إنفوجراف| أسعار الذهب في مستهل تعاملات الجمعة 3 مايو    أسعار البيض اليوم الجمعة 3 مايو 2024    استقرار أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة.. عز ب 24155 جنيهًا    دايملر للشاحنات تحذر من صعوبة ظروف السوق في أوروبا    المرصد السوري: قصف إسرائيلي يستهدف مركزا لحزب الله اللبناني بريف دمشق    «القاهرة الإخبارية»: أمريكا تقمع طلاب الجامعات بدلا من تلبية مطالبهم بشأن فلسطين    مستوطنون يهاجمون بلدة جنوب نابلس والقوات الإسرائيلية تشن حملة مداهمات واعتقالات    حرب غزة.. صحيفة أمريكية: السنوار انتصر حتى لو لم يخرج منها حيا    وزير الدفاع الأمريكي: القوات الروسية لا تستطيع الوصول لقواتنا في النيجر    جدول مباريات اليوم.. حجازي ضد موسيماني.. ومواجهتان في الدوري المصري    الكومي: مذكرة لجنة الانضباط تحسم أزمة الشحات والشيبي    الهلال المنتشي يلتقي التعاون للاقتراب من حسم الدوري السعودي    تشاهدون اليوم.. زد يستضيف المقاولون العرب وخيتافي يواجه أتلتيك بيلباو    حالة الطقس المتوقعة غدًا السبت 4 مايو 2024 | إنفوجراف    خريطة التحويلات المرورية بعد غلق شارع يوسف عباس بمدينة نصر    ضبط 300 كجم دقيق مجهولة المصدر في جنوب الأقصر    معرض أبو ظبي يناقش "إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية"    زي النهارده.. العالم يحتفل باليوم العالمي للصحافة    «شقو» يتراجع للمركز الثاني في قائمة الإيرادات.. بطولة عمرو يوسف    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    موضوع خطبة الجمعة اليوم وأسماء المساجد المقرر افتتاحها.. اعرف التفاصيل    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    «سباق الحمير.. عادة سنوية لشباب قرية بالفيوم احتفالا ب«مولد دندوت    وزارة التضامن وصندوق مكافحة الإدمان يكرمان مسلسلات بابا جه وكامل العدد    إبراهيم سعيد يكشف كواليس الحديث مع أفشة بعد أزمته مع كولر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة3-5-2024    مواعيد صرف معاش تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة لشهر مايو 2024    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    دراسة: الأرز والدقيق يحتويان مستويات عالية من السموم الضارة إذا ساء تخزينهما    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    إسرائيل: تغييرات في قيادات الجيش.. ورئيس جديد للاستخبارات العسكرية    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    بعد تغيبها 3 أيام.. العثور على أشلاء جثة عجوز بمدخل قرية في الفيوم    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرلمان يمارس ابتزازا وإرهابا ضد الدستورية
نشر في صباح الخير يوم 22 - 05 - 2012

تعديل قانون المحكمة الدستورية هل هو مجرد إثارة وتصرف غير محسوب كعادة مجلس الشعب منذ بدايته، رغم وجود مرسوم بقانون صدر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى يونيو الماضى يضع آليات اختيار رئيس المحكمة دون الحاجة إلى صياغة قانون جديد، أم أنه محاولة لتفتيت المحكمة الدستورية التى لم يجرؤ أى نظام على كسرها، بينما يمارس البعض من أعضاء البرلمان الحالى دور مكمم الأفواه من خلال الموافقة على قانون مشبوه تم تفصيله على هوى بعض الجماعات. والسؤال الأهم المطروح فى كل الدوائر القضائية وبين المثقفين: لماذا فى هذا التوقيت بالذات يقوم البرلمان بمحاولة إعادة تشكيل المحكمة الدستورية؟ وبالطبع الإجابة معلومة وهى أن مشروع القانون جاء خطوة «استباقية» قبل نظر الطعون الموجودة ضد البرلمان.

التقينا بالمستشارة تهانى الجبالى، نائب رئيس المحكمة الدستورية لتوضيح الأمر، فأكدت لنا أن المشروع يعد اعتداء من السلطة التشريعية على السلطة القضائية لتحصين البرلمان الحالى خوفا من أن يصدر حكم من الدستورية بحله، خاصة أن أعضاء البرلمان يجهلون أن هناك مرسوما بقانون صادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأضافت أنه إذا كان لدى النواب جهل بالتعديلات التى جرت على القانون الذى يتصدون لمحاولة تعديله فتلك مصيبة، وإذا كان فى الأمر تضليل للرأى العام والبرلمان فالمصيبة أعظم.

استعراض للقوة:
رأينا العديد من التصرفات التى تنم عن جهل أعضاء البرلمان بالقوانين فهل ما يحدث داخله محاولة للسيطرة وفرض النفوذ بالقوة؟
- البرلمان الحالى يعكس استقطابا حادا لفصيل سياسى بعينه، كما أنه يعانى من غياب الخبرة التشريعية لدى الكثيرين من نوابه، بالإضافة إلى عدم وضوح الرؤية فى الأجندة الإصلاحية التى يتبناها البرلمان، ومن ثم أصبح البرلمان لا يعكس أولويات الشعب المصرى بقدر ما يعكس أولويات ومصالح لبعض الفصائل والتيارات الموجودة داخله.
- وهم يستخدمون سلطة التشريع لتحقيق بدايات المشروع الذى يرمى إليه أصحاب الأغلبية داخل البرلمان، فهم لديهم مشروع للدولة، وآخر للثقافة، وثالث للإعلام، والمشروع الأخطر هو كيف يخلقون مجتمعا يتفق مع أفكارهم وتوجهاتهم خاصة فى إطار الفكر المتشدد الذى يعبرعن فكرمن ينتمون إلى هذه التيارات الظلامية من تيار الإسلام السياسى، وهذا يؤكد لنا أن هناك تبنياً لأجندات خاصة بهم، تحقق لهم المشروع الخاص بالجماعة أو التيار المنتمين إليه، غيرعابئين بالمشروع العام الذى يحقق نهضة المجتمع كله.

إذا كان البرلمان قد جاء بناء على الشرعية الدستورية فلماذا أعضاؤه الآن يصدرون أحكامهم مستندين للشرعية الثورية؟
- هذا خلط للأوراق، لأن المؤسسات الدستورية يجب أن تلتزم بحدودها الدستورية التى رسمت لها فى إطار الدولة، وبالتالى انعكاس الأمر على فكرة أن «ما لم أحققه من خلال التواجد داخل البرلمان من الممكن أن أحققه من خلال تواجدى فى الشارع وبين الجماهير» هو شكل من أشكال الخلط بين الدور المؤسسى فى إطار دولة القانون، وبين أننى قد أعبر عن رأيى فى إطار الجماعة الوطنية، وهذا يقوم على مبدأ أو فكرة تحويل المسألة إلى خطين متوازيين، أى ما لم يأت به الدستور تأتى به الثورة، وهذه فكرة معيبة للغاية، لأنه يبقى دائما أمام السلطات والمؤسسات أن تلتزم بحدودها الدستورية ولا تتعداها، فمثلا إذا كانت بعض الأطراف مطلقة الصراح لما لديها من حرية التعبير التى كفلها لها الدستور والقانون، إلا أن حرية التعبير داخل البرلمان يجب أن تلتزم بمعايير محددة ومعلومة لأنها ليست تعبيرا عن رأى شخصى، وإنما هى تعبير عن سلطة المُشرع لتحقيق مصلحة وطنية عامة وواضحة، هذه المصلحة العامة مجردة وعنوانها هو «التجرد من المصلحة الشخصية»، وهذا الأمر حساس للغاية، ومخاطرة كبيرة خوفا من أن يتحول الأمر إلى استخدام أدوات الضغط المجتمعى لتحقيق ما تريد هذه الأغلبية أن تحققه، وكل ذلك يتم فى إطار من الدستورية، ولذا ينبغى الالتزام فى مثل هذه المراحل الحرجة بالأطر الدستورية فى إطار المؤسسات، لكن الانعكاس فى السياسات والحوارات المجتمعية ينبغى ألا يكون عنوانها هو «رأيى أنا» دون احترام لبقية الآراء، لكن الأهم هو كيفية بناء التوافق الوطنى أولا، ثم التعبير عن هذا التوافق من داخل المؤسسات الدستورية، وإلا تحول الأمر فى النهاية إلى تسخير وطن بأكمله من أجل مشروع يخص جزءاً من الجماعة الوطنية، وليست الجماعة الوطنية بالكامل.

ما الانحرافات الموجودة فى المقترحين المقدمين لإعادة تشكيل المحكمة الدستورية؟
-- خطورة المشروعين المقدمين للجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب من اثنين من الأعضاء التابعين لحزب النور السلفى ووافقت عليهما اللجنة وقامت بإحالتهما إلى اللجنة التشريعية، تتمثل فى عدة انحرافات تشريعية أولها أنهم يقومون باستخدام التشريع لهدم إحدى المؤسسات الدستورية، كيف؟، قضاة المحكمة الدستورية العليا غير قابلين للعزل بنص دستورى، ففكرة إقصاء الهيئة وإعادة تشكيل هيئة أخرى مغايرة، يحتوى مباشرة على فكرة «العزل الظلى»، لأنه بالتأكيد لو كان هناك شكل من أشكال التطعيم للمؤسسة قد يكون الأمر مقبولا، لكن إعادة تشكيل الهيئة بالكامل، هذا يعنى أنك تقصى الهيئة القائمة وتعزل قضاتها عن أداء دورهم، فى حين أنهم غير قابلين للعزل بنص دستورى، والانحراف التشريعى الثانى والأخطر هو أن هناك نصاً موجوداً فى أحد المشروعين يمنع المحكمة الدستورية العليا من مراقبة التشريعات التى تصدر بأغلبية معينة من البرلمان، هذا يعنى أننى أعزل المؤسسة المسئولة عن الرقابة الدستورية عن أداء مهمتها التى منحها لها الدستور، وليس القانون، من خلال تشريع أدنى يضعه البرلمان لتحصين أعماله هو الذى يفترض فيه أن المحكمة أنشئت من أجل مراقبته، فهذا معناه هدم لدولة القانون التى تقوم على توازن السلطات وفيها كل سلطة تراقب الأخرى؛والرقابة الدستورية مهمتها هى رقابة التشريعات التى تصدر عن البرلمان، ولكن حين يعزل البرلمان الهيئة عن أداء هذا الدور فهذا انحراف تشريعى، النقطة الثالثة والأكثر خطورة هى أن النص أيضا يحمل فكرة وقف تنفيذ أثر الحكم الدستورى حين يصدر من المحكمة إذا ما كان قد قضى بعدم دستورية نص مؤثر فى تشكيل البرلمان سواءً مجلس الشعب أو الشورى أو المجالس المحلية'' بحيث يوقف هذا الأثر الذى يصيبها بالبطلان الدستورى، «فأنت لابد أن تُحل»، فيوقف هذا الأثر ويحتفظ بها لاستكمال دورته، وهذا يعنى أننا لغينا الدور الدستورى المطروح للمحكمة الدستورية فى أن تراقب كل السلطات وتلزمها بما تقضى به، لأن قضاء المحكمة قضاء ملزم لسلطات الدولة الثلاث، وأيضا للأفراد، وهذا يعنى أن هناك انحرافاً تشريعياً حاداً، يمس استقلال القضاء لأنه يعزل القضاة، ويمس جوهر الدور الذى تؤديه المؤسسة التى أنشئت بالدستور، وهذا انتهاك لدولة القانون، ثم الأخطر من هذا أنه أيضا يحمل فى طياته بشكل مباشر ما نسميه تجاوز سلطة القانون لأن قانون المحكمة الدستورية القائم الآن فيه نص يلزم بأن أى تعديل يتم على القانون، يجب أن يتم بموافقة الجمعية العمومية للمحكمة، وبالتالى أنت تتجاهل هذا النص، فتنتهك سلطة القانون القائم، وتضع تشريعاً بدون أن تستأذن حتى الجمعية العمومية.


* مذبحة كاملة*
هل ما حدث يشير إلى أننا مقدمون على مذبحة ثانية للقضاة بعد مذبحة 1969؟
-- ما يحدث الآن أفدح مما حدث فى مذبحة القضاة عام 1969 لأن ما حدث فى الستينيات كان يصنف على أنه استبعاد لبعض القضاة بشخوصهم، لكن ما يحدث الآن مذبحة للهيئات القضائية كاملة، إذن المسألة موجهة للهيئة ذاتها وليس لأشخاصها، وهذا ظلم بين، ومن هنا نقول أن الظلم الشخصى محتمل، لكن الظلم البين للمجتمع شىء مهين ومعيب، وذلك حادث بالفعل لأننا نعصف بمؤسساته المرجعية ونلغى دورها، وإلغاء المؤسسة المرجعية المسئولة عن ضبط الإيقاع الدستورى فى البلد لكل السلطات، وعزلها عن أن تؤدى دورها هذا يعد اغتيالا للهيئة، وبالتالى فهذا أسوأ من مذبحة الأشخاص التى قد نتحملها، لكن مذبحة أدوات الدولة يعنى انهيار الدولة بالكامل.

ما تفسيرك لتصريح الإخوان ونفيهم بأنهم لا علاقة لهم بالمقترحات المقدمة؟
- كنت أتمنى أن أصدق ذلك، لكن هذا كلام غير حقيقى لأن أعضاء لجنة الاقتراحات والشكاوى تضم أعضاء من حزب الحرية والعدالة، وهم مجتمعون وافقوا على هذين المشروعين، ونحن نعلم أن الانضباط والتنظيم لدى هذه الجماعات عميق، حتى أنه لا يوجد نائب لا يوافق على شىء إلا إذا كان لديه تكليف بالموافقة، وللأسف الشديد نشر الأخبار وتكذيبها بعد ذلك سلوك معتاد منهم الآن؛فهم الآن يفعلون الشىء ثم ينكرونه بعد ذلك، ونحن اعتدنا على مثل هذه السلوكيات الغريبة منهم، ولكن ينبغى ألا تصدر مثلها من داخل البرلمان احتراما لقدسية هذا المكان، وضرورة الالتزام بأمانة الكلمة داخله.

هل ما حدث من البرلمان محاولة لجس نبض الشارع والقضاة، أم هذا لى لذراع للمحكمة الدستورية؟
- -جس النبض يتم من خلال أن ما لا يحدث رد فعل مجتمعى عليه يمكن أن يمر، وبالتالى فجس النبض قائم، لكن الجزء الثانى هو الأخطر وهو أن يكون فى المسألة شكل من أشكال الابتزاز ومحاولات الإرهاب المعنوى لقضاة المحكمة الدستورية العليا فى الطعون المنظورة أمامها، لأن هذه الطعون بعضها يرتبط ارتباطا وثيقا بوجود البرلمان من عدمه، وقد يؤثر عليه بالاستمرارية أو عدمها، وهذا الأمر فى حد ذاته أحد جوانب الانحراف التشريعى أيضا لأن الانحراف التشريعى جزء منه أن يكون التشريع مشوبا بالمصلحة الذاتية للمُشرع، يعنى إذا كنا نحن نضع القانون لكى نحمى مصالح متعلقة بأعضاء البرلمان الحاليين «الذين هم فى كل الأحوال مؤقتون»، إذا نحن لا نحمى البرلمان كمؤسسة دستورية، لكننا نحمى مصالح شخصية، وهذا أيضا جزء من الانحراف بمقاصد المُشرع.

هذا الكلام يؤكد أن ما حدث محاولة للضغط على الدستورية؟

بالتأكيد، والحقيقة أننى أعتقد أنه ضغط مزدوج على المحكمة الدستورية وعلى اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لأن إعادة تشكيل المحكمة كان من الممكن أن يؤدى فى النهاية إلى تغيير الأشخاص الذين رأسوا اللجنة بحكم منصبهم كرئيس المحكمة والنائب الأول ورئيس هيئة المفوضين باعتباره الأمين العام للجنة، إذا كان من الممكن أن يكون المقصود تغيير هؤلاء الأشخاص واستبدالهم بأشخاص آخرين، كما أن كيفية الاختيار فى المقترحين المقدمين عليه علامات استفهام، فلماذا يرأس المحكمة فى التشكيل المقترح رئيس محكمة النقض وهو يرأس هيئة قضائية أخرى والمفترض أن استقلال الهيئات القضائية يمنع أن رئيس هيئة يرأس رئيس هيئة أخرى، إلا إذا ترك منصبه، كما أن فكرة دمج المحكمة الدستورية فى القضاء العادى، وتحويلها إلى مجرد غرفة فى القضاء العادى، وأن يرأسها رئيس محكمة النقض أو رئيس مجلس القضاء الأعلى مسألة محل علامات استفهام كثيرة، ولكن السؤال هل هذان المقترحان كانا محاولة من البرلمان لتغيير الشخصيات الموجودة فعلا فى الإشراف على الانتخابات الرئاسية فى هذه اللحظات الحرجة، ونحن على وشك إجراء الانتخابات الرئاسية، فكل هذه أسئلة مشروعة فى إطار المقاصد التى يمكن أن تكون محيطة بهذا المأزق التشريعى الذى صنعه البرلمان.

هل هذا يعد عودة لعصر ترزية القوانين الذين شاهدناهم فى ظل النظام السابق؟
-- فى الحقيقة ما يحدث الآن أسوأ لأنه لم يحدث خلال العهد السابق بالرغم من كل ما كان فيه من استبداد سياسى، وهيمنة للحزب الذى كان حاكما وموجودا، وله أغلبية فى البرلمان مسنودة بقوى الدولة، فالمحكمة الدستورية فى مصر قامت بحل البرلمان مرتين فى ظل النظام السابق بأحكام منها، وبالرغم من هذا لم يجرؤ أحد أن يُقدم على خطوة بهذا الشكل، ولم تُنتهك حرمة المحكمة الدستورية بهذا الشكل، ولذا أعتقد أن ما يحدث الآن أسوأ على المستوى التشريعى مما كان يحدث فى عهد النظام السابق.


*انتهاك للسلطات*
البعض علق قائلا أن القضاة هم من أعطوا الفرصة للبرلمان لخلق مثل هذه المشكلات خاصة مع وجود حالة من الوهن فى قضايا هامة مثل قضية التمويل الأجنبى- فما تعليقك على ذلك؟
- لا، دعونا نتذكر أن القضية مازالت منظورة أمام القضاء المصرى؛ولم يغلق ملف التمويل الأجنبى بعد، بصرف النظر عن الملابسات التى حدثت حول سفر المتهمين الأجانب، ولكنى لا أعتقد أن القضاء المصرى سيقبل من قريب أو من بعيد انتهاك سلطة القضاء، أوانتهاك استقلال الهيئات القضائية، فالقضاء العادى عبر عن موقف رافض، وكذلك قضاء مجلس الدولة عبر من خلال ناديه عن موقفه الرافض أيضا، إذا كل الهيئات القضائية انتفضت للدفاع بقوة عن المؤسسة الأكبر فى النظام القضائى المصرى، وهذا يعنى أن المسألة ليست بهذا القدر الهين كما يتصور أعضاء البرلمان، ولذا ينبغى عليهم أن يعوا أن سلطة التشريع تشمل كل دوائر الحياة فى المجتمع، بما فى ذلك أنها هى التى تشرع للقضاء أيضا، فالقوانين القضائية أيضا موضوعة من خلال البرلمانات، لكن هناك فارقاً بين أن أُشرع من أجل مزيد من تعميق استقلال القضاء، و مزيد من تعميق قدرة القضاء على تحقيق العدالة وإقامتها، وتيسير التقاضى، وتيسير الوصول إلى فكرة إقامة العدل فى المجتمع، وبين أن أتخذ من التشريع وسيلة لهدم سلطة القضاء، فهنا مقاصد المُششرع تختلف تماما، ولا أحد ينكر على المُشرع أنه يمكن له أن يعدل فى القوانين المتعلقة بالهيئات القضائية أو السلطة القضائية بما يعزز من دورها، هذا الأمر يرتبط دائما بما نراقبه فى القضاء الدستورى، حتى فى إطار الانحراف التشريعى نقول مقاصد المُششرع، ماذا يريد؟، لأن مقاصد المُشرع نفسها جزء من الرقابة الدستورية التى تراقبها المحكمة.

*حجة مضللة*
- وجهت بعض الانتقادات للمحكمة الدستورية مثل أنها كانت ''تطبخ'' للنظام السابق ما يريده من أحكام مستندين فى ذلك إلى أن رئيس المحكمة الحالى تم تعيينه من قبل الرئيس المخلوع - فما ردك على مثل هذه الأقوال؟
- هذه حجة مضللة للغاية لأن كل قضاة مصر يتم تعيينهم بقرار من رئيس الجمهورية، بدءاً من معاونى النيابة إلى آخر قاضٍ فى سلم القضاء المصرى، وبالتالى فهذا أمر مرتبط بالنظام السياسى فى مصر، لأنه نظام رئاسى، كما أن رئيس الجمهورية هو الذى يُعين كل رؤساء الهيئات القضائية فى مصر، والسؤال لماذا لا تكون المطالبة شاملة لكل رؤساء الهيئات القضائية، إذا كان هذا هو السبب الحقيقى وراء مثل هذا المسلك التشريعى، والشىء الأخطر من هذا أن المحكمة الدستورية العليا منذ يونيه الماضى أى ما يقرب من عام تصدت بجمعيتها العمومية لتعديل على نص المادة (5) من قانون المحكمة الدستورية العليا، فلم تترك الأمر لاختيار رئيس الجمهورية لرئيس المحكمة من بين أكبر ثلاثة قضاة فى مصر، وإنما تركت الأمر لانتخاب الجمعية العمومية له من الثلاثة الأقدم فى هيئتها، وبالتالى فهى حققت بذاتها آخر نقطة فى تأكيد استقلالها عن أى سلطة فى الدولة، وأصبح إجراء رئيس الجمهورية لإصدار القرار هو إجراء شكلى لأن الجمعية العمومية هى الأساس، وأيضا بالنسبة للأعضاء فيها، وكذلك الأمر بالنسبة لهيئة المفوضين، إذن هذه حجة باطلة وفاسدة وتكذبها التعديلات التشريعية التى وردت على القانون، وهذا يعنى أن النواب إما أنهم لم يقرأوا، أوليس لديهم علم بما يقدمونه من قوانين، وما جرى عليها من تشريعات، أو أن هذه المذكرة الإيضاحية التى كُتبت على غلاف هذا المقترح بقانون المقدم تضلل الرأى العام وتضلل البرلمان، وإذا كان جهل النائب بالتعديلات التى جرت على القانون الذى يتصدى لمحاولة تعديله قائم فتلك مصيبة، وإذا كان فى الأمر تضليل للرأى العام والبرلمان فالمصيبة أعظم.

المستشارة تهانى الجبالى تتحدث لمحرر صباح الخير

-تغيير لكل أدوات مرجعية الدولة هل توجد أسباب أخرى لتدخل البرلمان فى الشأن القضائى غير الطعن المنظور الآن ولذا يسعى لإعادة تشكيل المحكمة؟
- طبعا، وأنا أعتقد أن السبب الرئيسى هو أن هناك مشروعاً لدى تيار الإسلام السياسى لإعادة تشكيل كل أدوات المرجعية فى الدولة المصرية بما يحقق المشروع الذى يتبنونه لشكل الدولة ومضامينها ومرجعياتها الأساسية فى إطار الدولة المصرية، لأنه فى الحقيقة هذا المسلك تكرر مع الأزهر ودار الإفتاء ومجلس الدولة، حيث كانت هناك محاولة لإدماج النيابة الإدارية فى مجلس الدولة، وسيتكرر هذا الموقف فى المستقبل مع هيئات أخرى، والمحكمة الدستورية هى البداية لتطبيق هذا المسلك، لأن المؤسسات المرجعية فى المجتمع المصرى معروفة، وحين تكون هناك محاولة لإضعافها أو لوأدها أو لتغييرها أو لتغيير توجهاتها من خلال تغيير الأشخاص القائمين عليها بما يحقق انتقائية معينة من المجتمع، فهذا عنوانه الوحيد هو تغيير المؤسسات المرجعية فى المجتمع المصرى، ولعل الشاهد الأكبر هو هذا القانون الذى قدم تحت قبة البرلمان لاعتماد أن الأزهر ليس المرجعية الدينية الوحيدة بمصر، فهذا الإفصاح المباشر يؤكد يقينى بأن هناك استهدافاً للمؤسسات المرجعية فى الدولة المصرية، من أجل مشروع مغاير لمشروع الدولة الوطنية التى نحلم بها.

هل يعتبر هذا المقترح هو البداية لفرض قوانين الإخوان ودستورهم على الشعب بصفة عامة؟
- بالتأكيد وهذا جزء من الهواجس المشروعة لديهم، وكل الأحداث التى نمر بها تنبئنا بذلك، فتعثر المسار الدستورى ومحاولة الهيمنة على الجمعية التأسيسية للدستور، وصعوبة تحقيق التوافق الوطنى فى ظل ممارسة الغلبة السياسية التى يتضح أنها تتخذ عدة مسارات فى آن واحد لمحاولة الهيمنة على كل سلطات الدولة كلها محاولات تنبئ بمخاطر متعلقة ببناء المشروعية الدستورية القادمة.
هل هذه التنبؤات تشير إلى أننا نسير فى طريقنا لدولة مستبدة جديدة لا تحترم القانون ومبدأ الفصل بين السلطات؟
- بالتأكيد، بنيان الدولة القانونية الديمقراطية عبارة عن سلطات يحكمها مبدأ الفصل بين السلطات، ثم مبدأ الرقابة المتبادلة، بحيث أن السلطة التنفيذية مستقلة عن السلطة التشريعية عن السلطة القضائية، وكل منها يراقب الآخر، فمثلا البرلمان يراقب سياسات الحكومة، يراقبها فى إطار العلاقة المتبادلة بين السلطات، نفس الأمر بالنسبة للمحكمة الدستورية عندما تراقب التشريعات الصادرة عن السلطة التشريعية، فهى السلطة القضائية الأعلى المسئولة عن الرقابة التى تمارس دورها فى الرقابة المتبادلة، لا هذا يعاقب ذاك حين يمارس دوره، ولا هو فى خصومة معه، لأن البرلمان عندما يصل لمرحلة سحب الثقة من الحكومة، هذه يمارسها بدوره الدستورى، وحين يتدخل رئيس الجمهورية باعتباره حكما بين السلطات للفصل بين البرلمان والحكومة فى حالة حدوث أزمة سياسية كبرى، فإنه إما أن يقيل الحكومة استجابة للبرلمان، أو أن يحل البرلمان ويدعو لاستفتاء شعبى عليه، وهذا توازن السلطات؛كى لا تتغول سلطة على سلطة، فالرقابة الدستورية مجردة، معصوبة العينين لأنها ليست طرفاً فى صراع سياسى، هى فى النهاية تؤدى دورها فى الرقابة على التشريعات الصادرة عن السلطة التشريعية، والتنفيذية، كى يصبح الأمر فى إطار أن سلطات الدولة تُصلح بعضها البعض، وتضبط إيقاع بعضها البعض، هذه هى الدولة القانونية، والدولة الديمقراطية، بدون ذلك لن توجد دولة القانون، فإذا كان أعضاء البرلمان سيضعون المبدأ الدستورى فى الدساتير للتباهى بأننا لدينا دولة قانونية ديمقراطية، ثم نمارس عكسه فهذا أكبر من أن تتعرض له دولة بحجم مصر، بما لها من عُمر دستورى طويل بدأ من 1868، وقضائها الدستورى وعمره ثلاثة وأربعون عاما، وهذا تراث تاريخى وحضارى شهد له العالم، ومع ذلك كانت هناك ممارسات داخل القضاء المصرى للرقابة الذاتية، وذلك قبل إنشاء المحكمة العليا، والمحكمة الدستورية العليا بعدها، فهذا التاريخ يملى علينا الإرادة لبناء الوطن، ونحن مسئولون عن إحداث النقلة التاريخية له؛وهذه مسئولية جماعية لن يرحمنا التاريخ إذا أهملناها، وأعتقد أن الشعب المصرى أيضا لن يسمح بذلك.

نسمع حاليا أقولا مثل: البرلمان للتشريع ولا علاقة له بالحكم فى القضايا والقضاء للحكم ولا علاقة له بالتشريع.. فما تعليقك؟
- كيف هذا، القضاء العادى وقضاء مجلس الدولة هو الذى يطبق المشروعية، وليس لديه دخل بالقوانين وإنما يطبقها فقط؛وهذا يسمى ''قضاء المشروعية''، لكن القضاء الذى يسمى قضاء الرقابة الدستورية موضوعه هو مراجعة التشريعات، وإزالة العوار الدستورى إذا ما جاء فى نص أو قانون ككل، إذن فالقضاء الدستورى مستقل حتى عن القضاء العادى، وليست صلاحياته هى الصلاحيات المنصوص عليها للقضاء العادى، فهو يمارس دوره فى إطار القانون إلى أن يغيره المُشرع، حتى لو لم يكن راضيا عنه، لكن القضاء الدستورى يصحح ما يضعه المُشرع من خلال الالتزام بالرقابة الدستورية.

*استدعاء دستور71 *
بعض الفقهاء الدستوريين يطالبون حاليا باستدعاء دستور1971حتى لا يأتى الرئيس القادم وهناك فراغ دستورى والبعض الآخر يطالب بإعلان دستورى جديد، فأى الرأيين تفضلين؟
-- أنا مع الرأى الذى يقول طالما أننا لم نضع دستورنا الجديد علينا باستدعاء دستور 71من التعطيل بالمواد المعدلة فى مارس الماضى، لأنها بذاتها تحوله إلى دستور مؤقت، لتسليم رئيس الجمهورية البلاد على وثيقة دستورية مستفتى عليها من الشعب المصرى، لأن الإعلانات الدستورية المتكررة أخذت جميعها من دستور71، وجميعها صدرت من السلطة الفعلية وهى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وإذا تزايدت الخلافات، فأنا أرى أنه لن يأتى رئيس يحكمنا كما حكمنا الرئيس السابق، وفى ذات الوقت يمكن معالجة هذا باستمرار التفويض الذى صدر للمجلس الأعلى للقوات المسلحة فى الصلاحيات التنفيذية لرئيس الجمهورية، المنصوص عليها فى القوانين واللوائح فى يد رئيس الوزراء بما يحرر الوزارة من فكرة الرجوع لتعليمات السيد الرئيس وتطلق يدها فى مزيد من العمل الذى يؤدى إلى نهضة فى أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية، وتستمر الصلاحيات السيادية التى لا يجوز فيها التفويض فى يد الرئيس كى يتمكن من إحداث التوازن المطلوب.

*- التشكيك فى نزاهة الانتخابات الرئاسية ضرب «استباقى» إذا جاءت النتيجة بغير ما يتمناه المشككون*

- بعد أن تعالت أصوات بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين مشككين فى نزاهة الانتخابات الرئاسية التى سيبدأ سباقها غدا الأربعاء، ضاربين بتأكيدات أعضاء اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية على أنه ليس لأحد مصلحة فى تزوير الانتخابات لمصلحة أحد، ومطالبتهم بعدم التشكيك فى القضاة ونزاهتهم، ونفيهم حدوث أى عمليات تزوير فى تصويت المصريين بالخارج عرض الحائط، قالت المستشارة تهانى الجبالى فى تصريح خاص لصباح الخير: إن الذين يشيعون أن الانتخابات الرئاسية سيتم تزويرها هم الذين جاءوا للبرلمان الحالى الذى قيل إنه أنزه انتخابات فى تاريخ مصر بنفس الآليات المتبعة فى الانتخابات الرئاسية، مؤكدة أن محاولة التشكيك نوع من الضرب «الاستباقى»، إذا أتت الانتخابات بغير ما يتمناه هؤلاء المشككون.

- وأضافت الجبالى: هناك مآخذ وملاحظات على الانتخابات البرلمانية السابقة، وبالرغم من ذلك فالذين يحلمون بالانتقال للحظة قادمة تسامحوا مع هذا كله من أجل استمرار بناء مؤسسات الدولة، وقالت: لا أعتقد أن من الممكن أن يكون هناك تزوير فى هذه الانتخابات لأنها ستعبر عن إرادة شعب، بالإضافة إلى أن القضاء المصرى موجود للإشراف عليها.

- وعن المرشح التى ستختاره غدا قالت نائب رئيس المحكمة الدستورية سأنتخب من أراه صالحا لإدارة البلاد وتحمل المسئولية فى هذه المرحلة الصعبة، ليس رئيسا يستبد بكل السلطات لتحقيق أطماعه فقط.

- وعن إقصاء بعض المرشحين وعزلهم أوضحت أن الإقصاء دائما يأتى من خلال القانون، كما أن معايير المحاسبة السياسية واضحة ولا يمكن لشعب أن يمارس الإقصاء بمفرده فالناس جميعا يعملون لدى الدولة ومن ينحرف هو فرد ويجب أن يحاسب، خاصة أن المحاسبة السياسية الآن أصبحت مستقرة فى معايير دولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.