عند كل كارثة يبدأ الحديث عن »سماسرة الموت»، بوصفهم الجناة الأساسيين عن اهدار أرواح شبابنا، ويتم التعامل مع المتورطين في الكارثة دون وضع استراتيجية شاملة لمواجهتهم. بعدها تهدأ الأمور ليطل السماسرة من جديد ويبدأون ممارسة دورهم الدموي ويساهمون في اقتناص المزيد من الارواح بدم بارد. والغريب انهم معروفون للكثيرين في قراهم، يروجون لتجارتهم ويجتذبون المزيد من الشباب إليها، دون ان يجدوا من يتصدي لهم. فإلي متي يظل سماسرة الموت يزاولون أعمالهم القذرة التي تختطف زهور مصر؟ مليون جنيه هي تكلفة رحلة الموت بالنسبة لسمسار الهجرة غير الشرعية يخصص الجزء الاكبر منها لشراء الفلوكة او المركب الذي سيقل المهاجرين الي دولة أوربية، لكن من وراء هذا المليون يكسب السمسار الملايين، كأنه يتقاضي ثمن قتل اطفالنا وشبابنا في عرض البحر فوفقا لشهادات اهالي المتوفين والمفقودين في حادث رشيد يحصل السمسار علي 30 ألف جنيه من المهاجر الواحد، وبافتراض ان المركب الذي تعرض للغرق كان يحمل 300 فرد علي اقل تقدير، فإن اجمالي ما يحصل عليه السمسار 9 ملايين جنيه، وبخصم التكلفة يصبح المكسب الصافي 8 ملايين جنيه. لكن كيف يتحايل سمسار الهجرة غير الشرعية لاخراج هذا العدد الكبير من البشر؟ يرد احد الناجين من الحادث الاخير موضحا ان السمسار الذي اتفق معه علي الهجرة نقله في مركب صغير مع بعض الشباب لمسافة عدة كيلوات من الشاطئ، حيث كان هناك مركب آخر في انتظارهم، ويضيف : انتقلنا اليه لنبحر من جديد لمسافة تصل الي 12 كيلو مرة أخري، وفوجئنا بمركب كبير ولكنه قديم ومتهالك به مهاجرون خرجوا من مدينة الإسكندرية فانضممنا اليهم. قصة المواطن السوداني مدثر حسني التي نشرتها »الأخبار» أمس الاول، حيث اشار الي محام من أسوان ساعده في الدخول الي الاراضي المصرية مع عائلته عن طريق الهجرة غير الشرعية، ثم قام آخر بالاتفاق معه علي تسهيل هجرة عائلته الي ايطاليا مقابل 100 الف جنيه يحصل عليها بعد اتمام الرحلة. وهو ما يشير الي ان مافيا الهجرة غير الشرعية تنظم نفسها، وتنسيق اختصاصاتها حسب جهة الرحلة. والغريب أن افرادها معروفون للكثيرين، حيث يؤكد محمد عبدالعزيز الذي جاء من محافظة الغربية بحث عن ابن شقيقته ان السمسار الذي اتفق معه الشاب يعيش في قريتهم ابوصوير بمركز سمنود، وأنه معروف للجميع، بقية التفاصيل مشابهة للقصص الأخري، فالرحلة مقابل 30 الف جنيه يتسلمها السمسار بعد وصول المهاجر الي ايطاليا. واحيانا يتم تقسيط المبلغ الي قسطين، حيث اوضح محمد ابراهيم والد احد المتوفين في حادث رشيد ان السمسار اخذ من ابنه 17 ألف جنيه، علي ان يتسلم 13 ألفا بعد الوصول.