قامت الصحوة الإسلامية كرد فعل لهزيمة 1967 وبدأ المجتهدون يفكرون في تمكين شرع الله في الأرض لظهور بعض المظاهر السلبية. وكانت جماعة الإخوان متجسدة في العقول بالرغم من وجود الإخوان في السجون وكانت أدبيات الإخوان من خلال كتبهم وبعض من لم يتم القبض عليه وجاءت في مذكرات طلال الأنصاري ذكر الأسماء. ولسُت معنيا إلا بالأفكار وفي تلك الفترة ظهرت كتابات المفكر سيد قطب مع كتب شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ محمد بن عبد الوهاب وبالطبع كتابات الشيخ حسن البنا والمودودي. واجتهد المجتهدون فظهر شكري مصطفى بفكرة الهجرة وقد تأسست الفكرة في السجون على يد الشيخ على عبده إسماعيل ثم رجع عنها بعد أن تمسك بها شكري مصطفى في سجون عبد الناصر. وكان السؤال كيف نحكم شرع الله بيننا فيسود الخير على العباد والبلاد الإسلامية وغيرها. فظهر فكر تغيير المنكر وأرضى الطرق لله لتطبيق شرعه الحنيف . وظهرت فكرة خروج الصالحين على أئمة الجور وكان الحسين رضي الله عنه النموذج وكذلك عبد الله بن الزبير وأمثالهما من الصالحين. ولا أريد أن أطيل فتسارع بعض الشباب لتغيير المنكر كما حدث من قبل من خلال إنقلاب على الملك سنة1952وكانت حججهم هي نفس حجج الإخوان الذين وقفوا بجوار ثورة1952 لتغيير المنكر. وكانت النتيجة الصدام وكانت أول محاولة للإنقلاب في عهد السادات حادثة الفنية العسكرية. ومع التسليم بالمآخذ التي يأخذها المجتهدون على حركة الفنية العسكرية إلا أنها تظل تجربة كان لها تداعيات على العمل الإسلامي سواء بالسلب أو الإيجاب. وترتب عليها من وجهة نظري كل حركات الجهاد بعد ذلك فحركة 1977 المسماة بأول قضية جهاد ما هي إلا امتداد لتنظيم الفنية العسكرية وهم من أخذوا براءة في قضية الفنية العسكرية. ثم قضية 1979 التي كان فيها محمد عبد السلام فرج ولم يقبض عليه ثم قضية قتل السادات 1981 . وتداعت الأمور من محاولة لقلب نظام الحكم إلى أخذ بالثأر ومحاولة لاضعاف الدولة ثم حدث أن تراجع الإخوة من المواجهة إلى المراجعة واستمرت الدولة ونظامها في التنكيل بهم . وبالرغم من إلتزام الإخوة بالعهد ونبذ العنف استمر التنكيل جزئيا وتأخر النظام كعادته في االاستجابة لأبناء الوطن بالمصالحة وأن يأخذ الإخوة حق المواطنة الذي حرموا منه طويلا بمحاكم استثنائية واعتقالات بالسنوات الطويلة. وطال الاضطهاد وطال السجن حتى بلغ ثلاثون عاما وارتفعت الأكف ضراعة لله لفك أسر المظلومين فقامت الثورة وخرج الإخوة. ولأول مرة منذ سنوات ينعم الجهاديون بحق المواطنة ويحاولون تكوين أحزاب تعبر عن رؤياهم. وبعد أن مضت السنون أجد أن التفاوض مع المخالف أولى من الصدام ونحن أمة واحدة وثقافة واحدة وأجد أجدر الناس على التفاوض هم أصحاب التجارب الذين يعرفون معنى التصادم ويعرفون ثمنه فإذا تصادموا كانوا أهلا لذلك.