أ ش أ دعا الدكتور أحمد زويل -العالم المصري- إلى ضرورة الاستفادة من أبناء مصر في الخارج، الذين تترواح أعدادهم ما بين 8 و 10 ملايين مصري، مشددا على ضرورة عدم التشكيك في وطنيتهم. وأوضح زويل أن مساهمات أبناء مصر في الخارج لا تقتصر على تحويلاتهم المالية التي تقدر بالمليارات فقط، وإنما تمتد إلى علمهم وفكرهم، مؤكدا في نفس الوقت ضرورة الاهتمام بعلماء مصر في الداخل. جاء ذلك في محاضرة ألقاها زويل خلال جلسة استماع للجنة الاقتراحات والحوارات والاتصال المجتمعي بالجمعية التأسيسية لوضع دستور مصر أدارها الدكتور عاطف البنا عضو اللجنة وبحضور رئيس اللجنة الدكتور محمد البلتاجي. وأضاف العالم المصري أنه بعد إلقاء القنبلة الذرية على اليابان وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأت اليابان تبحث عن أبنائها في الخارج بحثا عن علمهم وما لديهم من خبرات بالإضافة إلى مساهماتهم المالية من أجل إعادة بناء بلادهم. وقال إنه في إطار المشروع القومي للنهضة العلمية في مصر تم استقدام نحو 30 عالما مصريا من الخارج، يريدون خدمة مصر وكانوا يعيشون هموم مصر وهم في الخارج ربما أكثر من بعض من في الداخل. وشدد زويل على أنه خلال وضع مشروع الدستور يجب أن توضع في الحسبان أمور على رأسها قضية حقوق الإنسان المصري مشيرا إلى أن الشعب المصري سئم من الحزبية والفردية ويتطلع لمستقبل أفضل. وأضاف أن هذه مسئولية أمام 90 مليون مصري ونحو 350 مليون عربي وربما مليار ونصف مسلم في أنحاء العالم نظرا لثقل مصر في العالم لافتا إلى أن صورة مصر وثقلها ملموس في أنحاء العالم وربما لا يشعر بذلك من يعيش داخل مصر. وشدد على الاهتمام بروح مباديء الدستور وأن تتسم بالوضوح والبساطة دون تعقيد وبالإجمال وليس بالتفاصيل بما يساهم في تحقيق تقدم في مصر يستمر مئات السنين مشيرا إلى أن أكثر المساهمات العلمية تأثيرا كانت من ورقات علمية بسيطة وربما في صفحة أو اثنتين. ونبه زويل إلى أهمية وضع مصلحة مصر فوق الجميع وفوق أي مصلحة أخرى لحزب أو لشخص، مشيرا إلى أن النظام الأفضل للحكم في مصر في المرحلة المقبلة هو النظام المختلط وليس البرلماني، منوها إلى أنه من غير المعقول مثلا نقل نظام بريطانيا البرلماني حرفيا إلى مصر، وأيضا لا يناسبنا النظام الرئاسي الأمريكي. وأوضح أنه يجب كذلك الاهتمام في الدستور بكفالة حرية الفكر والإبداع وهذا لا يعني الانفلات بل يجب أن تكون هناك فرصة متساوية في الحقوق والواجبات، منتقدا الفوضى الحالية في علاقة الفرد بالمجتمع وعلاقته ببني وطنه من خلال الخروج بالاحتجاجات غير المنظمة. ولفت زويل إلى أهمية إحساس المرء بملكيته في المجتمع ليس بالمعنى الرأسمالي الذي قدمه من قبل العالم الاقتصادي الأسكتلندي آدم سميث وإنما، كما يذكر أحد العلماء المرشحين للفوز بجائزة نوبل، بأن تكون له علاقة قوية بمجتمعه. وقال إنه ينبغي الاهتمام بمنظومة التعليم والبحث العلمي في مصر فالمدرس المصري والعالم المصري مظلوم جدا ويجب الاهتمام به، ولابد من وضع أسس واضحة منها أن التعليم حق مشروع من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية، وبالنسبة للجامعي يكون التعليم المجاني للمتفوق، وإعادة منظومة التعليم ودعا إلى مشاهدة التغيير الحادث في بلد مثل أمريكا حيث تغيرت المنظومة كلها، مؤكدا أنه مع مجانية التعليم لكن المجانية العادلة، ولا يمكن أن تبلغ نسبة الأمية في مصر العظيمة نحو 40%. وشدد على أنه لا يرى صراعا بين العلم والدين، وضرب المثال بتعرض العالم جاليليو، قبل نحو خمسة قرون حين ذكر أن الأرض كروية، لهجوم باسم الدين في الغرب، أما حين تحدث العالم العربي المسلم الحسن بن الهيثم عن نظرية البصريات لم يتعرض للاتهام وهو ما تكرر مع علماء عرب آخرين وكانت حرية العلم والإبداع مكفولة لديهم. وقال إن الشعب المصري متدين منذ آلاف السنين وبالتالي لابد من توضيح ذلك في الدستور الجديد لافتا إلى أن العلم يبحث عن الحقيقة والدين في الروحانيات والأخلاقيات ولا صراع بينهما. ونوه إلى أنه حصل مؤخرا في فيلادلفيا بالولايات المتحدة على "ميدالية مندل" نسبة إلى عالم غربي يسمونه "أبو الوراثة" وتربى في أحد الأديرة، وهي جائزة تمنح للعلماء الذين لهم مساهمات في العلاقة بين العلم والدين. وركزت أسئلة أعضاء الجمعية للدكتور زويل على قضية الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي في مصر فقال "حين خرجت من مصر عام 1969، ظللت أتطلع للعودة لمصر لأن عندي إحساس بملكية في مصر، ليس بمعنى الملكية الرأسمالية، وإنما الارتباط والمسئولية بالمجتمع، وهذا يجب أن ينطبق على أي شخص سواء كان عاملا أو مزارعا أو مدرسا." وأعرب زويل عن حزنه من تراجع المستوى الرفيع والعميق للثقافة والأدب في مصر بالمقارنة لما كان يشهده في صغره في مصر لكنه أوضح أن الأمر لن يتحسن بفرض قيود وإنما أن تكون هناك حرية فكرية وإبداعية وفي نفس الوقت انضباط في المؤسسات الحقيقية لأنه لن يكون هناك بحث علمي بدون حرية فكر وديمقراطية المؤسسات.