قال مندوب بريطانيا في الأممالمتحدة إن أعضاء مجلس الأمن الخمس دائمي العضوية فشلوا في الاتفاق على نص بيان اقترحته فرنسا ويدعو السودان للتراجع عن قراره طرد منظمات الإغاثة، وذكر المندوب أن سبب الفشل هو رفض البيان من قبل دولة دائمة العضوية في المجلس لم يسمها، ولكن مصادر دبلوماسية قالت إن الصين هي التي عارضت البيان. وكانت الخرطوم هددت بطرد منظمات إغاثة أخرى ردا على ما ذكرته مصادر دبلوماسية من أن الأممالمتحدة تدرس اعتبار القرار السوداني بطرد 13 منظمة إغاثة جريمة حرب، وهو ما صعد من نذر المواجهة بين الجانبين بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان غي مون دعا الخرطوم لإعادة النظر في قرارها طرد ممثلي 13 منظمة غير حكومية تعمل في إقليم دارفور، لكن الحكومة السودانية ردت بإعلان أنها ستطرد مزيدا من المنظمات التي تتهمها بالتعاون مع محكمة الجنايات الدولية. ومن جهته قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية غوردون دوغود إن بلاده تحاول مع دول أخرى إقناع الحكومة السودانية بالعدول عن قرارها طرد موظفي منظمات الإغاثة، كما انتقد المتحدث الرئيس السوداني ووصفه بأنه فار من وجه العدالة. وأعلنت مصادر بالجامعة العربية أن أمينها العام عمرو موسى أجرى اليوم اتصالات هاتفية مكثفة مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وكبار المسؤولين السودانيين بشأن قرار المحكمة الجنائية الدولية، كما أنه سيقوم غدا بزيارة للخرطوم ليبحث مع الرئيس البشير سبل التعامل مع القرار. ومن جانبه، قال مراسل الجزيرة في نيويورك إن أروقة مجلس الأمن تشهد حاليا حالة من الغضب إزاء قرار السودان طرد منظمات إغاثة، لكن الأمر لا يصل إلى درجة طرح مشروع قرار في هذا الشأن. ونقل مراسل الجزيرة عن المندوب الليبي لدى الأممالمتحدة أن وفدا مشتركا من جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي سيصل إلى نيويورك، لكن ذلك لن يتم إلا قبيل منتصف الشهر الجاري نظرا لأن ممثلي الدول الكبرى بالمجلس يقومون حاليا بزيارة لهاييتي. احتمالات صفقة وأضاف المراسل أن بعض الدول الغربية ألمحت لإمكانية الموافقة على تأجيل تنفيذ مذكرة الاعتقال بحق البشير لكن ضمن صفقة تشمل بعض الخطوات من جانب الخرطوم من بينها تقديم بعض المسؤولين الذين تلاحقهم المحكمة الجنائية. وتقول منظمات الإغاثة إنها تقوم بما تعتبره أكبر عملية إغاثة إنسانية في العالم يستفيد منها نحو 2.7 مليون نازح، لكن الخرطوم تؤكد أن بعض هذه المنظمات تسعى لزعزعة استقرار السودان والضغط عليه، كما مارس بعضها أنشطة لنشر المسيحية. ومن جانبها، عبرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن خشيتها من أن يؤدي تراجع تقديم المساعدات داخل دارفور إلى تدفق جماعي للاجئين إلى دول مجاورة مثل تشاد. وفي المقابل أكد حسبو محمد عبد الرحمن مفوض العون الإنساني في السودان وهي هيئة حكومية أن المدنيين لن يتأثروا لأن المنظمات الحكومية والجماعات الإنسانية المتبقية ستضطلع بعمل الوكالات التي تقرر طردها. مظاهرات غاضبة يأتي ذلك فيما تواصلت داخل السودان ردود الأفعال الغاضبة إزاء مذكرة الاعتقال التي تستند وفقا للمحكمة الجنائية إلى اتهام البشير بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور. واحتشد نحو ألفي شخص أمام مقر المفوضية الأوروبية في الخرطوم فيما تجمع الكثيرون أمام المساجد في مناطق أخرى بالعاصمة وهتفوا ضد الولاياتالمتحدة والمحكمة الجنائية في ظل وجود أمني مكثف. وفي المقابل، نظمت حركة العدل والمساواة في شمال دارفور عرضا عسكريا للاحتفال بمذكرة اعتقال الرئيس السوداني، لكنها قالت في الوقت نفسه إن ذلك لا يعني إغلاق أبواب التفاوض مع الحكومة السودانية . البشير والمحكمة الجنائية وبدوره اعتبر عبد الواحد محمد النور مؤسس جيش تحرير السودان المتمرد أن أمر اعتقال البشير يقدم أملا جديدا لشعب دارفور نظرا لأنه سيردع الهجمات التي تقوم بها القوات الحكومية والمليشيا المتعاونة معها. وحمل جيش تحرير السودان وجماعة متمردة أخرى السلاح في 2003 متهمين الخرطوم بإهمال تنمية دارفور، ثم تصاعد العنف بين الجانبين واستخدمت الحكومة السودانية الطائرات إضافة إلى جماعات مسلحة موالية من أجل سحق التمرد مما أدى إلى مقتل عشرة آلاف شخص وفقا للحكومة و200 ألف وفقا للمنظمات الدولية. تعهد البشير وكان البشير تعهد بمواصلة الجهود المبذولة لتحقيق السلام في دارفور بغض النظر عن مذكرة الجنائية الدولية، وذلك في لقاء جمعه الخميس بعدد من القيادات السياسية في البلاد. ونقلت مصادر إعلامية عن البشير تأكيده أن "مذكرة المحكمة الجنائية الدولية لن تغير مخططات الحكومة وبرامجها"، موضحا أن الحكومة "ستمضي قدما في خطوات تحقيق السلام في إقليم دارفور، وستجري انتخابات نزيهة". وفي خطوة وصفها المراقبون بأنها تشكل تحديا لقرار الجنائية، يقوم الرئيس السوداني بزيارة للإقليم المضطرب الأحد المقبل.