صعد مجند الأمن المركزي بزيه الأسود هادئا إلي أتوبيس هيئة النقل العام وبعد لحظات قليلة تبدل هذا الهدوء إلي صوت عالي متحدثا إلي أحد أقاربه في تليفونه المحمول موضحا له وبأعلى صوت ما يحدث له في المعسكر وما هي مواعيد الأجازات ونوبات الحراسة وما هي أسباب تأخره وعدم نزوله أجازة وما هي العمليات الخاصة التي يقومون بها وما هو أسم الضابط والقائد والصول وغيرها من الأسماء فتجد نفسك بعد المكالمة تعرفت علي كل تفاصيل أحد معسكرات الأمن المركزي ..وهي صيد ثمين بالنسبة للجماعات الإرهابية حاليا . الأمر لا يختلف كثيرا مع السيدات فهذه السيدة تتكلم في تليفونها المحمول أيضا ولكن بصوت هامس ولكنه مسموعا لدي الشخص الذي بجوارها في المقعد ، متحدثة لصديقتها عن نشرة أخبار حياتها منذ شهر العسل واضح أنه كان منذ فترة قريبة وحتى الآن شارحة لها التفاصيل ومنها ليلة الدخلة والتي ذكرتها ببعض العبارات الإيحائية والمعروفة لدي أي شخص متزوج وما هو تقييمها للزوج بعد هذه الفترة من جميع النواحي بما فيها الناحية الجنسية والمالية وغيرها . الأمثلة كثرة فحياتنا أصبحت مفضوحة وعلي الملأ عن طريق التليفون المحمول فليس هناك حاجة لأن تتجسس علي أي شخص بجوارك لتسمع ما يقوله فهو صوته عالي بالدرجة الكافية والتي تجعلك تعرف ما يدور في حياته وأنت في أول الأتوبيس وهو في آخره . تغيرت قيمنا بشكل كبير لم يعد هناك "داري علي شمعتك تقيد" أو "سرك في بير" فالذي يتحدث في المحمول يتحدث بصوت عالي متباهيا أمم الناس بما يقوله متعمدا أن يذكر أشياء كثيرة مثل منصبه أو الشخصية التي يتحدث معها أو أنه يتحدث من تاكسي ليموزين رغم ركوبه أتوبيس هيئة النقل العام .. كلها نقاط ضعف في البشر وكلنا نبحث عن الشهرة ولكن ليس بهذه الطريقة التي تفضح أسرارنا وأسرار غيرنا من أفراد أو هيئات عسكرية أو سياسية أو غيرها لسبب بسيط أن يشعر كل من الأتوبيس بأهمية الشخص الذي يركب معهم ، ولكن هذا لن يحدث مطلقا .. لماذا .. لأن كل شخص يتحدث في تليفونه المحمول بنفس الصوت العالي وفي النهاية لا يسمع أحد