النيل بعافية شوية.. حاله كما تشتهى العوازل، فهو عزيز قوم ذل، فقد قدسه قدماء المصريين، ووقروه أبدوا الوفاء له معترفين بفضله على إنجازاتهم التى صنعت أول حضارة فى التاريخ والتى جعلت شيخ المؤرخين هيرودوت يرى أن مصر هبة النيل، وظل الاحترام والتقدير للنيل مستمرا إلى وقت قريب قبل أن تتآمر عليه من الخارج قوى لا تحب الخير لمصر، ومن الداخل جحافل الملوثين لمياهه المشوهين لشاطئيه من الخارج تخيفناا اتفاقية «عنتيبى» وهل تصدق عليها دول حوض النيل الست؟. ومشروع سد «كاروما» فى أوغندا وهل يؤثر على تدفق مياه النهر إلينا؟. وهل سيكون رئيس وزراء أثيوبيا الجديد «هاليمريام ديسالينى» امتدادا لسابقه الراحل «ميليس زيناوى» فى حب مصر ودفع الضرر عن نيلها واهتمامه بتحسين التعاون بين مصر وأثيوبيا بما يخدم الأمن المائى لمصر؟. خاصة أن إسرائيل تسعى لإنشاء حلف جديد مع دول الحوض فى مواجهة صعود الإسلاميين ويبشر الدكتور محمد بهاء الدين وزير الموارد المائية والرى بأن فيضان النيل هذا العام أعلى من المتوسط وأنه من المتوقع أن تصل كميات المياه الواصلة إلى بحيرة السد العالى إلى 92 مليار متر مكعب بما يعوض النقص الشديد فى كميات المياه فى البحيرة نتيجة السحب فى أشهر الصيف ونضمن الاحتياجات القومية فى العام القادم، وقد عادت المراكب السياحية تجرى بين القاهرة والأقصر وأسوان وبالعكس، فهل يتعافى النيل من الأمراض التى يتعرض لها والسهام التى توجه له من الداخل والخارج؟. والنيل فى مصر شخصية اعتبارية أنه روح وعقل وتاريخ، إنه واهب الخلد للزمان وساقى الحب والأغانى وساقى أراضينا النماء، وهو ملهم الشعراء والموسيقيين وعباقرة الغناء وصانع ملايين قصص الحب على شاطئيه. اسمع كوكب الشرق أم كلثوم تشدو بشعر بيرم التونسى: شمس الأصيل دهبّت خوص النخيل يا نيل تحفه ومتصوره فى صفحتك يا جميل والناى على الشط غنى والقدود بتميل على هبوب الهوى لما يمر عليل يا نيل يا نيل أنا واللى بحبه نشبهك فى صفاك لانت ورقت قلوبنا لمارق هواك وصفونا فى المحبة هوه هوه صفاك مالناش لا إحنا ولا أنت فى الحلاوة مثيل يا نيل واسمح ست الكل تغنى من تأليف عبد الفتاح مصطفى: طوف بجنة ربنا فى بلادنا واتفرج وشوف والنسيم يرقص بموج النيل على الناى والدفوف وعندما يفرح الوادى يكتب بيرم وتغنى أما كلثوم: فى عيد الوادى البسام الفرحة هزت أعلام والنيل أترنم أنغام يا سلام على عيدنا يا سلام وإذا ذكرنا النيل فبالحب والاحترام والوقار والإنحناء أمام التاريخ، ولذلك اختارت أم كلثوم موسيقار الوقار والروحانيات رياض السنباطى ليلحن لها كل ما غنته عن النيل (يا شباب النيل) تأليف أحمد رامى و«حولنا مجرى النيل» لعبد الوهاب محمد ولأنه سيد البنائين للقصيدة الغنائية فكان اختياره ضرورة لتلحين رائعة أمير الشعراء أحمد شوقى عن النيل: من أى عهد فى القرى تتدفق وبأى كف فى المدائن تغدق ومن السماء نزلت أم فجرت من عليا الجنان جداولا تترقرق ومن نفس القصيدة: يا نيل أنت بطيب ما نعت الهدى وبمدحه التوراة أحرى وأخلق أصل الحضارة فى صعيدك ثابت وثباتها حسن عليك مخلق أما محمد عبد الوهاب فهو أكثر المبدعين غناء للنيل