وضع برنامجاً متنوعاً ودقيقاً .. وندواته العامة "كامل العدد" لكن إحجام الصحفيين عن حضور ندوات الأفلام مازال لغزاً مستعصياً عن الفهم .. المسابقة الدولية هي الممثل الشرعي والوحيد للمهرجان وينبغي الفصل بين حفل توزيع جوائزها وحفل توزيع جوائز"استفتاء الجمعية" .. الطفل غير الشرعي للمهرجان ! دعوة لا تحمل شبهة تعال أو تعكس تضخماً للذات ،بقدر ماتعكس شعوراً بالصدمة وخيبة الأمل أغلب الظن أنه اعتري الجميع عقب رصد أكثر ماكتب عن المهرجان في دورته الأخيرة ،ولم يختلف كثيراً عن تلك النوعية من الكتابات التي تتصدي لكل مهرجاناتنا المحلية والعربية؛فمن غير المعقول أن يكتب محرر في صحيفة أسبوعية مصرية أن مائدة الفنان "فلان" في إحدي حفلات مهرجان الإسكندرية السينمائي، لم تفارقها زجاجات الشمبانيا حتي صباح اليوم التالي (!) لأن إشارة سخيفة كهذه لا يمكن وصفها بأنها "قلة أدب" فحسب ،وانما تعكس تطرفاً وتجاوزاً لا يليق ،وكان الأحري برئيس التحرير ألا يسمح بنشر هذه التفاهات ،بل ويبادر باستصدر قرار بإحالة المحرر إلي التحقيق ،ومعه رئيس الصفحة الفنية الذي لم ير في الأمر فضيحة تسيء للجريدة قبل أن تمس الفنان ذاته (!) .. ومن غير الطبيعي أن تترك محررة في جريدة يومية لا هي قومية ولا خاصة ولا مستقلة التظاهرات المختلفة للمهرجان لتزعم أن ممدوح الليثي منع الكاتب والسيناريست فايز غالي من حضور حفل أقيم علي هامش المهرجان بحجة أنه لم يكن يحمل دعوة (!) وتتهم إدارة المهرجان بالتخبط وسوء التنظيم لأنها عرضت الفيلم الفلسطيني "حتي أشعار آخر" في توقيت متزامن مع إقامة ندوة المخرج توفيق صالح ،التي أعقبت عرض فيلمه "المخدوعون"،وهو الخطأ الذي تكرر في أكثر من تغطية صحفية تحت عنوان "تضارب المواعيد"؛ فالحقيقة التي لا تغيب عن "محترفي المهرجانات السينمائية في العالم" أن مهرجاناً مهما كانت قدرته علي التنظيم لن يستطيع أن يُرضي كل رواده وضيوفه ؛بمعني أن يتيح لهم متابعة كل تظاهراته وفعالياته،وإلا كان عليه أن يضع برنامجاً يبدأ من السابعة صباحاً ولا ينتهي عند منتصف الليل،وبالتالي كان الحل الذي ارتضته كل مهرجانات العالم أن تترك الفرصة أمام الضيوف والصحفيين والمهتمين للاختيار ؛بمعني أن علي المتابع أن يفاضل بين ندوة تكريم مبدع أو عرض فيلم عبقري يعقبه ندوة مع صانعيه أو الاستمتاع بعروض موازية لكلاسيكيات أو تظاهرة ما. هذا مااعتدناه وألفناه في كل المهرجانات التي سافرنا إليها ،وغالباً ماكان يعكس تنوع وتعدد التظاهرات ثراء المهرجان وجديته،إضافة إلي كونها فرصة للكشف عن الغث والثمين في فاعلياته ،وأيضاً بين صحفييه ومتابعيه ،إذ كان عليهم اظهار مهاراتهم وحرفيتهم في الإلمام بأهم مافي المهرجان ،والبحث عن كنوزه ،لكن ماحدث في التغطية الصحفية لمهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته الأخيرة كشف عن قصور واضح في هذه الجزئية ؛فالبعض اشتكي من تضارب المواعيد ،وغياب التنسيق ،وفوضي التنظيم ،علي الرغم من أن شيئاً من هذا لم يحدث ،وكل مافي الأمر ،وسبق الإشارة إلي أنه طبيعي ومألوف، أن مخرجاً كان يناقش فيلمه مع الجمهور في توقيت مواز مع تنظيم ندوة عامة أو تكريمية ،لكن لم يحدث ،مطلقاً ،أن نظم المهرجان ندوتي تكريم في وقت واحد أو ندوتين عامتين في موعد متقارب ،أو نظم رحلة سياحية لمخرج أثناء عرض فيلمه ،كما يحدث في مهرجانات نعرفها ،بل يمكن القول إن المهرجان الذي تكبد أموالاً ضخمة لدعوة عدد من صانعي الأفلام العالمية للحضور مع أفلامهم كان يفاجأ بعدم متابعة الصحفيين والنقاد للفيلم في قاعة العرض الأمر الذي يترتب عليه إلغاء الندوة مع صانعه (!) وأن التهافت علي حضور الحفلات الساهرة كان أكثر من ارتياد صالة العرض المخصصة للصحفيين مجاناً (!) وفي المقابل شهدت الندوات العامة للمهرجان حضوراً مكثفاً يستدعي التقدير ،وأيضاً التحليل لبحث المبررات التي أدت إلي هذا التجاوب الملفت مع ندوات تحمل عناوين رصينة مثل "السينما الفلسطينية بين الوطن والغربة" ،وجادة مثل "اليوبيل الذهبي لمعهد السينما" ،وجافة مثل "رؤساء المهرجان السابقين" وخفيفة الظل مثل "نجوم بكرة" وكذلك ندوة الفيلم المصري الوحيد في المسابقة الدولية "لمح البصر" التي أكسبها حضور بطل الفيلم حسين فهمي أهمية وتحولت إلي نقطة جذب إعلامية . هل يعني هذا أن إدارة المهرجان في دورة اليوبيل الفضي كانت منزهة عن الأخطاء ؟ بالطبع لا .. والدليل علي هذا : (1) بدأ المهرجان وشبح الانقسام يخيم علي أعضاء مجلس إدارة الجمعية المنظمة له الأمر الذي انعكس في صورة قرارات عشوائية ،وتضارب في الاختصاصات ( 2) تكررت في حفل الافتتاح نفس الأخطاء التي أساءت لصورة المهرجان،نتيجة الإصرار علي تقديم "التابلوهات" الاستعراضية السقيمة التي تستنزف ميزانية ضخمة بلا طائل. (3) اختلط الحابل بالنابل في حفل الختام ،الذي تحول إلي"فرح بلدي"،نتيجة عدم الفصل بين جوائز المسابقة الدولية "الممثل الشرعي والوحيد للمهرجان" وجوائز استفتاء الجمعية "الطفل غير الشرعي للمهرجان" ،وكان الحل في إقامة حفل منفصل لجوائز "الاستفتاءالمضروب" علي غرار ليلة رؤساء المهرجان السابقين والمؤسسين. (4) يُعاني المركز الصحفي من هزال وجفاف الأمر الذي يستدعي تطويره وتحديثه ،سواء علي مستوي البشر أو الوسائل التكنولوجية الحديثة فمازال المركز يعتمد علي أجهزة اتصالات من الجيل الأول ،ومهمة العاملين فيه لا تخرج عن توزيع المطبوعات فقط. (5) أنفق المهرجان مبالغ طائلة علي حفلات ساهرة لا لزوم لها ،وكان في مقدور إدارته توجيه هذه الأموال لدعم وتمويل نشاطات سينمائية أكثر أهمية. (6) مازال المهرجان في حاجة إلي بث الشعور بالثقة التي تراجعت لدي عدد من المتعاملين معه ،نتيجة بعض الممارسات السلبية التي لازمت المهرجان في بعض دوراته السابقة ،ومازالت عالقة بالاذهان،بدليل أن لجنة تحكيم مسابقة الديجيتال أصرت علي تسليم نتيجتها في اللحظة الأخيرة خشية أن تمتد إليها يد التغيير. (7) الأخطاء الفادحة ،والفاضحة،في إصدارات المهرجان علي الرغم من المبالغ المالية الضخمة الي رُصدت لها. (8) النظرة العجيبة التي تسيطر علي تصرفات بعض أعضاء مجلس إدارة الجمعية المنظمة للمهرجان بأنه فرصة ذهبية للتصييف الأمر الذي يدفعهم لاصطحاب عائلاتهم ،ومطالبة إدارة المهرجان باستضافتهم ، بل أن أحدهم حرص علي اخفاء أولاده خشية الإحراج ،ولم يستطع الإجابة علي السؤال الذي طارده :"ولماذا اصطحبتهم إذن"؟. في كل الأحوال ربما يري البعض أن هذا الأمر يدخل في نطاق "الشأن الداخلي" للجمعية لكن الشعور بالمسئولية يقتضي من الجمعية ،ورئيسها ممدوح الليثي، أن تبادر في أول اجتماع لها باتخاذ قرار بالغاء "المخصصات " التي توارثتها مجالس إدارات الجمعية علي مختلف عهودها ،والقائلة بأن من حق عضو مجلس الإدارة أن يصطحب معه عائلته (!) فربما كان هذا مغفوراً وقت أن كان العضو يعمل بشكل تطوعي فكان مايحدث بمثابة "مكافأة غير مباشرة" ،لكنه الآن يتقاضي أجراً عن عمله في المهرجان ،وبالتالي لم يعد من حقه أن يحمل المهرجان عبئه وعبء عائلته !