رغم تأكيدات الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية وحكومته أن الاقتصاد المصري في مأمن من الإفلاس في ظل العودة للإنتاج والاستقرار والحفاظ على مقدرات الوطن، ومع حلول عام جديد وتغييرات وزارية، إلا أن هناك حالة من الترقب للوضع الاقتصادي فى مصر ومخاوف من أن تزداد الأزمة سوءا وأن تواصل سلبيات العام الماضي امتدادها للعام الجديد. ودعا خبراء الى عدم الانسياق وراء الشائعات رغم خطورة الوضع الاقتصادي في مصر بسبب تراجع الإنتاج وتراجع الاحتياطي النقدي وتراجع تصنيف مصر السيادي وعدد من البنوك الى مرحلة خطرة للغاية مع تراجع الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية.
وقال الخبراء: إن ارتفاع الدولار يرجع إلى الأوضاع السياسة والاقتصادية التي تشهدها مصر حيث تم تخفيض تصنيفها الائتمان بجانب البنوك الثلاثة الكبرى، كما يوجد نقص شديد بالمعروض من العملة الأمريكية، وتزايد في معدلات الطلب مما خلق فجوة بينهما .
ويتساءل البعض كيف يتم علاج ثغرات الاقتصاد المصري في ظل المتغيرات السياسية.. وهل السياسات الحكومية تنجو بمصر من هذه الأزمة مع حلول عام جديد وإعادة ترتيب البيت من الداخل لعلها تتمثل فى التغييرات الوزارية الجديدة بعد الاتفاق على دستور جديد لمصر!
وفى ظل زيادة المخاطر حول رصيد مصر من النقد الأجنبي وتأجيل مفاوضات قرض الصندوق للشهر المقبل، أكد البنك المركزي المصري في بيانه له إن الاحتياطي النقدي الحالي يمثل الحد الأدنى والحرج الذي يجب المحافظة عليه لتلبية الاستخدامات الحتمية المتمثلة في سداد أعباء المديونية الخارجية، حفاظًا على سمعة مصر في الأسواق المالية العالمية، وتغطية تكلفة الواردات من السلع الإستراتيجية التي تتركز في المواد البترولية والمنتجات التموينية، تلبية لاحتياجات المواطنين المعيشية الأساسية اليومية، فضلاً عن التحسب لمواجهة أية تحديات مستقبلية طارئة.
وناشد المركزي جميع فئات الشعب المصري وقطاعاته الاقتصادية بالعمل على ترشيد استخدامات النقد الأجنبي وتشجيع الصناعات الوطنية تغليبًا للمصالح العليا للوطن وعدم اللجوء لأي أنواع من المضاربات التي ستؤثر سلباً على الاقتصاد، وتضر بمصالح المواطنين.
وقال المركزي، أن الاقتصاد المصري يواجه بداية من عام 2011 تحديات جسيمة نتيجة لامتداد المرحلة الانتقالية وما صاحبها من عدم استقرار سياسي وانفلات أمني انعكست سلبًا على كل المؤشرات الاقتصادية.
وأشار إلى أن أهم تلك التحديات التأثير السلبي على موارد النقد الأجنبي، كتراجع الدخل السياحي بنحو 30% سنويًا نتيجية لتردي الأوضاع الأمنية، بالإضافة إلى انحصار الاستثمارات الخارجية المباشرة كلًيا خلال العامين الماضيين، والخروج الكامل لاستثمارات الأجانب في أوراق الدين نتيجة لارتفاع المخاطر المحيطة بالاقتصاد المصري وتخفيض التصنيف الائتماني لمصر ب 5 درجات، مما أدى لتحول ميزان المدفوعات من تحقيق فائض بلغ نحو 1.3 مليار دولار أمريكي في نهاية 2010 لعجز بلغ نحو 21.6 مليار دولر على مدى العام ونصف عام المنتهي.
وقال إنه لمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، وتراجع موارد الدخل الأجنبي، انصبت سياسات "المركزي" على الحفاظ على استقرار الأسعار والاستقرار الاقتصادي بوجه عام، وتلبية احتياجات القطاعات الاقتصادية المختلفة من النقد الأجنبي، فضلاً عن الوفاء بالتزامات المديونية الخارجية في تاريخ استحقاقها دون تأخر.
وأشار إلى أن الاستخدامات الرئيسية التي قام البنك بتمويلها تمثلت في: 14 مليار دولار لاستيراد السلع التموينية والمنتجات البترولية، و8 مليارات أخرى لسداد أقساط الديون الخارجية و13 مليارًا لتغطية خروج المستثمرين الأجانب من سوق الدين المحلي، مما يعني أن الاستخدامات تناهز 35 مليار دولار أمريكي تم تمويلها أساسًا من الاحتياطي النقدي بجانب موارد جارية أخرى بالنقد الأجنبي وأدى ذلك لتراجع الاحتياطي من 36 مليارًا في يناير 2011 إلى 15 مليارًا في نوفمبر 2012.
كما أعلن المركزي علاجات للاقتصاد المصري منها طرح عطاءات دورية لشراء أو بيع الدولار الأمريكي، تتقدم إليها البنوك بعروضها، مستحدثًا آلية جديدة تستهدف الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.
وأضاف البنك، أن تلك الآلية معمول بها في العديد من الدول، حيث تستهدف الحفاظ على الاحتياطي النقدي وترشيد استخدامه.
وأشار إلى أن العمل بالآلية الجديدة سيبدأ اعتبارًا من الاحد، مشيرًا إلى أنها لن تؤثر على نظام الانتربنك، وإنما تعد مكملة له ومساندة له حيث سيعملان جنبًا إلى جنب.
وشدد البنك المركزي على التزامه بسداد أقساط وفوائد المديونية الخارجية، فضلاً عن ضمان تحويل ناتج تعاملات المستثمرين الأجانب بسوق الأوراق المالية بمصر وفقا لآليات المستثمرين الأجانب تحقيق المرونة الكاملة في تعاملاتهم بسوق الأوراق المالية بيعًا أو شراء.
و دعا اسماعيل حسن محافظ البنك المركزي المصري الأسبق إلى ضرورة تنقية المناخ السياسي بمصر حتى يتثنى تهيئة المناخ الاستثماري وتوافر فرص جيدة للاستثمار الأجنبي في قطاعات مختلفة منها على سبيل المثال الأوراق المالية أو بالمصانع ويذلك يتم ضخ عملات أجنبية في الاقتصاد المصري وبالتالي ينعكس على الاحتياطي النقدي لمصر.
وقال محافظ المركز الأسبق فى تعليقه علي تدهور الاقتصاد المصري وتراجع الاحتياطي النقدي الي الحد الحرج وإعلان الحكومة تطبيق زيادة الضرائب والرسوم فى 2013في مداخله تليفونية مع لبنى عسل علي برنامج الحياة اليوم.
ان الاحتياطي النقدي هو ما يملكه البنك المركزي المصري من أرصدة بالعملات الأجنبية وحصته فى صندوق النقد الدولي وسبائك الذهب التي يملكها خارج مصر، كذلك الالتزامات الأخرى على الدولة فى الفترة المقبلة خاصة الصادرات والواردات.
فالاحتياطي الحالي تراجع لحد حرج ويعكس صعوبة في الاقتصاد ويتطلب إجراءات معينة للحفاظ على الاحتياطي ومنها زيادة معدل الإنتاج كما وكيفا وهو العنصر الأساسي لتعافي الاقتصاد المصري وبالتالي تقل وارداتنا.
أوضح حسن، عند زيادة معدلات الإنتاج يحسن ميزان المدفوعات مما له تأثير إيجابي على الاحتياطي النقدي. وقال ان صعوبة الوضع الاقتصادي الحالي بحاجة فعليه للإنتاج وتحسينه للخروج من هذا الوضع الصعب .
من جانبه قال الدكتور صلاح جودة مدير مركز القاهرة للتنمية الاقتصادية ان مصر تمر بأزمة اقتصادية ولكنها لن تصل الى الإفلاس مشيراً الى ان حجم الدين الداخلي 1300 مليار جنيه ولديها ودائع فوق المليار جنيه والوضع المصرفي أمن مطالباً الحكومة بإعادة النظر فى اتفاقيات تصدير المحروقات.
وأوضح د.صلاح فى لقاء لبرنامج صباح الخير يا مصر بالتليفزيون المصري السبت ان حكومة الدكتور هشام قنديل مازالت تخطو على خطى حكومتى الدكتور كمال الجنزورى وعصام شرف والموازنة مازالت مقسمة الى أربعة أجزاء هى الأجور والدعم وسداد المديونية والرابع الذي ينفق على الشعب المصري مشيراً الى ان قيمة الدعم 137 مليار من ضمنها 97الى 100 مليار دعم المحروقات حيث يوجه جزء منه للسولار والأخر للبنزين والبوتاجاز وتنتج 18 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى سنوياً تصدرهم للخارج ب1.8 مليار دولار اى المتر ب60 قرش وتستورده ب4 دولارات من الخارج.
وأضاف انه يجب تعديل الاتفاقيات الدولية بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي الذى تمر به مصر حالياً مشيراً الى ان المواطن المصري تعلم البطء من فترة حكم النظام البائد ويجب ان تتكاتف قوى الشعب للنهوض بالاقتصاد وتهيئة المناخ للاستثمارات الخارجية.
ولفت د.صلاح الى ان الحكومة الجديدة يجب ان يترأسها رجل اقتصادي ووضع جدول زمنى بحزمة من الحلول وإنشاء مصانع جديدة كثيفة العمالة مشيراً الى ان حكومة الدكتور هشام قنديل لم تقدم حلول جديدة للنهوض بالوضع الاقتصادي.
وأضاف ان مصر تتكلم سنوياً ب42 مليار جنيه سنوياً مكالمات بالهاتف المحمول وهذا المبلغ يتحول 70% منه للخارج نظراً لان شركات المحمول أجنبية مشيراً الى ان شركات المحمول لو كانت حكومية كانت ستحقق إيرادات كبيرة.
وشهدت أسعار الدولار الأمريكي ارتفاعا أمام الجنيه المصري، بسوق الصرافة المحلية وتعاملات البنوك، الأسبوع الماضي والإقبال الشديد عليه من قبل العملاء والمضاربين مما يؤدى لقلة المعروض ويزعزع قيمة الجنيه أمام العملات الأخرى.
وقفز الدولار خلال تعاملات الأسبوع الماضي بنسبة تبلغ 0.60% عند مقارنته باليوم ذاته من الأسبوع السابق، فيما قفز اليورو بنحو 1.5% محققًا مستوي قياسي جديد أمام الجنيه، وقفز الجنيه الاسترليني بنسبة 0.9%، مسجلاً أعلى مستوى له منذ عام 2009 الماضي، وليقترب من تحقيق المستوى الشهري الذي سجله في عام 2008، وبلغ حينها 10٫186 جنيه.
وارتفع سعر الدولار أمام الجنيه المصري خلال شهر نوفمبر الماضي بمعدل سنوي 2.2%، ومعدل شهري 0.2%، وفقًا للنشرة الشهرية للمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء
ويقول خبراء صرافة: إن مصر تشهد حالة من الدولرة ونشاط للسوق السوداء، حيث يقبل المستثمرون على شراء العملة الأمريكية ويرفض الذين يمتلكونها التصرف فيها انتظارًا لارتفاع قيمتها في المستقبل، مما أدى إلى نقص شديد بالمعروض.
وأمام نقص العملة الأمريكية، لجأت بنوك مصرية إلى السحب من أرصدتها بالعملة الأجنبية الموجودة بالخارج، حيث شهد مطار القاهرة الدولي الأحد الماضي وصول 50 مليون دولار قادمة من سويسرا لصالح أحد البنوك الوطنية، بعد ثلاثة أيام من وصول 75 مليون دولار قادمة من سويسرا لصالح بنوك عامة.
وكانت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز قد خفضت التصنيف الائتماني طويلة وقصيرة الأجل لكل من بنوك "الأهلي المصري" و"مصر" و"التجاري الدولي"، مع الإبقاء لنظرة مستقبلية سلبية لتلك البنوك، وذلك بعد يومين من تخفيض تصنيف مصر ائتمانيًا.