زمان، كانت هيبة المعلم فوق كل اعتبار. كنا إذا مررنا بشارع المدرسة، نسير بهدوء احترامًا للمدرسين، وحتى عند التخرج، لو صادفنا معلمًا قديمًا، كنا نجرى لنلقى التحية بكل وقار وخضوع. المعلم كان رمزًا للعلم والاحترام، وكل كلمة له كانت لها وزنها، وكل نظرة تحمل درسًا فى الانضباط والخلق. لكن يبدو أن الفذلكة الحديثة فى التربية قضت على هذا كله. اليوم، أصبح من المفترض ألا يوجد أى ضرب رمزى، ولا يحق للمدرس توبيخ التلاميذ، وكأن المدرسة مجرد مكان للترفيه لا أكثر. ومنذ ذلك الحين، انهارت الهيبة التى كانت تربط المعلم بالطالب، وبدأ الطلاب يتعاملون مع المدرسة وكأنها صالة ألعاب، دون أى احترام للمعلم أو الانضباط الضرورى للعملية التعليمية. إن استعادة هذه الهيبة لا تتطلب رجوعًا للفظائع أو القسوة، بل تحتاج إلى توازن حازم بين الانضباط والحزم، بحيث يشعر الطالب أن المعلم هو رمز الاحترام الأول، وأن أى تعدٍ على النظام أو كرامة المعلم لن يمر دون عقوبة صارمة. حادثة الإسكندرية الأخيرة، التى شهدت اعتداء طلاب على معلمة داخل الفصل وتحويله إلى ساحة فوضى وإهانة، صدمت كل من يقدّر قيمة التعليم واحترام المعلم. الفيديو الذى انتشر أظهر المشهد بوضوح: معلمة محاصرة، حقيبتها مقلوبة، القمامة تُلقى عليها، والطلاب يعبثون بحرية دون رادع. ما حدث ليس مجرد شغب عابر، بل تعدٍ متعمد على كرامة المعلم وهيبة المدرسة. وزارة التربية والتعليم اتخذت خطوة أولى بفصل الطلاب المتورطين لمدة عام، ومنع تسجيلهم فى أى مدرسة أخرى قبل 2027، وهو قرار حاسم، لكنه ليس كافيًا. العقوبة يجب أن تكون أشد، تشمل برامج تأهيل إلزامية، الحرمان من الامتيازات المدرسية، وربما إشراف قضائى لضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم. كما يجب محاسبة أى تقصير من إدارة المدرسة أو المعنيين. الرسالة واضحة: لا مساومة على كرامة المعلم، ولا تساهل مع من يحاول تقويض النظام داخل المدارس. التعليم يحتاج إلى هيبة، والانضباط والعدل هما أساسها.