انها لمأساة حقا لو سمح المجتمع الدولي لأمثال هؤلاء الارهابيين المجرمين أن يصولوا ويجولوا بجرائمهم في الفضاء الالكتروني بهذا النحو العالم دخل عصر جرائم إرهابية من لون مختلف.. لا أعني ذلك اللون من سفالات بشر مثل ما يمارسه ذلك التنظيم الوحشي الذي تخيل كونه دولة خلافة بل وجرؤ علي الانتساب إلي الإسلام.. نريد الانتباه إلي اللون المستجد الآخر من إرهاب العصر. يحق علينا أن نعد له من يواجهه من فنيين متخصصين يحصنون خزائن سجلاتنا ومعلوماتنا قبل أن نفاجأ بمن يتجرأ ويخترق ويدخل إلي داخلياتنا كما حدث ويحدث مع دول كبري وصغري علي حد سواء بلغت في مجموعها خلال العام المنصرم وحده نحو 30 دولة !! نقدم هنا طرفا من إرهاب « سايبر « وجرائمه.. ذلك الفضاء الإلكتروني الرقمي ( ديجيتال ) الذي تحول إلي دنيا قائمة بذاتها حديثها بلغة الأرقام ووسيلتها الدق بالأصابع.. دنيا إلكترونية مأهولة ومخترقة من عصابات خبراء في هذا اللون المتقدم جدا من الوصال الكوني وانحرفوا أو انجرفوا إلي هذا اللون الجديد من جرائم الإرهاب الاجتماعي لربما يدهش من يطلع علي مدي اتساع نطاقه خلال العام الأخير ! عندما تعلم أن أكثر من 400 مليار دولار ( ألف مليون دولار × ربعمائة مرة ! ) قد اختلست أو سرقت سلبا ونهبا عن بعد بواسطة مجرمين محترفين واستطاعوا اختراق البني التحتية لبنوك ومؤسسات مالية كبري من بين 30 دولة علي الأقل, بدءا من أول الولاياتالمتحدة وروسيا لسائر دول أوروبا حتي اليابان, سندرك لأي حد يتنامي هذا الخطر الجديد... فريق من تلك التنظيمات الناشئة هاجموا مؤخرا شركة أمريكية كبري للتأمين الصحي( آنثن انكوربوريشن ) مخترقين سجلاتها في موقعها المركزي, وحصلوا علي بيانات بتفاصيلها عن عملائها بلغ عددهم 80 مليون عميل للشركة بين مختلف الولايات, بما في ذلك تحصلوا علي أرقام بطاقات الضمان الاجتماعي التي تخص كل منهم.. علما بأن بطاقات التأمين الاجتماعي في الولاياتالمتحدة أشبه بالرقم القومي لدينا في مصر أي من معالم الهوية الشخصية ويمكن لديهم من خلالها تحقيق الكثير من العمليات المالية دون علم أصحابها, فمعظم العمليات لديهم هناك تتم الكترونيا... ثم مالا يقل عن أربع مؤسسات مالية أخري في الولاياتالمتحدة هوجمت كذلك في العام الماضي وبالنهج والأسلوب ذاته فسرقت معلومات شخصية دقيقة عن عملائها تم استغلالها في نهب وسرقات من حساباتهم عن بعد ! أحد المحال الكبري أبلغ عن اختراق وقع وتم سرقة معلومات تخص تحديدا 110 ملايين عميل لهم بين أنحاء الولايات.. ومن موسكو أيدت شركة كاسبرسكي الشهيرة في مجال الالكترونيات هذه المعلومات بإعلانها أن مجرمي سايبر سرقوا أموالا من بنوك ومؤسسات مالية من نحو 30 دولة قد تصل خسائرها في هذا النطاق إلي ما يتعدي بليون دولار ! عشرات من هذه العينة عن إبلاغ لسرقات معلومات شخصية وهويات دقيقة لأشخاص بهدف استغلالها في جرائم أموال أو تعطيل لأعمال مؤسسات أو الابتزاز بالتهديد !.. لهذا قد لا يكون معروفا أن في عالم شركات الأمن يوجد اليوم متخصصون في الأمن الرقمي (!!) منها تلك الشركة في أمستردام جيمالتو التي أعلنت مؤخرا ما يدل علي أن خلال 2014 تمكن مجرمو سايبر من اختراق سجلات معلومات لا يقل مجمل البيانات التي حصلوها عن بليون معلومة هويات لشخصيات !! لذا كان لزاما أن يكون الهجوم الالكتروني الذي وقع في نوفمبر الماضي علي شركة كوريا الجنوبية سوني للعروض الترفيهية والافلام من اختراق لسجلاتها التي تشمل أدق تفاصيل تعاملات الشركة وموظفيها وعائلاتهم وخصوصياتهم, أن يؤدي ذلك الهجوم أن يلفت الانتباه إلي هذا الواقع الجديد من الارهاب الفضائي بأكثر مما حدث.. الأغرب أن الغرض من الهجوم كان التهديد : اما منع عرض فيلم محدد موضوعه عن مؤامرة خيالية لاغتيال رئيس كوريا الشمالية, أو ينشر البيانات التي في حوزتهم عن الشركة بما لا تريد اي شركة أن ينشر علي الملأ ! نفت كوريا الشمالية تماما أي علاقة لها في هذا الشأن أنهاعندما اتجهت اليها شبهات الاقتحام, انما تبقي الخطورة فتكون أنها الواقعة الاولي التي تتجه فيها الشبهات نحو احدي الدول.. ! مع كم المزايا التي أتاحها هذا الفضاء الالكتروني والفرص التي فتح أمامها الأبواب عالم السايبر هذا في العلوم والتكنولوجياوالطب والموسيقي والثقافة والبيزنس والأموال الخ.. الا انها لمأساة حقا لو سمح المجتمع الدولي لأمثال هؤلاء الارهابيين المجرمين أن يصولوا ويجولوا بجرائمهم في الفضاء الالكتروني بهذا النحو.. خاصة المتوقع أن يزداد هذا اللون من الاجرام الارهابي الحديث ويتوسع اكثر كلما أصبح العالم متداخلا مع بعضه ومترابطا أكثر.. ويوجد حاليا فرع للانتربول الدولي تخصص جرائم سايبر, ويتعاون مع الدوائر المقابلة له في الدول التي تتعرض للتهجم علي مؤسساتها أكثر من غيرها وهي كما أسلفنا لا تقل عن 30 دولة ! يدرك العالم جيدا ما تفعله أسلحة الدمار الشامل في المجتمعات الانسانية والحضارة ذاتها.. لكن لا يكاد الكثيرون يدركون بعد لأي مدي من الدمار تلحقه حروب سايبر هذه من تخريب للحياة اليومية للشعوب إذا ما حدث وتحولت من أدوات تنقل بيانات, إلي ءأسلحة الكترونية تدمر وتخرب أنظمة لمجتمعات وتسيير حياة يومية لشعوب ولنعتبر هذه السطور نوبة صحيان زاعقة تنبيء بأن ما من دولة في العالم إلا وأصبحت في مرمي هذا اللون من الإرهاب الجديد !