يتطلع العراقيون باهتمام بالغ إلى انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان العراقي في الدورة السادسة الجديدة، غدا الاثنين، على خلفية الانتخابات التشريعية التي جرت في البلاد في 11 من الشهر الماضي وأظهرت نسبة مشاركة شعبية تجاوزت 56% من الناخبين. ويتحتم على القوى السياسية العراقية البارزة السنية والشيعية والكردية إعلان تسمية مرشحيها لشغل مناصب رئيس البرلمان ونائبيه قبيل عقد أولى جلسات البرلمان ظهر غد التي تم الإعلان عنها وتخصص لأداء اليمين والقانونية وانتخاب هيئة رئاسة البرلمان. ومازالت الأطراف السياسية في العراق، حتى منتصف نهار اليوم الأحد، عاجزة عن تسمية مرشحيها لرئاسة البرلمان ونائبيه وهو مؤشر خطير سبق لمجلس القضاء الأعلى في العراق أن حذر منه وألزم جميع القوى السياسية بحتمية دخول قبلة البرلمان وحسم انتخاب هيئة الرئاسة في الجلسة الأولى، وأن أية محاولة لتأجيل جلسة البرلمان الأولى أو تمديدها تعد مخالفة صريحة للدستور العراقي ولا تستند إلى أي غطاء قانوني. وحسب التوقيتات الدستورية لمهلة عقد جلسة البرلمان الأولى وانتخاب الهيئة الرئاسية، سيكون أمام البرلمان 15 يوما لحسم هذا الملف وسيكون رئيس السن في البرلمان هو من يدير وقائع الجلسات لحين انتخاب رئيس ونائبين ضمن المهلة الدستورية. وخلال الساعات ال24 المقبلة، ستكون الأحزاب والكتل الكيانات السنية الممثلة في "المجلس السياسي السني" مسئولة عن تقديم مرشحهم لرئاسة الدورة السادسة للبرلمان العراقي، وكذلك الحال بالنسبة لقوى "الإطار التنسيقي الشيعي" لتسمية المرشح لمنصب النائب الأول لرئيس البرلمان والأمر ينطبق على القوى والأحزاب الكردية لتسمية المرشح لشغل منصب النائب الثاني لرئيس البرلمان. ويبدو أن الخلافات داخل أروقة البيوتات السنية والشيعية والكردية مازالت عاصفة؛ مما يعني أن حسم مناصب هيئة رئاسة البرلمان ربما ستؤجل الى مايعرف ب"قرارات اللحظة الأخيرة"، وهو اصطلاح تكرر استخدامه في الاستحقاقات الدستورية بعد كل عملية انتخابية؛ مما يجعل الولادة عسيرة للاستحقاقات الدستورية بعد كل عملية انتخابية. ورغم أن الشارع العراقي قدم عملية انتخابية ناجحة بنسبة مشاركة تجاوزت 56% إلا أن الأطراف السياسية لم تتعامل مع هذا الإقبال الجماهيري نحو صناديق الاقتراع بمستوى المسؤولية وتلبية خيارات الناخبين وفق نتائج الانتخابات وذهبت باتجاه عملية سياسية تقوم على أساس خيارات ورغبات قادة الكتل السياسية وليس ما أفرزته نتائج الإنتخابات. وقال فؤاد الجبوري، 48عاما، موظف حكومي: "ترتكز الانتخابات في كل دول العالم على قاعدة الفوز والخسارة لكل الأطراف السياسية المتنافسة ، وبالتالي الفائزون هم من يتصدون للمشهد وتشكيل العملية ويذهب الآخرون إلى المعارضة لكن هذا لايحدث في العراق ، فالجميع يطالبون بالمشاركة في تشكيل العملية السياسية وهذا غير منطقي ". وذكر أن الخلافات الحالية ليست سياسية بل محاصصاتية لاقتسام كعكة المناصب بعيدة عن منطق الديمقراطية وشجاعة العراقيين واحترام خيارهم في انتخاب مرشحيهم بصدق وأمانة. وأكد داود سلمان، 57عاما، صاحب محل تجاري: "وصلنا إلى قناعة بعد كل عملية انتخابية أن ماتفرزه صناديق الاقتراع ليس مطلبا لمنح الثقة بالمرشحين وإنما قناعة زعماء الكتل السياسية هو الفيصل النهائي لاسناد المناصب بعيدا عن خيارات الناخبين وبالتالي تشكل عملية سياسية عسيرة الولادة ومشوهه". وترى سميرة الوائلي، 49 عاما، معلمة، أن "أي تأخير في تشكيل البرلمان والحكومة ستكون له انعكاسات خطيرة على تفاقم مشاكل المجتمع وتوفير فرص عمل للعاطلين وتحسين المستوى المعيشي ، وأيضا يربك الأوضاع في البلاد والكتل السياسية مطالبة بالسعي الحثيث نحو تأمين متطلبات الجمهو وضمان الانتقال السلس للسلطة". ويأمل العراقيون في أن تكون العملية السياسية الجديدة في البلاد للسنوات الأربع المقبلة أكثر نضوجا ونجاحا في معالجة هموم ومشاكل المواطنين وحل مشاكل البطالة والسكن التي باتت مشاكل متفاقمة تثقل كاهلهم وتقف حائلا أمام تطلعاتهم في تأمين العيش الرغيد في ظل وضع أمني مستقر.