هناك حقيقة تفرض من نفسها وواقع لا يتحمل المواربة أو المزايدة.. أو الاتكالية والتهوين.. باعتبارها فكراً يدعم أي سياسات لمواجهة الفقر.. إذا وضع في الحسبان.. وتعمق في قناعة واضعي البرامج والدراسات عن محاور التنمية الشاملة.. ألا وهو.. أن "من يملك قوته.. يملك قراره". وقد اقترن المقال في بدايته بأن ما ننشده جميعاً من إيجابية المواطن في ممارسة حقوقه من جانب.. والالتزام بواجباته واحترام سلطات الدولة وقوانينها والحفاظ علي استقرارها.. لابد أن يكون متواصلاً مع حماية طريق الدولة للتنمية والتطور والتقنية في إطار من العلاقات المتنامية مع دول المنطقة أو العالم. وإذا استند المقال في تأكيد أهدافه علي دراسات وآراء ركزت في الجانب الأكبر منها علي الفقر وآثاره ومقترحات مواجهته.. جاء في مقدمتها ما ساقه تقرير التنمية البشرية الأخير عن عام 2005 والذي صدر بعنوان "اختيار مستقبلنا- نحو عقد اجتماعي جديد".. والذي أشار إلي أن أول طريق المعالجة هو الانصراف تماماً عن استمرار "الوضع القائم" وأنه لابد من مواجهة مشاكل المجتمع (البطالة- الدروس الخصوصية- مخاطر التلوث- الحصول علي مسكن ملائم بالنسبة للطبقات المتوسطة والفقيرة ومحدودي الدخل...إلخ) بتطبيق نموذج جديد للنمو لمناصرة الفقراء.. لدفع القوة الاقتصادية في بلدنا.. بما يعني استبعاد المؤلف الرئيسي للتقرير ومدير المشروع وخبرائه.. منظور معالجة الفقر وتخفيضه.. بأسلوب منح إعانات للفقراء.. هذا بالإضافة إلي المطالبة بتطبيق "اللامركزية الإدارية والمالية ولا مركزية السلطة". وإذ تضمنت سطور التقرير ما تؤكده وجهة نظره من حيث الرأي ومقترحات المعالجة، فقد انتهي إلي مقولة واضحة "أن الاقتصاد المتنامي قد لا يتصدي بالضرورة لقضايا تنموية مهمة مثل زيادة الفقر والحرمان النسبي.. إلي آخر ما ورد في هذا الموقع من التقرير. وعلي جانب آخر.. فقد تضمن المقال وسطوره أسباب اتساع مهام الدولة ووظائفها علي الرغم من تنامي دور مؤسسات المجتمع المدني للمشاركة في خطط التنمية.. ويأتي في مقدمة أسباب هذا الاتساع في دور الدولة الزيادة السكانية المتصاعدة واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء نتيجة لعوامل داخلية وعالمية، هذا بالإضافة إلي ما يشوب كثير من المنظمات والجمعيات الأهلية من مخالفات أعلنها الجهاز المركزي للمحاسبات مؤخراً. وإذا انتهينا في المقال السابق إلي أن الفقر والأمية والسلبية السياسية تمثل غالبية لا يستهان بها من جموع شعبية مما تطرح معه تساؤلاً حول مدي إمكانية الاتفاق حالياً علي أن "من يملك قوته.. يملك قراره"، والعكس صحيح. وما بين المقال السابق.. والذي نوهنا عنه، وبين كتابة "البقية" التي تمثل التأكيد علي عنوان المقال ومدي أهمية وضعه في الاعتبار.. جاءت بعض الوقائع المهمة، سواء استمدت أهميتها من موضوعات تطرح بمؤسسات دستورية، أو تناقش بمنتديات للمجتمع المدني، أو منابر إعلامية مقروءة أو مسموعة أو مرئية.. وترتبط ارتباطاً شديداً بموضوع الفقر والفقراء، ومحدودي الدخل أو أن هذه الوقائع كان محورها تصريحات مهمة.. أو آراء صادرة عن شخصيات لها اعتبارها. وإذا كانت هذه الوقائع والتصريحات، تمثل في الجانب المطروح منها للمناقشة حتي الآن، دلالة عن أن ما ورد بتقرير التنمية البشرية لعام 2005 من ضرورة الانصراف تماماً عن "استمرار الوضع القائم" وأنه لابد من مواجهة مشاكل المجتمع بتطبيق نموذج جديد للنمو لمناصرة الفقراء.. أصبح يمثل القناعة التي تحرك المؤسسات ومواقع إصدار القرار من خلالها، إلا أن ما ساد المناخ المبدئي لمناقشة تلك الموضوعات، والتي لابد أن تنتقل وتنتهي تباعاً حتي تصبح سياسات عامة، ومتغيرات تطرأ علي الأبعاد التنموية والمعيشية في المجتمع، تعطي انطباعاً بأن البداية ساخنة في المناقشات، وأن الآراء متفرقة، وإن كان ذلك لا يفقد للود قضية إلا أنه من الواضح أن هناك تساؤلاً آخر يطرح من نفسه عما إذا كان ما يطرحه تقرير التنمية البشرية الذي صدر مؤخراً عن عام 2005 ويتحدث عن معالجة لأمور الفقر وموضوعاته حتي 2015، يمثل وثيقة لابد أن يتدارسها المتحاورون، حتي ينطلقوا بقناعتهم من بين سطوره، تأييداً أو رفضاً، وعلي الجانب الآخر هل أتي هذا التقرير بآرائه وقراراته (إن لم تكن علي مستوي اقتراحاته فقط) من بين أبناء وجموع الفقراء ومحدودي الدخل، أم أنه استن آراءه من خلال معايير أخري، لم يطرحها، أو يحاول ترويجها لإقناع الجموع التي ستنطبق عليهم، أو أعضاء المؤسسات ومواقع القرار الذين سيرحبون بكل ما جاء أو بعض ما جاء ثمرة لجهوده، فيكون القرار مرتكزاً علي بيانات علمية وعملية وتكون القرارات، عند صدورها، موضوع قناعة الجميع؟ وحتي تحسب لكل بداية، حساباتها، ولكل سخونة آثارها، فنماذج الموضوعات والقضايا وصور مناقشتها في الأيام القليلة الماضية، جاء أهمها وفقاً لما نشرته أ