وصف عبد اللطيف الحمد رئيس الصندوق العربى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية حال التنمية فى المنطقة العربية بالمسألة المأزومة لعظم حجم التحديات التى تواجهها بدءا من تخلف عملية البحث العلمى وتدنى مستوى التعليم وتراجع معدلات الإنتاجية فى مختلف القطاعات علاوة على النقص الحاد فى المياه، لافتا إلى أن النهوض بعمليات التحديث والتنمية على الصعيدين الاقتصادى والاجتماعى أحد أهم المسئوليات الملقاة على عاتق الحكومات العربية، فالتحرك أصبح مطلبا ملحا للغاية للخروج من المأزق الحالي. وقال الحمد خلال المحاضرة التى نظمها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية بعنوان "تحدى التنمية فى العالم العربى .. الى أين نحن ذاهبون؟": أكبر التحديات التى تواجه عملية التنمية فى المنطقة العربية هى التدهور غير المسبوق الحاصل فى المؤسسات التعليمية، وحل هذه المشكلة يحتاج إلى جهد كبير للغاية من القطاعين الحكومى والخاص وذلك للوصول إلى الهدف المنشود أساسا من أية عملية تعليمية وهو إفراز خريجين مؤهلين قادرين على القيام بما يوكل إليهم من مهام، وبالتالى سد الفجوة الحالية التى يعانيها سوق العمل العربي. وأضاف: لابد أن تتحرك الدول العربية جميعا لتقليد المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بإنشاء جامعة علمية خاصة وهى جامعة الملك عبد الله التى خصص لها 20 مليار دولار، لكى تكون نواة حقيقية لنهضة علمية سعودية حقيقة، واصفا هذا المشروع بالخطوة الإيجابية الجريئة، وخاصة أنه تم لأول مرة السماح فى المملكة بإنشاء هذه الجامعة بالاختلاط. وأكد رئيس الصندوق العربى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية أن تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء أمر صعب للغاية لعدم توافر مقومات حل هذه المشكلة الأزلية، حيث نقص كميات المياه، وعدم توافر المساحات الصالحة للزراعة نظرا لغلبة التصحر فى مناطق كثيرة من المنطقة العربية، وأنه يمكن للبلدان العربية أن تحقق نجاحا فى الملف الزراعى باستغلال الميزات النسبية الزراعية، والتخصص فيما يمتلكون فيه ميزة كتخصص تونس فى زراعات الزيتون، التى تمكنها من تحقيق مكاسب ضخمة. وأشار إلى أن النهوض بالزارعة أمر مطلوب هذه الآونة وهذا ما أدركه الصندوق جيدا ، وبالتالى ساعد بشكل كبير فى بناء السدود فى السودان والجزائر والمغرب، حيث مول الصندوق بناء سد "مروي" أكبر السدود فى السودان الذى تكلف 2 مليار دولار، لافتا إلى أن تدنى مستوى البنية التحتية فى المنطقة العربية هى المسئولة عن تراجع معدلات النمو فى مختلف القطاعات وإن كانت الزراعة أكثر المتضررين من عدم وجود بنية تحتية سليمة. وقال عبد اللطيف الحمد: تلعب مؤسسات التنمية العربية هذه المؤسسات دورا ملموسا فى جانب تمويل مشاريع التنمية فى الدول العربية، خاصة تلك المشروعات لاسيما فى قضايا المياه والتصحر، وأن نجاح الدول فى التنمية لا يتوقف على توافر الموارد الطبيعية إنما على عناصر أهمها تهيئة المناخ المناسب لممارسة الأعمال، وذلك بدعم الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتدعيم نمو القدرة التنافسية وحماية الملكية وسيادة القانون. وأضاف: شهدت مسيرة التنمية العربية فى الفترة من 1960 الى 1985 عوامل أزمة عميقة تراكمت خلال الفترة الأولى من مسيرة التنمية تمثلت فى ضعف وتراجع إنتاجية القوى العاملة، وتفشت فى معظم الدول العربية عقلية الإهمال وعدم الاكتراث بنوعية السلع والخدمات وهيمنة الأجهزة الحكومية على الاقتصاد، منبها إلى أن المرحلة الثانية من مسيرة التنمية العربية بدأت بالركود الذى طال جميع الدول اثر الانخفاض الشديد فى أسعار النفط حتى عام 2002 مر العالم العربى بأصعب فترة فى تاريخه المعاصر شهدت تباطؤ النمو، وتراجع مستوى دخل الفرد، وانتشرت البطالة حتى بين المتعلمين، وتعمقت الفوارق الاجتماعية وتراجعت الحريات. وألمح إلى أنه من واقع المؤشرات الاقتصادية المتعارف عليها يتبين أن الدول العربية تتوزع على مجموعات متباينة من حيث كفاءة المناخ التنموى، فيأتى على قمة التصنيف كل من قطر والأمارات والكويت والبحرين وعمان والأردن، ثم تليها تونس والسعودية والمغرب ومصر، أما المجموعة الثالثة فتضم جيبوتى والجزائر وليبيا وموريتانيا وسوريا واليمن، فى حين تضم المجموعة الرابعة السودان والعراق بسبب الظروف الأمنية، مؤكدا أن المنطقة العربية جاءت ثانى أسرع منطقة فى العالم من حيث إقرار وتنفيذ الإصلاحات الهادفة لتسهيل ممارسة الأعمال، ودعم الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.