- مضي ما يزيد علي نحو نصف قرن والمرأة المصرية تسعي بشتي السبل لنيل حقها في ان تترأس منصة القضاء ولكن يرفض الرجال في مصر ان تصبح المرأة قاضية، فعلي الرغم من عدم وجود نص دستوري يمنع تولي المرأة القضاء، الا ان الرجل المصري يرفض منحها ذلك الحق، في الوقت الذي اقتحمت فيه المرأة في معظم البلدان العربية هذا المجال، ففي عام 1952 قضت محكمة القضاء الاداري برفض دعوة اقامتها الدكتورة عائشة راتب للاعتراض علي عدم تعيينها بمجلس الدولة، واستندت المحكمة وقتها الي ان وظائف القضاء ومجلس الدولة مقتصرة علي الرجال فقط في الوقت الذي تنص فيه المادة 16 من الدستور المصري علي حق المرأة في تولي كل الوظائف من دون تمييز، كما اصدرت مشيخة الازهر فتاوي تؤكد ان الشريعة الاسلامية خلت من أي نص يقضي بحرمان المرأة من ان تكون قاضية. - ويظل يوم 23 يناير 2003 يوما مهما في تاريخ المرأة المصرية ففي هذا اليوم اصدر الرئيس محمد حسني مبارك قرارا جمهوريا بتعيين المستشار الدكتور عادل عمر حافظ شريف والاستاذة المحامية تهاني محمد الجبالي عضوين بالمحكمة الدستورية العليا. ولأول مرة يتم تعيين امراة في هذا المنصب. لهذا كان القرار بحق انجازا من انجازات عصر الرئيس حسني مبارك مع تقديرنا واحترامنا للدور الذي تلعبه السيدة سوزان مبارك قرينة الرئيس في قضايا المرأة المصرية. - وفي 15/2/2010 شهدت الجمعية العمومية الطارئة لقضاة مجلس الدولة، التي دعا إليها المستشار محمد الحسيني، رئيس المجلس، لمناقشة أمر تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة، أجواء ساخنة. رفض فيها أكثر من 80% من إجمالي من لهم حق التصويت دخول المرأة مجلس الدولة، بواقع 334 صوتاً مقابل 42 صوتاً وافقوا علي دخولها. - الجمعية العمومية لمجلس الدولة وضعت نفسها في موقف في غاية الصعوبة فالنصوص الدستورية المعاصرة علي وجه التحديد تتأسس علي مبدأ المساواة بين المواطنين دون تمييز بينهم علي أساس سياسي أو ديني أو مذهبي أو عرقي أو بحسب الأصل الاجتماعي أو الجنسي..... تنص المادة (40) من الدستور المصري الصادر عام1971 وتعديلاته علي أن" المواطنين لدي القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة"..و يزيد الموقف صعوبة أن هناك 11 دولة عربية تسمح للمرأة بتولي هذا المنصب وبلغ عدد القاضيات بها 10000 قاضية من دون تمييز أو تفرقة بين رجل وامرأة، فالكفاءة تفرض نفسها سواء كانت الكفاءة رجلا أو امرأة، وعلي الرغم من الجهود المبذولة الا انه مازالت هناك مناصب تحرم المرأة المصرية من الوصول لها وبدون اسباب مقنعة رغم ثبوت نجاح تولي المرأة لذلك المنصب في دول عربية عديدة، فهناك 50% من جهاز القضاء في المغرب نساء و67% من القضاء في السودان نساء. - وردا علي الادعاء بأن المرأة تمر في مراحل حياتها بفترات نفسية تؤثر في قرارها قال الدكتور يسري عبد المحسن استاذ الطب النفسي "هناك اعتقاد خاطئ يصف المرأة بأنها عاطفية واكثر اندفاعا من الرجل وهذا غير حقيقي فلا يوجد فرق بين الرجل والمرأة الا في الجانب الفسيولوجي فقط، والابحاث العلمية اكدت ان المرأة لديها قدرة علي التحمل تفوق قدرة الرجل بدليل ما تتعرض له من متاعب اثناء فترة الحمل والانجاب والرضاعة، اما فيما يقال حول بلوغ المرأة سن اليأس الذي يؤثر عليها صحيا ونفسيا ويزيدها عصبية وتوترا فهذا ادعاء باطل فما يحدث لها من تغيرات فسيولوجية تحدث مثلها للرجال." - اجتمع المجلس الخاص بمجلس الدولة اليوم 24/2 وهو أعلي سلطة إدارية به، لدراسة قرار الجمعية العمومية حول عمل المرأة كقاضية بالمجلس وبعد مناقشات طويلة ، أصدر رئيس المجلس المستشار محمد الحسيني القرار 92 لسنة 2010، باستكمال اجراءات تعيين من تقررت صلاحيتهم بإجماع المجلس الخاص من خريجي وخريجات 2008-2009 تمهيدا لإصدار السيد رئيس الجمهورية لقرار التعيين، ليكون هذا انتصاراً جديداً للمرأة في القضاء ..... وجدير بالذكر أنها المرة الثالثة التي يجتمع فيها المجلس الخاص لمناقشة عمل المرأة كقاضية بالمجلس فالمرة الأولي كانت في سبتمبر 2009، والثانية في يناير 2010 انتهي الرأي إلي الموافقة بأغلبية الآراء علي عملها كقاضية، ووقتها لم يعترض أي من قضاة مجلس الدولة علي هذا القرار. إلا أنه مع نزول إعلان في الصحف المصرية عن قبول دفعة جديدة من خريجي كليات الحقوق للعمل بالنيابة العامة واقتصاره علي الرجال دون النساء، دفع هذا الإعلان بعض المستشارين الرافضين لعمل المرأة بالمجلس إلي الدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة لمناقشة هذا الأمر. - أقول لرجال مجلس الدولة سواء اعضاء الجمعية العمومية أو المجلس الخاص .... أن حرية الشعوب تقاس الآن بما تتمتع به المرأة في المجتمع من حريات والتمكين لها .... نعم هناك تمايز بين النوعين لكن يجب ألا يكون هناك تمييز... نحن في حاجة ماسة الي الانتقال من ثقافة وعيار المفاضلة بين الذكر والأنثي الي معيار الكفاءة .