رئيس جامعة الأزهر: لدينا 107 كليات بجميع المحافظات و30 ألف طالب وافد من 120 دولة    رئيس الأساقفة سامي فوزي يرأس قداس عيد الميلاد بكاتدرائية جميع القديسين بالزمالك    تثبيت أم تخفيض؟ خبراء يتوقعون مصير الفائدة قبل اجتماع البنك المركزي غدًا    السودان: «الدعم السريع» تشن هجوماً على منطقتين في شمال دارفور وتعلن السيطرة عليهما    كوت ديفوار ضد موزمبيق.. شوط سلبي في كأس أمم إفريقيا    أمم أفريقيا، تعادل سلبي بين كوت ديفوار وموزمبيق بالشوط الأول    محافظ القليوبية يستقبل الطفلة الفلسطينية ريتاج ويوافق فورًا على التحاقها بالتعليم الأزهري    أحمد الفيشاوي يشوق الجمهور ببوستر فيلم "سفاح التجمع"    أيها «الستارة».. الآن ترتفع «السادة» عن أم كلثوم!    التصدي للشائعات، ندوة مشتركة بين التعليم ومجمع إعلام الفيوم    الإدراية العليا تحيل 14 طعنا للنقض على نتيحة انتخابات النواب للدوائر الملغاة    إطلاق مبادرة «كفر الشيخ بتنور» لتعزيز الأمان واستدامة الإنارة    رئيس الوزراء: مصر كانت بتتعاير بأزمة الإسكان قبل 2014.. وكابوس كل أسرة هتجيب شقة لابنها منين    رئيس جامعة المنصورة ونائب وزير الصحة يوقِّعان بروتوكولًا لتعزيز التطوير والابتكار    أبرد ليلة بفصل الشتاء فى ريكاتير اليوم السابع    القبض على المتهم بإنهاء حياة والدته بسبب مشغولات ذهبية بالمنيا    مدرب بنين: قدمنا أفضل مباراة لنا رغم الخسارة أمام الكونغو    بالأسماء.. مصرع شخص وإصابة 18 آخرين إثر انقلاب ميكروباص في أسوان    محافظ قنا يعقد اجتماعًا موسعًا للاستعداد لانطلاق الموجة ال28 لإزالة التعديات    التعاون الاقتصادي والتجاري والمباحثات العسكرية على طاولة مباحثات لافروف والشيباني    الكنيست الإسرائيلي يصدق بقراءة تمهيدية على تشكيل لجنة تحقيق سياسية في أحداث 7 أكتوبر    اليمن يدعو مجلس الأمن للضغط على الحوثيين للإفراج عن موظفين أمميين    السكة الحديد: تسيير الرحلة ال41 لنقل الأشقاء السودانيين ضمن مشروع العودة الطوعية    ليفربول يجتمع مع وكيل محمد صلاح لحسم مستقبله    البورصة المصرية تربح 4 مليارات جنيه بختام تعاملات الأربعاء    بعد الاعتداءات.. ماذا فعل وزير التعليم لحماية الطلاب داخل المدارس؟    هذا هو موعد ومكان عزاء الفنان الراحل طارق الأمير    المتحف المصري بالقاهرة يحدّث قواعد الزيارة حفاظًا على كنوزه الخالدة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :شكرا توتو وتوتى ..!؟    تقارير: نيكولاس أوتاميندي على رادار برشلونة في الشتاء    الصحة تواصل العمل على تقليل ساعات الانتظار في الرعايات والحضانات والطوارئ وخدمات 137    جامعة قناة السويس تعلن أسماء الفائزين بجائزة الأبحاث العلمية الموجهة لخدمة المجتمع    الزراعة تحذر المواطنين من شراء اللحوم مجهولة المصدر والأسعار غير المنطقية    أمم أفريقيا 2025| شوط أول سلبي بين بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية    ڤاليو تعتمد الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة العملاء    النائب محمد رزق: "حياة كريمة" نموذج للتنمية الشاملة والتحول الرقمي في مصر    كوت ديفوار تواجه موزمبيق في الجولة الأولى من كأس أمم إفريقيا 2025.. التوقيت والتشكيل والقنوات الناقلة    كيف قُتل غسان النعسان "الذراع الأيمن" لسهيل الحسن في لبنان؟    وكيل تعليم الإسكندرية: مدارس التكنولوجيا التطبيقية قاطرة إعداد كوادر فنية لسوق العمل الحديث    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    «أبناؤنا في أمان».. كيف نبني جسور التواصل بين المدرسة والأهل؟    تأجيل محاكمة عامل بتهمة قتل صديقه طعنًا في شبرا الخيمة للفحص النفسي    الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3 آلاف ماكينة صراف آلى    محافظ الجيزة يتابع الاستعدادات النهائية لإطلاق القافلة الطبية المجانية إلى الواحات البحرية    ماريسكا: إستيفاو وديلاب جاهزان ل أستون فيلا.. وأشعر بالرضا عن المجموعة الحالية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    وزير الري: الدولة المصرية لن تتهاون في صون حقوقها المائية    "البحوث الزراعية" يحصد المركز الثاني في تصنيف «سيماجو» لعام 2025    وزيرا التعليم العالي والرياضة يكرمان طلاب الجامعات الفائزين في البطولة العالمية ببرشلونة    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    لتشجيع الاستثمار في الذهب.. وزير البترول يشهد التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق مع آتون مايننج الكندية    ضياء السيد: إمام عاشور غير جاهز فنيا ومهند لاشين الأفضل أمام جنوب إفريقيا    بعد تعرضه لموقف خطر أثناء تصوير مسلسل الكينج.. محمد إمام: ربنا ستر    وزير الصحة: قوة الأمم تقاس اليوم بعقولها المبدعة وقدراتها العلمية    وكيل صحة بني سويف يفاجئ وحدة بياض العرب الصحية ويشدد على معايير الجودة    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضاء والدستور
نشر في الوفد يوم 03 - 06 - 2012

يتعرض القضاء في الوقت الحالي لهجمة شرسة، لا يمكن لعاقل أن يقف مكتوف الأيدي إزاءها أو أن يلتزم الصمت تجاه السهام المسمومة التي تنال من هيبة القضاء أو تمس بحياديته واستقلاله. ففي الأمس القريب، قدم أحد أعضاء مجلس الشعب مشروع قانون يرمي
إلى إعادة تشكيل المحكمة الدستورية العليا والانتقاص من اختصاصاتها. وعلى إثر صدور الحكم في محاكمة القرن، والقاضي بإدانة كل من الرئيس السابق حسني مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي بالسجن المؤبد مع تبرئة مساعدي الوزير وانقضاء الدعوى بحق نجلي الرئيس السابق ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، راح البعض يدعو إلى تطهير القضاء، وتبارت القنوات التليفزيونية والفضائيات في التعليق على الحكم. وما يثير الاستغراب ويبعث على الدهشة أن بعض رجال القضاء الحاليين والسابقين أعطوا لأنفسهم حق التعليق على الحكم أمام كاميرات التليفزيون وعلى شاشات الفضائيات. وما يثير الأسى والحزن أن يصف بعضهم الحكم بالتناقض والعوار، وتناسى هؤلاء أن مجال تصحيح الأخطاء في أحكام القضاء إنما يكون من خلال سلوك سبيل الطعن عليها أمام المحكمة الأعلى درجة. وذهب البعض إلى حد توجيه رسالة إلى رئيس البرلمان، مطالبا إياه بإصدار قانون بتشكيل محكمة خاصة برئاسة المستشار «حسام الغرياني» لإعادة محاكمة الرئيس السابق ورموز نظامه.
والحقيقة أن القضاء هو إحدى سلطات الدولة الثلاث. فالدولة الحديثة تتكون من سلطات ثلاث، التشريعية والقضائية والتنفيذية. ونظرياً يمكن القول بأن السلطة التشريعية هي أعلى سلطات الدولة تليها السلطة القضائية ثم السلطة التنفيذية. بيان ذلك أن البرلمان أو السلطة التشريعية هو الذي يقر القوانين، ثم يأتي دور القضاء في تطبيقها من خلال ما يصدره من أحكام، بينما تكون مهمة تنفيذ هذه الأحكام منوطة بالسلطة التنفيذية. ولكن، وباستقراء الواقع العملي في العديد من دول العالم الثالث، يمكن القول بأن السلطة التنفيذية هي أقوى السلطات جميعاً، بينما يتحول البرلمان إلى مجرد «ديكور» أو واجهة لإسباغ وجه ديمقراطي زائف على نظام الحكم. وفي ظل الأنظمة الاستبدادية، تقوم الخشية من تغول السلطة التنفيذية على غيرها من السلطات.
وهكذا، تقوم الحاجة إلى تقرير بعض الضمانات التي تكفل استقلال السلطة القضائية. ويرد النص غالباً على هذه الضمانات في الدستور ذاته. فعلى سبيل المثال، عني الدستور الإيطالي بالنص على استقلال السلطة القضائية في المادة 104 منه بالقول إن «القضاء نظام قائم بذاته مستقل عن كل سلطة أخرى».
وقد حرصت الدساتير المصرية المتعاقبة على كفالة استقلال القضاء. ولأن المقام لا يتسع لذكر النصوص الواردة في كل هذه الدساتير، لذا سنقتصر على النصوص الواردة في الدستور المصري لسنة 1971م. فقد كرس هذا الدستور الفصل الرابع من الباب الخامس منه للسلطة القضائية (المواد من 165 إلى 173). إذ تنص المادة 165 منه على أن «السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقاً للقانون». وتضيف المادة (166) أن «القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شؤون العدالة». وتنص المادة (167) على أن «يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها، ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم». وتقرر المادة (168) أن «القضاة غير قابلين للعزل، وينظم القانون مساءلتهم تأديبياً». ووفقا المادة (169)، تكون «جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام أو الآداب. وفي جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية». وتنص المادة (170) على أن «يسهم الشعب في إقامة العدالة على الوجه وفي الحدود المبينة في القانون». وقد أسبغ دستور سنة 1971م قيمة دستورية على بعض المحاكم الخاصة. بيان ذلك أن المادة (171) منه تنص على أن «ينظم القانون ترتيب محاكم أمن الدولة، ويبين اختصاصاتها والشروط الواجب توافرها فيمن يتولون القضاء فيها». كذلك، حرص المشرع الدستوري على إسباغ قيمة دستورية على بعض جهات القضاء العادي، كما هو الشأن في القضاء الإداري. إذ تنص المادة (172) على أن «مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة، ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى». ولتأكيد استقلال القضاء، تؤكد المادة (173) أن «تقوم كل هيئة قضائية على شؤونها، ويشكل مجلس يضم رؤساء الهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية، يرعى شؤونها المشتركة، ويبين القانون تشكيله واختصاصاته الأخرى».
أما المحكمة الدستورية العليا، ورغم أنها جزء من السلطة القضائية، فقد ارتأى المشرع الدستوري أن يفرد لها فصلا منفصلا، وهو الفصل الخامس من الباب الخامس من الدستور المصري لسنة 1971م (المواد من 174 إلى 178). حيث تنص المادة (174) على أن «المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، في جمهورية مصر العربية، مقرها مدينة القاهرة». وتضيف المادة (175) أن «تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتتولى تفسير النصوص التشريعية، وذلك كله على الوجه المبين في القانون. ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة وينظم الإجراءات التي تتبع أمامها». وطبقا للمادة (176)، «ينظم القانون كيفية تشكيل المحكمة الدستورية العليا، ويبين الشروط الواجب توافرها في أعضائها وحقوقهم وحصاناتهم». وتؤكد المادة (177) أن «أعضاء المحكمة الدستورية العليا غير قابلين للعزل، وتتولى المحكمة مساءلة أعضائها على الوجه المبين بالقانون». وبالنظر لأهمية أحكام المحكمة الصادرة في الدعاوى الدستورية والقرارات التفسيرية الصادرة عنها، تقرر المادة (178) أن «تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية، والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية، وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار».
وتجدر الإشارة إلى أن قضاء المحكمة العليا (التي كان لها الاختصاص بالفصل في دستورية القوانين قبل إنشاء المحكمة الدستورية العليا) قد استقر على أن السلطة القضائية هي سلطة أصيلة تقف على قدم المساواة مع السلطة التشريعية والتنفيذية، وتستمد وجودها وكيانها من الدستور ذاته لا من التشريع، وقد أناط بها الدستور وحدها أمر العدالة مستقلة عن باقي السلطات. ومن ثم، لا يجوز عن طريق التشريع إهدار ولاية تلك السلطة كلياً أو جزئياً، ولئن نص الدستور (في المادة 167 منه) على أن «يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها، فإن المقصود بذلك أن يتولى المشرع توزيع ولاية القضاء كاملة على تلك الهيئات على نحو يكفل تحقيق العدالة، ويمكن الأفراد من ممارسة حق التقاضي دون مساس بالسلطة القضائية في ذاتها أو عزل لجانب من المنازعات من ولايتها، فإن تجاوز القانون هذا القيد الدستوري وانتقص من ولاية القضاء ولو جزئياً كان مخالفاً للدستور» (مجموعة أحكام المحكمة العليا، القسم الأول، الدعويان رقما 2 و6 لسنة 1 قضائية عليا دستورية، جلسة 6 نوفمبر سنة 1971، ص 30 و43).
والواقع أن القضاء المستقل المحايد يمثل ضمانة أساسية ومفترضا لازما لحماية حقوق الإنسان. وقد حرص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على تقرير حق الإنسان في قضاء مستقل محايد بما نص عليه في المادة العاشرة من أن «لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضية محكمة مستقلة ومحايدة، نظراً منصفاً وعلنياً، للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أي تهمة جزائية توجه إليه». ويضمن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ممارسة ذات الحق (المادة 14).
ورغم تعدد النصوص الواردة في الدستور المصري لسنة 1971م، فالملاحظ أنها تخلو من النص صراحة على استقلال السلطة القضائية عن كل من السلطتين التشريعية والقضائية. فلا يكفي في نظرنا مجرد النص على أن السلطة القضائية مستقلة، وإنما ينبغي تأكيد هذا الاستقلال في مواجهة كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية. وتبدو ضرورة هذا النص في ظل الأوضاع الجديدة التي تمر بها مصر الثورة. فقد يتصور البرلمان المنتخب من الشعب أن التفويض الشعبي له يخوله حق إصدار أي قانون، ولو كان في ذلك افتئات على السلطة القضائية. وربما يجد البرلمان في الدعوات إلى تطهير القضاء المبرر والداعي لاستصدار مثل هذه القوانين. وفي هذا الصدد، لعل من المفيد الإشارة إلى الإعلان العالمي لاستقلال القضاء الصادر عن المؤتمر العالمي لاستقلال القضاء، المنعقد في مونتريال بكندا في سنة 1983م، مؤكداً على حق كل إنسان في أن يقاضي دون إبطاء من قبل المحاكم العادية، أو من قبل المحاكم القضائية، وتكون خاضعة لإعادة النظر (الطعن) من قبل المحاكم العليا، والذي نص على ضرورة أن تستقل السلطة القضائية عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وألا تجوز ممارسة أي سلطة من شأنها التدخل في العملية القضائية، ولا يكون للسلطة التنفيذية أي رقابة على الوظائف القضائية أو أي سلطة لوقف العمل في المحاكم أو تعليقه، كما لا يجوز لها القيام بأي عمل أو تعطيل القيام بأي عمل يؤدي إلى استبعاد الحل القضائي لأحد النزاعات، أو تعطيل التنفيذ السليم لقرار إحدى المحاكم.
وإزاء الضغوط الشعبية والتدخل من وسائل الإعلام في عمل القضاء، ربما يكون من المناسب الإشارة إلى إعلان المبادئ الأساسية في شأن استقلال القضاء، التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قراريها الصادرين في 29 يناير سنة 1985م و13 ديسمبر سنة 1985م، مؤكداً بوضوح أن المنازعات التي تدخل في اختصاص السلطة القضائية، ينبغي الفصل فيها بطريقة محايدة، وعلى ضوء وقائعها ووفقاً لحكم القانون بشأنها، مع تجرد قضائها من عوامل التأثر والتحريض، وكذلك من كل صور الضغوط أو التهديد أو التدخل غير المشروع – مباشراً كان أو غير مباشر – وأياً كان مصدرها أو سببها. وربما يكون من المناسب في هذا الصدد منع ظهور أعضاء الهيئات القضائية في وسائل الإعلام بكافة صوره وأنواعه.
وأخيرا، قد يكون من المناسب تضمين الدستور الجديد بعض النصوص التي تكفل عملا وواقعا استقلال القضاء. وفي هذا الصدد، نعتقد من الملائم الإشارة إلى أن الدستور التركي لا يكتفي بالنص على كفالة استقلال القضاء، وإنما يحدد في المادة (132) منه بعض عناصر هذا الاستقلال، وذلك بنصه على أن «لا يجوز توجيه أي أسئلة أو إثارة مناقشات أو الإدلاء ببيانات في المجلسين التشريعيين في شأن قضية تكون موضع تحقيق. وأنه لا يجوز لأي هيئة أو سلطة أو شخص أن يعطي للمحاكم أو القضاة أوامر أو تعليمات أو يرسل إليهم منشورات أو توصيات أو اقتراحات تتعلق بقيامهم بأعباء السلطة القضائية. وأن تلتزم الهيئة التشريعية والتنفيذية والإدارية باحترام أحكام المحاكم، ولا يجوز لهذه الهيئات بأي حال من الأحوال تعديل أو تعطيل تنفيذ هذه الأحكام». ونعتقد من الملائم أيضا النص في الدستور على عدم جواز إصدار تشريع منظم للقضاء، إلا بعد استطلاع رأي السلطة القضائية في شأنه.
----
أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.