القاهرة تستضيف الشهر القادم مؤتمرا للعقول المصرية المهاجرة بحضور 27 عالما من مختلف الدول. وفكرة المؤتمر تقوم علي ربط العلماء بالوطن الأم وتحقيق اندماج وتواصل بين الشباب مع القدرات العلمية الرفيعة من علماء مصر بالخارج. كما أن هناك حديثا يدور حول كيفية الاستفادة من هؤلاء العلماء في مجالات التنمية في مصر. والفكرة جيدة.. وربط العلماء بالوطن أمر طيب ومطلوب.. والحوار العلمي لا خلاف عليه.. واستماع شباب مصر لتجارب ونجاحات جيل الرواد سيمنحهم الأمل ويزيد من احترامهم لقيمة العلم ومكانة علمائه. ولكن وماذا بعد؟ ماذا بعد أن يأتي هؤلاء العلماء ويتحدثون ونستضيفهم في الفضائيات ونبدي إعجابا بقصصهم للنجاح وإنجازاتهم واللكنة الجديدة التي يتحدثون بها اللغة العربية ومفردات اللغة الإنجليزية التي ستختلط بعباراتهم وتعليقاتهم..! لقد أقيمت مؤتمرات مماثلة من قبل تم فيها استضافة العلماء وجري خلالها حوار حول كيفية الاستفادة من خبراتهم وطاقاتهم.. ولكنه كان حديثا مليئا بالمجاملات دون أن تكون هناك خطة علمية بين أجهزة الدولة لتوظيف إمكانياتهم وطاقاتهم وعلاقاتهم. وأي مبادرة من هذا النوع دون وجود تنسيق فعال بين وزارات الدولة ومؤسساتها في كيفية التعاون مع العلماء المصريين في الخارج في برامج وتكليفات محددة لن يكون لها قيمة تذكر وستكون هذه المبادرات نوعا من محاولة إيجاد نشاط وتحرك ونوايا حسنة ولكنها ستظل محدودة التأثير والقيمة. إننا سنسعد برؤية علمائنا وخبراتنا في الخارج ولكننا نريد أن يتحول هذا الإعجاب إلي خطة عمل وبرنامج وطني لكيفية ربطهم بالوطن الأم وخدمة تطلعاته وأمانيه. *** وهناك حديث يدور حول الهيئة العامة للاستعلامات ودورها وكيف يمكن تطويرها لتعبر عن مصر داخليا وخارجيا. والواقع أن خطة التطوير بالشكل الذي عليه الهيئة حاليا لن يقدر لها أن تحقق الكثير من النجاح للمعوقات الوظيفية والإدارية والمالية القائمة. والهيئة تحتاج إلي إعادة "غربلة" كاملة واكتشاف الطاقات والإمكانيات التي تتمتع بالرؤية والفكر والخبرة والتي يمكن أن تخدم سياسات الدولة وتمثل خط الدفاع والصد عنها خارجيا. وتحتاج الهيئة إلي تدعيم لكوادرها بالخبرات والكفاءات من خارجها في إطار إعادة تفعيل لرسالتها ودورها الإعلامي وتمكين الهيئة من التحرر من القيود الوظيفية التي تقف عائقا أمام الابتكار ومرونة الحركة والمبادرة بالتصرف واتخاذ القرار. والهيئة لا تحتاج رئيسا جديدا لها بقدر ما تحتاج إلي إعادة صياغة وتحديد لدورها والمهام الموكولة إليها وماذا يراد منها.. وكيف ستفعل ذلك.. والقرار يحتاج إلي دراسات واهتمام حقيقي بالهيئة ودورها. *** وننتقل إلي مشاكلنا الحياتية.. والناس التي تتحدي الغلاء وتواصل معاناتها مع الأسعار. وقد وقف أحد المواطنين في برنامج تليفزيوني ليقول عن ارتفاع أسعار اللحوم "إحنا آخرنا نتصور معاها".. وذلك بعد أن وصل سعر كيلو اللحم 120 جنيها في بعض المحافظات. ورئيس جمعية حماية المستهلك دعا المواطنين إلي مبادرة "وقف شراء" التي أعلن عنها الجهاز يوم 1 ديسمبر المقبل للضغط علي التجار في هذا اليوم لتخفيض الأسعار "عاوزين نصور كل المحلات بلا مستهلكين"..! وقد يحدث انقطاع عن الشراء في هذا اليوم وتجاوب مع الحملة ولكن هل ستنخفض الأسعار بعد ذلك.. وهل ستتوقف عن الارتفاع أيضا..! وأغلب الظن أن شيئا لن يتغير.. وستواصل الأسعار ارتفاعها. فالقضية لا تتعلق بالتجار وحدهم.. وليس أمامنا إلا أن نحاول توفيق أوضاعنا الشرائية وأن نواصل تحملنا حتي نعبر هذه المرحلة ونخرج منها بسلام.. وبلاها لحمة.. وبلاها فراخ.. أيضا..! *** وهل تريدون التعرف علي أسباب خسائر الشركات الحكومية والشركات القابضة وكل شركة فيها نقابات وائتلافات وحقوق عمال وموظفين..! إن ائتلاف منقذي عمر افندي طالبوا المهندس محمود حجازي رئيس الشركة القابضة للتشييد والتعمير وهم إحدي شركاته بالتدخل لصرف قيمة حلاوة مولد النبي الشريف أسوة بما يتم مع موظفي الشركات الأخري التابعة للقطاع. وقالوا في ذلك إنه لابد من صرف الحلاوة إما بتوزيع علب الحلاوة أو منح العاملين بدلا ماليا مع مراعاة الزيادة في أسعار الحلاوة..! ويا حلاوة!! إئتلاف داخل شركة عمر أفندي يدعي أنه إئتلاف إنقاذ للشركة يركز جهده واهتمامه في قضية حلاوة مولد النبي.. والعمال عاوزين الحلاوة..! ولا يركز الائتلاف جهوده علي سبيل المثال في قضايا أخري تتعلق بالشركة والقدرة علي المنافسة وتلبية احتياجات المستهلك وتدريب العاملين بالشركة علي القدرة علي البيع والشراء وإغراء الزبون وتحقيق الأرباح..! ومثلهم في ذلك مثل كل الشركات الخاسرة التي يطالب فيها العمال دائما بصرف الأرباح والحوافز السنوية..! إن هذا المنطق المعكوس والاستجابة لصوت النقابات والائتلافات لمحاولة امتصاص الغضب والأزمات لن يؤدي إلا إلي مزيد من الخسائر والفساد والانهيار.. واحنا السبب..! *** وأخيرا قالت مخرجة فيلم "شخص للتحدث إليه" واسمها "يولينا ليو".. إن من ينجح في العثور علي شخص يمكنه أن يتحدث معه عليه أن يحافظ عليه وألا يخسره أبدا. والكلام بليغ ورائع.. ولكن "مفيش صاحب يتصاحب".. وضربات الغدر الموجعة لا تأتي إلا لمن تحدثت أو تتحدث له.. وأن تتحدث لنفسك وتبدو مجنونا أفضل من أن تتحدث للآخرين ويتسببوا في جنونك..! *** وأشعر بالتعاطف مع لاعب النادي الأهلي لكرة القدم عماد متعب الذي كان أفضل مهاجم في مصر والذي أنقذ وحقق الكثير من البطولات للنادي الأهلي بأهدافه الحاسمة. عماد متعب يجب أن يعامل بقدر خاص من التقدير وأن يكون قرار اعتزاله قاصرا عليه وحده وأن يجد النادي الأهلي مخرجاً ونهاية مشرفة له. فالكبار لا يعاملون علي طريقة خيل الحكومة ولا نطلق عليهم برصاصة الرحمة وإنما نبقيهم أحياء بالحب والتقدير.