ثلاثة محاور أساسية «علمية واقتصادية وثقافية» لنهضة مصر، تدخلها القرن الواحد والعشرين بخطى ثابتة .. وضعها العالم المصرى د .أحمد زويل صاحب جائزة نوبل أمام أعضاء لجنة المقترحات والاتصالات المجتمعية بالجمعية التأسيسية للدستور.. والذين يحرصون على الاستماع لكل أبناء مصر النابغين فى الداخل والخارج أثناء إعداد مواد الدستور الجديد والاستفادة من آرائهم واقتراحاتهم وأفكارهم.. حتى يخرج الدستور معبرا عن معالم الطريق للدولة المصرية الحديثة.. ويضع أقدامها على أولى خطوات البناء والتنمية فى السنوات القادمة. فالعالم المصرى الكبير د.زويل قال بكلمات واضحة تماما إننا أمام فرصة تاريخية لإعداد دستور جديد للبلاد يتحدث عنه التاريخ. وقال لأعضاء الجمعية: إنها مسئولية ينتظرها 90 مليون مصرى و350 مليون عربى و1.5 مليار مسلم، لأن مصر لها ثقل كبير.. وأن الدستور الجديد يجب أن يكون دستورا شاملا وعادلا يجب أن يكون موجزا ولا يتعرض لتفاصيل واجتهادات.. ويجب أن يركز على حقوق الإنسان التى غابت عن مصر على مدى 30 سنة! ويحدد العلاقة بين الحاكم والمحكومين وأن تكون مواده واضحة تماما.. وأن يعتنى هذا الدستور بالمبادئ الأساسية حتى تدخل مصر القرن الواحد والعشرين وأن تكون دولة رائدة.. وأن ذلك لن يتحقق إلا من خلال التقدم العلمى والثقافى والاقتصادى.. وأن ذلك لا يمكن أن يتحقق فى ظل الانفلات الأمنى والأخلاقى والتراشق بالألفاظ والنزاعات الحزبية! تحقيق نهضة علمية وشرح د. زويل هذه المحاور الثلاثة.. فعن التعليم والبحث العلمى قال إنه إذا لم يكن موجودا لا تحدث أية نهضة.. ونحن فى حاجة إلى هذه النهضة العلمية.. وضرب د. وزيل مثلا بكوريا الجنوبية والهند، فالأولى بفضل الأبحاث العلمية أصبحت من أولى دول العالم فى إنتاج الطائرات والآلات الطبية.. والهند أصبحت ثانية دول العالم فى أبحاث الإلكترونيات والاتصالات بعد الولاياتالمتحدة. فالبحث العلمى لا يمكن شراؤه.. ولابد من وجود قواعد وأسس وتشجيع علماء مصر فى الداخل والخارج. ولم يخف د. زويل لأعضاء الجمعية أنه حزين على الثقافة فى مصر. وقال بالحرف الواحد: إن الوضع الثقافى فى مصر ضعيف وليس عيبا أن نتكلم.. وأن يكون هناك وضوح رؤية وحرية فكر وحرية الثقافة. وأكد على أنه «لازم حرية فكر وإبداع والبعد عن التحجر الفكرى».. ولكن فى نفس الوقت، أشار إلى أن ذلك لا يعنى «انفلات» المجتمع.. ثم تعرض لقضية العلاقة بين العلم والدين.. وأعلن بكل وضوح أنه لا يوجد أى صراع بين العلم والدين. فالعلم يبحث عن الحقيقة ويدرس الطبيعة ويعد الأوراق العلمية ويبعد عن «الفهلوة». أما الدين فيوجد به الروحانيات والأخلاقيات والسلوكيات. وقال إنه كعالم يعلن: أنه لا صراع بين الدين والعلم. ثم تعرض د. زويل لقضية علاقة الدين بالدولة، وأشار إلى أنه لا توجد صراعات كبيرة، ولكن يوجد خلط كبير فى الأوراق. وأوضح د. زويل لأعضاء الجمعية أن فصل الدين عن الدولة ليس معناه منع أى أحد من الذهاب إلى المسجد أو الكنيسة، ولكن فصل الدين عن الدولة هو حماية المؤسسات الدينية من طغيان الدولة وحماية الدولة من الفتاوى التى نرى مثلها فى مصر. ولهذا فقد طالب د. زويل بضرورة النص على علاقة الدين بالدولة فى الدستور الجديد حتى لا يعطل الجدل حول هذه النقطة مسيرة البلاد. وعن مستقبل مصر فى القرن الواحد والعشرين. قال د. زويل إن مصر تملك ثروة بشرية فى الخارج يصل عددهم لحوالى من 8 إلى 10 ملايين مصرى.. وأن اليابان بعد الحرب العالمية الثانية استعانت بأبنائها فى الخارج لبناء اليابان الحديثة.. وثروة مصر فى أبنائها وأن هناك أكثر من 30 عالما مصريا سيعودون إلى مصر برغم كل الظروف الصعبة وهم يعيشون فى هموم البلد عقليا وماديا ووجدانيا، وأن المليارات التى تأتى من المصريين فى الخارج لا تعوض عن أصحاب هذه المليارات التى يستطيع البحث العلمى إحداث النهضة المنشودة. وقال بكل أسى وانفعال صادق.. والله المصرى تعب، ونفسه يرتاح ويشوف مصر فى أعظم صورة، ووجه كلامه لأعضاء الجمعية: أرجوكم نريد دستورا فيه حقوق الإنسان لصالح الإنسان المصرى بعيدا عن الصراعات السياسية والحزبية.. فمصلحة مصر فوق الجميع وليس لمصلحة حزب أو شخص أو جمعية. وحول الوضع الاقتصادى قال إنه لا يمكن الصعود اقتصاديا بدون حرية الإبداع وأن الديمقراطية ليست معناها أنه إذا لم يعجبنى شيئا أن أشتم الرئيس أو أقطع السكك الحديدية. أما عن نظام الحكم، فقد أعلن د. زويل أن له رأيا شخصيا فى قضية شكل الحكم وهو لا يعبر عن أى حزب لأنه مصرى مستقل ولا ينتمى لأى حزب.. وأنه يرى أن النظام البرلمانى لا يصلح أن يكون نظاما للحكم فى مصر، وأننا لا يمكن تطبيق منظومة بريطانيا.. كما أن النظام الرئاسى لا يصلح أيضا، ولهذا فإنه يقترح أن نأخذ بالنظام «المختلط» الذى يجمع بين النظام البرلمانى والرئاسى وأن ينص الدستور الجديد على صلاحيات الرئيس بكل وضوح، ويوضح قوة مجلس الشعب والحكومة.. وأكد د. زويل أن ذلك سوف يخرج مصر من هذه الفترة الصعبة. مناقشات ساخنة وعندما افتتح د. عاطف البنا باب المناقشات والأسئلة بين أعضاء اللجنة ود.أحمد زويل وجه الأعضاء العديد من الأسئلة. أجاب د.زويل بهذه النقاط التى يجب دراستها جيدا.. إن كنا فعلا جادين فىعبور هذه المرحلة والتطلع إلى المستقبل فقال فى سطور مختصرة: *أتمنى أن ينص الدستور الجديد على حقوق الشعب المصرى الذى مل من الحزبية والفردية والسياسة. *نهضة مصر ستتحقق بالأفعال وليس بالكلام. *أخاف من وقوع كارثة فى مصر خلال الخمسين سنة القادمة بسبب الاستخدام السيئ لمياه النيل، ووقوع حرب حول النزاع على المياه.. واستخدام الفيروسات فى الحروب فى السنوات القادمة. *التعليم الأساسى حق من حقوق الإنسان ويجب أن ينص عليه فى الدستور وهو من الحقوق الأساسية للمصريين.. وأنا لست ضد المجانية.. ولكن ألاحظ أنها ليست مجانية لأن المصريين يدفعون الملايين فى الدروس الخصوصية.. وأنا شخصيا استفدت من المجانية، ولم أذهب إلى مدارس أو جامعات خاصة.. وأعتقد أن ما يحدث حاليا ليست مجانية، ولابد من إعادة النظر فى منظومة التعليم.. وأن المتفوقين يجب أن يتمتعوا بالمجانية.. وأنا مع المجانية العادلة. *المناخ المصرى غير صحى للبحث العلمى ويجب أن نقدر العلماء فى مصر.. والتمويل مهم لتشجيع البحث العلمى ولكن ذلك لايغنى عن الاهتمام بالأفراد. *يوجد كيان جديد يتم إنشاؤه تحت مسمى «بيت الخبرة» يضم علماء مصر فى الداخل والخارج لبحث المشاريع القومية فى التعليم والمياه. *لابد من وجود لجنة لدراسة كل المشاريع التى يتقدم بها الباحثون وتصنيفها والبدء بأربعة أو خمسة مشروعات كبرى. *لا يمكن أن نصدق أن مصر بها 40% من الشعب يعانون من الأمية ولابد من النص فى الدستور على علاج هذه القضية المهمة. *الجامعة التكنولوجية عبارة عن جامعة للمصريين كلهم وأن الشعب كله يجب أن يدعمها بتبرعاته فهى جامعة ليست لرجال الأعمال ولا تتبع وزارة.. وأن بعض التبرعات تصل من 10 إلى 250 مليون جنيه.وستقوم بالاستفادة من الأبحاث فى الطاقة الشمسية والاستفادة من الثروات الطبيعية فى الصحراء مثل الرمال التى يمكن تصنيع «السيلكون» منها.. وعمل دراسات عن الأمراض المزمنة. كانت هذه هى رؤية العالم المصرى الكبير د. زويل حول الدستور الجديد.. وأفكاره وأحلامه عن مصر المستقبل التى يحلم أن تكون أعظم دول العالم كله، ولكن ذلك لا يتحقق إلا بالعمل والتطبيق العلمى.