موقعها المتميز والاستراتيجي ساهم إلى حد كبير في تصارع كل القوى السياسية والمسلحة داخل سوريا وحتى خارجها، فمن الجيش النظامي التابع للرئيس السوري بشار الأسد إلى جبهة النصرة الذراع العسكري لتنظيم القاعدة في الشام، إلى حزب الله اللبناني، الجميع يسارع إلى السيطرة على مدينة القلمون. وتقع مدينة القلمون السورية، على الحدود مع القرى اللبنانية الموالية لحزب الله، كما تشرف على الطريق الدولية دمشق حمص، وتمتد من ريف حمص (وسط سوريا) شمالا حتى أطراف غوطة دمشقالغربية جنوبا، بالإضافة إلى أنها تشكل طريق إمداد حزب الله بين لبنان والداخل السوري. وتدور اشتباكات مسلحة في مدينة القلمون، بين ما يسمى بجيش الفتح الذي يضم عدداً من الفصائل والكتائب من بينها جبهة النصرة وأحرار الشام وجيش القلمون المكون من فصائل الجيش الحر من ناحية، والجيش السوري النظامي ومقاتلين من جزب الله اللبناني من ناحية أخرى، في محاول للسيطرة على المدينة. من يقاتل بالقلمون؟ في أبريل 2014، سيطرت قوات النظام السوري وحزب الله على منطقة القلمون وطردت مقاتلي المعارضة منها. لكن المئات من هؤلاء تحصنوا في مناطق جبلية في القلمون، وهم ينطلقون منها لشن هجمات على مواقع قوات النظام والحزب. إلى ذلك أعلنت فصائل من المعارضة، اكتمال تأسيس "جيش الفتح" في القلمون الذي يضم عدداً من الفصائل والكتائب من بينها جبهة النصرة وأحرار الشام وجيش القلمون المكون من فصائل الجيش الحر وأيضاً تجمع "واعتصموا"، التي ستخوض معارك تحرير كبيرة في قرى القلمون التي خسرها الثوار العام الماضي وستقوم بتحرير كامل القلمون. في المقابل يساند الجيش السوري النظامي والذي يتبع الرئيس بشار الأسد، قوات من حزب الله اللبناني الذي يسيطر على مساحات شاسعة من الجنوب اللبناني والذي يرتبط بحدود سوريا من ناحية جبال القلمون. أهمية القلمون تكمن أهمية منطقة جبال القلمون في موقعها الاستراتيجي، ويقول العقيد الركن في الجيش الحر، بكور السليم، إن أهمية منطقة القلمون الغربي بالنسبة للنظام السوري تكمن في تأمين طريق الشمال الغربي الذي يصل الساحل بالعاصمة دمشق من الجنوب. وأضاف أن أهميتها لحزب الله تكمن في تأمين خط الإمداد من النظام السوري والقوات العراقية وقوات الحرس الثوري الإيراني، وإبعاد أي خطر عن مواقع الحزب داخل لبنان على الشريط الحدودي من مدفعية الجيش الحر. لماذا المعركة الآن؟ الكاتب الصحفي اللبناني أمين قمورية، يقول إن "الكل انتظر هذا الهجوم عقب اعتدال الطقس وانحسار موجة الصقيع"، ويضيف: "ثمة من يرى أن المعارضة السورية -وجبهة النصرة تحديدا- تريد تشديد الطوق حول دمشق، وهذا لا يتوافر إلا إذا تواصلت الطرق من الزبداني إلى القلمون الغربي والشرقي وصولا إلى بلدة عرسال". وأشار قمورية، إلى أن الأجواء ذاتها يمكن أن تخدم الجيش السوري وحزب الله لتوجيه ضربة لجبهة النصرة بالأخص "خوفا من أن تبدل ثوبها وتصبح قوة معتدلة مقبولة"، لافتا إلى هناك إجماعا لبنانيا على "رفض النصرة وداعش"، أما إذا تغيرت النظرة تجاه النصرة فلربما تقابلها أجواء مناسبة في الداخل اللبناني، حسب ما أشار. موقف حزب الله تعهد الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، ب"معالجة" الوضع في منطقة القلمون والسلسلة الشرقية حيث تنتشر مجموعات للمعارضة السورية ومتشددين. وقال نصر الله في كلمة متلفزة، إن الوضع في تلك المناطق يحتاج "إلى معالجة جذرية"، من دون تحديد موعد لأية عمليات. وأشار إلى أن هناك "عدوانا قائما يتمثل في مهاجمة المجموعات المسلحة مواقع واحتلال أراض لبنانية واسعة والاعتداء على الجيش والمواطنين اللبنانيين واستمرار احتجاز جنود والتهديد بقتلهم". ورأى نصرالله أن "الدولة ليست قادرة على معالجة هذا الموضوع". وأكد أنه لن ينتظر اتفاقا داخليا على العملية قائلا "لو انتظرنا إجماعا لكانت الجماعات المسلحة في كثير من المناطق اللبنانية اليوم". الحريري حذر رئيس الوزراء الأسبق، سعد الحريري، من تداعيات أية عمليات محتملة على الحدود اللبنانية. وقال في بيان لمكتبه إن بلاده غير معنية بالدعوة إلى تنظيم معارك في القلمون، محملا حزب الله تبعات "التورط" في الحرب "خدمة لبشار الأسد". وكتب الحريري على تويتر أن نصر الله يتعامل مع الحدود كمناطق مملوكة له. الوضع الحالي حزب الله والنظام السوري تمكنا قبل نحو عام من السيطرة على معظم مدن وبلدات القلمون الغربي، وأبرزها النبك ويبرود والقطيفة وعين التينة، بينما تتمركز قوات المعارضة السورية في التلال والجبال المحيطة. لكن اليوم الاشتباكات الضارية مازالت مستمرة بين الطرفين، فاليوم يسقط قتلى من حزب الله، وبالأمس سقط قتلى من جيش الفتح ومسلحي المعرضة السورية. ولقي 3 من عناصر حزب الله اللبناني في هجوم شنته فصائل من المعارضة السورية اليوم الأحد، في جبهة جبال القلمون الواقعة على الحدود مع لبنان . وارتفع عدد مسلحي حزب الله الذين سقطوا في المواجهات بالمناطق الحدودية خلال الأيام الماضية إلى أكثر من 7 بينهم قيادي في القلمون. وكان الحزب قد أكد الجمعة الماضي مقتل 3 من عناصره في مواجهات القلمون، معلنا أن ميليشياته والقوات الحكومية سيطرت على معسكر سهلة المعيصرة في جرود الجبة بالقلمون.