، أو مناطق تجارية أو ترفيهية وذلك مثل «سيوة» التى للأسف، فإنها ليس بها أية منتجعات سياحية علاجية على المستوى المطلوب وكذلك منطقة رأس سدر التى تحتاج إلى منتجع صحى عالمى مجهز حتى يتمكن السائح من الإقامة للاستفادة من المياه الكبريتية، فالشق الفندقى توقف تماما فى منطقة رأس سدر رغم أهمية هذه المنطقة، حتى إن المستثمرين يواجهون خسارة كبيرة لعدم وجود مطار أو وسيلة انتقال لذلك اتجه المستثمرون إلى الإسكان السياحى بدلا من الفنادق، فالسياحة تكاد تكون معدومة بهذه المنطقة رغم تميز منطقة رأس سدر العائمة على بحيرة كبريتية لا يوجد مثلها فى العالم كله، ومع ذلك لا يوجد مركز صحى واحد بها.
وقال: إن الهيئة تسعى إلى تمييز بعض المشروعات بالعين السخنة ليكون خليج السويس وحدة سياحية متكاملة مرتبطة سياحيا مع الأردن والسعودية، إلى جانب أننا نسعى خلال الفترة الحالية إلى إحياء طريق العائلة المقدسة لنبدأ من أولى محطاته بمنطقة الفارما الأثرية بشمال سيناء وتم تكوين فريق من الهيئة والآثار لتنفيذ المخطط الذى وضعته جامعة القاهرة ومركز التراث العلمى لتطوير المنطقة.
مضيفا أننا برغم ما نتمتع به من مناخ جاذب للسياحة إلا أننا ليس لدينا أى مشروعات جاذبة للسياحة فعلى سبيل المثال ليس لدينا سياحة «سباق السيارات» كما فى البحرين برغم مالدينا من صحارى واسعة لذلك ننوى كذلك العمل على تنمية مناطق الجذب السياحى الطبيعية ذات الحياة البرية والبحرية مع العمل على تنمية المشروعات بمناطق المحميات الطبيعية.
حتى المدن الشاطئية تحتاج إلى حياة ليلية غير موجودة فى معظم المناطق بإقامة مراكز تجارية وترفيهية لتكون هناك منطقة «داون تاون» فى كل مركز سياحى تتوافر بها هذه الخدمات السياحية وبالفعل هناك عروض لإقامة منتجع صحى بمنطقة العين السخنة.
وتوقع زيادة حجم استثمارات القطاع السياحى خلال الفترة القادمة، خاصة أن الهيئة ستقوم بطرح 28 مليون متر باستثمارات لا تقل عن 8 مليارات جنيه فى مجموعة من المناطق أبرزها سيناء والبحر الأحمر ورأس سدر والتى سيصل حجم استثماراتها بحلول عام 2017 إلى 6 مليارات جنيه، والعين السخنة إلى 9 مليارات جنيه، ليصل إجمالى استثمارات المنطقتين إلى 8,15 مليار جنيه وكذلك منطقة نبق، على أن يتم طرح الأراضى فى سيناء بنظام حق الانتفاع.
أما محمد السيد رئيس إحدى الشركات السياحية بميدان التحرير فقال لنا: أنا لست متخوفا من وضع السياحة الفترة القادمة خاصة أنها تمثل مورداً رئيسياً من موارد الدولة.
مضيفا أن تحقيق الاستقرار والأمن يشكلان عاملين رئيسيين فى استعادة مصر للحركة السياحية التى تأثرت كثيرا خلال الشهور الماضية ولكن ما يردده البعض من أن تطبيق الشريعة الإسلامية فى بعض الفنادق سوف يقلل من تأثر السياح بها فهذا ليس صحيحا بل إنه لن يكون هناك مساس بحرية السائح والسياحة الشاطئية على وجه الخصوص.
وقال إننا فى حاجة لرسائل طمأنة للسائح بعدم فرض أى قيود عليه مع خطط عاجلة لكيفية النهوض بالقطاع السياحى والاهتمام ببنيته التحتية.
إلا أنه عاد وقال لنا إن السياحة الدينية سوف تمر بمنحنيات فى منتهى الخطورة الفترة المقبلة بعد «إنشاء الهيئة العليا للحج» التى ستحد من حجم الزائرين إلى الأراضى المقدسة بسبب تعقد إجراءاتها.
ومن جهته اتفق معه محمود إبراهيم رئيس إحدى الشركات السياحية بوسط البلد قائلا: إننا لسنا مؤهلين فى الوقت الحالى لتغيير الخريطة السياحية بالاستغناء أو التقليل من السياحة الشاطئية واستبدالها بأنواع بديلة من السياحة، فليست لدينا البنية التجتية الكافية التى تجعلنا نبدأ فورا فى استراتيجيات جديدة لأن هذا سوف ينتج عنه قيام الاتحاد الدولى للأنشطة السياحية برفع دعاوى دولية ضدنا أمام القضاء الدولى.
وأضاف: ليس هناك ما يسمى «بمنتجعات إسلامية» فى مصر ولن تنشأ فقد يتم وضع بعض الضوابط على الفنادق بمنع تقديم الخمور، وهذه ليست شيئاً جديداً فهناك بعض الفنادق فى شارع الهرم لا تقدم الخمور، وهذه ليست مشكلة فالسائح قد يلجأ إلى شرائها من خارج الفندق دون اختراق خصوصيته.
مشيرا إلى أنه من الصعب الفصل فى الشواطئ والفنادق والمنتجعات بين الرجال والنساء، خاصة أن حزب الحرية والعدالة لم يقدم فى مشروع النهضة الذى يتناول فيه تنمية صناعة السياحة مايؤدى إلى انعزالها عن العالم الخارجى، فهذا بالتأكيد سوف يكبد هذه الصناعة خسائر فادحة فى حال تطبيقها.
وقال: ليس هناك داع للقلق فهناك فرق كبير من جماعة الإخوان المسلمين التى تسعى للنهوض فى جميع القطاعات وبين الجماعات الإرهابية المتشددة فى فكرها والتى تسعى لإعادتنا إلى الوراء، وهذا لن يحدث فى مصر مهما كانت رؤيتهم وقناعاتهم، خاصة أن استثمارات صناعة السياحة تزيد على 200 مليار جنيه ويعمل بها حوالى 3 ملايين عامل بشكل مباشر وأسرهم كما يرتبط بهذه الصناعة أيضا حوالى 70 صناعة أخرى.
أما الخبير الفندقى مصطفى الغريب فقال: إن القانون يحظر على المصريين دخول صالات القمار، ومن يدخلها لابد أن يحمل جواز سفر أجنبياً وبالتالى فليس هناك خوف من تطبيق الشريعة الإسلامية من منع صالات القمار، وكذلك قد يجوز منع الخمور داخل الفنادق دون منع السائح من شربها أو شرائها من أى مكان آخر.
مضيفا أن السياحة هى ركيزة أساسية للاقتصاد حيث تمثل 11٪ من الناتج المحلى، والمصدر الثانى للعملات الأجنبية وبالتالى لابد أن تتضافر جميع القوى السياسية وأجهزة الدولة لحمايتها والعمل على تنميتها باعتبارها القطاع الوحيد الذى يمتلك القدرة الفائقة على إعادة الغطاء النقدى فى زمن قياسى مقارنة بالقطاعات الأخرى التى يتطلب تنميتها وإنعاشها ليس فقط استثمارات ضخمة غير متاحة حاليا ولكن فترة زمنية أطول.
وأشار إلى أن الأمن والاستقرار وهدوء الشارع هو شرط أساسى لعودة السياحة، متوقعا أن ترتفع معدلات حركة السياحة الوافدة نهاية العام الجارى، إذا تحركنا بشكل منتظم فى اتجاه الاستقرار واستعادة الأمن.
بينما قال عادل عبدالرازق عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف السياحية إن السياحة فى حاجة إلى التفاؤل ووضع الخطط والاستراتيجيات الساعية إلى إخراج القطاع من مأزقه. مطالبا بضرورة إعادة تفعيل قوانين حوافز الاستثمار لتشجيع سرعة عودة الاستثمارات المحلية وبالتالى الأجنبية للاستثمار فى القطاع السياحى والتى تمنح إعفاًء ضريبياً لمدة عشر سنوات.
وقال: علينا البدء فورا فى تخطيط مناطق صناعية وزراعية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بجوار المدن السياحية (شرم الشيخ - الغردقة - مرسى علم) على أن تكون تلك الصناعات هى الخامات والمواد والزراعات المطلوبة للفنادق والمشروعات السياحية، مما يؤكد نجاح التسويق للمنتجات.