في الحلقة التليفزيونية التي قدمها هيكل يوم 1 ديسمبر 2005 بعنوان هيكل: تغيرات الشرق الأوسط، حكي الرجل فيها عن نفسه كثيرا، وكأنه هو الذي خلق الشرق الأوسط، وأنه لا يتجزأ من تغيرات الشرق الأوسط، وكنت أتمني عليه أن يعنون حلقته بتغيرات شخصية هيكل، إن رضي قبول التحدث عن نفسه كثيرا، ولم أقبل أبدا خلط نفسه بالأحداث التي لم يقتصر فيها علي مصر، بل جعل من نفسه محورًا للشرق الأوسط بطوله وعرضه.. ولا أدري كيف يتحمل الرجل نفسه، وهو يعيش بمثل هذه النرجسية العالية؟ وكّنا سنتفهم تفاصيل ما يحكيه عن نفسه، كوننا عرفنا سيكولوجيته، ولكن أن يجعل من نفسه اقنوما يتماشي مع متغيرات الشرق الأوسط.. فهذا أمر يخرج عن كل سياقات المؤلفين والصحفيين الذين عرفنا سيرهم! إن تعامل هيكل مع مفاهيم ومصطلحات كبيرة ليلصقها بنفسه كونه يقدم "أوراق اعتماد" أو تعتمد الناس علي ما يقدمه من "خطاب اعتماد".. هو خروج فاضح عن أدبيات المؤلفين والكتّاب والصحفيين.. حتي وإن شعر نفسه بأنه هو الأفضل في تشكيلة الصحفيين العالميين.. وهو ليس الأفضل حتي بالمقارنة مع غيره من كبار الصحفيين العرب والمصريين بالذات! دعونا نستكشف من جديد خبايا هذا الرجل الذي كّنا نتمني عليه أن يكون اكثر تواضعا مما هو عليه اليوم! قناة الجزيرة تتحمل المسئولية كاملة يبدأ حديثه بقوله: نحن هذه الليلة أمام مجموعة جديدة من تجربة حياة وفي واقع الأمر فقد كان في نيتي أن أترك مسافة بين المجموعات، لأنه كل مجموعة منها تشتمل علي مرحلة معينة من التجربة وفي الحلقات الماضية.. في المجموعة الماضية والتي بلغت واحد وعشرين حلقة تحدثت عن مرحلة وانتهت هذه المرحلة وكان في خيالي أو في تصوري لو أننا سوف ننتظر فترة شهورا حتي نعود ونستأنف، لكن أصدقاءنا في الجزيرة ألحوا وبشدة وكان لابد أن نستجيب وبالتالي فأنا بأعتذر إذا بدي الإلحاح شديدا والعجلة لا تنتظر، هذه الليلة.. (نص هيكل). لا أعتقد أبدا أن هيكل بمقدوره أن يترك مسافة بين المجموعات، كونه لا يستطيع أن يبقي ضمن موضوع محدد واحد ضمن الذي أسماه، أو أسموه له تليفزيونيا ب"تجربة حياة"، ولا أعرف ما سر العجلة، وكل عمل ترافقه العجلة، فإن نواقص وأخطاء ستلحق به ، مهما حاول صاحبها أن يعتذر ويقدم لنا فيها تبريراته، ونحن ندرك بما لا يقبل مجالا للشك أن المسئولية ستقع علي صاحب النص، ولن تكون أبدا مسئولية محطة الجزيرة التي كانت ولم تزل تطلب منه المزيد.. وإذا ما جاوبه الرجل بالنقد، فإن الجزيرة لا تتحمل مسئولية ما وقع فيه الرجل من أخطاء وتجاوزات، إلا في حالة واحدة أن تسمح لمن يجابه الرجل بما ارتكبه اذاعته، فالجزيرة هنا، تتحمل مسئوليتها الإعلامية والتاريخية في الذي يقدمه هيكل أو غيره علي شاشتها.. ولن تفعل الجزيرة أبدا أن أظهرت من يقول لها علي شاشتها إن هيكل يرتكب جملة هائلة من الأخطاء التي ستؤثر كثيرا علي تكوين جيل كامل من الذين سيعتمدونه في كل ما يقوله وتذيعه أو تبثه قناة الجزيرة.. والناس تعلم أن قناة الجزيرة تؤمن حسب ما تقول بالرأي والرأي الآخر، وهي تحرص في المقابلات التي تجريها مع غير هيكل بمثل هذا الأسلوب، فلماذا جعلت من هيكل وحيدا علي شاشتها في إلقاء ما يريد قوله، من دون أن تفسح المجال لغيره ألا يبادله الرأي حسب امام العالم، بل ليحاوره ويجادله في أفكاره، وينتقد معلوماته ومنهجه.. ليصغي العالم، ولو لمرة واحدة كيف يدافع هيكل عن نفسه، بدل استحواذه علي الشاشة لوحده أو هروبه من ميدان المواجهة أمام الملايين، ونحن نعلم والدنيا كلها تعلم (وبضمنها قناة الجزيرة الفضائية) كم غرقت مواد هيكل التليفزيونية بالأخطاء التاريخية والعلمية. أي أن الجزيرة تتحمل مسئولية إعلامية باستقطابها طرفا واحدا دون أي أطراف أخري، لا أقول توازيه في الذي يحمله من ثقافة، بل تتفوق عليه معرفيا وعلميا وحتي إعلاميا. والتفت إلي هيكل لأقول إنك تهرب من مواجهة الحقائق النقدية، بمعني أنك تصّر علي أخطائك التي لا يمكن إلا أن يعرفها ككل الناس.. إن المسألة، ليست هي العجلة وما يريده منك فلان أو علان، بل لأنك مصر علي خلط الأوراق دائما، فإن تاهت علي المشاهدين والمتابعين الكرام جملة هائلة من الأخطاء، فإنها لن تخفي علي المختصين والمؤرخين الموثوقين الذين صرفوا أعمارهم في البحث عن حقائق الأشياء. علامات وتحقيقات يتابع هيكل مشكلته قائلا: "هذه المجموعة التي أتحدث عنها في هذه الليلة تختلف اختلافا كبيرا جدا عن المجموعة السابقة والسبب واضح، المجموعة السابقة كان عنوانها علامات وكنت أتحدث عن مشهد أطل عليه جيلي ورأي عليه علامات وعرضت بعض هذه العلامات وعلي أي حال في قرابة نهاية هذه المرحلة كنت قد اقتربت بشكل أو آخر من الحياة السياسية التي كنت قد انتقلت إليها من التحقيقات ومن تغطية الحروب إلي آخره ولكن جاء هذه المرة أن أتحدث عن مرحلة تالية وهي مرحلة لم أكن فيها مجرد مراقب ولكن قضت الظروف وسوف أتحدث عن هذه الظروف فيما بعد أن أكون قريبا جدا إلي درجة أنني أستطيع أن أقول إنني عبرت الجدار الفاصل ما بين صحفي وما بين.. ما بين صحفي مراقب وما بين صحفي اقترب إلي درجة تمكنه من ملامسة الأشياء تقريبا .. " (نص هيكل). لم أجد أي فروق وأنا اتابع حلقاتك التي وصفتها ب"المجموعات"، أو أخري التي تريد تقديمها ك"تحقيقات". إنك لم تقدم علامات، والعلامات كما نعرفها من توصيفاتها هي مجرد رموز.. لم تقدم مجرد علامات، بل كنت قد اسهبت واطلت وشخصت وتحدثت طويلا عن أشياء لا تعد ولا تحصي، وبطبيعة الحال، إنك كلما تطيل وتسهب كعادتك، فإنك توقع نفسك في أخطاء، وتحاصر نفسك بمشكلات لا أول لها ولا آخر! لقد تحدثت عن أحداث وشخوص، وكأنك تعيش معهم ، وتلازمهم.. بل وسمحت أن تطلق أحكاما عليهم.. وقسم من تلك الأحكام جائرة لا تتفق وطبيعة الأحوال.. ولقد كشفنا في العديد من الحلقات النقدية السابقة، ما الذي تحدثت به عن رؤساء وملوك وشخصيات وساسة ليسوا من المصريين فقط، بل كانوا عربا وغير عرب.. وسمحت لنفسك أن توزع أحكاما ظالمة علي بعض منهم، وما كانوا لا من جيلك أبدا! فكيف تصف ذلك بمجرد علامات؟ وهل تعتقد أن الإنسان عندما يكون مسئولا أو معروفا باستطاعته أن يقدم مجرد علامات؟ وهل يقبل كل الذين يدركون معني المعرفة التاريخية مثل هذا الكلام الذي تريد أن تهرب من مشكلاته التي خلقتها بنفسك؟ الذاكرة التاريخية ليست أوراق اعتماد! يتابع هيكل مشكلاته قائلا: "في هذه المجموعة أنا بأعتقد أن أنا مطالب بأن أقدم ما يمكن أن يكون أو ما يمكن أن يشبه أوراق اعتماد، لأنه في الفترة الماضية.. الفترة التي سوف أتكلم عنها في هذه اللحظة أو في بداية هذه الحلقات.. فترة كتب عنها في الخمسين سنة الماضية كثيرون جدا، كتابات كانت كثيرة جدا كتب مؤرخون وكَتب صحفيون وكَتب حتي مشايخ والنتيجة.. وكتب فيها.. ما حدش في كل اللي كتبوا وكل اللي تكلموا وأنا مقدر الجهود اللي بذلها بعضهم وعارف إيه اللي ممكن تكون أوجه القصور في كل اللي واجهوه، لكنه اللي أنا كان مرات بيحز في نفسي إنه ما حدش.. نحن اتبعنا منطق اتبعناه في حاجات كثيرة جدا في حياتنا وهو النقل، بمعني إنه نحن نقلنا ونحن قلنا وفلان قال وفلان عاد وفيما روي فلان والناس حكت حكايات كثيرة جدا أقرب إلي الذكريات منها إلي ذاكرة محددة وذاكرة واضحة، ذاكرة لا تبدأ زي ما عملنا في أشياء كثيرة في حياتنا وصلنا في النهاية إلي.. فيه حاجات أنا باحترمها وبأقدرها وبأفهم دوافعها.. " (نص هيكل). نعم، الذاكرة التاريخية ليست أوراق اعتماد يمتلكها شخص واحد! ولماذا استخدمت مثل هذا "التعبير" الذي يوحي للناس بأنك المعتمد السامي لتاريخ العرب الحديث؟ ما الذي تريد أن تقوله للناس؟ إنك لا تقدم إلا أوراق اعتماد لتاريخنا المعاصر الذي أجده مهلهلا ومختلطا وبلا منهج ولا حيادية ولا موضوعية البتة ؟ من نصبك سفيرا لتاريخنا المعاصر والحديث برمته ، كي تقدم أوراق اعتماد لهذا التاريخ وانت تتحدث عن نفسك فقط؟ من يجرؤ من كل أولئك الذين أفنوا أعمارهم في الدرس ومعرفة التاريخ ان يطلق علي نفسه انه يقدم (أوراق اعتماد)؟ هل وصل الأمر عندك إلي أن تصف نفسك بهذا الوصف الاحادي والذي اوصلت نفسك إلي اقصي نرجسية، والاعجاب بالذات.. والذي لم يفعلها غيرك ابدا؟ ثمة عمالقة في الادب والنقد والتاريخ والرواية والفلسفة.. ظهروا في مصر علي امتداد القرن العشرين، لم تصل نرجسية أي واحد منهم إلي عُشر معشار ما لك من نرجسية واعجاب بالذات.. رحم الله أولئك الرجال الأفذاذ الذين أفادوا حياتنا الثقافية ومعارفنا الاكاديمية ومؤسساتنا الاجتماعية، ولكنهم جميعا كانوا بالرغم من قوتهم وروعة بيانهم واتساع معلوماتهم وسلاسة اسلوبهم وتعدد مناهجهم.. من اكثر الناس تواضعا والتزاما بالموضوع دون أي تهريج، ودون أي تسويق ودون أي تنطع واستعراض عضلات! فهل نصب الدكتور طه حسين نفسه عميدا للأدب العربي أم نصبه المجتمع؟ وهل سّمت السيدة ام كلثوم نفسها ب"كوكب الشرق"، أم اسماها المجتمع بذلك؟ وهل اطلق أحمد شوقي علي نفسه "أمير الشعراء"، أم اجمع كل الشعراء في المجتمع علي ذلك؟ وهل هذا جري لشاعر القطرين خليل مطران؟ أو جري لعميد الصحافة العربية محمد التابعي؟ أو جري لشاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري؟ أو جري لشاعر النيل حافظ إبراهيم؟ وغيرهم كثير من الذين لم يروّجوا لأنفسهم القابا وتسميات؟ واعتقد أن أوراق اعتمادك سفيرا لتاريخنا المعاصر قد تمزقت ان كان لها أي وجود، بمجرد الهذيان الذي اعتاده الناس.. واذا كان الناس في الماضي يتابعونك كاتبا أوهمت العباد بكتبك العديدة، وكانت مادة دسمة للتفكيك، فلقد أسأت إلي نفسك كثيرا في أحاديثك التليفزيونية التي كشفت من خلالها علي بضاعتك! الوهم: خطاب اعتماد معتمد سامي يتابع هيكل قائلا: "لكن نحن وصلنا من سفور إلي حجاب إلي نقاب وقد يكون هذا مفهوماً في حالة البشر والأفراد، لكن الحقيقة لا ينبغي أن يكون لا عليها لا حجاب ولا نقاب ولا ستار من أي نوع، لكن الوصول للحقيقة يقتضي جهدا أكبر ويقتضي معرفة أكثر وأنا بأقول هذا وأنا برضه عارف إنه ناس كثير جدا عندها عذر لأنه كان في حاجات كثيرة جدا يمكن لم يطلعوا عليها، أيضا في مراجعة ما جري في التجربة اللي فاتت الأهواء استبدت والحاجة.. لم تحدث في أي سابقة أخري إنه نحن أمام تجربة واحدة خمسين سنة، نظام واحد خمسين سنة، لكنه شهد ثلاثة عصور وتقريبا كل عصر منها بذل جهدا كبيرا في أن ينافس العصر.. الجزء السابق من نفس العصر وأن.. أكثر من ينافسه، مش بس ينافسه، ينافسه ويقلل من شأنه ويكاد يكون يهدمه أحيانا، ناسين أننا بهذا نهدم شرعية حقبة بحالها، بمعني أنه الحقب التاريخية يمكن أن تصحح ويمكن أن تراجع، لكنه لابد ونحن نفعل ذلك أن ندرك تماما أنه في ذاكرة وطنية وذاكرة قومية لابد أن تُحتَرم وبالتالي فأنا في هذه الحلقة سوف أستأذن في أن أجعلها تقريبا خطاب اعتماد، ما الذي يسمح لي أن أجلس هنا وأن أتكلم بثقة وأن أقول والله هذه محاولة ليست لعرض الحقيقة ولكن علي أقل تقدير لمقاربة الحقيقة من موقع رجل رأي وسمع وهذا أظن كثيراً جدا بيسلموا لي به ثم من موقع أيضا شيء تعززه شهادات مكتوبة في وقتها وليست مؤلفة فيما بعدها؟ هابتدي أقول أولا أنا كيف جئت إلي الاقتراب من هذا المشهد .. (نص هيكل) . أريد أن استفهم فقط عن فحوي مثل هذا الكلام الذي لا معني له أبدا! ما دخل السفور والحجاب والنقاب في خمسين سنة؟ ما معني ان هناك ثلاثة عصور في الخمسين سنة؟ ما تعريف العصر عند هيكل؟ هل هو كم سنة معدودة؟ هل هو عهد سياسي؟ كم تمنيت علي الرجل مذ فككت نصوصه قبل سنوات طوال أن يقرأ معاني المصطلحات التي يستخدمها؟ أو علي الأقل يقرأ تعاريفها المختصرة حتي لا يقع في المحظور؟ كم تمنيت عليه ألا يخلط الأشياء بعضها بالآخر؟ ماذا يقصد بالنظام الواحد خلال خمسين سنة؟ هل يقصد النظام السياسي في مصر؟ بدليل استخدامه ثلاثة عصور، ويقصد بها عصر عبد الناصر وعصر السادات وعصر مبارك! وبدل العصر كان عليه استخدام العهد ، فالعصر التاريخي يمتد لقرابة 300 سنة، في حين العهد السياسي يغطي زمن حكم زعيم معين أو أسرة حاكمة! نعم، لقد كنت قد نبهت هيكل إلي هذه "المسألة"، ولكن يبدو أن الرجل إما مصّر علي أخطائه، ام أنه لا يعترف بتصويبات غيره له.. فيبقي ينتقل من حفرة إلي أخري من دون أن يداوي جروحه وقروحه! وتستخدم مصطلح "الحقب التاريخية"، ولا تعرف ما معني الحقبة، وكم تساوي من الأزمان يا هيكل.. إن كنت جادا في معالجة التاريخ ، فعليك أن تتسلح بأسلحة المؤرخين، فما تذيعه علي الناس سيأخذونه ومن ثم يستخدمونه وتكون قد ارتكبت إثما كبيرًا.. أن أخطاءك ستنتقل إلي الآخرين، باعتبارك (حجة) في التاريخ.. ولم يعلموا انك تستخدم المصطلحات استخداما خاطئا! وكيف تتحدث بهدم الشرعية.. وكل عهد له خصائصه السياسية وظروفه التاريخية؟ من هدم شرعية الآخر؟ لم تزل الرموز وطنية .. ونحن نعرف من هدم الشرعية يا هيكل.. ومن خان الأمانة؟ الصراحة مفتقدة وعليه، فينبغي ان تتحدث بصراحة من دون ألغاز ومن دون اياك اعني! تريد ان تحتفظ بذاكرة وطنية وذاكرة قومية.. ولا ندري لماذا تطالب باحترامها؟ هل هي غير محترمة أصلا؟ ولماذا اصبح الجيل الجديد لا يحترم ذاكرته القومية مثلا في العديد من البيئات العربية؟ وتخرج علينا الآن، وبهذه "الحلقة" التي تريد جعلها "خطاب اعتماد"! لمن هذا "الخطاب"؟ ولماذا مثل هذا التعبير الرسمي الذي تستخدمه؟ لقد وجدنا كم هي رؤيتك مقصورة وانت تدّعي شهادتك علي الاحداث! وكم وجدنا انك تتحدث عن اشياء لم تحدث اصلا؟ وكم وجدنا كم تختلق روايات علي مزاجك؟ وكم تختلق اقاويل وتضعها بأفواه اصحابها الميتين، وهم براء من ذلك..؟؟ أي خطاب اعتماد هذا الذي تريد تسويقه بعقول الناس، وانت تلعب بهم ذات اليمين وذات الشمال؟ أي خطاب اعتماد يا هيكل ونحن نري الاخطاء تتري من دون أن تصحح لا منهجك، ولا مصطلحاتك، ولا خطتك في اختلاق الأقوال، ولا حتي أسلوبك في أن تكون متواضعا؟ أن المؤلفين هم اصدق منك لأنهم يجمعون كل الروايات ويتدارسونها، ليخرجوا علي العالم بمؤلفاتهم من دون أن يكونوا شهود زور.. ومن دون أن ينطلقوا من زاوية محددة، ليكرسوا جهودهم واضحة للملأ. فهل يحق لك أن تسمي هذه "الحلقة" أو غيرها من حلقاتك ب"خطاب اعتماد"؟؟ خطاب اعتماد تعلله بقولك: "لأنه.. من مشهد ما جري في يوليو.. لأنه كان ممكن جدا لو أن طريقي المهني مشي كما كان مقدرا له كان ممكن جدا تيجي الحوادث وأنا موجود بره، لأنه في هذه الفترة أنا كنت المراسل المتجول لأخبار اليوم، لكنه حصل تغيير في الشرق الأوسط وفي أوروبا.. (نص هيكل). أن طريقك المهني مشي في طريق سياسي معروف عند القاصي والداني، ولكنه لم يكن طريق منهج، ولا طريق موضوع، ولا طريق علم ومعرفة، ولا طريق كتابة سليمة! إن وجودك في الداخل قد منحك مزيدا من المعلومات التي لم تستطع كتابتها بأمانة وحيادية ومنهجية عالية.. لقد كنت مراسلا صحفيا ناجحا، ولكن غدوت مؤلفا فاشلا، ويا للأسف الشديد.. لنري ما حجم تأثير ذلك التغيير الذي حصل في الشرق الأوسط وفي أوروبا.. حتي يجعل منك اسطورة كما تتوهم! ثمة حاجة غريبة تحدث لهيكل عام 1949 كما يقول، تدعونا نستكشفها بانوراميا عنه في الحلقة القادمة بحول الله.. فما الذي سيغدو عليه علي مدي أكثر من ستين سنة؟