مائير : السادات أقل من ناصر فى كل شئ ..ولايستمع لأحد جولدا مائير تطلب «العفو» من السادات بعد هزيمة أكتوبر! «المرأة الحديدية» تخطتها حكومتها و لم يخبروها بتحذير الحرب ! لجنة التحقيقات تستهزئ برئيسة الحكومة و شعبة المخابرات العسكرية مائير تقول عن المصريون : هم دوما يقومون بأشياء غير منطقية رئيسة الوزراء تلوم نفسها لعدم اقتراح " التعبئة العامة " مبكرا مائير تعترف بوجود تسريبات داخل حكومتها و لجنة الخارجية و الأمن مائير تطالب لجنة التحقيق بإخفاء البروتكولات عن الحكومة حتى لا تحدث كارثة ! بن جوريون غضب من رابين لإعلانه التعبئة العامة فى حرب 67 إسرائيل اكتشفت بعد الحرب أن محطات تجسسها كانت " مغلقة " ! مائير تعترف بتصديقها على قرار خطف المناضل الفلسطينى " جورج حبش " رئيسة الحكومة تعنرف : أخطأنا جميعا .. و الحروب لم تنتهى " جولدا مائير" أخطر امرأة في تاريخ الصهيونية بلا منازع ، التى لقبت ب"أم إسرئيل الحديثة " و " المرأة الرجل " ، والذى وصفها رئيس وزراء إسرائيل الأسبق بن جوريون :بأنها الرجل الوحيد في الحكومة الإسرائيلية ! ". تلك المرأة التى عرفت بجبروتها ، وقفت فى يوم 6 فبراير 1974 تتجرع مرار هزيمة حرب أكتوبر ، و هى تدلى بشهادتها عن الهزيمة أمام لجنة إجرانات كرئيسة للحكومة ، تلك اللجنة التى شُكلت بطلب الإسرائيليون للتحقيق مع الحكومة التى كانت فى نظرهم مسئولة عن " الهزيمة " . و فى الحلقة الثانية من نشر الوثائق الإسرائيلية لأيام الحرب و الهزيمة ، التى أفرجت عنها إسرائيل بعد حظر 40 عاما ، و نشرها المركز القومى للترجمة بمعاونة د. إبراهيم البحراوى و فريق من المترجمين ، ننشر لكم أهم ما جاء فى شهادة جولدا مائير بالتحقيقات السرية عن الهزيمة . السادات والخدعة فى بداية التحقيق طالبت اللجنة مائير بتفسير رد فعل الحكومة الإسرائيلية بعد معرفتها فى أواخر سبتمبر برفع الاستعدادات على الجبهتين المصرية و السورية ، و جاءت إجاباتها غير مقنعة للجنة ، قائلة : أنهم فسروا الاستعداد السورى على أنه تخوف بعد إسقاط إسرائيل طائرات سورية فى 13 سبتمبر ، و أن مصر كانت لديها نفس التخوف مما جعلهم يلجئون لتشكيلات الطوارئ ، و لكن هذا التشكيل الدفاعى وفقا للمدرسة السوفيتية يستطيع على الفور أن يتحول إلى الهجوم . و عند حديث مائير عن تفاصيل الوضع المصرى تم حذف 4 صفحات من قبل الرقابة العسكرية الإسرائيلية . و كان رد اللجنة على مائير أن إجاباتها غير مرضية من الناحية المنطقية ، و قال أحد أعضاء اللجنة : أفهم أنهم كان ينبغى لهم أن يتخوفوا من ردنا ، لو أنهم أسقطوا لنا طائرات ، لا العكس ، كيف انطلى على تفكيرك هذا ؟! حينها اعترفت مائير أن إسقاط الطائرات السورية لم يكن مخططا ، بل أرادوا وقتها القيام بتصوير جوى ، و عن سبب التحول الذى حدث فى الأمر ، فلم ترد أن تصرح به إسرائيل و أبقته مخفيا مع الأجزاء التى حذفتها . وقالت مائير أن تقدير حرب 1967 ليس كتقدير حرب 1973 ، فلم يأخذوا السادات على محمل الجدية ، فكانت ترى مائير أنه أقل من ناصر فى كل شئ ، و فسروا طرده للروس على أنه دوما يتخذ القرار وحده ، و فى صباح يوم صاف ،قام و لم يسأل أحد وقال للمستشارين الروس : عودوا إلى بلدكم ! لم يظنوا وقتها أن الأمر مجرد تمويه . و برغم ان الإجابة التى أعطتها رئيسة وزراء إسرائيل لم تكن منطقية على الإطلاق و لكنها بررت ذلك قائلة :نحن لا نعيش فى هذه البيئة منذ أمس ، و هكذا هم الجيران – المصريون- يقومون دوما بأشياء غير منطقية ! و استهزئ أحد أعضاء لجنة إجرانات المستشار موشيه لانداو بشعبة المخابرات العسكرية ، قائلا : هى دائما لم تصدق أو لم تعرف – و إن لم أكن مخطئا – فيما يتعلق بالخبراء الروس – لم تعرف شعبة المخابرات " شيئا" . و لكن استدركت مائير قائلة أنهم أول من عرفوا بالمعلومة ، مؤكدة أن جهاز مخابراتهم لا تستطيع دول كثيرة منافسته ، و لكنهم مع ذلك رأوا أن احتمالات وقوع حرب ضئيلة خاصة بعد الإنذار الخاطئ بحدوث حرب فى مايو ، مضيفة : كنا معتادين طوال الوقت على السادات يلقى بتواريخ و لا يخجل ، و بعد ذلك لا يفى ، كان هناك الكثيرون ممن يتندرون عليه ، و يتساءلون كيف للشعب أن يتحمله ، أما الآن فيمكن أن نطلب " العفو" منه . موشيه ديان يرحل دون كلمة استجوبت اللجنة مائير حول رحيل وزير الدفاع " موشيه ديان " الفجائى لتلقيه معلومة تحذيرية ، دون أن يتصل برئيسة الوزراء ، كما وجهت لها اللجنة تساؤل عن " برقية الأول من أكتوبر " التى حذرت بشأن وقوع حرب فى هذا اليوم، و لكنها كانت وقتها فى خارج البلاد و لم تصلها البرقية ، و لم يتم إبلاغها بها أيضا . فقالت مائير : قال لى لاحقا أن الشفرة كانت " حرب " لهذا قام و غادر ، و لم يتصل حتى بى ، و قالت أنها حينها غضبت قليلا . و لكن أعضاء اللجنة تعجبوا من هذا فلو اتصل بها ، كان من الجائز أن يتغير الموقف على حسب قولهم ، و الأعجب أنه حتى لم يبلغها فى صباح اليوم التالى . دافعت مائير عن وزير الدفاع قائلة : ربما لو عرفت أيضا ما كان ليتغير شيئا ، لم أستطع القول أن هذا مذنب و أنا لا ، و لكن كان عليه أن يتصل . فبدلا من أن يتصل ديان برئيسة الوزراء مباشرة اتصل برئيس الموساد " تسفى زامير" ، الذى برر موقفه للجنة بأنه أبلغ وقتها رئيس شعبة المخابرات العسكرية " إيلى زعيرا " فهى المؤسسة المسئولة عن التحقق من هذة المعلومات ، و يعد أن أجرت الشعبة " تحقيقاتها " زعمت أن الأمر " غير جدى " ، فرأى تسفى أنه ليس عليه أن يصعد الأمر لرئيسة الورزاء . و استهزئ لانداو مجددا بشعبة المخابرات العسكرية ، لأنه وردها أمر بهذا الأهمية و مجددا وضعته على " الرف " ، كما فعلت مع تحذير الأول من أكتوبر و الذى حوى معلومات تفصيلية عن بدء حرب شاملة من جانب مصر و سورية . فكان الرد على تساؤل اللجنة : أن المصدر – أشرف مراون – أرسل لهم الإنذرات بضع مرات ، و لم يحدث شئ ، لذا كان يقال عنه أنه عميل ممتاز فيما يخص المعلومات ، و لكن ليس فيما يخص الإنذارات .. وقالت أنها طلبت من زعيرا بإخبارها بجميع المعلومات الهامة و لا يشفق عليها من عبء ذلك . بعدها جاء سؤال اللجنة صادما لمائير بعد أن تخطاها أعضاء حكومتها أكثر من مرة : " معنى ذلك أنك حرة فى أن تكونى لنفسك رأيا فى الأمور ، دون التقيد بتقدير شعبة المخابرات العسكرية ؟ " فكان جوابها أنهم يقدمون فى تقاريرهم " تشكيلة " كبيرة و طويلة من الاحتمالات ، فكانت تقول لهم " انتقوا ما يروقكم " ! و عندما استجوبت اللجنة زعيرا حول إنذارات الحرب ، قال :"من الصعب ان تكون نبيا ، و تتنبأ بما سيحدث فى العالم العربى " . هلع التسريبات كشفت مائير فى التحقيقات عن هوسها بالخوف من " التسريبات " ، عندما تم سؤالها عن نوع الهلع الداخلى التى كانت تخشى منه ، و هل كان كما قالت الصحافة ، المسألة تتعلق بالانتخابات و محاولة إظهار كل شئ هادئ و جميل ، حينها أقسمت مائير بأنهم لم يفكروا فى ذلك مطلقا ، بل أنها دوما تخشى من حدوث تسريبات . وبرغم من أنها القائلة : " إذا لم تعرف الحكومة ، فلماذا الحاجة أصلا إلى حكومة ؟".. و لكن مع ذلك ناقضت نفسها وقالت لحكومتها أكثر من مرة أنها لا تحكى لهم بعض الأمور للحفاظ على سريتها ، متابعة قلت لهم من قبل : "كيف يمكن لعضو فى الحكومة أن يجلس مع صحفى و يحكى له ؟ ستقتلونى ، كيف يفعلون هذا ؟ " .. فالصحافة لا تنقل الحقيقة دوما ، و المشكلة ان الشعب لدينا يصدق كل شئ ،و اثبت إذا أنك غير مذنب ، و لا جدوى أن أغضب من الصحفيين ، فهذا مصدر رزقهم ! و كشفت مائير عن وجود تسريبات داخل لجنة الخارجية و الأمن التى كان يعدها " بن جوريون " المؤسسة الوحيدة فى الدولة التى يمكن حكى كل شئ بها . و بعد ما قالته مائير عن حكومتها و لجنة الخارجية و الأمن ، طالبت اللجنة بالا يطلعوهم على البروتكولات و إلا سيحدث ذلك "كارثة " ، و طالبت بإخفاء بعض المعلومات الحيوية عنهم . جورج حبش على جانب آخر كشفت الوثائق الإسرائيلية عن فشل محاولة خطف المناضل الفلسطينى "جورج حبش " من على متن طائرة لبنانية عام 1973 ، و لحسن الحظ أنه لم يصعد على متن الطائرة فى اللحظة الأخيرة ، مما سبب خيبة أمل كبيرة لإسرائيل عندما أحبرت طائرة ميدل إيست اللبنانية على الهبوط و بحثت على متنها عن " حبش " و لكنها لم تجد له أثرا ، و اعتبرت الصحف الإسرائيلية أن " الموساد الإسرائيلى " فقد مجده ، عندما مات حبش ميتة طبيعية . و قالت مائير فى التحقيقات : عندما عرض على وزير الدفاع و رئيس الأركان العملية ، قلت : ياللهول ، هل سندخل فى عملية خطف عنيف ؟ هذا ليس مستحب لنا ، و لكننا سنمسك بحبش ، لذا صدقت على الأمر ، أما لماذا لم يصعد على متن الطائرة ، فهذا يظل لغزا حتى الآن . ساعة الصفر كشفت جولدا مائير عن تفاصيل يوم الحرب قائلة أنها استيقظت الرابعة فجرا على هاتف سكرتيرها للشئون العسكرية العميد "ليئور " ، ليخبرها بالمعلومات التى وصلت من رئيس الموساد عن وقوع هجوم مساء اليوم توصلوا إليها من خلال " التنصت " ، و لكنها قال أن المصدر ضللهم عن عمد بشأن الساعات . و فى الصباح استدعت مائير وزير الخارجية الأمريكى "كيسنجر" ، فى محاولة لإنقاذ الوضع فى اللحظة الأخيرة ، ووقف الهجوم عن طريق إبلاغ أمريكا الجبهتين المصرية و السورية إن إسرائيل لا تنوى الحرب . و كانت تقديرات المخابرات العسكرية تؤكد أن إسرائيل مستعدة للتصدى التام للجبهتين المصرية و السورية فى حالة وقوع حرب ..و تقول مائير : لقد كنا واثقين للغاية بأنفسنا ، لم نزن الأمور بشكل صحيح . على من يقع اللوم استثمرت إسرائيل منذ حرب 1967 أموال طائلة لتضمن أن يكون هناك إنذار مسبق بالحرب و برغم الاستعدادات المهولة التى تحدثت عنها مائير ، و لكن جاءت الصدمة لإسرائيل حسب التحقيقات ، أنهم اكتشفوا بعد الحرب ان محطات التجسس التى كانوا يعتمدون عليها لإنذارهم كانت "مغلقة" فى تلك الأيام ! كما اعترفت مائير خلال التحقيقات أنها " لامت نفسها " لعدم اتخاذها قرار التعبئة العامة مبكرا مشيرة أنها لم تملك الخبرة الكافية ، مستشهدة بموقف بن جوريون عام 1967 عندما غضب من رئيس الأركان آنذاك " يتسحاق رابين " لإعلانه التعبئة العامة ، فالتعبئة ذاتها تعجل بوقوع الحرب . ولكن اللجنة لم تفوت الأمر ، فاستهزئ يادين قائلا : كل هؤلاء الجنرالات فى الجلسة لم يقترحوا التعبئة ، و أنت " المدنية " من كانت ستفعل ذلك ! .. و قال لانداو: أنه من غير المفهوم أن يقف جيشان جباران على الحدود فى حين لاتزال إسرائيل مترددة حيال وضع كل قوتها فى المواجهة ! من جانبها أكدت مائير أنها ليست نادمة على عدم توجيه ضربة وقائية ، قائلة : فى 1967 نحن من بدأنا الأمر ، و هذه المرة لن يغفر الأمر لنا ، و لم نكن لنحصل على مساعدة عندما نكون فى حاجة إليها ، فعندما أغلق ناصر القناة ظننا أن الجميع سيقف معنا و لكنهم وقفوا ضدنا ،" النفط " وقف ضدنا . و قالت مائير أن العرب نجحوا فى تنظيم أنفسهم ليس عسكريا فقط، بل أيضا باستغلال ثرواتهم " النفط " كورقة ضغط . و اعترفت مائير أن ما حدث عشية يوم الغفران - 6 أكتوبر- هو "أخطاء " ، كل واحد فى مجاله أخطأ بعض الشئ ، و لا يجرؤ أحد على القول أنه لم يخطئ ، و أحد الدروس التى تعلمناها هى " تعزيز البحث السياسى " ، و ختمت بقولها : لا ينبغى لأحد أن يكون واثقا بأننا انتهينا من مسألة الحروب .