قدر تقرير صادر عن وحدة المعلومات الاقتصادية التابعة لمجلة الإيكونوميست البريطانية، أن ترتفع معدلات نمو الاقتصاد الجزائري بنسبة 3.6% خلال العام الجاري، مع زيادة إنتاج النفط والغاز في البلاد، مع الحفاظ على عجز الموازنة بنسبة 2% حتى عام 2018، وأن يصل التضخم إلى 4% العام الجاري، وقد يرتفع إلى 4.6% حتى عام 2018. وذكر التقرير الذي يتنبأ بأوضاع الجزائر خلال أربع سنوات تنتهي في 2018، أن يواصل الرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة، الإصلاحات السياسية والاقتصادية ببلاده بوتيرة بطيئة ومتواضعة إذا فاز في الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها منتصف الشهر الجاري. وانتخب بوتفليقة رئيسا للجزائر عام 1999، وأعيد انتخابه في 2004، ثم لجأ إلى تعديل الدستور ليتمكن من ترشحه لفترة رئاسية ثالثة، وفاز بها عام 2009، وتعرض خلالها لوعكات صحية متكررة، وكان آخرها سكتة دماغية العام الماضي، جعلته يقضي فترة نقاهة طويلة في مستشفى بفرنسا. وأعلنت ستة أحزاب معارضة بينها أحزاب إسلامية ومدنية أنها لن تشارك في الانتخابات التي يعتقد، معارضون، أنها ستكون عرضة للتلاعب بها، ولا تزال أحزاب المعارضة ضعيفة ومنقسمة ومن غير المرجح أن يشكل أي مرشح معارض تحديا حقيقيا لبوتفليقة. ذكر التقرير أن بوتفليقه البالغ من العمر 76 عاما، هو المشرح الأوفر حظا في الفوز بفترة رئاسية جديدة بالبلاد، و سيسعى في فترة حكمه الجديدة إلى التأكيد على السيطرة المدنية على أجهزة الأمن، ومن المرجح أن يشتبك مع وكالة المخابرات الداخلية التي لديها نفوذ قوي في البلاد. وقال التقرير، إن وجود المؤسسة الأمنية والعسكرية القوية وذكريات الحرب الأهلية في تسعينات القرن الماضي وبعض التحرر السياسي المتواضع، يجعل من مخاطر اندلاع الاضطرابات الاجتماعية والسياسية على غرار ما حدث في معظم أنحاء بقية العالم العربي منذ عام 2011، محدودة. وذكر التقرير أن الاختلالات الاجتماعية التي ساهمت في اندلاع ثورات الربيع العربي مثل ارتفاع البطالة في صفوف الشباب والحد من التعبير عن الآراء السياسية وتفشي الفساد الموجودة إلى حد كبير في الجزائر. وقال إن اندلاع أعمال شغب واحتجاجات لا سيما فيما يتعلق بالمعروض من المساكن، يظل مصدر القلق الرئيسي خلال فترة التوقعات بين عام 2014 حتى عام 2018، مشيرا إلى أن الحكومة الجزائرية سوف تكون قادرة على تلبية بعض المطالب الاقتصادية للمتظاهرين مثل الحفاظ على الأجور المرتفعة، لأنها تملك أموال كبيرة بفضل مبيعات النفط والتي تقدر بقيمة 5.6 تريليون دينار جزائري ( 75 مليار دولار) في عام 2012، أي ما يعادل ما يقرب من 35 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي . وقبل أن يستقيل من منصبة لإدارة حملة بوتفليقة الانتخابية، وعد الوزير الأول الجزائري عبد الملك سلال الجزائريين بزيادة كبيرة في الأجور خلال عام 2015، مشيرا خلال مؤتمر عقد في فبراير/ شباط الماضي إن بلاده لا تعاني من ضغوط تمنعها من تحسين أجور العاملين، خاصة بعد أن سددت ديونها الخارجية بشكل مسبق عام 2007. وتوقع التقرير أن ينمو اقتصاد الجزائر بنسبة 3.6٪ في عام 2014 مقابل 3.1% خلال العام الماضي، ويعزز تلك الرؤية زيادة إنتاج النفط والغاز الطبيعي، كما ستدخل حقول جديدة إلى الإنتاج بكامل طاقتها، ولكن التقرير يرى أن الجزائر غير قادرة على ما يبدو من تحقيق مستويات أعلى من النمو على الرغم من وفرة الثروة والموارد الطبيعية القوية في البلاد. ولفت التقرير إلى أن الإنفاق الحكومي سيشكل حصة كبيرة من الاقتصاد، رغم الجهود المبذولة لتشجيع تنمية القطاع الخاص، كما أن ارتفاع أجور العاملين في القطاع العام سيدعم الاستهلاك الخاص، ولكن حساسية ضغوط الأسعار ستكون بمثابة عائق. ويقول التقرير إن قطاع النفط والغاز بالجزائر سيظل المهيمن على النشاط الاقتصادي في فترة التوقعات على الرغم من استراتيجية التنويع التي تنتهجها الحكومة، موضحا أن الاستثمار في القطاع تأخر بسبب فضائح الفساد في شركة سوناطراك الحكومية التي تأسست لاستغلال الموارد البترولية في الجزائر وتقوم بأنشطة متنوعة تشمل جميع جوانب الإنتاج والاستكشاف والاستخراج والنقل والتكرير. ويضيف التقرير أن الحكومة الجزائرية تشعر بقلق متزايد إزاء تقلبات أسعار النفط، حيث تمثل الإيرادات من صادرات النفط والغاز أكثر من 65 ٪ من إجمالي الإيرادات في عام 2012. وخلال فترة التوقعات، ستقلل الحكومة الجزائرية نمو النفقات الجارية من 45.3 ٪ في عام 2012 إلى 36٪ في عام 2018، ومع ذلك، فإنها لن تكون مستعدة لتقديم موازنات تقشفية، وخفض النفقات الجارية بشكل حاد وتحديدا الأجور، خوفا من إثارة الاضطرابات الاجتماعية، بحسب التقرير الذي أوضح أن توفير الحوافز لتطوير القطاع الخاص يساعد على تنويع مصادر الدخل وزيادة حصة الإيرادات الضريبية للشركات في الإيرادات العامة، والتقليل من الاعتماد على دخل النفط . وتوقع التقرير أن تسجل الموازنة بالجزائر عجزا خلال فترة التوقعات بين عامي 2014- 2018، بنحو 2 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، ويمكن للحكومة أن تتحكم فيه بفضل انخفاض الدين العام، كما أن زيادة إصدار أذون الخزانة ربما يساعد على زيادة التطور المالي في السوق، ويعمل على استقرار أموال النفط الكبيرة لدى الجزائر يعني أن الحكومة ستكون قادرة على تمويل عجزها المالي بشكل مريح. ويذكر التقرير أن بنك الجزائر البنك المركزي يمكن أن يعتمد سياسة نقدية أكثر قوة للتأثير على قيمة الدينار، معتمدا على احتياطيات أجنبية بلغت 188 مليار دولار. وتوقع التقرير أن يسجل التضخم بالجزائر نحو 4 ٪ في عام 2014، ويرتفع إلى نحو 4.6٪ خلال الفترة المتبقية من فترة التوقعات، في ضوء اعتمادها بشكل كبير على الواردات الغذائية، والتي لها تأثير كبير على أسعار المستهلك.