لاشك أن الانتخابات البرلمانية حديث الشارع وكل بيت فى بر مصر، ولا يعلو صوت فوق صوت البرلمان، فكل مرشح يناجى ليلاه كى يحقق الهدف الذى ينشده ويكافح من أجله، وهناك من قام بصرف «دم قلبه» وعمل تربيطات لا تخلو من المؤامرات، فكل الأسلحة مشروعة ومباحة و«اللى تغلبه تلعبه» على رأى المثل، لذا فقد اعتدنا مشاهدة المرشحين سواء من النواب الحاليين أو الطامحين فى الجلوس تحت القبة، يسيرون بين الناس وفى الأسواق وقد علق ابتسامة عريضة على وجهه وباتت السمة الغالبة رغم المبالغ الطائلة التى دفعها فى حملته الانتخابية ولكن لا يهم فالكعكة تستحق التضحية بكل ما هو نفيس وغال. ولكن للأسف أفرزت لنا الحملات الانتخابية الحالية العديد من التجاوزات والتصرفات التى لا تليق بنائب المستقبل، وصارت وزارة الداخلية حائرة وإن كانت ليست عاجزة فيهمها هو ضبط الإيقاع وتحقيق الأمن والأمان للمرشح أو لانصاره، ومنع الخروقات الأمنية وتطبيق القوانين المنظمة لذلك، كى لا تحدث فوضى أو هرج ومرج أو بلبلة نحن فى غنى عنها، أو بمعنى أصح الشارع لا يتحملها حاليا بعدما صارت الأمور زيطة وزمبليطة لدرجة انه من اللافتات والصياح لم نعد نرى أسماء المرشحين ولا حتى لمن يردد الأنصار شعاراتهم لصالح مرشحيهم وإن كان هذا حقا لهم، ولكن ننشد النظام وعدم الازعاج شأن الدول المتقدمة التى تمارس فيها تلك الانتخابات دون ضجيج أو جور على حق المرشح الآخر. صراحة كثرت الشكاوى وكثرت البلاغات فى أقسام ومراكز الشرطة فى مختلف الدوائر من تمزيق اللافتات والاعتداء على أنصار المرشحين الآخرين ووصل الأمر إلى إطلاق رصاص للإرهاب، ووقوع ضحايا ومصابين فى مشاهد للدم لم نكن نعتادها فى المرات السابقة، لذا فقلبى مع الشرطة التى تحاول جاهدة التصدى لتلك الممارسات العنيفة، وإن كان البعض يتهمها بالمبالغة فى ذلك، ووصل الأمر إلى حد اتهامها بمحاباة بعض الأحزاب، المهم أن مشهد الشارع المصرى بات ضبابيا وساحة للمشاحنات أو حلبة للصراع كالتى نشهدها فى المصارعة الحرة التى لا يلتزم فيها المصارع بأى من اللوائح التى تنظم اللعبة. الغريب اننا عندما نرصد الحراك السياسى فى الانتخابات لا نجد برنامجا لأى مرشح باستثناء الذين يظلهم مظلة حزبية، وهذا مخالف لقوانين الانتخابات البرلمانية، وبات الأمر (سداح مداح) وعرفنا «لبتها» بالبلدى وهو الحصانة كى يتستر خلفها ويتصرف كيفما يحلو له، فالحصانة أو سيد قراره سيحميه من التجاوزات، لذا نخشى ظهور نواب على شاكلة نواب سميحة والكيف والقمار والتأشيرات وغيرها من النماذج السيئة والتى اعتبرها سبة فى جبين البرلمان الذى كان فى الماضى مثالا يحتذى به، ولكن الراصد للمشهد الحالى يجد أن بعض النواب أو المرشحين لا علاقة لهم بالبرلمان وأحيانا البعض لا يفرق بين مجلس الشعب والبرلمان حيث يعتبرهما اثنين وليسا معنى واحدا، ولا حتى يعرف الدور المنوط به وهو التشريع بالدرجة الأولى، وليس مجرد تقديم خدمات لأبناء الدائرة وإن كان الكثير لا يعرف أبناء دائرته بمجرد دخوله البرلمان، لذا فالكثير من الناخبين يفكر فى عدم الادلاء بأصواتهم لفقدان الثقة بين الطرفين وأيضا هناك من يتهم المرشح بأنه لا يفكر إلا فى نفسه وهذا صحيح بنسبة كبيرة ويدخل فى دائرة الشك فى نياته لذا على المرشح أن يعيد التفكير فى ذلك فالناخب ليس ساذجا وأيضا لكى يضمن نسبة كبيرة من الذاهبين للادلاء بأصواتهم فى صناديق الانتخابات والدليل انه فى الدورة الماضية كانت النسبة 30% تقريبا فى بلد تخطى الثمانين مليونا من البشر. نريد برلمانا حقيقيا يكون قادرا على التشريع وسن القوانين التى فى صالح الوطن والمواطن وليس فى صالح النائب وأن تكون الحصانة الملعونة داخل المجلس فقط وليس خارجه كى لا يساءاستغلالها واعتقد لو تم ذلك ستختفى الاعداد الهائلة من المرشحين وسيختفى المرشح المليونير والمرشح غير المثقف والأنانى والنرجسى وغيرهم.. وهذا هو بيت القصيد. وأخيراً: الانتخابات خرجت عن مسارها وباتت ساحات للحرب أو حرب شوارع. بعدما كنا نعانى من أكوام القمامة.. صرنا نعانى أكثر من كثرة اللافتات فى الشوارع. كثرت تعهدات المرشحين.. أفلحوا ان صدقوا. ياريت يتم تسجيل كل الوعود.. كى نذكر بها النائب فيما بعد. مراقبة الضمير أفضل بكثير من المراقبة الدولية للانتخابات ومش فاهم أمريكا زعلانة ليه. أين ذهبت الحوالات الصفراء التى أرسلها الاتحاد الأوروبى للعمال المصريين الذين لم يصرفوا مستحقاتهم فى العراق؟ تشييد إسرائيل لجدارها الفاصل مع مصر يذكرنى بسد يأجوج ومأجوج. بعد استقالة حسام البدرى هل سينصلح حال النادى الأهلى؟ [email protected]