بات في حكم المتفق عليه أن الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية لن يحمل هذا اللقب اعتباراً من منتصف شهر مارس المقبل. تحديداً في يوم العشرين تقريباً من هذا الشهر الذي سيبلغ فيه الشيخ سن التقاعد وهو 60 عاماً. مع ذلك وطبقاً لمصادر داخل مشيخة الأزهر وحتي دار الافتاء فإن فرص الدكتور علي جمعة ضعيفة في البقاء في دار الافتاء باقية ولو بنسبة 20% بالتمديد له عاماً آخر. في كل الأحوال هناك تحركات وتحركات مضادة في مسألة "تغيير المفتي" بآخر. مصادر داخل المؤسسة الدينية التي يترأسها نظرياً الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر قالت إن الإمام الأكبر قام بتشكيل لجنة سرية للنظر في مصير الدكتور علي جمعة علي رئاسة دار الافتاء ولأن الأمر سري للغاية هناك تكتم علي أسماء أعضاء هذه اللجنة وهناك نزر يسير عما يرشح من معلومات حول هذه المسألة. قانوناً تتبع دار الافتاء وزارة العدل لكن العرف السائد حتي قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة أن شيخ الأزهر يتدخل بشكل أو بآخر في تحديد اسم المفتي وكذلك وزير الأوقاف د. محمد القوصي رغم أن الأخير يتبع السلطة التنفيذية الحكومة. النقطة الأضعف في موقف الدكتور علي جمعة وهو محب للأضواء علاقته السابقة بشيخ الأزهر فالدكتور الطيب لا ينسي بالطبع أن جمعة كان طامحاً في مشيخة الأزهر "إبان عهد الرئيس السابق" حسني مبارك. عموماً لا يمكن الجزم بشيء قاطع في هذه المسألة وعلينا الانتظار قليلاً لما ستسفر عنه التحركات والتحركات المضادة. ويرجع تاريخ انشاء دار الافتاء المصرية إلي نوفمبر عام 1895 بالأمر الصادر من خديوي مصر عباس حلمي الثاني لذا فانها تعد من أولي دور الافتاء في العالم الاسلامي. تتابع علي منصب مفتي الديار المصرية حتي الآن 18 مفتيا وهم بترتيب تولي المنصب أولا الشيخ حسونة النواوي ثم تتالي من بعده الشيخ محمد عبده والشيخ بكري الصدفي والشيخ محمد بخيت المطيعي. والشيخ محمد إسماعيل البرديسي. فالشيخ عبدالرحمن قراعة. ثم الشيخ عبدالمجيد سليم. والشيخ حسنين محمد مخلوف. ثم الشيخ علاء نصار. فالشيخ حسن مأمون. ثم الشيخ أحمد محمد عبدالعال هريدي. فالشيخ محمد خاطر محمد الشيخ. ثم الشيخ جاد الحق علي جاد الحق. والشيخ عبداللطيف عبدالغني حمزة. . فالشيخ محمد سيد طنطاوي. ثم الشيخ نصر فريد واصل. فالشيخ أحمد الطيب. وآخرهم الشيخ علي جمعة وهو مفتي الجمهورية حتي اليوم. تضم دار الافتاح خمس إدارات هي إدارة أمانة الفتوي وهي التي تقوم باصدار الفتاوي والرد علي أسئلة المسلمين ثم إدارة الأبحاث الشرعية التي ترعي الأبحاث الفقهية وإدارة التدريب التي تقوم بتدريب المبعوثين إليها للتدريب علي أعمال الافتاء فنيا وإداريا وإدارة الترجمة وهي التي تقوم بترجمة جميع الفتاوي للغات شتي كي يستفيد منها المسلمون في كل مكان في العالم. كما تقوم الدار باستطلاع الأهلة لتحديد أول وآخر كل شهر عربي عن طريق لجان مخصصة لهذا الغرض بالتعاون مع مرصد حلوان وأقسام الفلك بجامعة القاهرة والأزهر الشريف. أصدرت دار الافتاء 22 مجلدا تحوي آلاف الفتاوي التي صدرت عن الدار منذ بداية انشائها توزع مجانا علي دور المحاكم ليستعين بها القضاة فيما يعرض عليهم من قضايا تستوجب الرأي الشرعي.. كما توزع علي المؤسسات العلمية التي يحتاج عملها معرفة الأحكام الدينية الصحيحة لبعض القضايا المثارة. ولا ننسي لدار الافتاء دورها الهام في بيان الحكم الشرعي فيما يرد إليها من قضايا محكمة الجنايات الخاصة بعقوبة الاعدام.. فهي تدرس القضية ثم تبدي رأيها وفق الشريعة والأدلة التي تسوقها أوراق الدعوي. لم تقف دار الافتاء يوما جامدة أمام ما طال عالمنا الحديث من تطور خاصة في وسائل الاتصالات فواكبت التطور التكنولوجي واضطلعت بمهام الجسام علي أكمل وجه. ولمن يتولي منصب المفتي شروط يجب أن تتوافر فيه وهي أن يكون مسلما عاقلا بالغا عالما متخصصا دارسا الفقه وأصوله وقواعده ملما بالواقع المعيش عادلا مجتهدا يستطيع استنباط الحكم الشرعي من الأدلة المعتبرة ويستطيع بقريحته الجيدة ان يكثر الاصابة فيما تعرض له من مسائل.. وفطنا ومتيقظا بعيد عن الغفلة. ولا يشترط في المفتي الذكورة حيث من الجائز أن تتولي المرأة منصب المفتي.. كما لا يشترط فيه الحرية والنطق والبصر. تولي الدكتور علي جمعة منصب مفتي الجمهورية منذ عام 2003 وحتي الآن وفي مارس القادم تنتهي فترة توليه دار الافتاء لبلوغه السن القانونية.. وكان قد تردد أن اللجنة المشكلة من هيئة كبار العلماء بالأزهر قامت باختيار أحد علماء الأزهر ليشغل منصب مفتي الجمهورية الجديد ولكن الدكتور حسن الشافعي رئيس المكتب الفني لشيخ الأزهر نفي ذلك مؤكدا ان اللجنة عقدت اجتماعا واحدا ناقشت علي اساسه البدء في اختيار الهيئة من كبار علماء الأزهر فقط دون مناقشة أي موضوعات أخري مشددا علي الالتزام بما جاء في القانون والذي نص علي ترشيح الهيئة لأحد العلماء لتولي منصب الافتاء حال خلوه وأن يكون رأيها في ذلك استشاريا وليس الزاميا.