ناصر 2014 لن يقسم العرب إلى تقدميين ورجعيين ولن يقول للأمريكان اشربوا من البحر...الأتراك والفرس يستخدمون الدين گواجهة «لكنتنة» العالم العربي وهو ذاته الهدف الأمريگى الصهيونى الرئيس المرتقب يدرك أن حل مشاكل مصر الأمنية والاقتصادية يرتبط بإعادة إحياء القومية العربية في مواجهة أطماع القوميتين الفارسية والتركية
محمد القصبى صوتي لمن؟ خلال أول انتخابات رئاسية أجريت في مايو 2012 وبعد 16شهرا من تدشين شبابنا تقويم مصر الجديد في 25يناير 2011 لم أتوقف كثيرا أمام البرامج الانتخابية للمرشحين..فالبرامج الانتخابية تبند تحت فئة الكلام..وفي بلادي كثير من فرسان المنصات ومناضلي الكلام..ولا فعل..بل منهم من تنتمي أفعالهم لدود الأرض..لذا أمسكت قلمي ووضعت علامة . أمام أسماء بعينها.. من ينتمون جينيا إلى التيارات الدينيةلأن هؤلاء في سعيهم للوصول إلى السلطةوبعد اقتناصها يمارسون أبشع وأكثر وسائل الإرهاب خبثامن خلال الإدعاء بأنهم وكلاء الله على الأرض..ويحاولون إيهام البسطاء-وماأكثرهم في بلادي- أن أي قرار يتخذونه هو وحي من السماء.. ومن يقول لا فهو يخالف مشيئة السماء..ومن يخالف مشيئة السماء فهو كافر.. سلاح خبيث لإشباع شهواتهم للسلطة لايمكن أن يخيب في مجتمع ينزع عشرات الملايين من أبنائه نحو التدين.. وحين اختار مكتب الإرشاد الدكتور محمد مرسي مرشحا للرئاسة فمن لايمنحه صوته فهو يتعاون على الإثم والعدوان ركون للظالمين وخاذل للصادقين ومضع للأمانة طبقا لفتوى الدكتور منير جمعة أحد علماء الجمعية الشرعية والمقرب من جماعة الإخوان المسلمين! ووصول مرسي إلى الاتحادية مشيئة إلهية لذا ليس من الدين إسقاطه حتى لو أخفق وكثرت أخطاؤه...وحين يقبل وزير الدفاع تفويض الشعب بعزل مرسي..فهو- وكما أفتى المرشد- ارتكب ذنبا يتجاوز هدم الكعبة..ومن يهدم الكعبة فهو كافر!!ومن يؤيد الكافر فهو مثله كافر..حتى لو كان مؤيدو السيسي الغالبية العظمى من الشعب! وحين قال شيوخ التخلف إن الوحي عاود النزول في رابعة بعد انقطاع أكثر من 1400سنة..وإن الملائكة حاربت مع المؤمنين خلال الاعتصام ضد قوات السيسي الكافر فعلى الناس أن تصدق..ومن لايصدق يرتكب ذنبا عظيما! لهذا أقصيت مرسي والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من حساباتي كمواطن مصري.. أما المرشحان الثوريان..حمدين صباحي وخالد علي فلم أتوقف أمامهما كثيرا..فمن خلال تجربتي كروائي وصحفي لأكثر من 35عاما انتهيت إلى أن المرء لاينبغي أن يتفاعل بصدق وإيجابية مع ما يقوله النخبويون..بل مع مع ما يفعلون..وأن دولة بحجم مصر في حاجة إلى رجل دولة..وليس إلى مناضلى منصات..ربما ينشطر مايقولون عما يفعلون بأخدود هائل.. كما لم أتوقف أمام اسم الفريق أحمد شفيق لأنه ببساطة ينتمي عضويا إلى مؤسسة مبارك..ولقد شاهدت أعضاء جمعية المنتفعين التي تنتمي للمؤسسة من أعضاء مجلس الشعب في دورة نوفمبر 2010 الكارثية ينفقون ببذخ لكي يدلي الناس بأصواتهم لصالح شفيق..نفس وجوه الحزب القميئة في قريتي والقرى المجاورة..كانوا يرون في شفيق عودة ميمونة لمؤسسة مبارك! لذا منحت صوتي لعمرو موسى..كان-نعم-وزيرا للخارجية في عهد مبارك..لكنه لم يكن منتميا لمؤسسته وجمعية المنتفعين..والأهم كان رجل دولة يعي تماما اللغة المتداولة في المحيط الإقليمي..ولديه القدرة على التعامل معها بمايحفظ مكانة مصر..لكن الصناديق ألقت في وجوهنا بشفيق ومرسي..والغريب أن أعدادا..تصل إلى الملايين انشطرت بين الخيارين المرين خلال انتخابات الإعادة..فريق منح شفيق صوته كراهية في مرسي والإخوان..وخشية أن يحكم التيار الديني..وفريق فعل النقيض تماما..منح صوته لمرسي كراهية لمؤسسة مبارك وخوفا من أن تعود..وثمة فريق بالملايين أيضا لزم بيته..إحباطا..أما أنا فكنت مع فريق رابع..توجهت إلى لجنة الانتخابات في كلية البنات بمصر الجديدة..وكتبت على ورقة الاقتراع :لا لحكم المرشد..ولا لعودة مبارك! ولقد دفع المصريون ثمن ارتباكهم وتصارع مرشحي "الثورة " ممن ينتمون للتيار المدني وعدم اتفاقهم على مرشح واحد في مواجهة مرشح الإخوان..وباقي القصة نعرفها جيدا..وسوف يسجل التاريخ أن تلك الانتخابات دشنت عام رمادة كان يمكن أن يطول ويصبح قرنا..لولا خروج عشرات الملايين من المصريين ليقولوا لا لحكم المرشد..ليتدخل الجيش بقيادة وزير دفاعه لصالح الشعب وللحيلولة دون أن تتحول مدن مصر وقراها إلى ميادين لحرب أهلية..خاصة وأن في الخندق المواجه لخندق الشعب جماعة تحركها شهوة السلطة التي أعمتها عن قراءة المشهد جيدا..وهي قراءة تنتهي لوكان بينهم عاقلا أن الشعب لايريدهم! وحاولوا الترويج أن ماحدث يعد انقلاباً عسكرياً هدفه إعادة مصر إلى زنزانة مؤسسة مبارك.. ويعلن المشير عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة أنه لاعودة لما قبل 25 يناير وأن ثورة 30 يونيه هدفها تصحيح مسار ثورة يناير.. ماذا يريد المصريون؟ وبدا السيسي في عيون أغلبية المصريين زعيما من طراز فريد.. وحين ينتهي استطلاع لجامعة "ميتشجان"الأمريكية،إلى أن 71% من المصريين يرون "أن الحكم العسكري والرئيس القوي مطلوبان في الظروف الراهنة"..فكل الشواهد على الساحة المصرية تشير إلى أن غالبيه المصريين يسعون بالفعل الى زعيم بوطنيه وطهارة وقوة عبد الناصر وانه موجود بالفعل وسيمنحونه اصواتهم. الناصري الحقيقي منذ عدة أسابيع توجهت إلى قريتي..التقيت به..دائما أحرص على لقائه كلما زرت القرية..صديقي وزميلي في سنى الجامعة وماقبلها..وكلانا نشأ في ذات البيئة الريفية القاسية بوسط الدلتا..تدهشني ناصريته.. يراها فعلا وليس خطبا رنانة..لذا حرص دائما على أن يفعل ما يتناغم مع فكر عبد الناصر.. مثلي خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة وارتضى بوظيفة أخصائي علاقات عامة في ديوان المحافظة.. وفي كل زياراتي للقرية نجلس نقتات ذكريات سنوات الجامعة ومظاهرات 72حين انفصل كعب حذائه ورجال الشرطة يلاحقونه..فكان أمام خيارين أحلاهما مر..أن ينحني لالتقاط الكعب المنشطر لإعادة تركيبه..وفي هذه الحالة سيقبض عليه بعد أن يطحنوه بهراواتهم الغليظة.. أو..يترك الحذاء بأكمله وينجو بجلده.. واستقر سريعا على الخيار الثاني..لكن ذلك كلفه حذاء جديدا مما سبب له ارتباكا ماليا ظل يعاني منه طيلة العام..ومع آخر يوم في امتحانات نهاية العام كنا نغادر القاهرة عائدين إلى القرية..ليجرجرني معه في صباح اليوم التالي مباشرة في رحلة البحث عن مدرسة! أسبوع أو أكثر نمضيه في مشاوير على الأقدام لإدارة التربية والتعليم بمدينة - لأننا لم نكن نملك قروش المواصلات –كي نقنع مسئوليها بتسليمنا المدرسة الإعدادية بالقرية.. معركة شاقة تنتهي دائما باقتناص الموافقة بعد توقيعنا على أوراق بمسئوليتنا عن أثاث المدرسة ومحتوياتها..ونبدأ في حشد زملاء الجامعة من أبناء القرية الذين ينتمون مثلنا إلى أسر بسيطة وفقيرة..لتتحول المدرسة إلى مركز لمحو أمية الفلاحين مساء..وفصول لتقوية الطلاب صباحا..وما كان الأمر سهلا..فكثيرا ما اتهمنا بنشر الأفكار الشيوعية وتحريض الفقراء على الأغنياء..لم يكن هذا صحيحا..في ظل الهجمة الشرسة التي تعرض لها عبد الناصر عقب وفاته ومحاولة محو كل ما حققه من مكاسب للشعب..كنا نضطر إلى تصحيح مفاهيم الطلاب..ونحدثهم عما فعله عبد الناصر لمصر.. وتم التحقيق معنا من قبل ضابط شرطة..وكان على قدر كبير من الوعي..وأدرك أهمية وسمو رسالتنا فتركنا.. خلال زيارتي الأخيرة للقرية التقيت بصديقي القديم كالعادة سألني:هتدي صوتك لمين في انتخابات الرئاسة؟ فقلت ضاحكا : زيك..لعبد الناصر! وفهم ما أرمي إليه فقال : أيوه البلد فعلا محتاجة لعبد الناصر..مش البلد وحدها المنطقة كلها مش هتظبط إلا بعبد الناصر.. -أنا معاك..خاصة إن عبد الناصر 2014 أكثر هدوءاً وحكمة.. فسارع للتصحيح : -مش معنى ده إن عبد الناصر بتاع الخمسينيات والستينيات كان متهوراً ومتسرعاً..الظروف دلوقتي مختلفة..ماينفعش إن عبد الناصر يقسم العرب لرجعيين وتقدميين..وما ينفعش يقول للأمريكان إشربوا من البحر..عبد الناصر بتاع 2014 شايف المشهد صح..بيوطد علاقات مصر مع روسيا..وفي نفس الوقت بيسعى إن علاقاتنا بأمريكا ماتتأثرش..و أظنه هيقدر يكسب ثقة الأوروبيين والصينين..كمان الراجل عارف إن مشاكل مصر هي مشاكل السعودية..هي مشاكل البحرين والإمارات ومشاكل الأمة..هو فاهم اللعبة اللي بتلعبها قوى إقليمية وعالمية ومدى خطورتها على العرب..ولما كان وزيراً للدفاع أدار ملف العلاقات العسكرية مع واشنطن وموسكو بطريقة ذكية..وكمان المناورات العسكرية اللي عملها مع الجيش السعودي والإماراتي والبحريني كانت رسائل لها دلالاتها العميقة..ولما قال إن جيش مصر مش هيتوانى عن مساعدة أية دولة عربية بتتعرض للخطر ما كانش على سبيل الفرقعة الصحفية..الراجل ده ما لوش في الفرقعات..ولم ينافق حينما قال قواتنا هتكون في أية دولة عربية مهددة.. يادوبك مسافة السكة..عبد الناصر 2014 زي عبد الناصر 52 فهو مدرك إن مشاكلنا واحدة ولازم تتحل من خلال محور عروبي قوي.. -علشان كده الأستاذ هيكل أصاب لما وصفه بالرئيس الضرورة الرئيس الموظف ويواصل صديقي : -مصر الظاهر في حاجة دايما لزعماء مش موظفين..ودي كانت مشكلة مبارك..كان كبير الموظفين في الدولة..والفرق كبير..الموظف ماعندوش القدرة على اتخاذ قرارات مصيرية....يعني لو مبارك كان ضابطاً في الأربعينيات ماكنش هينضم لتنظيم الضباط الأحرار ولو جه مكان عبدالناصر ما كانش هياخد قرار تأميم قناة السويس.. ولو جه بعد عبد الناصر..ما كانش هياخد قرار الحرب في 73..ولاقرار زيارة إسرائيل..وكامب ديفيد.. ده موظف تنفيذي بيشتغل تبع اللوائح....وحتى مرسي كان موظفاً..مندوب مكتب الإرشاد في الاتحادية..بينفذ تعليمات المرشد..ظروف مصر تحتم عليها أن يكون على رأس الدولة زعيم.. ولما بيبقى فيه زعيم بتبقى في زهوتها..أحمس..رمسيس..إخناتون..تحتمس.. محمد علي..عبد الناصر..السادات....حتى لو اختلفنا مع توجهاتهم إلا أنهم كانوا يملكون صفات الزعامة..والزعيم دايما عنيه بتبقى مفنجلة على اللي بيحصل في الجغرافيات المجاورة..مش جغرافية بلاده بس..وده متوفر في عبد الناصر الجديد.. ألا يبدو هذا مدهشا!..صديق طفولتي من خلال منزله المطل على ترعة قريتنا في دلتا مصر يرى..ربما ما لايراه نجوم الفضائيات والنخبويون في العاصمة.. صراع قوميات وتلك كانت واحدة من القضايا التي شغلتني عبر ربع القرن الأخير..ومازالت..ولم أكف عن الكتابة عنها..لكن ومثلي.. قليلون ممن يقرأون خريطة المنطقة بشكل مغاير لما هو سائد كمن يؤذنون في مالطة! فالصراع في المنطقة هو في جذوره صراع قوميات وليس صراعا دينيا أو مذهبيا..حيث يضم الإقليم ثلاث قوميات.. الفارسية..والتركيةوالعربية..وما الصراعات الأخرى مذهبية أو دينية ليست في معظمها سوى وسيلة لتحقيق أهداف ومصالح قومية. وبالطبع لاينبغي أن نغفل هذا الكيان الصهيوني المصطنع الذي زرعته الكوليانية الغربية في الجغرافية العربية لتحقيق مصالحها ومانجم عن ذلك من صراعات وحروب مريرة..إلا أنه كيان لايملك مقومات الديمومة..فهو يتكيء في بقائه على ظروف دولية دان فيها العالم للغرب الاستعماري..والتاريخ يقول لنا دائما إن مراكز القوى دائما تتغير..وخلال جيل أو عدة أجيال قد ينتقل مركز القوة من ضفتي الأطلنطي إلى ضفاف أخرى شرقا..كما أن إسرائيل تعاني من تهديدات تتعلق بالتركيبة السكانية والتركيبة الدينية..تجعل من ديمومة الدولة العبرية على المحك! كما أن مواجهة أطماع هذا الكيان المصطنع لن يكون من خلال إمارات إسلامية تزرع في قلب هذه الدولة العربية أو تلك..فما تلك الإمارت والحركات المذهبية ليست سوى أوراق في أيدي القوميتين الفارسية والتركية لإضعاف وتقويض القومية العربية..وليس للجهاد ضد إسرائيل..بل أن سعي الفرس والأتراك ل "كنتنة " العالم العربي يتفق تماما مع المخطط الأمريكي..والحلم الصهيوني..فالخيار الوحيد أمام إسرائيل لتبقى تمزيق العالم العربي إلى دويلات دينية وعرقية..تهدر طاقاتها ومواردها في الصراعات فيما بينها فيما بينها. فالمذهبية الشيعية مجرد عباءة تتخفى فيها طموحات القومية الفارسية..ولايخفى على أحد الدعم السخي الذي تقدمه طهران لجماعات مثل حزب الله في لبنان وتمرد البحرين والحركة الحوثية في اليمن والتي تسمي نفسها ب" أنصار الله"" في عام 2012 ضبطت السلطات في صنعاء خلية من الجواسيس الإيرانيين..وفي 23يناير 2013 أوقفت البحرية اليمنية سفينة محملة بكميات كبيرة من الأسلحة الإيرانية في طريقها للحوثيين" .. وأيضا لايخفى على أحد محاولة تخليق مد شيعي في مصر..وثمة مركز دراسات يرأسه كاتب مصري..مهمته الترويج للتوجهات الإيرانية..ومن الأبحاث التي قدمت في إحدى ندوات المركز دراسة لباحث مصري يطالب بتدويل الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية..والهدف بالطبع أن يكون لإيران وجوداً عبر قوات دولية إسلامية تشارك في حماية الحرمين الشريفين!!..والصراع المشتعل في العراق في جوهره صراع بين القومية الفارسية والقومية العربية..حتى لو كانت الشعارات المرفوعة دينية مذهبية..وتأجيج العنف الشيعي في العراق واليمن ولبنان وسوريا يدفع حركات سنية متطرفة كالقاعدة إلى أن تلقي بثقلها في الساحة لمواجهة المد الشيعي. إيران تلعب بالنار ومن المفارقات الصارخة أن الفرس حين يستخدمون ورقة التطرف المذهبي لتحقيق مآربهم القومية في المنطقة فبلادهم يمكن أن تكون فريسة سهلة للإرهاب الديني والعرقي فإذا كان الفرس يشكلون 51% من التركيبة السكانيةفيإيران طبقا للتقديرات الأمريكية..فالأذريون"أتراك"يمثلون 24%..والجيلاك والمازندرانيون 8% والأكراد 3% والعرب 3% بالإضافة إلى عرقيات أخرى..وطبقا للتقديرات الإيرانية الرسمية تشكل السنة 10%..بينما تؤكد مصادر سنية أنهم يمثلون 30%..وتقدرهم مصادرمستقلة..بحوالي 20%..أي حوالي 18مليونا. هذا يعني أن إيران يمكن أن تكون تربة خصبة للعنف العرقي والمذهبي..خاصة مع نبرة التعالي الفارسية الشيعية في التوجهات الرسمية. ولايخفي المسئولون في طهران قلقهم الشديد..فالعديد من التصريحات الرسمية خلال الأعوام القليلة الماضية تؤكد أن إيران لا تعتبر الإسلام السلفي أو الجهادي تهديداً لمصالحها في الشرق الأوسط فحسب، بل للأمن القومي الفارسي أيضا..ً يمكنه أن يتحول إلى عنف في ضوء حالة الاستياء العرقية في بلوشستان ومحافظة كردستان الغربية في إيران.. وحالة القلق هذه عبر عنها رئيس السلطة القضائية الإيراني صادق لاريجاني في تصريحات له حين أبدى مخاوفه من أن يتحول إقليمَا كردستان وبلوشستان إلى أرض تدريب أو ميادين قتال محتملة للمقاتلين السلفيين الأجانب! وقد شهدت الشهور الأخيرة تنامي الوجود السلفي المتطرف في كردستان وبلوشستان الإيرانيتين ففي أكتوبر من العام الماضي نظمت مجموعة من الإسلاميين المتطرفين مسيرات في شوارع جوانرود في إقليم كردستان الإيراني، رفعوا خلالها أعلاماً سوداء وسيوفاً، ورددوا شعارات "الله أكبر" وأثاروا الرعب في نفوس سكان المدينة.وفي شهر نوفمبر أعلنت "كتائب عبد الله عزام" المرتبطة ب تنظيم «القاعدة» مسئوليتها عن هجوم انتحاري مزدوج على البعثة الإيرانية في جنوببيروت، وهو الحادث الذي أدى إلى مقتل ثلاثة وعشرين شخصاً، من بينهم الملحق الثقافي الإيراني. كما أعلنت الجماعة ذاتها بأنها نفذت التفجيرين اللذين وقعا في بيروت في 19فبراير الماضي.. ويخشى القادة الإيرانيون الآن من أن يتسع نطاق الأعمال المناهضة للشيعة ليصل إلى الأراضي الإيرانية..:وثمة عمليات تمت بالفعل داخل إيران.. ففي 8 فبراير الماضي أعلنت الجماعة السلفية المسلحة "جيش العدل" التي تعمل في إقليم بلوشستان الإيراني، بأنها قد احتجزت خمسة جنود إيرانيين كرهائن. وفي 5 ديسمبر، قتلت الجماعة ذاتها ثلاثة أعضاء من "فيلق الحرس الثوري الإسلامي". وقد تكون هذه العمليات في أحد أسبابها ردا على الدعم الهائل الذي تقدمه طهران لجماعات شيعية متطرفة في اليمن والبحرين وحزب الله في لبنان..وهو الحزب الذي نشأ وترعرع في ظل أبوة فارسية مداعبا الجماهير العربية المحبطة بحلم التصدي للكيان الإسرائيلي الذي تقاعست الأقطار العربية عن مقاومته.!وماكان هذا أبدا هدف طهران من تأسيس الحزب..إنما زرع كياناً تابعاً لها ويأتمر بأوامرها في قلب دولة عربية..وهذا ماتحاول أن تفعله في اليمن وعلى الحدود السعودية.. وهو أمر يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي. وكما نرى فالدولة الفارسية ليست بمنأى عن ألسنة لهب التطرف الديني..ومع ذلك تسعى إلى تغذيته في الجغرافيا العربية لتفتيتها وإضعافها مما يسهل عليها تحقيق مصالحها القومية في المنطقة.. حصان طروادة التركي و من جانبها تكابد القومية التركية لأن تجد لها مكانا في ميادين الصراع تلك من خلال تقديم الدعم المادي والسياسي والاستخباراتي لتنظيم الإخوان المسلمين..مداعبة أحلامهم بإمكانية احياء الخلافة الإسلامية..الأمر الذي يمثل محورا أساسيا في أدبيات الجماعة..ومن المؤرخين من يربط بين سقوط "الخلافة " العثمانية عام 1924و ميلاد جماعة الإخوان بعد ذلك ب 4سنوات..وكأن تأسيس الجماعة جاء لإعادة إحياء دولة الخلافة..وماكانت دولة آل عثمان بخلافة إسلامية..بل إمبراطورية استعمارية ذاقت فيها الشعوب المغلوبة على أمرها مثل المصريين أشد وأقسى ألوان الذل والاضطهاد..,وقد انكشف زيف إدعاءات آل عثمان بأنهم أحيوا مجددا دولة الخلافة..مع الهزائم المتلاحقة التي مني بها الجيش العثماني أمام جيش محمد علي في ثلاثينيات القرن ال 18والذي كان يقوده إبنه إبراهيم حيث توغلت القوات المصرية في الأراضي التركية..فاستغاثت الاستانة بالقوى الأوروبية "الكافرة " لإنقاذها..فكانت اتفاقية لندن عام 1840 التي ألزمت محمد علي بسحب جيوشه والتقوقع داخل الجغرافية المصرية....وهل من شيم خليفة المسلمين السلطان عبد الحميد الثاني أن يوصم مجاهدا مسلما مثل أحمد عرابي بالعصيان والتمرد لأنه قاوم "الكفرة " الانجليز حين سعوا لاحتلال مصر عام 1882؟. ومانراه الآن ببساطة أن رئيس وزراء تركيا رجب أردوغان.. وبعد فشل بلاده في الانضمام للاتحاد الأوروبى ..اتجه شرقا ليحاول أن يحقق أحلامه عبر عباءة أخرى..عباءة الخليفة..وصدقه الإخوان..هم أيضا يحلمون بعودة دولة الخلافة..سواء كان الرأس الأعظم رجب أردوغان أو كيم آيل سونج..المهم أن يقول إنه مسلم..وليس مهما أن تتفتت الجغرافيا العربية إلى ولايات كل مايربطها بدولة الخلافة في الاستانة..وجود وال..مهمته الرئيسية وربما الوحيدة جمع الضرائب ولو بالسياط وإرسالها إلى السلطان الخليفة لينفق منها على حريمه وخصيانه.. كان استعمارا وليست خلافة . وما لايعرفه عشرات الملايين من بسطاء المسلمين في العالم العربي أن الاستعمار العثماني كان وبالا على الأمة العربية..فقد سعى سلاطين بني عثمان إلى تفريغ الحواضر العربية من الصناع والحرفيين المهرة والفنانين والمعماريين..ومن مصر وحدها نقل السلطان سليم الأول أرباب 51 حرفة إلى الاستانة. كما فرض هؤلاء السلاطين نظام الجباية -الضرائب- والذى تعد الأسوأ عبر التاريخ..وكان ضحيته الأولى ملايين الفلاحين في الولايات.. حيث كانت تلك الضرائب تحصل مقدما من "الملتزم " والذي يلهب ظهور الرعية لاستعادة ما دفعه أضعافا..لتصل بعد تقليصها من قبل الوسطاء اللصوص إلى الاستانة..فتنفق في سفه على شراء الجواري والخصيان..ويقال في هذا الصدد إن ثلث ميزانية الدولة التي كان أحد مواردها الرئيسية الضرائب التي تنتزع من لحم فقراء الرعية يخصص للانفاق على قصور السلاطين.. وقد أدى هذا النظام المتعسف إلى هروب أعداد كبيرة من الفلاحين وتركهم أراضيهم الزراعية لتتعرض للبوار. المطبعة حرام فإذا كان النظام الضرائبي مسئولا عن انتشار الفقر والظلم..فالنظام التعليمي أيضا كان مسئولا عن تفشي مظاهر التخلف والجمود.. حيث أهمل السلاطين التعليم المدني..بينما كثفوا جل جهدهم في نشر التعليم الديني المنغلق..وشاعت حالة من التوجس إزاء الانفتاح الفكري والعلمي الذي شهدته بلدان غرب أوروبا..ونظر المحافظون في الدولة العثمانية إلى الكثير من أوجه التقدم في الغرب على أنها بدع تمثل تهديدا للقيم الإسلامية..لقد اخترع الألماني جوتنبرج حروف الطباعة عام 1453..كانت نبراسا أمام الطامحين من البشرية نحو عالم أكثر فهما ومعرفة وتواصلا..ومن بين هؤلاء من ذوي الفكر المستنير عرب ومسلمين..إلا أن الغلبة كانت لفريق آخر في الدولة العثمانية أخافوا الأمة بفتاويهم التي حرمت المطبعة.. ومن وجهة نظرهم أن جوتنبرج ما اخترع حروفه الشيطانية تلك إلا لتحريف القرآن الكريم والسنن النبوية الشريفة! وظلت المطبعة محظورة على العالم الاسلامي لأكثر من ثلاثة قرون الى أن أدرك أولو الأمر..خاصة مع طباعة كتاب " وصف مصر " باللغتين العربية والفرنسية في مطلع القرن التاسع عشر من خلال المطبعة التي أتى بها نابليون بونابرت أثناء حملته على مصر "1798 - 1801 " أن اختراع جوتنبرج وسيلة حميدة لنشر المعارف..بما فيها الكتب الدينية..وما حدث مع المطبعة حدث أيضا في مجالات شتى..حيث كان المتشددون مثلا يرون في الترجمة من اللغات الأخرى خطرا على المسلمين.. وقد تضافرت هذه العوامل مع انتشار الفساد إلى وصول الخدم والخصيان والطباخين إلى مناصب رئيسية في دولة الخلافة..ليزداد الجهل والتخلف انتشارا. فهل دولة هذا حالها..حتى لو لم تكن أساليبها في تسييس أمور الرعية مشابهة لأساليب الكوليانية الغربية..جديرة بأن نتباكى عليها! إن أردوغان لايعنيه سوى إحياء المجد التركي..مستخدما الإخوان المسلمين حصان طروادة ليتسلل منه إلى قلوب المسلمين البسطاء..وأحد أسلحته..تقويض الأمن القومي العربي..بل وتفتيت الجغرافيا العربية إلى إمارات كما يحدث الآن في ليبيا..وكما حدث في قطاع غزة..ومن خلال عملية الكنتنة تلك واستغلال جماعة الإخوان التي أعمتها شهوتها المتأججة للسلطة..يصبح من السهل لأردوغان تحقيق حلمه القومي العثماني . إذن هو الرئيس الضرورة! ومن خلال تلك الرؤية ندرك أن الإرهاب الذي تعاني منه مصر..المستهدف به الأمن القومي العربي..والعديد من القادة العرب يعوون ذلك جيدا....وهم يدركون أن سقوط مصر تحت وطأة الإرهاب ضربة موجعة للأمن القومي العربي..وبالتالي لهم..وهم يدركون أيضا أن مصر القوية اقتصاديا ستكون خط الدفاع الأول عن العروبة في وجه المتربصين بها داخل الإقليم أو خارجه.. لذا لايتوانون عن تقديم الدعم السياسي والاقتصادي وبسخاء لمصر..لذا يأملون أن يفوز هذا المرشح الذي أثبت في ثورة 30 يونيه..ومن خلال مشاركته في إدارة الصراع ضد جماعة الإخوان والجماعات الإرهابية..وتلبيته لنداء الدول الشقيقة المدركة للمخاطر التي تحاك بالأمن القومي العربي بإجراء مناورات عسكرية مشتركة..وإدارته باقتدار لملف العلاقات العسكرية مع القطبين الولاياتالمتحدةوروسيا.. إنه الرئيس الضرورة! لكن صديقي..إبن قريتي..الناصري بالفعل..وليس بالميكروفونات يهاتفني منذ عدة أيام مفزوعا..حاولت تهدأته..دون جدوى..بل ويستنكر هدوئي : ألا تشعر بالقلق؟..المطبلاتية يحاصرون الرجل....يروجون في الفضائيات أنهم رجاله وسدنة معبده؟ هؤلاء ينتقصون من محبة الشعب له.. ألا يعرف تاريخهم؟ ألا يعرف أنهم كانوا أيضا رجال مبارك وصفوت الشريف..ومنهم من كان في لجنة السياسات!! قلت بهدوء : -يعرف.كل هذا وأكثر مما لاتعرفه ولا أعرفه..ولا أظن أنه سيكون لأي من هؤلاء وجوداً في دائرة السلطة.. بعد نجاحه بإذن الله..