إقبال المواطنين على لجان قليوب في إعادة انتخابات مجلس النواب    وزارة التضامن تقر قيد 3 جمعيات في محافظتي القاهرة والغربية    أسعار الذهب ترتفع مع صعود معدل البطالة بالولايات المتحدة    رئيس جامعة القاهرة وسفير بلغاريا بمصر يناقشان إقامة برامج ودرجات علمية مزدوجة    «قناة السويس» توقع مذكرة تفاهم مع هيئة الموانئ الناميبية    وزير المالية: النجاح مسيرة مستمرة لإحداث تأثير إيجابي بالاقتصاد والمجتمع والناس    ترامب: فنزويلا محاصرة بأكبر أسطول بحري في تاريخ أمريكا الجنوبية    أستراليا.. إلغاء احتفالات رأس السنة في سيدني بعد الهجوم الإرهابي    إعلام الاحتلال: إسرائيل تستعد لمواجهة عسكرية مع حزب الله نهاية العام    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    ضبط المتهم باستدراج طفلة يتيمة والتعدي عليها في الشرقية    تحمل اسم الراحل الحاج زايد .. انطلاق الدورة العاشرة من ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي غدا    الصحة تكشف تفاصيل تجديد بروتوكول مواجهة الطوارئ الطبية لمدة 3 سنوات جديدة    فتح اللجان الانتخابية وبدء عملية التصويت ب527 لجنة بكفر الشيخ    رئيس مجلس الشيوخ يدلى بصوته فى إعادة المرحلة الثانية بانتخابات النواب 2025    غرفة تنسيقية "شباب الأحزاب" تنعقد لمتابعة جولة الإعادة للمرحلة الثانية بانتخابات مجلس النواب 2025    دعم مؤسسات الدولة الليبية    الخارجية تصدر كتاب "الاتزان الاستراتيجى" فى السياسة الخارجية المصرية    موعد مباراة الأهلي وسيراميكا كليوباترا في كأس عاصمة مصر    من سندرلاند إلى ليفربول.. خريطة غيابات الدوري الإنجليزي في كان 2025    «كامل أبو علي»: أتمنى فتح صفحة جديدة وعودة العلاقات مع الأهلي    باريس سان جيرمان يصطدم بفلامنجو في نهائي كأس إنتركونتيننتال 2025 بالدوحة    معًا لمدينة آمنة    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام الطرح الخاص للشركة العملية للطاقة» وإدراجها في بورصة الكويت    إصابة 13 شخصا في حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي أسوان    عاجل.. وفاة الفنانة نيفين مندور إثر اندلاع حريق في شقتها بالإسكندرية    أسعار الخضروات اليوم الأربعاء 17 ديسمبر في سوق العبور للجملة    مصطفى أبو سريع يعلن انفصاله عن زوجته ويعلق: كانت حق الأم المثالية لأولادي    محمد رمضان: "كنت عارف إن مسلسل "موسى" مش لجمهوري"    وفاة نيفين مندور بطلة فيلم "اللي بالي بالك"    مي عز الدين تبدأ تصوير «قبل وبعد» وتعلن خروجه من السباق الرمضاني 2026    مرونة الإسلام.. وخلافات الصحابة    المرأة والشباب.. رواد أعمال    «أضرار البابونج».. محاذير قبل تناوله يوميًا!    وكيل صحة الإسماعيلية تُحيل المقصرين بوحدة «أبو جريش» للتحقيق    مستقبل أفضل    إحباط مخطط لهجوم فى نيو أورليانز واعتقال جندى سابق بالمارينز    السيطرة على حريق شب داخل مصنع فى مدينة 6 أكتوبر دون إصابات    مواعيد قطارات المتجهة من أسوان إلى القاهرة اليوم 17 ديسمبر 2025    انتشار أمني مكثف لتأمين جولة الإعادة للمرحلة الثانية من «انتخابات النواب»    أمريكا: هزة أرضية بقوة 5 درجات تضرب ألاسكا    "رئيس صندوق الإسكان الاجتماعي": نستهدف بناء أكثر من 68 ألف وحدة سكنية بالإسكان الأخضر بمواصفات صديقة للبيئة    إعلان أسماء الفائزين بجائزة مسابقة نجيب محفوظ للرواية في مصر والعالم العربي لعام 2025    «ترامب» يحذر فنزويلا من صدمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة    الأزمات تتوالى على القلعة البيضاء، الأوقاف تهدد بسحب جزء من أرض نادي الزمالك بميت عقبة    مصدر أمني ينفي مزاعم الإخوان بشأن هتافات مزعومة ويؤكد فبركة الفيديو المتداول    أحمد مراد عن فيلم «الست»: إحنا بنعمل أنسنة لأم كلثوم وده إحنا مطالبين بيه    أحمد مراد: لم نتعدى على شخصية "أم كلثوم" .. وجمعنا معلومات عنها في عام    «كان مجرد حادث» لجعفر بناهي في القائمة المختصرة لأوسكار أفضل فيلم دولي    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    اللاعب يتدرب منفردًا.. أزمة بين أحمد حمدي ومدرب الزمالك    جزار يقتل عامل طعنا بسلاح أبيض لخلافات بينهما فى بولاق الدكرور    أحمد أيمن منصور: نستهدف بطولة للمصري هذا الموسم    نائب وزير الصحة: الولادة القيصرية غير المبررة خطر على الأم والطفل    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبنان ينجرف نحو الحرب / عبد الباري عطوان
نشر في محيط يوم 20 - 01 - 2011


لبنان ينجرف نحو الحرب


*عبد الباري عطوان

عبد البارى عطوان
إذا أراد اي مراقب ان يستقرئ خريطة الأحداث المتوقعة في المستقبل اللبناني، القريب منه او البعيد.

فان عليه ان يتابع ما يصدر عن المملكة العربية السعودية، ووزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل على وجه التحديد من مواقف وتصريحات.

بسبب النفوذ الكبير الذي تتمتع به، وعلاقاتها التحالفية الوثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، واطلاعها بالتالي على أدق تفاصيل ما يجري طبخه في دهاليزها من مخططات لهذا البلد المنكوب.

فعندما يؤكد الأمير سعود الفيصل في لقاء مع قناة 'العربية' ان الوضع في لبنان 'خطير'، وان بلاده رفعت يدها عن الوساطة التي أجرتها بالاشتراك مع سورية لحل الأزمة المتعلقة بالمحكمة الدولية، بشأن اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري وتداعياتها.

فإن علينا في هذه الحالة، وبناء على هذه التصريحات الواضحة من رجل محسوب على معسكر الصقور في الأسرة الحاكمة ان نتوقع الأسوأ، وهذا الأسوأ يمكن ان يتبلور في ثلاثة احتمالات:

الاول:

تفجير فتنة طائفية، سنية شيعية في لبنان تتطور الى حرب اهلية توفر الذرائع لتدخلات عسكرية خارجية، وعمليات استقطاب داخلية.

الثاني:

إقدام إسرائيل على شن عدوان كبير على لبنان مستغلة تدهور الأوضاع الأمنية، او استخدام القرار الظني للمحكمة الدولية بتجريم 'حزب الله' من خلال اتهام عناصر فيه بالوقوف خلف جريمة الاغتيال كضوء اخضر، او ذريعة لإنهاء وجود المقاومة في لبنان بالقوة العسكرية.

الثالث: تقسيم لبنان إلى كانتونات مستقلة او شبه مستقلة، او دول ميكروسكوبية على غرار 'مونت كارلو' او 'ليختنشتاين'، او 'آيل اف مان' في الجنوب البريطاني وهكذا.

الأمير سعود الفيصل لا ينطق عن هوى عندما يقول 'اذا وصلت الأمور إلى الانفصال، وتقسيم لبنان، انتهى لبنان كدولة تحتوي على هذا النمط من التعايش السلمي' فهذا يعني ان هناك مخططا للتقسيم مطروحا كأحد الحلول.

ووفق حدود المعسكرين المتصارعين، تيار الرابع عشر من آذار بزعامة السيد سعد الحريري وتيار المقاومة او المعارضة بزعامة حزب الله.

ولا نعرف ما هي المعايير التي ارتكز عليها الامير سعود الفيصل في حديثه عن التقسيم، فهل يقصد فصل الجنوب ذي الغالبية الشيعية عن الشمال حيث الغالبية السنية والمارونية.

وفي هذه الحالة يظل من الجائز التساؤل عن الجيوب المسيحية والدرزية والسنية مثلا، وهل ستتم عمليات تطهير عرقي، وترحيل قسري لغير المرغوب فيهم في ظل التغول الطائفي الذي يطل برأسه ويجد تشجيعا من الخارج العربي والغربي؟

* * *
الخريطة السياسية الحالية في لبنان تختلف كليا عن نظيرتها في السبعينيات عندما اشتعلت نيران الحرب الأهلية، فقد كان هناك معسكران متقاتلان.

احدهما إسلامي 'تقدمي' مدعوم من المقاومة الفلسطينية يضم السنة والشيعة والدروز، والآخر مسيحي صرف مع وجود بعض الجيوب الصغيرة جدا 'المحايدة' او 'المعارضة'.

الآن الصورة مختلفة، فهناك سنة مع السيد الحريري وسنة ضده، وهناك تيار ماروني مسيحي قوي مع معسكر المقاومة بزعامة العماد ميشال عون ويضم السيد سليمان فرنجية وآخرين.

مثلما هناك شيعة أيضا ينضوون تحت عباءة تيار الرابع عشر من آذار المناوئ لحزب الله وحركة امل بزعامة السيد نبيه بري رئيس مجلس النواب.

لبنان اصغر بل واعقد من ان ينقسم الى دول او مدن الطوائف والمذاهب، اللهم الا إذا كانت هناك مخططات أمريكية لا نعرفها، فمن قسم السودان، وفتت العراق، ومزق الأراضي المحتلة في فلسطين الى جيبين متنازعين.

يستطيع ان يغرس سكينه في الجسم اللبناني ويقطع أوصاله بتواطؤ داخلي ودعم عربي مستغلاً حالة الانهيار المهين التي تعيشها الأمة العربية حالياً.

فالوساطة السورية السعودية التي اكد الامير سعود الفيصل وفاتها، لم تكن موجودة أصلا، وان وجدت فإنها لم تكن جدية، وان كانت جدية، فان جديتها تنبعث من حسن نوايا اصحابها، وليس من رغبة واشنطن وتأييدها لها.

وان أيدتها واشنطن فذلك لاستخدامها كحقنة تخدير، أو 'رضاعة صناعية' لإلهاء اللبنانيين، وتهدئة الأوضاع في بلادهم، وكسب اطول فترة من الوقت ريثما تتهيأ الظروف الملائمة لإصدار القرار الظني عن المحكمة الدولية في الموعد المقرر.

***
فليس صدفة ان يتم الإعلان عن انتهاء الوساطة السعودية السورية فجأة وبعد انتهاء عطلة أعياد الميلاد المجيدة، وليس صدفة أيضا ان يتكرس 'الطلاق' السوري السعودي بعد اجتماع رباعي في جناح العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في نيويورك .

وبحضور الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والسيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية، علاوة على السيد سعد الحريري رئيس تجمع الرابع عشر من آذار ورئيس الوزراء في حينه.

وليس من قبيل الصدف أيضا ان يقدم ايهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي على الانسحاب من حزب العمل، وتكوين تكتل سياسي جديد يعزز تحالفه مع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء، وافيغدور ليبرمان وزير الخارجية، ويؤسس 'لحكومة حرب' في إسرائيل.

ما يجمع نتنياهو وباراك هو الإيمان بحتمية شن حرب لتدمير حزب الله في لبنان وتكون 'مصيدة' لجر سورية او إيران او الاثنتين معاً.

وبما يؤدي الى توفير الذرائع لتوسيع هذه الحرب، وتوريط الولايات المتحدة وأوروبا فيها الى جانب إسرائيل والقوى المتحالفة معها، بطريقة مباشرة او غير مباشرة في لبنان.

يؤلمنا ان نقول ان لبنان يتجه بسرعة نحو الحرب، لان احتمالات السلام تتراجع ان لم تكن قد تبخرت كلياً، مما يعني ان الجهود الدءوبة التي يبذلها المثلث السوري التركي القطري حالياً تواجه مصاعب كثيرة.

ولا نبالغ اذا قلنا ان تصريحات الأمير سعود الفيصل التي تزامنت مع قمة دمشق الثلاثية كانت تهدف إلى إجهاض هذه الجهود، او تقليل فرص نجاحها في أفضل الأحوال.

ما يطمئننا، في وسط ظلام المؤامرات الحالك السواد، أن المقاومة اختارت الصمود، والدفاع عن لبنان وعروبته في مواجهة اي عدوان إسرائيلي، بالرجولة التي شاهدناها أثناء حرب صيف عام 2006.

فالحروب الإسرائيلية لم تعد سهلة، او طريقاً من اتجاه واحد في مواجهة أنظمة منهارة فاسدة جعجاعة، وإنما أصبحت حروباً في مواجهة شعوب بات أبناؤها يلجئون إلى حرق أنفسهم لإشعال فتيل ثورات تنهي أنظمة القمع والفساد والظلم.



*رئيس تحرير القدس العربي
جريدة القدس العربي
20/1/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.