3 مرات زرت فيها دار الإفتاء، ليس لطلب فتوى أو استشارة، ولكن للحصول على سبق صحفى بإجراء حوار مع فضيلة المفتى الجديد د. شوقى عبد الكريم علام، ولأن فضيلة الدكتور لم يتقلد منصبه رسمياً، فقد آثرت تأجيل الحوار لحين عودته للقاهرة فى 3 مارس القادم. ومع ذلك فلم نخرج من المولد بلا حمص - إذا صح هذا المثل فى هذا المقام - حيث استطعنا خلال الزيارات الثلاث الحصول على مادة صحفية يمكن اعتبارها جولة فى فكر الرجل القادم من الدلنجات بحيرة، والذى سيتولى بعد أيام قليلة مسئولية دار الإفتاء المصرية، ليكون خير خلف لخير سلف بإذن الله تعالى. قال إنه لا يعرف إلا طريق الرسول الكريم، وأصحابه الأخيار الأطهار والتابعين، وتابعى التابعين، وأخص بالذكر الإمام مالك الذى أدين له بالفضل فى الققه والاستنباط، وقال إنه يعتنق مذهبه الفقهى إيماناً منه ببراعته فى الاستنباط وفقه الواقع، وإنه إمام الوسطية والاعتدال وأهل السُنّة والجماعة. وفى تصريحات أخرى قال لزملائه أعضاء هيئة تدريس كلية الشريعة بطنطا إن الأمانة ثقيلة والمسئولية صعبة، وتوجد قضايا رأى عام ووقفة مع النفس ومراجعة كل الملفات المثارة حالياً مع الأمانة العامة والهيئات الاستشارية وأنه لا ينتمى لأى تيار سياسى ولن ينحاز إلا لخدمة الإسلام والحق وعموم المسلمين وخاصتهم. يذكر أن د. محمد الحفناوى الأستاذ بجامعة الأزهر والصديق الصدوق للدكتور علام قد قال صراحة إن مفتى الديار المصرية الجديد مشهود له بالكفاءة المهنية وجدية البحث والتمحيص وفقه الاستدلال ودراسة الواقع، واستنباط الأحكام، وله دراسات متعمقة فى أصول الفقه وحسم المسائل الخلافية والقضاء، وقضايا المرأة، كما أنه وسطى المنهج، محمدى الخلق، أزهرى الدراسة، مالكى المذهب، كما أنه عاشق للإمام مالك لا يعرف إلا طريق الوسطية سبيلا. سر إجماع هيئة كبار العلماء للدكتور علام كشف عضو هيئة كبار العلماء وأحد المشاركين فى اختيار المفتى الجديد أن إجماع الأعضاء للدكتور شوقى علام لم يكن لسواد عيونه، كما يردد بعض المغرضين الآن ولكن لعلمه الغزير والواسع، ودماثة خلقه، وسيره على نهج النبى محمد بوصفه رجلاً قرآنى المنهج، محمدى الخلق. وأضاف المصدر الذى رفض ذكر اسمه أن اختيار د. علام جاء بالاقتراع السرى المباشر، وبشفافية كاملة بعيداً عن الشللية والمحسوبية وإن كان - كما ألمح المصدر - أن 3 من أعضاء الهيئة كان لهم اتجاه آخر وقرروا تشكيل جبهة مناوئة لإنجاح مرشح بعينه، ولم يعترض فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر على هذا التصرف، وقال: إن كل واحد حُر فى اختياره، وأن الصوت أمانة، والمهم هو استقلال الأزهر ومصلحة مصر. وفى ذات السياق قال د. محمد الشحات الجندى أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية إن اختيار المفتى الجديد جاء بعد دراسة متأنية حيث تبين من خلال البحث أن الرجل شخصية متزنة معروفة الاستقامة النفسية والخلقية وقبول الآخر لها ثقلها البحثى والعلمى، وله دراسات متعمقة فى الفقه واستنباط الواقع، وقضايا المرأة والتوفيق بين المذاهب وبالتالى فالاختيار جاء بطريقة ديمقراطية تعتمد على مبدأ الشورى كما حظى د. علام بقبول كل الأطراف. المفتى رقم 19 يعيش فى جلباب الخرافى وينهل من علم النواوى وعبده ومخلوف تاريخ دار الإفتاء المصرية يقول إن د.شوقى إبراهيم عبد الكريم علاّم هو المفتى رقم 19 فيمن تقلد المنصب من العلماء، وتاريخ الدار بدأ فى عام 1895 عندما أصدر الخديو عباس حلمى قراراً بإنشاء دار الإفتار لتكون هيئة مستقلة عن وزارة الحقانية - العدل حاليا -. وكان أول مفت للدار هو الإمام محمد عبده صاحب المقولة الشهيرة: ذهبت إلى الغرب فوجدت إسلاماً ولم أر مسلمين وعشت فى الشرق فرأيت مسلمين ولم أر إسلاماً. وكان الشيخ عبد القادر الرافعى - وهو المفتى الثانى - أقصر من تولى المنصب لو فاته بعد ثلاثة أيام من توليه المسئولية. ومن أشهر المفتين الشيخ المطيعى والشيخ البرديسى والشيخ قراعة والشيخ عبدالمجيد سليم والشيخ مخلوف والذى تولى مشيخة الأزهر بعد الشيخ سليم ثم جاء الشيخ عبداللطيف حمزة والشيخ جاد الحق على جاد الحق، ود.محمد سيد طنطاوى ود. نصر فريد واصل ود. أحمد الطيب الذى أصبح ولايزال شيخاً للأزهر ثم د. على جمعة الذى شغل الناس وملأ الأرض علماً ورياً.. وكانت المفاجأة التى اكتشفتها «أكتوبر» أن المفتى الجديد تأثر بالشيخ الخرافى تلميذ الإمام مالك فى بلاد المغرب. يذكر أن منصب مفتى الديار المصرية من أكبر المناصب الدينية فى مصر والعالم العربى والإسلامى، وكان أول من أطلق اللقب على علماء الأزهر هم أمراء العصر المملوكى أمثال البرقوقى، والناصر بن قلاوون، أما أول من حاز على اللقب فكان الإمام المهدى العباسى الصغير حفيد المهدى العباسى الكبير، والعباسى الصغير هو أول من جمع بين منصبى الإفتاء ومشيخة الأزهر. اللافت للنظر أن د. علام تأثر - كما قالت مصادر خاصة لأكتوبر - بالإمام الخرافى والنواوى ومحمد عبده وحسنين مخلوف، وباقى الأئمة العظام. 18 ساعة عمل ل الدكتور على جمعة فهل يقدر عليها د.علام؟ كشفت مصادر مقربة من د. على جمعة أنه كان يعمل 18 ساعة يومياً وأن فترات الراحة الحقيقية بالنسبة له كانت أثناء ذهابه وإيابه من دار الإفتاء للمنزل، حيث كان يغالبه النوم على فترات متقطعة بل كان «يفرك» فى عينيه كثيراً من شدة الإرهاق محتسباً ذلك عند الله تعالى. وأشارت المصادر إلى أن فضيلته كان ولايزال يذهب للدار يومياً الساعة الثامنة صباحاً قبل الموظفين، ويظل بها حتى الساعات الأخيرة من الليل، وكان يوزع وقته ما بين مراجعة الفتاوى المصيرية، والاستشارات الدينية والمقابلات الداخلية والخارجية. ولانشغاله بأمور المسلمين ونشر تعاليم الدين الصحيح من خلال الفتاوى، وتحقيق الكتب، كان يرفض السفر للخارج إلا فى حالات الضرورة القصوى، لدرجة أنه أوفد كلاً من المستشار الإعلامى د. إبراهيم نجم والمستشار الأكاديمى د. مجدى عاشور إلى السعودية لتأكيد العلاقة الوثيقة بين مصر والسعودية إثر الوقيعة التى حدثت بين الشعبين بعد إلقاء القبض على الناشط السياسى أحمد الجيزاوى. الطريف أن د. على جمعة كان يتناول فطوره وغداءه، كما قالت المصادر فى مبنى الإفتاء. أزمة متوقعة بين المفتى الجديد والشيخ شعبان وأبو إسلام لأن المفتى الجديد ينتمى إلى تيار الإسلام المعتدل الذى تربى عليه فى الأزهر الشريف بعيداً عن اليمين المتطرف فمن المتوقع كما يقول بعض مشايخ الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء أن يتعرض د. شوقى علام إلى ضغوط كبيرة وهجوم حاد من التيارات المناوئة التى تؤمن بتطبيق النص حرفياً بعيداً عن الاجتهاد وإعمال العقل بفقه الواقع. ولتلافى هذا الصدام طالب الشيخ أحمد جندية أحد أبناء الأزهر الشريف بإنشاء إدارة متخصصة للفتوى فى كل مدينة أو مركز تكون مسئولة عن إصدار الفتاوى، ويتم اختيار أعضائها بمعرفة دار الإفتاء وإشراف فضيلة الأستاذ الدكتور مفتى الديار المصرية، ولا يعتد بأية فتاوى أخرى، وطالب جندية بصهر الجمعية الشرعية والدعوة السلفية والوعظ والإرشاد فى بوتقة الأزهر لتوحيد الفتاوى الدينية. والهدف من تلك الإدارة هو التواصل مع أبناء المركز أو المدينة وشرح الدين الصحيح، وتقديم الفتاوى الصائبة، وقطع الطريق على أصحاب الآراء المتشددة، وتغليظ العقوبة على كل من يمارس دور الفتيا. وفى المقابل طالب جندية بملاحقة مشايخ التكفير والقتل الذين كرّهوا الناس فى الإسلام، وساهموا بشكل فاعل فى تشويه صورة الإسلام السمحة. يذكر أن مشايخ أمثال محمود شعبان وأبوإسلام وأبو الأشبال وعبدالله بدر قد أصدروا فتاوى وأحكاماً تجيز القتل والتكفير لأعضاء جبهة الإنقاذ مما أثار ردود فعل واسعة. دار الإفتاء مؤسسة دينية تتكلم بكل لغات العالم ولعل أعظم مما يحسب للعالم الجليل د.على جمعة أنه انتقل بدار الإفتاء المصرية من المحلية للعالمية ويرجع الفضل فى هذا الجانب للدكتور إبراهيم نجم المستشار الإعلامى لمفتى الديار المصرية والذى نجح مع مجموعة من المخلصين فى تشكيل فرق عمل للتواصل مع العالم الخارجى بكل لغات العالم، وإنشاء قسم للترجمة مهمته تلقى وترجمة الفتاوى بكل اللغات لنشرها على موقع الدار. ومن خلال المركز الإعلامى نجح د.إبراهيم مع مجموعة من الشباب على رأسهم هانى ضوّة فى توفير مواد إعلامية باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية والتركية والأردية ولغة الملايو. وللتواصل مع الغرب أعلنت دار الإفتاء عن بدء حملة كبيرة للرد على الإساءات الموجهة للإسلام ونبى الإسلام، وإعداد دليل إرشادى للصحفيين والمراسلين الأجانب لتعريفهم بمبادئ الإسلام السمحة. وعقب أحداث الفيلم المسىء للرسول أعطت دار الإفتاء المصرية ممثلة فى د.إبراهيم نجم المستشار الإعلامى لفضيلة المفتى دورة تدريبية لعدد من الطلبة الألمان حول الإسلام والشريعة الإسلامية. وبعد تدشين حملة دار الإفتاء للتعريف بالنبى محمد بلغ عدد من تفاعلوا مع الحملة أكثر من 6 ملايين عضو، بعدها طالبت دار الإفتاء المصرية المجتمع الدولى، ومنظمة الأممالمتحدة بإصدار قرار دولى حاسم لتجريم ازدراء الأديان والإساءة للأنبياء والمرسلين وهو ما حدث بالفعل فى سابقة لم تحدث من قبل. حكاية امرأة بكت على الشيخ على جمعة أم أيمن امرأة طاعنة فى السن، مات زوجها منذ زمن بعيد، وترك لها طفلاً وحيداً ذاقت معه مرارة الذل والفقر، عندما اشتد عوده طلب منها السفر للقاهرة للبحث عن فرصة عمل أو حياة أفضل بدلاً من الفقر والجهل والمرض الذى يعانى منه أبناء أسيوط - المحافظة التى تنتمى إليها أم أيمن- وباقى محافظات الصعيد الجوانى. تقول أم أيمن مرت سنوات وسنوات وزوجت ابنى الوحيد «أيمن» وكانت ليلة، ولكن يا فرحة ما تمت فبعد 10 سنوات مات ولدى الوحيد فى حادث سيارة وترك لى ثلاثة أطفال لا حول لهم ولا قوة، وزوجة شابة لا تملك من أمر نفسها شيئاً. تابعت عندما ضاق بى الحال «قلت يا رب» فدلنى أولاد الحلال على د. على جمعة، وللحق فلم أكن أعرفه حتى رأيت رجلاً بشوشاً فى التليفزيون يوصى الناس «اللى معاهم فلوس» بالأيتام والفقراء والمساكين فقررت الذهاب إليه. ولأننى - والكلام على لسان أم أيمن - لم أكن أعرف دار الإفتاء أو المشيخة جئت مع إحدى جيرانى أول مرة منذ سنوات، وكنا نحصل معاً على بركة د. جمعة تارة.. وبركة الشيخ طنطاوى - الله يرحمه - تارة أخرى. تتذكر أم أيمن أنه فى أول مرة حصلت فيها على «نفحة» الشيخ جمعة، رفعت يدها أمام السيارة، فتوقف السائق، وفتح الشيخ الشباك، وقبل أن أتكلم أعطانى الشيخ مما أعطاه الله من فضله، وكان يطلب منى الدعاء مع أننى على حالى هذا لا أساوى عند الله جناح بعوضة. تبكى أم أيمن قائلة كنت آتى إلى هنا إذا عجزت عن دفع فاتورة «الميه» أو الكهرباء، كنت آتى إلى هنا، وكلى ثقة أن الشيخ لن يردنى مكسوفة أو مكسورة الخاطر.. كان يعطينا من جيبه الخاص وهو لا يعرفنا الآن سيرحل الشيخ جمعة.. فمن لنا بعده غير الله. اجتماع ثنائى بين المفتى الحالى والقادم لبحث ملفات متهمى بورسعيد علمت «أكتوبر» أن اجتماعاً ثنائياً سيعقد هذا الأسبوع بين د. على جمعة مفتى الديار الحالى ود. شوقى علام مفتى الديار الجديد لبحث ملفات ال 21 متهما الذين أحالت محكمة الجنايات أوراقهم للمفتى مؤخراً وذلك قبل النطق بالحكم النهائى فى 9 مارس القادم. وأشارت المصادر إلى أن ملف مجزرة بورسعيد يعد من أخطر الملفات التى تنتظر المفتى الجديد، ولذلك آثر د. على جمعة أن يؤدى الأمانة ويجتمع بالدكتور شوقى علام ليتباحثا معاً فى المراحل المنوطة بالقضية المتمثلة فى مرحلة الإحالة والدراسة، والتأصيل، واستنباط أحكام الفقهاء القدامى فى مثل هذه القضايا المعاصرة. وتاريخ دار الإفتاء يشهد بأنه ليس كل القضايا التى تتم إحالتها لفضيلة المفتى يصدر فيها حكم بالإعدام، حيث رفض د.على جمعة حالات كثيرة، وكان أشهرها واقعة أحد المتهمين، الذى حكمت عليه الجنايات بالإعدام، ورفض د. جمعة الحكم وذلك بعد أن قدم والد المجنى عليه إقراراً موثقاً فى الشهر العقارى يفيد أن المتهمين المقدمين للمحاكمة ليسوا هم الجناة الحقيقيين.