القاهرة - عودة الحياة للمصانع المتعثرة والمغلقة خلال فترة ما بعد ثورة 25 يناير يمثل تحدياً كبيراً أمام حكومة الإنقاذ الوطني والتي تم تشكيلها مؤخراً برئاسة الدكتور كمال الجنزوري والذي تعهد شخصياً بعودة الإنتاج لهذه المشروعات في أقرب وقت. معروف أن عدد هذه المشروعات يقترب من 1500 مصنع وجميعها تقع داخل المدن الصناعية وفقاً لإحصائيات الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين. كان من أبرز أسباب التعثر للإغلاق حالة الانفلات الأمني وعمليات السطو المسلح والاعتصامات والمطالب الفئوية وإرباك السوق المحلية والتي مازالت تعاني من الفوضي وحالة الركود الشديد كذلك تراجع معدل التصدير بصورة كبيرة خاصة إلي دول توارثت الربيع العربي أدي كل ذلك إلي تعطيل طاقات إنتاجية كبيرة. لأن مساندة المصانع المتعثرة والمغلقة يمثل أهمية بالغة للاقتصاد القومي فقد حرصت جريدة "الجمهورية" علي مناقشة هذه القضية للوصول إلي أهم الآراء والمقترحات لتشغيل هذه الطاقات المعطلة بكامل طاقتها للاستعانة بهذه الآراء في علاج التعثر. في البداية أكد الخبراء أن مساندة الشركات المتعثرة الأخري المغلقة تحتاج إلي حلول عاجلة وأخري آجلة وتتمثل الحلول العاجلة في مواجهة الانفلات الأمني وتقديم هذه الشركات بتوفير التمويل اللازم للإنتاج وتأجيل سداد المديونيات وتسهيل فتح الأسواق الخارجية وتشجيع المنتج المحلي ووضع رسوم علي الواردات من السلع الاستفزازية والأخري التي لها مثيل محلي وإعادة النظر في أسعار الخدمات المصرفية خاصة الأغراض ومنح الائتمان حيث تصل رسوم هذه الخدمات إلي معدلات تفوق المعدل العالمي. أما بالنسبة للحلول الآجلة قال الخبراء إنها تتمثل في إعادة النظر في الأعباء الإدارية والمالية التي تفرضها الدولة مثل بطء الإجراءات وفرض رسوم خدمية تزيد من تكلفة الإنتاج بشكل يحد من قدرته التنافسية كذلك إعادة النظر في التشريعات والقوانين المنظمة للتجارة والاقتصاد حيث أغلب موادها وبنودها متضاربة ومتشابكة تؤدي إلي نتائج عكسية من الحلول الآجلة أيضاً تطوير قطاع التجارة الداخلية وانتظام الأسواق بشكل يسمح إحكام الرقابة وانتظام تداول السلع ولفظ ظاهرة التهريب ومحاربة السلع الرديئة سواء المستوردة أو المنتجة بواسطة "مصانع بير السلم" وأيضا من الحلول تفعيل اللجنة الوزارية العليا لفض المنازعات الاستثمارية القائمة بين المستثمرين والجهات الحكومية فهناك قضايا ومنازعات كثيرة تعرقل استثمارات بالمليارات من الجنيهات. الدكتور وليد جمال الدين رئيس غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات السابق يقول إن علاج التعثر يحتاج إلي عودة الثقة في كلمة الحكومة وأن يكون هناك حسم في كافة القرارات التي تصدرها وتوفير المناخ الآمن للاستثمار والإنتاج وقال إن معظم حالات التعثر جاءت نتيجة لفوضي الأسواق والانفلات الأمني وغياب كافة أنواع الرقابة التي أدت إلي عرقلة الإنتاج داخل المصانع حيث توقف العديد من المصانع نتيجة لعدم القدرة علي توصيل خامات الإنتاج من المواني إلي المصانع نتيجة لعمليات السطو المسلح علي الشاحنات ووسائل النقل المختلفة. أضاف جمال الدين أنه لابد من التعويض المناسب للشركات المتعثرة الأخري التي أغلقت لأن جميع الأسباب التي أدت إلي ذلك هو الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد بعد ثورة 25 يناير وكلها أسباب خارجة عن إرادة أصحاب المصانع. المهندس محمد فرج عامر رئيس جمعية مستثمري مدينة برج العرب الصناعية يقول إنه علي البنوك دون أساس في مساندة المصانع المتعثرة الأخري المغلقة والمطلوب هو توفير التمويل اللازم لتقويم هذه الشركات والوصول بها إلي مرحلة الإنتاج التي كانت عليها قبل الثورة والعمل علي تقسيط المديونيات مع ضرورة تصنيف هذه المصانع وتحديد أسباب التعثر حتي يمكن تحديد نوع المساندة مؤكدة ضرورة التوقف عن مساندة المصانع التي يثبت تعثرها نتيجة سوء الإدارة ففي هذه الحالة يجب البحث عن شريك أو توفير شركة متخصصة في الإدارة للقيام بهذا الدور في ظل ضوابط محددة. قال عامر إن هيئة الأسواق المحلية لتداول السلع المحلية يحتاج إلي استراتيجية محددة تهدف إلي تشجيع المنتج المحلي والتصدي للاستيراد بكافة الوسائل الممكنة في إطار القواعد المسموح بها داخل منظمة التجارة العالمية. المهندس صفوان ثابت رئيس جمعية مستثمري مدينة السادس من أكتوبر يقول إن علاج التعثر وتحقيق التنمية الاقتصادية يحتاج إلي قرارات مصيرية وبشكل فوري وأن يكون الأولوية في هذه القرارات لمصلحة البلاد موضحاً أننا أمام تحد كبير وهو توفير فرص عمل ففي عام 2012 مطلوب توفير أكثر من مليون فرصة عمل حقيقية وذلك لا يتوفر إلا بإنشاء مشروعات جديدة وتشغيل الطاقات المعطلة موضحاً أن هناك تحدياً آخر وهو ندرة العملة الصعبة حيث تعاني البلاد من نقص الدولار واليورو وغيرها من العملات الأخري اللازمة لشراء السلع الرئيسية من الخارج كالقمح والزيت وباقي أنواع السلع التي لا تنتجها مصر وبذلك مطلوب قرارات ثورية مثل فرض رسوم علي الواردات بأسرع وقت ممكن لوقف نزيف الاستيراد حيث تقوم أغلب الدول بمثل هذا الإجراء عندما تواجه ظروفا اقتصادية صعبة كما يحدث الآن في مصر من القرارات الثورية أيضاً لابد من تفعيل قرارات إلزام الجهات الحكومية بشراء المنتج المحلي فهناك قرارات من مجلس الوزراء حول هذا الشأن. الدكتور محرم هلال رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان ونائب رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين يقول إن عودة المشروعات المتعثرة للإنتاج يتحقق من خلال شيئين أساسيين هما: تحقيق الأمن والأمان للبلاد ومساندة البنوك لهذه الشركات. قال هلال إن الآفة الكبري التي أدت لتعثر المشروعات هي البلطجة وعمليات السطو المسلح التي تعرضت لها المدن الصناعية حيث توقفت المصانع نتيجة لنقص خامات الإنتاج التي يصعب الحصول عليها من المواني بسبب غياب الأمن عن الطرق والشوارع والجميع يخشي عمليات السطو المستمر علي الشاحنات المحملة بمواد ومستلزمات البناء. قال إن حالات التعثر التي سادت مصانع المدن الصناعية جاءت نتيجة لعدم قدرة المصانع علي تعريف منتجاتها سواء داخل السوق المحلي الذي يعاني من انفلات الأسعار وحالة من الفوضي أو الأسواق الخارجية خاصة الدول العربية حيث أصبح التصدير إليها شبه مفقود نتيجة لثورات الربيع العربي. قال هلال إن هناك مسئولية كبيرة علي الحكومة لمساندة هذه المشروعات وتوفير التمويل اللازم لإعادة تشغيل هذه المصانع بالشكل التي كانت عليه قبل ثورة 25 يناير العظيمة.