مع تزايد الهجمات الإلكترونية ونشوب حرب من نوع جديد بين الدول تعتمد علي القدرة علي اختراق الانظمة الالكترونية لوزارات سيادية ومواقع حساسة وحسابات مصرفية وشخصية أصبحت قضية الأمن الالكتروني من أولويات الدول خاصة الكبري منها سعيا لحماية أمنها القومي. وفي أحدث دراسة اجرتها شركة ايساكا اليابانية عن الامن الالكتروني علي 3400 شركة كمبيوتر في 129 دولة حول العالم وجد أن اغلب الشركات تعاني قصورا شديدا فيما يخص الحماية من الهجمات الالكترونية. ورغم ان 92% من هذه الشركات عززت اجراءاتها الامنية الا انها وجدت صعوبة في ايجاد متخصصين في هذا النوع الجديد من الامن. كما اكدت الدراسة وجود فجوة كبيرة بين زيادة التهديدات والهجمات الإلكترونية وبين وجود أمن إلكتروني قادر علي ردعها ومواجهتها حيث تمتلك 38% فقط من هذه الشركات حول العالم اليات التصدي للهجمات الالكترونية. وكالة للأمن الالكتروني وفي هذا السياق أعلنت الادارة الامريكية عن انشاء وكالة مخابراتية جديدة متخصصة في الامن الالكتروني لحماية الولاياتالمتحدة من اية هجمات جديدة بعد أن اشارت احدث دراسة امريكية إلي زيادة الهجمات الالكترونية خمس مرات عن عام 2009 وكان آخرها حادث الاختراق الذي نفذته كوريا الشمالية علي شركة سوني الامريكية لمنع عرض فيلم " المقابلة" الذي يسخر من الزعيم الكوري الشمالي والذي كشف عن القصور الشديد الذي تعانيه الشركات الامريكية في هذا المجال. وستكون مهمة الوكالة الجديدة جمع وتحليل المعلومات لمنع هجمات تستهدف الأنظمة الإلكترونية للمؤسسات الحكومية والشركات داخل الولاياتالمتحدة فضلا عن اختراق رسائل البريد الالكتروني (الايميلات ) والحسابات الشخصية لمواقع حساسة ومنها البنتاجون والسي اي ايه. وقد بدأ اهتمام الرئيس الامريكي باراك اوباما بهذه القضية منذ عام 2009 الذي وقع فيه اكبر هجوم الكتروني علي المنشآت النووية الايرانية نفذته اجهزة المخابرات الاسرائيلية. وستقوم الوكالة الجديدة بدراسة العلاقات بين التهديدات الإلكترونية التي تواجهها امريكا لتصبح الوزارات والوكالات المعنية علي دراية بهذه التهديدات بأسرع ما يمكن. وستعتمد الوكالة بشكل واسع علي المعلومات الواردة من شركات إلكترونية متخصصة في جمع المعلومات والتي ستقدم تقاريرها مباشرة لمدير السي اي ايه ورئيس وكالة الامن القومي التي كانت مسئولة هذا الملف من قبل. قوانين الحريات والأمن ويحاول الرئيس الأمريكي الضغط علي الشركات الامريكية لتقديم كل ما لديها من معلومات عن المستخدمين ومن ثم اختراق خصوصياتهم سعيا للحد من أية هجمات إلكترونية محتملة، الا ان هذا الامر يمثل قضية شديدة الحساسية في دولة الحريات التي غردت بعيدا عن سرب الحريات وسنت العديد من القوانين التي تنتهك حرمة الحياة الخاصة للامريكيين وحرياتهم وذلك عقب هجمات 11 سبتمبروضمن جزء من خطتها لمحاربة الإرهاب داخل أمريكا. ومن المقرر أن يطلب الرئيس الأمريكي من الكونجرس الموافقة علي ميزانية جديدة منفصلة للأمن الإلكتروني والتي فشل في إقرارها منذ ثلاث سنوات خاصة بعد تزايد الهجمات من كل من الصين وروسيا وايران وكوريا الشمالية. ورحب الخبراء الأمنيون بإنشاء وكالة الامن الالكتروني في هذا التوقيت الذي تزايدت فيه اعداد الهاكرز وتطورت التقنية التي يستخدمونها في مجال ما يعرف بالجرائم الإلكترونية. ويؤكد هؤلاء الخبراء ان نجاح الوكالة الجديدة مرهون بالكشف عن العقول الذكية المدبرة لهذه الهجمات والتعاون مع الشركات الكبري التي تستعين بخبراء في هذا المجال لتأمين أعمالها حيث مازالت فكرة تكوين فرق دفاع الكترونية يديرون معاركهم في غرف صغيرة ستحتاج لتدريب طويل حتي يصبح هناك جيش دفاع إلكتروني فعال. هذه الغاية هي التي جمعت بين الدول الكبري واصبحت احد المجالات التي توقع من اجلها اتفاقيات تعاون مشتركة وهو ما حدث مؤخرا بين امريكاوبريطانيا حيث وقعت الدولتان اتفاقية من اجل تبادل الخبرات في مجال التعاون الأمني الالكتروني حيث تمتلك بريطانيا خبرة كبيرة في هذا المجال. بعد ان تعرضت 8 شركات كبري من اصل 10 شركات بريطانية لهجمات الكترونية. لذا فهي تطور باستمرار تقنيات الدفاع واصبحت تقدم الان خبراتها في الأمن الإلكتروني. خمسة ملايين اعتداء كما بدأت الحكومة اليابانية في تعزيز اجراءاتها الأمنية لمواجهة الهجمات الإلكترونية المتزايدة علي الكمبيوترات والهواتف الذكية التي وصلت في العام الماضي لأكثر من خمسة ملايين اعتداء استهدفت منظمات حكومية وغير حكومية وافرادا، الامر الذي دفع البرلمان الياباني إلي اقرار قانون الأمن الإلكتروني في نوفمبر الماضي الذي أجاز للحكومة اتخاذ إجراءات للوقاية من الهجمات الإلكترونية. إرهاب الكتروني ووقعت دول الاتحاد الاوروبي علي اتفاقيات تعاون امني مشابهة في اطار استراتيجيتها الجديدة لتأمين اراضيها من خطر الارهاب والمخاوف الاوروبية المتزايدة من خطر داعش التي تعتمد بشكل اساسي علي الدعاية الالكترونية والتجنيد عبر مواقع التواصل الاجتماعي كما بدأت تشن هجماتها الالكترونية علي المواقع الغربية واصبحت الحكومات تستخدم مصطلح الارهاب الإلكتروني. وفي هذا الإطار بدأت الدول الاوروبية في تدريب قواتها للتعامل مع هذا النوع المبتكر من الارهاب ففي ألمانيا تسعي قوات الامن للقبض علي خلايا إرهابية الكترونية نائمة يصل عدد افرادها إلي 80 شخصا بعضهم يتولي الدعوة والدعاية عبر الانترنت من أجل جمع التبرعات والتحريض علي الديانات الأخري. ويشير المسئولون الألمان إلي أن أفراد تلك الشبكات يستخدمون رموزا مشفرة يصعب تتبعها ويعتمدون بشكل رئيسي علي رسائل الهواتف المحمولة والبريد الإلكتروني ويستخدمون عدة لغات تعرقل عملية تتبعهم الكترونيا. ومنذ أن اصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تحت المراقبة تجنبت هذه الجماعات استخدام شبكتي "تويتر" و"فيس بوك"، وتعتمد بشكل أساسي علي تطبيقات الرسائل الفورية للهواتف الذكية "التريما" وال "واتسآب". والهواتف الخلوية القديمة التي تصعب من خلالها مهمة تحديد أماكنهم. حرب إلكترونية وتنتهج وزارات الداخلية في الدول العربية اتجاها مشابها في سبيل الحفاظ علي أمنها من الإرهاب وفي ظل تدهور الأوضاع الأمنية في بعض الدول مما أدي إلي تزايد التراخي الأمني، كل ذلك جعل الجماعات الارهابية تجند أكبر عدد من مقاتليها عبر الفضاء الإلكتروني. كما أصبح هناك جيوش الكترونية نظامية وغير نظامية تعمل علي تحقيق مصالحها وحرب الكترونية متبادلة بين داعش واخواتها وبين الدول العربية التي تسعي للخروج من دائرة الاستهداف مع تعدد جبهات المواجهة التي تلعب فيها هذه المعارك الالكترونية دورا محوريا مما دفع الدول العربية هي الاخري للبحث عن الخبرات الدولية في الأمن الالكتروني.