** اهتزت قلوب الملايين في أنحاء العالم وتفاعلوا مع قصة 12 طفلاً أعضاء فريق للكرة مع مدربهم حاصرتهم مياه السيول في أحد كهوف تايلاند وظلوا محتجزين لمدة أسبوعين بلا طعام وتغطيهم مياه الأمطار وسط الظلام والأخطار إلي أن تم انقاذهم علي مراحل ونقلوا إلي المستشفي لعلاجهم بدنيا وتأهيلهم نفسياً قبل إعادتهم إلي ذويهم وممارسة حياتهم الطبيعية. في نفس التوقيت تم اختطاف طفل من مدينة الشروق.. وغرق آخر في قرية سياحية بالساحل الشمالي.. وعثر علي جثث 3 أطفال في منطقة مقطوعة بالهرم.. وتناقلت المواقع حكايات عن أطفال يتم استقدامهم يومياً من محافظات قريبة من القاهرة للعمل في النظافة وجمع القمامة ومعاملتهم مثل أنفار عمال التراحيل بلا حقوق وبلا رحمة.. صحيح ان قلوب المصريين انخلعت عند سماع نبأ الاختطاف.. واهتزت بشدة عند رؤية صور جثث أطفال الهرم وهي ملفوفة في السجاجيد.. ولكن لم يتحرك أحد بايجابية.. فهل ماتت المشاعر ولم يعد هناك من يتحمس للعمل العام.. وأين ذهبت ثقافة التطوع وخدمة المجتمع والدفاع عن حقوق البسطاء والغلابة وأطفالهم؟! لا أتحدث عن الاهتمام الأمني بقضايا خطف واغتصاب وقتل الأطفال.. فأجهزة وزارة الدخلية وضباط وجنود الشرطة يقومون بواجبهم في كشف الملابسات والقبض علي الجناه في أغلب القضايا كما حدث عندما استعادوا طفل الشروق المخطوف وتكثيف الجهود لمعرفة أسباب جريمة الهرم البشعة رغم ثبوت عدم سرقة أعضاء من أجسادهم.. ولكن أتحدث عن المجتمع المدني وأعضاء الجمعيات الأهلية والخيرية وعلماء النفس والاجتماع.. بل لابد أن يهتم كل مواطن بما يحدث ولا يكتفي المجتمع بالتعاطف مع الأطفال عن طريق الإنترنت وإرسال التعليقات علي مواقع التواصل الاجتماعي حيث يشعر البعض انه بذلك أدي واجبه. المشكلة .. نكون أو لا نكون !! ** صحيح انه رغم تعدد الحوادث فإن الأمر لم يصبح ظاهرة.. ولكن التحولات السريعة في الأخلاقيات تنذر بالخطر الشديد مما يستدعي تكاتف المجتمع بكل طوائفه ومؤسساته لانقاذ الأطفال وجعلهم ينشأون في بيئة توفر لهم معيشة كريمة تخلق منهم مواطنين صالحين يستطيعون قيادة هذا الوطن في المستقبل.. فالمسألة أعمق من العطف علي الأطفال ولكن المشكلة هي "نكون أو لا نكون"!! لن نتطرق إلي الدول التي تعتبر الأطفال كنزا يجب الحفاظ عليه وتوفير الحماية لهم بكل الوسائل كما يحدث في السويد وهولندا وألمانيا وغيرها.. ولن نعاتب من يفتقدون البصيرة ونسوا ان الله سبحانه في القرآن الكريم عندما حكي قصة أهل الكهف وخصص لهم سورة قال فيها: "انهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدي" ليعلم الناس ان الصغار مهتدون بالفطرة.. لذلك لم يكتف الشعب التايلاندي بمجرد التعاطف مع الأطفال المحتجزين بل كانوا كالمجندين وتحرك كل من يستطيع تقديم المعونة بالفعل أو بالمشورة أو بالأفكار التي تساهم في كيفية اخراج هؤلاء الفتية من أزمتهم إلي جانب الوقوف مع أسرهم ومواساتهم.. فهل سمعنا في مصر عن متطوعين من الأشخاص أو الجمعيات الأهلية قاموا بمثل ذلك أو حتي شجبوا ما يتعرض له الأطفال الذين أجبرتهم الظروف علي الخروج للعمل قبل الأوان.. للأسف هناك من يتعامل معهم علي أنهم أبناء شوارع ولا حقوق ولا دية لهم. استطاعت "حدوتة تايلاند" تغيير الصورة النمطية والمنطبعة في الأذهان عند ذكر لفظ "أهل الكهف" فبدلاً ان يطلق ذلك علي من ناموا في سبات عميق إلي ان تجاوزهم الزمن ويتمسكون بالقديم ويرفضون كل جديد وحديث ولا يسايرون العصر والموضة ويظلون متخلفين فقد أصبح اللفظ يطلق علي الايجابية والشهامة.. فهل نأخذ العبرة من تايلاند ونهتدي إلي حماية الأطفال ويتفاعل المواطن مع الحوادث التي تقع لهم ويتحرك لتقديم المساعدة ولو بالرأي.. أم سيظل البعض عندما يري طفلا يتعرض للاعتداء في الشوارع أو يصادف جثته علي الطريق فان أول شيء يفكر فيه هو اخراج تليفونه المحمول من جيبه لتصوير المشهد وبثه علي مواقع التواصل ليحصل علي أعلي نسبة مشاهدة أو يستمتع بمن يرسلون له "لايك" فيشعر انه أدي واجبه تجاه المجتمع والبلد ومن يمثلون نصف الحاضر وكل المستقبل.. والأهم لأن الأطفال أحباب الله؟! طقاطيق ** نبني عقارات وشوارع ومحطات صرف صحي وكهرباء بمليارات الجنيهات ثم نتركها للاهمال دون صيانة حتي تنهار البنية الأساسية.. ننشيء مصانع بالملايين ونحضر أحدث المعدات والآلات ثم نستخسر بضعة آلاف لشراء طفايات حريق وخوزات للعمال ووسائل الأمن والدفاع المدني فيضيع المصنع مع أول شرارة أو عقب سيجارة.. نشتري السيارات الجديدة ولا نحافظ علي مواعيد صيانتها وتغيير الزيت واستبدال الإطارات والبطاريات فتواجهنا مشاكل في أوقات صعبة أو حوادث ربما تضيع فيها الأرواح.. فلماذا دائما لا نأخذ بالأسلوب العلمي للحفاظ علي ممتلكاتنا العامة أو الخاصة.. هل ننسي أم أننا بعد أن دفعنا الكثير فالمهم نريد أن نوفر القليل علي أشياء هي الأهم؟! *** ** المواطنون في أنحاء الجمهورية في انتظار حركة المحافظين التي يعتبرونها أهم من التغيير الوزاري.. لأن المحافظ يرتبط بمشاكلهم وبمصالحهم المباشرة أو المفروض أن يفعل ذلك.. عموما هناك ناس في محافظات "محظوظة" ويريدون استمرار من يقودها.. وأكثر منهم يجهزون "القلل القناوي" ليودعوا بها من خذلهم!!