من يتأمل أحوال الدنيا سيدرك أن موازين الحياة من أسس بقاء الكون. تواجد الشيء ونقيضه، وما يقابله أو يناهضه، معادلة عبقرية أرساها الخالق. في الطبيعة. في المخلوقات وسائر الكائنات ليبقي النوع في الكون بميزان لا أحد يملك تغييره فهكذا تمضي الحياة.. ما فناء إلا بوجود ، وما من موت إلا ومولود يجيء، وما من حزن باق ولا فرح علي طول. هكذا الحياة رواح ومجيء نهاية وبداية بموازين لا تختل..... (سرحة خاطر) إلي كل من يحلم أنه يعدي البحر... تعالوا نقوم معا بجولة استطلاعية لملمح مهم من ملامح الحياة العصرية التي يعايشها العالم الآن.. كلما كانت الدولة متقدمة أكثر أو حضرتك تستخدم وسائل اتصالات أحدث، فلتشرب إذن بالمقابل من حرياتك وخصوصياتك ودخائلك أيا كانت وما من حيلة لك فحياتك وحياة الآخرين منفتحة مخترقة مكشوفة، ويستحسن أن تعرف جيدا ماذا يدور هناك عبر البحار قبل أن تسب وتلعن أحوالك وتشكو القهر وكبت الحريات في بلادك... أنت هنا مازلت في نعمة علي الأقل ليس عريانا بل مستورا بمساحة معقولة من الحريات مازلت ! السطور التالية موجهة إلي الشباب بنحو خاص إلي كل من يفكر منهم ويتمني لو يستطيع أن يعدي البحر الأبيض أو يعوم المحيط الأطلنطي ليصل إلي الشط الآخر.. إلي كل منهم أقول له تمهل فما من نعيم مقيم ولا أرض الأحلام علي الشاطيء المقابل.. عندهم أنت تحت الرقابة من كل الجهات. لا حريات ولا دياولو كان زمان وجبر ! تقول عندهم هيومان رايتس وأمنستي انترناشيونال وسائر الهيومانات الهمامات ؟؟ نقول لك الحقيقة دي مواقع للاستهلاك الخارجي أما في بلادهم؟؟ انسي... واصحي علي الواقع الحقيقي للعالم في يومنا هذا. شركات تعصلج وفي الآخر تلين..! الأخ ادوارد سنودون قدم خدمة جليلة للعالم كله عندما أتاح بالقليل أن ندري بما تفعله بنا التكنولوجيا الحديثة وبحياتنا في هذا العصر.. ومن الذي يدفع الثمن ؟ إنه المواطن العادي الذي يستخدم التكنولوجيا الحديثة ولا يريد أن يقع لا في براثن هذا أو ذاك لا الارهاب ولا أيضا تلك الأجهزة التي تستهدف السيطرة علي مواطني الكون !! الزلزال الذي فجره سنودون كشف كيف أجادت وكالة الأمن القومي NSA اختراق كافة مراكز المعلومات الأجنبية ومازالت لا تكف عن مطاردة أي شفرات وحصانات تستحدثها التكنولوجيا، لا تريد مهربا من قدراتها في التنصت والتلصص ولا تسمح بما قد يفلت منها، بل ولا تكف عن الإلحاح في فتح المزيد من الأبواب الخلفية لايجاد ماستر كي ليفتح لها أبواب مليار و300 مليون شخص حول العالم تريد أن تكون سجلاتهم الشخصية في حوزتها !! الشركات الكبري التي تصنع أجهزة الكومبيوتر وشرائح الموبايلات من ذكية ونمكية وغيرها، وعلاقاتها مع وكالات المخابرات عموما، ووكالة الأمن القومي خصوصا NSA التي كان يعمل بها وكشف سترها وأسرارها السيد سنودون، وراءهم حكايات ونوادر وعلاقات غير طريفة وتبدأ من جر ناعم بالحسني حينا إلي التعامل بغلظة وخشونة مع التهديد أغلب الأحيان وبما قد يصل إلي لوي الذراع.. والأسباب واضحة وهي التي تحصل من تلك الشركات علي ما يتيح للأجهزة أن تخترق الشرائح من المنبع أي مع الصناعة الأولية لما يعرف بالهاردوير ذاته الذي يوزع بين أنحاء الكون ! من تلك الشركات الكبري المنتجة من يعصلج في البدء إلي أن يلين بين أيديهم.. وشركات أخري تختصر الطريق ومن قصيرها توقع عقودا تسمح لوكالة الأمن القومي أن تقتحم كافة الخدمات التي تقدمها : من اتصالات إلي علاقات إلي انتقالات إلي كافة شئون عملائها في الحياة العامة والخاصة، بدءا من الأمور الصحية إلي الشئون المالية والضرائبية إلي المسائل العاطفية المخفي منها والمعلن إلي كافة شيء ! إنما من تكون تلك الشركات الكبري وماذا تفعل ؟ إنها شركات عملاقة في تخصصاتها ومنتجاتها وتوزع علي مستوي الكون و.. معروفة بالاسم ولا داعي للنشر ! اسمعوا القصة التالية عن آي فون IPHONE والذي يحكيها كان مديرا لوكالة الأمن القومي ذات نفسه وحكاها علنا في أحد المؤتمرات بواشنطون علي الملأ طالما كان بدرجة سابق... مايك هايدن هذا المدير السابق للوكالة الخطيرة حكي أنه كان مع زوجته في متجر لشركة آبل بولاية فرجينيا والبائع يحاول أن يعدد له مآثر موديل معين من آي فون لاغرائه علي شرائه قائلا له دون أن يعرف شخصيته أن لهذا الموديل بالتحديد مائة الف خدمة منوعة، وهذه مبالغة مفهومة تعني أن الجهاز متعدد الخدمات.. هنا التفت المدير السابق للمخابرات الوطنية إلي زوجته قائلا لها بصوت خافت : الجدع ده لا يعرف ماذا كنت أشتغل.. مائة ألف خدمة يعني مائة ألف فرصة دخول علي الموبايل !! في أمريكا وبريطانيا : مسح كامل عن كل مواطن ! إنما كيف استطاعت وكالة الأمن القومي الأمريكي أن تجد طريقها إلي نظام التجسس الإلكتروني هذا الذي علي مستوي الكون وليحقق لها الحصول علي المعلومات المطلوبة عن اي جهة أو شخص في أي موقع ومكان حول العالم ؟؟ .. المعروف منذ عام 2010 أن مسحا كاملا للمعلومات ويحدث بانتظام للمواطنين في الولاياتالمتحدة وبانتظام وتخص الاتصالات الاجتماعية والشخصية والالكترونية وحساباتهم البنكية وتأميناتهم الاجتماعية والصحية إلي سائر شئونهم الحياتية وكلها تنتقل بانتظام وأولا بأول وتحفظ.. شيء يصعب أن يعقله أي منا ولكنها التكنولوجيا ! ومنذ عام 2011 تمكنت وكالة الأمن القومي الأمريكي من الإشراف علي تطوير سوفت وير يتم رشقه بحيث يسمح باختراق كافة الموبايلات التي تباع بين أنحاء العالم قاطبة... صحيفة جارديان سبق أن كتبت عن مشروع سري لوكالة الأمن القومي الأمريكي بعنوان مخبر بدون حدود Boundless Informant مهمته إقرار السيطرة علي عالم المعلومات الالكترونية للأفراد.. ووفق ما جاء بالصحيفة استطاعت وكالة الأمن القومي أن تجمع 97 مليار معلومة عن أفراد علي مستوي العالم... لابد إذن أن يخطر لك : كيف تستطيع وكالة الأمن القومي الأمريكي تلك أن تجد طريقها إلي كل تلك المعلومات ؟ والإجابة لا تحتاج لتفكير : إنه النجاح الساحق أو الفرقعة التي حققتها مبيعات الموبايلات الذكية حول العالم وقد استغلوها بنجاح ساحق فاستطاعت تلك الوكالة الأمريكية أن تجد طريقها إلي التطوير الذي يؤدي للطريق المفتوح إلي كل آي فون وكل ما هو مجهز بنظام أندرويد حتي البلاك بيري الذي كان يعتقد في السابق أنه محصن ضد الاختراق فتلك الهواتف الذكية الأقرب إلي ميني كومبيوتر أصبحت توازي في فوائدها لأصحابها مراكز للاتصالات الشخصية بل تقوم بمهام المساعدين والسكرتارية والأرشيف الخاص بما لم يعد لمن يستخدمها أن يستغني عن خدماتها في شئونه اليومية.. ولا تنس أنها أجهزة تلملم جزيئات مهمة جدا عن حياة من يستخدمها بأضعاف مضاعفة لما قد يتوقعون ! إذن الموبايلات الذكية تلك أشبه بمناجم الذهب لوكالة مثل وكالة الأمن القومي وأخواتها البريطانية ففي جهاز آي فون واحد تتجمع كافة المعلومات التي تخص صاحبه بكل ما تبتغي معرفته أي مخابرات في الدنيا من اتصالاته الاجتماعية إلي تفاصيل تنقلاته واهتماماته إلي صداقاته حتي أرقام بطاقاته الائتمانية. الإرهاب آخر موديل : سايبر.. ! انتباه ! نقدم طرفا من إرهاب سايبر الفضائي وجرائمه في ذلك الفضاء الالكتروني الذي تحول إلي دنيا قائمة بذاتها حديثها بلغة الأرقام ووسيلتها الدق بالأصابع.. دنيا الكترونية مأهولة ومخترقة من عصابات خبراء في هذا اللون المتقدم جدا من الوصال الكوني، انجرفوا إليه وانحرفوا به إلي هذا اللون من جرائم الإرهاب الاجتماعي الذي لربما يدهش الكثيرين لمدي اتساع نطاقه في الأعوام القليلة الأخيرة.. فعندما تعلم أن أكثر من 400 مليار دولار يعني ألف مليون دولار × ربعمائة مرة قد اختلست أو سرقت سلبا نهبا عن بعد بواسطة مجرمين محترفين استطاعوا اختراق البني التحتية لبنوك ومؤسسات مالية كبري من بين 30 دولة علي الأقل.. تبدأ من الولاياتالمتحدةوروسيا إلي سائر دول أوروبا حتي اليابان في أقصي الشرق، ستدرك لأي حد يتنامي هذا الخطر الجديد... فريق من تلك التنظيمات الناشئة هاجموا مؤخرا شركة أمريكية كبري للتأمين الصحي آنثن انكوربوريشن مخترقين سجلاتها بموقعها المركزي فحصلوا علي بيانات بتفاصيلها عن عملائها بلغ عددهم 80 مليون عميل من مختلف الولاياتالأمريكية بما في ذلك أرقام بطاقات الضمان الاجتماعي التي تخص كلا منهم، علما بأن بطاقات التأمين الاجتماعي في الولاياتالمتحدة أشبه ما تكون بأهمية الرقم القومي لدينا هنا في مصر أي من معالم الهوية الشخصية ويمكن من خلاله تحقيق الكثير من العمليات المالية دون علم أصحابها حيث معظم تلك العمليات تتم هناك الكترونيا... وأن ما لا يقل عن أربع مؤسس ات مالية في الولاياتالمتحدة هوجمت وبالنهج والأسلوب ذاته وسرقت منها معلومات شخصية دقيقة عن عملائها، تم استغلالها في نهب وسرقات من حساباتهم عن بعد ! في موسكو أيدت شركة كاسبرسكي الشهيرة في مجال الالكترونيات تلك المعلومات بإعلانها أن مجرمي سايبر سرقوا أموالا من بنوك ومؤسسات مالية من نحو 30 دولة بما قد يصل بخسائرهم في هذا النطاق إلي ما يتعدي المليار دولار.. لذا قد لا يكون معروفا أن في عالم شركات الأمن يوجد حاليا متخصصون في الأمن الرقمي الديجيتال منها تلك الشركة التي في أمستردام جيمالتو التي أعلنت مؤخرا ما يدل علي أن مجرمي سايبر تمكنوا من اختراق سجل معلومات لا تقل سعتها عن مليار معلومة عن هويات لشخصيات في مجتمع السياسة والمال والأعمال.. أما ذلك الهجوم الالكتروني الذي وقع علي المقر الرئيسي لشركة الالكترونيات المشهورة سوني بكوريا الجنوبية واختراق سجلاتها التي تشمل أدق تفاصيل تعاملات الشركة وموظفيها وعائلاتهم وخصوصياتهم، فقد أدي إلي لفت الانتباه إلي امتداد هذا الواقع الجديد من الإرهاب الفضائي بنحو ربما تخطي حواجز أخري وتعدي لحدود ربما تكون دولية وهنا مكمن الخطر.. الغريب أن الغرض من ذلك الهجوم كان ينحصر في مطلب منع عرض فيلم محدد من إنتاج شركة سوني، موضوعه يدور عن مؤامرة خيالية لاغتيال رئيس كوريا الشمالية.. يمنع والا... تنشر البيانات التي في حوزة الهجمة بما لا تريده أي شركة أن ينشر علي الملأ ! كوريا الشمالية بادرت ونفت تماما أي علاقة لها بهذا الشأن، أنانا عندما اتجهت إليها الشبهات بأنها وراء هذا الاقتحام.. علي أي الأحوال تبقي الخطورة في كونها الواقعة الأولي التي تتجه فيها قوية نحو دولة وليس جماعة أو عصابة من أفراد.. طبعا هذا قبل أحدث الوقائع من هذه النوعية حيث اتهمت هيلاري كيلنتون روسيا بأنها وراء اقتحامات من هذه النوعية وهددت بالويل والثبور وعظائم الأمور. مع كم المزايا التي أتاحها هذا الفضاء الالكتروني والفرص التي فتح أمامها الأبواب عالم السايبر هذا في العلوم والتكنولوجيا والطب والموسيقي والثقافة والبيزنس والأموال الخ إلا أنها لمأساة حقا لو سمح المجتمع الدولي لأمثال هؤلاء الإرهابيين المجرمين أن يصولوا ويجولوا بجرائمهم في الفضاء الالكتروني بهذا النحو.. خاصة والمتوقع أن يزداد هذا اللون من الإجرام الإرهابي الحديث ويتوسع أكثر كلما أصبح العالم متداخلا أكثر.. حاليا يوجد فرع للأنتربول الدولي متخصص جرائم سايبر ويتعاون مع الدوائر المقابلة له في الدول التي تتعرض للهجوم علي مؤسساتها أكثر من غيرها، وهي كما أسلفنا لا تقل عن 30 دولة، فالعالم أصبح يدرك جيدا ما تفعله أسلحة الدمار الشامل في المجتمعات الإنسانية والحضارة ذاتها لكن لا يكاد الكثيرون يدركون بعد لأي مدي من الدمار تلحقه حروب سايبر هذه من تخريب للحياة اليومية للشعوب إذا ما حدث وتحولت من أدوات تنقل بيانات إلي أسلحة الكترونية تدمر وتخرب أنظمة لمجتمعات وتوقف سير الحياة اليومية لشعوب و... لنعتبر هذه السطور نوبة صحيان زاعقة تنبي بأن ما من دولة في العالم إلا وأصبحت في مرمي هذا اللون من الإرهاب الجديد ! آخر سطر : تبينت أن السياسة أخطر من أن تترك للسياسيين..! ( جنرال شارل ديجول ).