لم يعد استخدام المحمول مقتصراً فقط علي انجاز الأمور الهامة والعاجلة. بل تحول إلي هوس أفقد المصريين خصوصيتهم. حيث يتم استخدامه في الشوارع والمواصلات العامة لانجاز الأمور العائلية وغيرها من الشئون الخاصة. لتصبح كل الاسرار متداولة وكافة الانفعالات مرئية دون السيطرة عليها. في البداية تقول سامية حسين - موظفة - أثناء ذهابي إلي عملي وفي اتوبيس هيئة النقل العام جلست بجواري فتاة تتكلم في المحمول بصوت مسموع وكانت تعتقد أنها تتحدث في سرية. وهنا كانت المفاجأة حيث كانت تتحدث مع صديق لها في مكالمة ساخنة أثارت اشمئزاز الركاب المحيطين بها. فأثناء المكالمة فضحت الفتاة نفسها علي الملأ وظل الركاب يختلسون النظر لها لعلها تعلم أن صوتها مسموع ولكن للأسف ظلت تتحدث حتي استشاط الجميع وظلوا يتمتموا بكلمات اعتراض وتذمر حتي جاءت محطة وصولها ونزلت وسط لعنات وسباب الجميع. ويضيف محمد عبدالله محاسب - أن تدني سعر خط التليفون الذي وصل إلي جنيهين شجع الكثير من المواطنين علي شراء أكثر من خط. بالاضافة إلي قيام الشركات بتقديم عروض ومكالمات مجانية جعل المواطنين يقضون أوقات فراغهم بالمواصلات العامة في "الرغي" لاستغلال الدقائق المجانية. ويشير حامد حسن - تاجر - إلي أن الحديث في المحمول في المواصلات العامة بصوت عال أصبح ظاهرة غير محمودة نعيشها يوميا. فهناك من يسب ويلعن ويتشاجر مع الطرف الآخر ظناً منه أنه لا يسمع صوته أحد والحقيقة غير ذلك فالاحاديث التي تجري من الركاب تكون مفروضة علي الجميع يسمع ويشارك ويتأذي من المتحدثين. مطالبا بقانون يمنع تلك الظاهرة. ويؤكد عماد حسن - محصل - علي أنه يسمع العديد من المكالمات التليفونية للركاب أثناء الرحلات اليومية بحكم عمله طوال اليوم. منها مكالمات خادشة للحياء. فذات مرة سمع فتاة تتحدث بصوت عال مع صديق لها وتخبره أنها "هتزوغ" من خطيبها ثم يتقابلوا في إحدي الحدائق المشهوره ثم طلبت منه الانتظار حيث إن خطيبها يطلبها ثم قامت بالرد عليه وتعللت له عدم إمكانية لقائهما اليوم لأنها ستذهب في زيارة عائلية مفاجأة. والعديد والعديد من القصص الوقحة التي تحدث بسبب مكالمات المحمول في الاتوبيس. ويقول محمد علي - سائق - اكاذيب الركاب في المحمول عرض مستمر لاتنتهي خصوصا من الموظفين عندما يتأخرون ويطلبون من أصدقائهم التوقيع لهم حتي يصلوا. حيث يؤكدون لهم قربهم من العمل رغم انهم في بداية الرحلة. الغريب أن المتحدث يتباهي وسط الجميع بما يقول بصوته العالي دون أن يهتم بخصوصية الحديث في المحمول. ويري عبدالله محمد - موظف - أن فضائح المحمول لا تقتصر علي التعرف علي خصوصيات المصريين فقط بل تخطت كل ذلك وأصبحت آداة قوية لاحتراف الكذب وامتهان صفات أدت إلي خراب البيوت مثل نقل اسرار الازواج بين أفراد العائلة دون خطوط حمراء وبالفعل تسببت في وقوع عديد من حالات الطلاق. الدكتورة نبيه جابر - خبيرة تنمية المهارات والشخصية - تقول إن من آداب استخدام التليفون الحرص علي خصوصية المحادثة. فالسبب الرئيسي وراء اختراعه هو ضمان سير الاعمال الهامة علي ما يرام وفي الوقت المناسب لها.