سلام الزوبعي النائب الأسبق لرئيس الوزراء العراقي ل"روزاليوسف": المخابرات الإيرانية «تنهش الجسد العراقي».. وطهران وأنقرة تتحكمان في قضايانا المصيرية
أكد سلام الزوبعي النائب الأسبق لرئيس الوزراء العراقي أن المخابرات الإقليمية لاسيما الإيرانية «تنهش الجسد العراقي» مستدلا علي تدخل طهران في شئون بلاده بوجود قنصليات إيرانية في جميع محافظات العراق. وشدد الزوبعي في حواره ل«روزاليوسف» علي رفضه وجود أحزاب ذات صبغة دينية في العراق مؤكدا أن هذه الأحزاب شوهت المشهد السياسي باستخدامها الدين لتحقيق مشروعات سياسية. واعتبر العلاقات بين بغداد والدول العربية ضعيفة، مشيرًا إلي وجود حالة إقصاء وتهميش للدور العربي في العراق لدرجة أنه أصبح للأمة العربية «تهمة». ورأي أن دور الجامعة في بغداد لا يرقي للمستوي المطلوب، بينما تتحكم إيران وتركيا في القضايا المصيرية للعراق. ولفت إلي أن دولا عربية تسعي لإعاقة الدور المصري في الساحة العربية، بينما تحاول إيران أن تكون بديلا لمصر في المنطقة. ما تقييمك للمشهد السياسي والأمني في العراق؟ هناك أياد خبيثة تعبث بأمن العراق فمخابرات الدول الإقليمية وفي مقدمتها إيران تتدخل في العراق بل تنهش في الجسد العراقي.. وأبرز دليل علي التدخل الإيراني وجود قنصليات إيرانية في كل محافظات العراق ونحن نرفض هذا التدخل الإقليمي جملة وتفصيلا. والوضع السياسي في العراق خطير وساعد علي ذلك وجود أحزاب ذات صبغة دينية شوهت المشهد السياسي في البلاد باستخدامها الدين لتحقيق مشروعات سياسية ونحن نعلم أن بناء الدولة يحتاج لمؤسسات وقانون مدني لكن اتخاذ الدين وسيلة لتمرير مشروع سياسي أمر مرفوض دفع الشعب العراقي ثمنه ونحن في القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق آياد علاوي وضعنا برنامجا علميا يعتمد علي منهج البحث العلمي في بناء الدولة ويتعامل علي أساس المواطنة بعيدا عن الانتماءات العرقية. كيف تري أزمة تشكيل الحكومة المقبلة؟ - لست متفائلا وإذا لم تتنازل كل الكيانات السياسية عن مطالبها الخاصة من أجل العراق سيكون الأمر صعبًا جدا. وأري أن الزيارات التي قام بها العديد من سياسيي العراق لإيران ودول الجوار يثير شبهة وخلق انطباع كبير لدي المواطن العراقي بوجود أجندة إقليمية تسيطر علي القرار السياسي العراقي وتتحكم به خاصة أن غالبية الذين ذهبوا لدول الجوار لهم ولاءات إقليمية ونشأوا وترعرعوا في ظل رعاية إقليمية. وإيران دورها واضح في الساحة العراقية أيضا من خلال اتفاق ائتلافي دولة القانون برئاسة نوري المالكي والوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم علي تشكيل تحالف لتشكيل الحكومة والمعروف أن قادة الائتلافين كانوا في إيران. إذاً يمكن أن نعتبر هذين الائتلافين إيرانيين؟ لا يصح أن نطلق علي الائتلافين أنهما إيرانيان أو أن طهران تحشدهما ضد القائمة العراقية فهذا أمر يؤزم القضية لكن المخجل أن ينفذ السياسي العراقي أجندة لدول الجوار في بغداد كما أننا في القائمة العراقية متماسكون ولا يضرنا هذا التحشد. وأين العرب مما يحدث في العراق؟ هناك ضعف في العلاقات العراقية- العربية ولا يخفي علي الجميع مقدار التشويه الذي يعاني منه الجسد العربي كما أن هناك إقصاء وتهميشًا للدور العربي في العراق لدرجة أن الانتماء للأمة العربية أصبحت تهمة وباتت إيران وتركيا تتحكمان في القضايا المصيرية للعراق. والوضع السياسي العربي بحاجة لترميم حقيقي وليس تجميلاً ولابد من إعادة النظر في طبيعة العلاقات بين الدول العربية وإنشاء منظومة اقتصادية تجمع بين هذه الدول وعلينا أن نعرف أن المنظومة الاقتصادية أثقل وأقوي فلو كان هناك منظومة اقتصادية واستثمارية متينة وتبادل للمصالح فمن الصعب أن نجد تمزقًا عربيًا. لكن الجامعة العربية لها مكتب في بغداد لم يغلق حتي في أشد أزمات العراق الأمنية؟ - دور الجامعة رسمي وضعيف لا يرتقي إلي المستوي المطلوب والجامعة تحتاج لإصلاح خاصة أنها تواجه مشاكل كثيرة. كما أن الجامعة تتخذ مواقف الحكومات العربية التي تتسم أيضا بالضعف. علي صعيد العلاقات المصرية- العراقية كيف تري هذه العلاقات الآن؟ - في الحقيقة مصر من زمن بعيد كانت وما زالت وستبقي بوابة الأمة العربية بتاريخها وحضارتها وشعبها فالقاهرة تلعب دورا كبيرا علي الساحة العربية رغم أن هناك جهودا تبذل من أجل إعاقة الدور المصري وللأسف تأتي الجهود من دول عربية تغار من مصر فالشارع العربي يقرأ ما بين السطور حيث يوجد قسم من الساسة العرب لا يريدون لمصر هذا الدور ولا يريدون لهذا الدور أن يكبر من باب الحسد والغيرة والضعف في الشعور كما أن إيران تحاول أن تلعب دورا بديلا لمصر في المنطقة. أما في العراق فمصر لها دور كبير ونحن نشجعها علي الاستثمار في العراق. هل تري أن التفجيرات التي طالت القنصلية المصرية في بغداد كانت تستهدف الوجود المصري هناك؟ - بالتأكيد فالذي يفكر في النيل من السفارة المصرية فهو ينال من مصر ويستهدف دورها وأنا كنت من المتابعين للانفجار وعلي اتصال بالسفارة والقنصلية المصريتين ويجب علينا أن نسعي بكل ما نمتلك لحماية السفارات سواء عربية أو غير عربية في العراق لكن المشكلة أن الوضع الأمني في البلاد هش ومهلك ولا يستند إلي قاعدة متينة وأصيلة خاصة أن الجيش العراقي مازال ضعيفا وهشا ولم يبن وفقا لمعايير وطنية ولا يوجد تحسن في الوضع الأمني الذي يخضع كل لحظة للإنهيار لدرجة أن بات استهداف المواطن العراقي يتم بشكل يومي. إذا كان الوضع الأمني بهذا الشكل الذي تتحدث عنه فماذا سيحدث بعد جلاء القوات الأمريكية؟ - في تقديري جلاء القوات الأمريكية سيكون مصيبة. وماذا عن العلاقات مع سوريا؟ - العلاقات بين بغداد ودمشق دون المستوي والعراق ينقصه السيادة والأمن وعلاقاته ليست واضحة مع كل المحيط الإقليمي فهو يعاني من أزمات حقيقية مع الكويت وإيران وتركيا واتهام العراق لسوريا بأن لها يدًا في بعض التفجيرات داخل الأراضي العراقية يعد تحاملاً علي سوريا فحكومة المالكي متخبطة تطلق اتهامات كثيرة تقيم بها الدنيا ولا تقعدها ثم تتراجع. هل تتخوف القائمة العراقية من احتمال تشكيل المالكي للحكومة المقبلة؟ - المالكي وحده لا يستطيع تشكيل حكومة وخلال السنوات الأربع الماضية فشلت حكومة المالكي بكل المقاييس في تحقيق سيادة العراق علي أراضيه وفي تحقيق الأمن ومنع الفساد الإداري وفي الحد من تدخل دول الجوار في شئوننا الداخلية وفي إخراج العراق من الفصل السابع كذلك فشلت في إدارة العلاقات العراقية مع الدول العربية. ولماذا لم تتحالف القائمة العراقية مع أي قوائم أخري؟ - لا توجد أي فرصة للتحالف بسبب التدخل في الشأن السياسي العراقي من جانب إيران ودول الجوار فالعراق أصبح مسرحاً وساحة للتدخلات الخارجية الأجنبية والإقليمية. برأيك هل لهذه التدخلات علاقة بالمحاصصة؟ - المحاصصة تم اعتمادها علي أسس طائفية حيث تم تقسيم العراق إلي سنة وشيعة وعرب وأكراد وفي تقديري لن نتخلص منها إلا باعتماد المواطنة وأن نضع معايير وضوابط محددة في بناء الدولة. وماذا عن التحالف الشيعي والتمدد الكردي؟ - الشيعة والسنة هم عرب في محيطهم العربي وهم يعيشون معاً في العراق منذ عقود من الزمن وبينهم علاقات وطيدة أما هذه المهزلة التي أطلقوا عليها الشيعة والسنة فالهدف منها الطائفية السياسية وأري أن هناك مشروعا عربيا موحدا «شيعة وسنة» يقابل المشروع الكردي ويقف بوجه التمدد الكردي وهذا المشروع العربي ليس مشروعاً يبني علي أساس التعصب القومي أو إلغاء الأكراد بالعكس نحن مع الشعب الكردي ونحترم تضحياته من أجل العراق لكن للأسف المشهد السياسي الكردي تتداخل فيه قوي إقليمية تضر بالأكراد وبالشعب العراقي فالملف الكردي في العراق يستخدم لتصفية حسابات بعض دول الإقليم. وهل تري أن المشروع العربي يقدم حلاً للمشكلة الكردية؟ - إيران لديها ما يقارب 9 ملايين كردي وتركيا 23 مليونًا وسوريا 3 ملايين وفي رأيي لابد أن يتم التعامل مع القضية الكردية من خلال تشكيل لجنة محايدة عربية كردية تضع حداً لهذا التناحر الكبير وهذه اللجنة تتجاوز الإطارين المحلي والإقليمي ولابد من تدخل الجامعة العربية بجانب الدول التي يعنيها ملف الأكراد «سوريا وإيران وتركيا».