عقب اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمرالبشير. والتى اوردت فيها تفاصيل ُتهم الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتكبت أثناء نزاع دارفور.والتى ُتعتبر أول سابقه من نوعها فى التاريخ تصدر فيها المحكمة قراراً باعتقال رئيس دولة وهو فى السلطة.فقد أعلن البشير أن حكومته طردت 13 من وكالات الإغاثة الأجنبية.
وجاء هذا الإجراء جراء تقارير سودانية أكدت ان بعض وكالات الاغاثة مررت أدلة للمحكمة الجنائية الدولية, وقدمت تقارير كاذبة عن الابادة الجماعية والاغتصاب ضد الرئيس السوداني تتهمه فيها بارتكاب جرائم حرب, كما انها تعد تهديدا للأمن القومى السودانى حسب تعبير مستشار الرئيس السودانى دكتور مصطفى عثمان اسماعيل.حيث أن بعضها استغل الوضع المعيشي السييء للاجئين وبدا يسعي لادخالهم في المسيحية اي انهم يمارسون نشاطا تبشيريا مدعوما بقوة من كنائس الغرب .
وتعمل حوالى 85 منظمة إغاثة دولية فى دارفور, يقدمون الدعم لحوالي 2.7 مليون لاجىء في الإقليم. من إجمالى 118 منظمة تعمل فى السودان, غير أن المنظمات ال 13 التى ُطردت تقوم بأكثر من نصف عمليات الإغاثة الإنسانية فى دارفور.وهي الاكثر تهديدا لعروبة واستقرار وهوية اهل السودانمن خلال النشاط التبشيري والتقارير المزيفة عن الجرائم المنسوبة للحكومة السودانية حيث تحولت من منظمات اغاثية إلي مؤسسات استخباراتية تبث المعلومات المزورة عما يجري في دارفور .
ُترى ماذا جنى البشير من طرد هذة المنظمات ؟
حتماً خسر السودانً من ردة الفعل هذه وأثّر هذا الإجراء كثيراً على صورته فى العالم, بل ربما خسر تعاطف عدد كبير من الدول الإجنبية, ومن بعض المنظمات الغير حكومية العربية والعالمية. رغم تأكيد الحكومة السودانية من أن طرد منظمات الإغاثة ال13 لن ينعكس سلباً على سكان درافور, وان مهام الإغاثة سوف ُتنقل إلى منظمات محلية سودانية
والمؤكد أن تبعات هذا الإجراء ستكون ذات عواقب وخيمة أولهما أن الوضع الانساني قد يسوء في دارفور بعد طرد الوكالات التي تقدم المساعدات للنازحين في هذا الاقليم. خاصة وان المنظمات ال 13 التى ُطردت تقوم بأكثر من نصف عمليات الإغاثة الإنسانية فى دارفور.
وقالت اليزابيث بايرز المتحدثة باسم مكتب الاممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيةان رحيل هذه المنظمات يمكن ان يترك 1,1 مليون شخص بدون غذاء و5,1 مليون شخص بدون رعاية طبية وأكثر من مليون شخص بدون مياه شرب.
وهو ما حذرت منه منظمة الأممالمتحدة التى أوضحت أن خطر الموت يتهدد الآلاف من اللاجئين فى دارفور, الذين يعتمدون فى معيشتهم على المساعدات الانسانية فى هذا الإقليم, مما يساعد فى تشويه صورة البشير التى حاول أن يغيرها قبل صدور قرار التوقيف وبعده, والتى تمثلت فى زياراته المتكررة إلى الإقليم. وتعهده بمواصلة العمل على تحقيق السلام بالإقليم بغض النظرعن قرار المحكمة الجنائية الدولية. خاصة مع عدم قدرة الحكومة السودانية على توفير كافه الإمكانات المطلوبه للمنظمات المحلية البديلة التى تعانى من ضعف أمكانياتها فى الأساس.
بل أن الأمر تطور لدرجه إعلان مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابع للامم المتحدة أنه سيبحث ما إذا كان قرار السودان بطرد منظمات المساعدات يمثل انتهاكا لحقوق الانسان الاساسية وربما "جريمة حرب", وتصريح مسؤولون بالأممالمتحدة إن هذا الإجراء ''المؤسف للغاية'' قد يمثل أيضا انتهاكا للقانون الإنساني الدولي. مما يعنى تعقد أكثر فى مشكله اعتقال الرئيس السودانى.
وهذا ما أشار إليه المفوض الاوروبي للتنمية والمساعدات الانسانية لوي ميشال, والتى تمنح ازمة السودان وحدها اكثر من اي دولة اخرى اكبر قدر من تمويل المفوضية الاوروبية الانساني والذي وصل في العام الحالي الى 132 مليون دولار اشار الى انه من الممكن استنتاج عواقب مأساوية جراء ذلك القرار لأنه سيضع حياة مئات الالوف من الناس في خطر بحيث ان تلك المنظمات توفر الامن والسلامة للعديد من الابرياء في دارفور.
فمن ناحيتها، أعلنت بيني لوارنس مديرة اوكسفام الدولية التي توفر خدمات المياه والصرف الصحي، في بيان أنه في حال سحب الترخيص الممنوح لاوكسفام فان أكثر من 600 ألف سوداني يحصلون على مساعدات إنسانية حيوية منها سيتأثرون، بينهم 400 ألف شخص في دارفور.وقال مدير عمليات منظمة «اطباء بلا حدود» فرع هولندا، ارجان هينكامب «نحن منظمة مستقلة ومن غير المنطقي ان يتم الزج بنا في قضية سياسية وقضائية».
كما أدانت منظمات عربية قرار الطرد وقد جاء الإجراء الذى قام به الرئيس السودانى تجاه منظمات الإغاثه على هوى الإدارة الإمريكية, بدوزان يقصد والتى اعلنت قبل ذلك تأييدها لمذكرة التوقيف, حيث أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن طرد الخرطوم منظمات غير حكومية تقدم مساعدات انسانية لسكان إقليم دارفور "أمر غير مقبول".
وقال عقب أول مباحثات يجريها مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون:" إن لدينا أزمة محتملة لها ابعاد أكبر مما نراه فعلا". ودعا الأمين العام للأمم المتحدة البشير إلى اعادة النظر في قرار الطرد قائلا ان المنظمات غير الحكومية تساعد 7,4 مليون شخص في أكبر دول إفريقيا من حيث المساحة. ومن بين هؤلاء 7,2 مليون شخص نزحوا لأماكن اخرى داخل البلاد أو أشخاص أجبروا على الفرار داخل السودان ومعظمهم الآن في مخيمات لاجئين.
إجمالاً فقد البشير كثيراُ من الدعم والمسانده نتيجه طردة للمنظمات الإغاثية, فبغض النظر عن قرار أوكامبو بتوقيف البشير المسيس والمزدوج المعايير, فإن طرده لمنظمات الإغاثة أعطى الفرصه لمؤيدى قرار التوقيف باظهار البشير في صورة غير مناسبة أمام دول العالم وخاصة الرافضه للقرار, استنادا من وجهة نظرهم علي ان عملية الطرد فى حد ذاتها تعتبر جريمة حرب. وكان علي السودان نشر الوثائق التي بحوزته والتي تدين تلك المنظمات الاغاثية ودفعت الخرطوم لطردها بعد ان خرجت عن مهامها الانسانية التي جاءت بها إلي السودان .
وقد رجحت مصادر دبلوماسية بأن مجلس الأمن الدولي سوف يبحث إمكانية تصنيف قرار الخرطوم طرد بعض منظمات الإغاثة من إقليم دارفور في عداد جرائم الحرب، . كما أن تداعيات الطرد ستذهب الى أبعد من دارفور.حيث ان خطر تجدد الصراع في هذه المناطق حقيقيا, خاصة بعد نقص امدادت الغذاء والدواء''.
واستغلت بعض الجماعات المسلحة التى تنتمي إلى قبائل عربية في دارفور، قرار البشير بطرد منظمات الإغاثة بطريقة خاطئه اساءت إلى سمعه السودان فى الخارج, وأثر على جهود الإغاثة فى الإقليم , فقد أعلنت جماعة مسلحة عن خطف ثلاثة أجانب من موظفي الفرع البلجيكي لمنظمة «أطباء بلا حدود» في منطقة سرف عمرة في ولاية شمال دارفور. مما نتج عنه قرار المنظمة سحب موظفيها من الإقليم. رغم إدانة وزارة الخارجية السودانية لخطف الأجانب.
كما يمثل هذا الفعل إحراجاً للوفد العربي الأفريقي بمجلس الأمن والمشكّل لطرح مشكلة دارفور, وإحتواء تداعيات قرار المحكمة الجنائية الدولية. ويضعف موقفهم تجاه دول عارضت قرار التوقيف, أو لم تصدر قراراً بتأييده, مثل الصين وروسيا.وكان علي البشير اطلاع هذه الوفود علي الادلة التي لديه وهي كثيرة وموثقة بانحرافات تلك المنظمات ونشاطها التنصيري والاستخباراتي البعيد كل البعد عن السبب الانساني الذي بسببه دخلت السودان .
لا ينكر عاقل أن مذكرة توقيف الرئيس السودانى عمر حسن البشير هى فى الاساس قرار سياسى يستهدف سيادة ووحدة واستقرار السودان كبلد عربى غنى بالموارد الطبيعية, كما أن القرار يوضح مدى ازدواجية المعايير فى التعامل مع الدول, خاصة العربية منها. وأن العدالة الدولية المزعومة لم تطال مجرمي الحرب الحقيقيين وعلي راسهم الرئيس الامريكي جورج بوش بطل مجازر العراق وافغانستان ورئيس الوزاء الاسرائيلي اولمرت وحكومته التي ارتكبت ولازالت جرائم حرب ضد الفلسطينين كان آخرها مجزرة غزة .
ولكن كان على البشير أن يتعامل مع الموقف بشكل اكثر فعالية وايجابية , فعلى سبيل المثال كان يمكنه أن ُيظهر للعالم من خلال أجهزته المختلفة الأدلة التى تدين منظمات الإغاثة تلك,ويتزامن ذلك مع صدور قرار الطرد خاصة وان النظام السودانى اعلن مرارا انه يملك ملفاً كاملا بالمخالفات التي ارتكبتها منظمات الإغاثة منذ وقت طويل, إلا انه لم ينشر هذه الملفات على الملأ حتي الآن وعليه ان يقوم بذلك اليوم قبل الغد ليعرف العالم كله الدور الخفى الذى تقوم به هذه المنظمات فى زعزعة استقرار السودان من خلال تزوير الحقائق عما يجري في دارفور إلي جانب النشاط التنصيري الذي تقوم به داخل معسكرات اللاجئين استغلالا لحاجتهم للغذاء والدواء لتغيير هويتهم وعقيدتهم الاسلامية إلي جانب النشاط الاستخباراتي وجمع المعلومات عن السودان .