بعد الحجم الكبير من الجرائم البشعة والمريبة التي تشهدها شوارع مصر من سرقة وقتل وبلطجة وجدنا أن المواطنين يتحولون إلى رجال أمن وقضاة ، من خلال القبض على الجاني وعدم الاكتفاء بذلك فقط ولكن إصدار الحكم وتنفيذه أيضا ، مبررين ذلك بحالة الفراغ الأمني التي تعيشها البلاد والتي أدت إلى انتشار مثل تلك الحوادث مؤخرا . ففي الآونة الأخيرة انتشرت المطالبات بتطبيق حد "الحرابة" بشكل كبير، وهذا الحد في الشريعة الإسلامية هو القتل أو الصلب لمن يخرج بالسلاح على الناس لأخذ أموالهم أو قتلهم وهتك عرضهم وغير ذلك، غير أن جمهور الفقهاء أجمع على أن تطبيقه يكون بيد ولي الأمر أي السلطة التنفيذية .
ويسقط حد الحرابة بتوبة الجاني أو قاطع الطريق، وذلك قبل أن يقبض عليه الحاكم، فإذا قدر عليه الحاكم بعد ذلك عفي عنه ما ارتكبه في حق الله، أما ما ارتكبه في حق العباد فلا يعفي عنه، وتكون العقوبة من قبيل القصاص، والأمر في ذلك يرجع إلى المجني عليهم لا إلى الحاكم، فإن كان قد سرق فقط يرد ما أخذه إلى صاحبه، وإن هلك رَدَّ مثله أو قيمته، ولكن لا يقام عليه الحد.
من الشرقية للغربية فأمس وقع حادثين لا يفصل بينهما إلا ساعات قليلة، حيث تحول المواطنون إلى قضاة ينفذون الأحكام على الجناة ، ففي الشرقية لقى لصان مصرعهما على يد أهالي قرية أولاد سيف التابعة لمركز بلبيس، لقيامهما بسرقة" معزة"! . فقد قام الأهالي بطريق "بلبيس –كفر أباظة" بالتعدي بالشوم على شخصين مما أدى إلى مصرعهما بالحال متأثرين بإصابتهما بكدمات بجميع أنحاء الجسم.
وأفادت التحريات الأولية قيام 3 أشخاص مجهولين الهوية بسرقة معزة من أحد الأهالي بالطريق عند مدخل القرية وأثناء فرارهم تمكن أهالي القرية من ملاحقتهم وضبطوا شخصين فى حين تمكن الثالث بالفرار، وقام الأهالي بالتعدي عليهما بالشوم والعصى حتى لفظا أنفاسهما الأخيرة وجار تحديد هوية المتوفيين.
كما شهدت محافظة الغربية حادث مشابه ولكن الجريمة مختلفة ، حيث قام اهالي قرية بسمنود بإلقاء القبض علي عاطلين تخصصا في خطف الاطفال والنساء وطلب فدية قاموا بمطاردتهما وسحلهما حتي لفظا انفاسهما الاخيرة وتعليقهما بمحطة للركاب لاكثر من 4 ساعات كاملة ليتفرج عليهما المارة.
وقد تبين ان الأهالي شاهدوا اللصين اثناء محاولتهما خطف طفل فقاموا بمطاردتهما مما دفعهما لخطف توك توك ومحاولة الفرار به الا ان الأهالي تمكنوا من القبض عليهما وسحلهما حتي لفظا أنفاسهما ثم قاموا بتعليقهما علي محطة للركاب لاكثر من 4 ساعات وقطعوا الطرق لمنع الشرطة والاسعاف من إنقاذهما وتحرير جثتيهما.
وقال شهود عيان أهالي القرية منعوا المواطنين من الاقتراب منهما حتي يلفظا انفاسهما الاخيرة ببطء. حتي يكونا عبرة لاي لص تسول له نفسه مهاجمة القرية وخطف الابناء والسيدات.
قررت نيابة مركز سمنود بالغربية ندب الطبيب الشرعي لتشريح جثتي اللصين في واقعة سحل الاهالي بقرية محلة زياد وتعليقهما بموقف القرية حتي الموت وطالبت النيابة بسرعة إجراء التحريات حول الواقعة وملابساتها.
وفشلت محاولات أجهزة الأمن في إنقاذ اللصين من بطش الأهالي الذين هللوا وكبروا عقب تلك الواقعة . مؤكدين ان المتهمين سبق لهما ان قاما بعدة وقائع سرقة.
كما تداول نشطاء الفيس البوك تصدي المواطنين لمحاولة سرقة سيارة من خلال قطع يد سائقها على محور 26 يوليو إلا أن الجناة فشلوا في إتمام جريمتهم ، ولقنوا علقة ساخنة وتداول النشطاء صور هؤلاء الجناة بعد ضربهم .
وهناك من أيد هذا المشهد: Emam Hasan والله كان لازم يقطعوا ايدهم قبل ما يسلموهم للشرطه الشرطه هتعمل ايه شويه وهتطلعهم لكن لو اتقطعت ايده هنضمن انه لن يعتدى على احد Amal Farouk ياريت يتعمل فيهم زى ما اتعمل مع البلطجيه ف الغربيه .. يارييييييييت Adel Ahmed منا عندى فى بلدى الشباب قطعوا اتنين بلطجيه وعلقوهم عالمحطه Haitham Kassem لااااافي حد يعمل كده في الثواااار السلميين!!! Ali Ahmed ضبطيه قضائيه وتنفيذ حكم فوري هو يعني الشرطه تحرر غرامه فوريه الشعب كمان عنده حكم فوري ده لو كان دخل السجن كان زمانه في بيته ومش عايز واحد سوسو يقول هو ده الإسلام ,, ويااااااى ايه الوحشية دى ، دول مجموعة من المجرمين حاولوا سرقة مواطنين بالإكراة وتم قطع يد سائق وعلى الفور تصدى لهم المواطنين Hoka Haddad والله بجد اجمد عقاب لبلطجيه ..وياريت معدش يتعاطف معهم لانه لو في موقف الضيحه للبلطجيه كان هيعمل اكتر من كده إلا أن هناك من يروا أن العقاب يجب أن يكون من خلال القانون قائلين: Ñåglå Ahmed كانو يودوه للشرطة طيب Nana Memo مش اى حد ينفذ الحكم فيه جهات قانونيه هى اللى تعمل كدا والا مش هيبقى فيه هيبه للقانون اللى بيستمدها مننا احنا المواطنين
وبعد وقوع تلك الجرائم نتساءل هل نحن في دولة قانون أم تحولت مصر إلى غابة ، يفعل فيها كل شخص ما يريده دون الرجوع للجهات القانونية ؟.
وفاة الدولة وجاءت هذه الحوادث بعد أسبوع من قرار أصدره النائب العام المصري طلعت عبد الله يخول المصريين بالقبض على الخارجين على القانون المتلبسين بارتكاب جرائم وتسليمهم للشرطة، وهو ما أثار جدلا كبيرا في البلاد ومخاوف من إمكانية أن تفتح مثل هذه الدعوة الباب أمام قيام الحركات الإسلامية بتشكيل ميليشيات تحت ذريعة حفظ الأمن خصوصا في ظل الاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد منذ عدة أشهر ، إلا أنه تم نفي صدور هذا القرار فيما بعد.
وتعليقا على حادث الغربية، نقلت وكالة أنباء "الأناضول" عن وزير العدل المصري أحمد مكي قوله :"إن "تطبيق المواطنين لحد الحرابة بأنفسهم على البلطجية وقطاع الطريق هو دليل واضح علي وفاة الدولة".
وأضاف الوزير أن "الحكومة التي تسمح بذلك هي حكومة ظالمة ، لأنها لا توفر الحماية لأفرادها "، في انتقاد علني للحكومة التي ينتمي إليها.
كما عقب الدكتور محمد البرادعي على قيام أهالي قرية بالغربية بقتل شخصين حاولا خطف فتاتين بقوله إن النظام غير قادر علي أن يكفل الأمن عليه أن يرحل. وقال البرادعي عبر حسابه على ''تويتر'' مساء الأحد: ''المواطنون يطبقون حد الحرابة بأنفسهم ! فاض الكيل : نظام غير قادر علي أن يكفل الأمن عليه أن يرحل''.
دولة مليشيات ولاقى تطبيق حد الحرابة استنكار من العلماء ورجال الدين، حيث رفضوا هذا التصرف الذى سيؤدى لدولة ميليشيات مسلحة، ومن الممكن أن يؤدى لحرب أهلية لو استمر هذا الوضع. وأكد علماء ورجال دين أن تطبيق حد الحرابة موكول إلى الحاكم أو من ينيبه الحاكم كالقاضي ونحوه، ومن ثم فلا يجوز تطبيق هذا من آحاد الناس لما فيه من افتاءات على سلطات الحاكم ، ومن يفعل ذلك يجب على الحاكم معاقبته وتعزيره بما يزجره عن معاودة هذا السلوك مرة أخرى.
إلا أنهم أشاروا في الوقت نفسه إلى أن على الدولة أن تضطلع بدورها في أن تحفظ على المسلمين أمنهم، بحيث تؤمن جموع الناس مسلميهم وأقباطهم على دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم بما يكفل لهم حياة هادئة أمنة مطمئنة، وإذا لم تقم بهذا الدور؛ فهي مقصرة في هذا الجانب.
من جانبه أرجع الناشط الحقوقى محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، سبب ظهور مثل تلك الجماعات وتطبيقها لحد الحرابة فى كثير من الأحيان إلى غياب دولة القانون الذى سمح للجميع بممارسة "البلطجة" خلف ستائر دينية أو سياسية أو حتى اجتماعية، فالجميع الآن يمكنه تأسيس جماعة بمرجعيات مختلفة، حتى أصبحنا أمام حالات كثيرة لسفك الدماء سواء كان على يد تلك الجماعات الإسلامية المتطرفة أو حتى بعض الحركات الثورية وكل هذا سببه عدم قدرة الداخلية على فرض سيطرتها .
واتفق معه الشيخ محمود إمبابى وكيل الأزهر السابق قائلا: "ما يحدث غياب أمنى فاضح وفوضى ناتجة من غياب الدولة، ولا يجوز تطبيق الحد إلا بواسطة ولى الأمر أو الحاكم وفقا لضوابط شرعية وقانونية، ولا يمكن لأى إنسان أو لأى طائفة الحق فى تطبيق الحدود الشرعية، ولابد من التحقق أولا بدقة توافر الشروط والضوابط الشرعية لتطبيق الحرابة على شخص بعينه".
الداعية الدكتورة ملكة زرار علقت على الأمر بقولها: "من يقيم حد الحرابة دون فهم لشرعية الحد وآلية تطبيقه، فضلا عن عدم التحقق من مدى أحقية تطبيق الحد على أى شخص لابد من تطبيق الحد علية نفسه لأنه هو من يشيع الفوضى ويثير الرعب فى نفوس الناس ، فالجزاء من جنس العمل".
مطالبات سابقة وتوالت هذه الجرائم مع توالي المطالبات بتطبيق حد الحرابة في مصر ، فقد طالب نائب بمجلس الشورى في أكتوبر بتطبيق عقوبة الإعدام أو "حد الحرابة" على تجار المخدرات ومدمنيها. وقال النائب علي عبد التواب خلال جلسة للمجلس لمناقشة مشكلة الإدمان وخطرها على مستقبل الشباب إن المملكة العربية السعودية تطبق حد الحرابة على تجار المخدرات، مطالبا بتطبيق عقوبة الإعدام على تجار المخدرات وعلى المدمنين.. بحسب ما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط. وطالب النائب باتخاذ الإجراءات لوضع هذه العقوبة ضمن إفطار التشريعي من أجل الحد من مشكلة الإدمان. ووجه النواب انتقادات حادة للحكومة لتقصيرها في التصدي لمشكلة الإدمان، وأشادوا بأداء أجهزة الأمن تحت قيادة وزير الداخلية، اللواء أحمد جمال الدين، خلال الفترة القصيرة التي تولى فيها الوزارة في التصدي لمشكلة المخدرات وترويجها، مطالبين بالمزيد من الحملات على مروجي المخدرات، والأفراح الشعبية التي تروج فيها المخدرات علنًا.
كما طالب قال الدكتور محمود شعبان أستاذ البلاغة بجامعة الأزهر وتحديدا على قناة العربية إن مصر لن تنصلح إلا بتطبيق حد الحرابة، وتطبيق شرع الله.
ودعا النائب عبدالله سعد عن حزب النور السلفي أيضا إلى إصدار قانون خاص بالبلطجة يطبق فيه "حد الحرابة" تنفيذا لتعاليم الشريعة ، وعملا بالقرآن الكريم.
إلا أن هذه المطالب بالتأكيد تشير إلى تطبيق هذا الحد بيد الحاكم أو ولي الأمر وليس من خلال قيام المواطنين بهذا الدور.