مع بدء عام دراسي جديد .. نصيحة العلماء للمعلم علماء التربية: ضرورة تميزه بروح إيجابية تنعكس علي الطلاب مع بداية عام دراسي جديد يعقد الأباء والأمهات الآمال والأحلام أن يرزق الله أبناءهم بمعلم ذي خلق كريم وعلم، معلم يكون من ورثة الأنبياء فعلا وقولا. المعلم الناجح يقول د.طه أبوكريشة الاستاذ بجامعة الأزهر وعضو هيئة كبار علماء الأزهر: رسالة المعلم هي رسالة الانبياء كما قال الرسول- صلي الله عليه وسلم- »العلماء ورثة الأنبياء وأن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وانما ورثوا العلم فمن اخذه آخذ بحظ وافر»، ومن هنا فإن هذه الوراثة ليست مجرد شعار يرفع وانما تعبر عن واقع يجب أن يكون فيه المعلم من حيث التخلق بخلق الانبياء وفي مقدمتها ما يجب ان يكون عليه من القدوة الطيبة، لا يكون المعلم من ورثة الأنبياء الا اذا كان متخلقا بأخلاقهم ومحققا هذه الصفة في تعامله مع الطلاب أو أفراد المجتمع، والمعلم في حاجة ماسة إلي أن يكون محبوبا داخل مجتمع المدرسة أو خارجها، وقدوة لطلابه في أقواله فلا يتكلم إلا بالقول الحسن الطيب الصادق، وأن يطابق القول العمل وقد حذر النبي- صلي الله عليه وسلم- من مخالفة الإنسان قوله عمله فعن انس بن مالك رضي الله عنه قال: قال الرسول - صلي الله عليه وسلم- »مررت ليلة أسري بي علي قوم تقرض شفاهم بمقارض من نار .. قلت من هؤلاء؟ قالوا: خطباء من اهل الدنيا كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم»، وعلي المعلم البعد عن أي مظهر من مظاهر السخرية أو الاستهزاء بأحد من ابناءه الطلاب ونظرائه، فكم من كلمة طيبة لمعلمينا لازالت تقرع مسامعنا وكم من كلمات نابية وسلوكيات منحرفة ومواقف مؤسفة لم ننسها، وأن يكون المعلم قدوة حسنة في الالتزام بالوقت المحدد له في التدريس فلا يكون مضيفا أو متأخرا أو متخلفا عنه لان الالتزام بالوقت هو الذي يعينه علي أن يؤدي رسالته التعليمية علي أكمل وجه، وأن يكون مثالا طيبا في أداء العمل باخلاص متقنا معدا له اعدادا جيدا وموصلا له علي الوجه الذي يفيد ابناءه الطلاب لان من أخلاق الأنبياء اتقان العمل الذي أوصي به النبي- صلي الله عليه وسلم- في قوله: »إن الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه»، ويحتاج ذلك إلي اكتساب المهارات المختلفة من تدرج في التعليم والعرض والاقناع واسداء النصيحة وأن يلازم العمل الصالح المتابعة ويعني هذا الاهتمام بتحقيق الأهداف المرسومة لسياسة التعليم كما نظمتها وزارة التربية والتعليم ما لم تعارض الشرع وعليه لتكتمل صفاته المهنية الاستزادة من طلب العلم وتخصيص وقت من يومه ليقرأ عن الجديد في مجال تخصصه، وأن يعي أن دوره في عملية التعليم في التربية المعاصرة هو تنظيم العملية التعليمية فلم يبق التعليم عملية تلقين وتلقي معلومات تقاس بكميتها بل غدت تربية شاملة تسعي إلي ايجاد نوعية صالحة من المعلمين مدربين علي التفكير السليم وقادرين علي معالجة ما يعرض لهم من مشكلات متصلة بالمدرسة والمجتمع، وان يحسن المعلم العلاقات الانسانية مع غيره لأن هذه العلاقات ما هي إلا ترجمة عملية عن رسالته التي يلقنها لتلاميذه والقرآن الكريم يخاطب المؤمن بقوله عز وجل »واحسنوا إن الله يحب المحسنين»، واذا التزم المعلم بهذا الخلق كان مؤديا للرسالة التي وضعت في عنقه نحو ابنائه الطلاب علي النحو الذي يكون منهم جيلا ناشئا علي هذا الخلق القويم فيتصف المعلم بالرحمة بأن يكون رفيقا في غير ضعف قويا في غير قسوة يزن الامور بموازينها الصحيحة فلا يتساهل في حق ولا يغلو في حكم وانما يسلك طريقا وسطا بين هذا وذاك. مسافة واجبة وعن مكانة وهيبة المعلم يقول الشيخ محمود عاشور من علماء الأزهر الشريف: من خلال خبرتي في مهنة التعليم التي بدأت حياتي العملية معلما فيها ان مكانة المعلم وهيبته وسط تلاميذه هو الذي يصنعها بسلوكه وتصرفاته وأفعاله عندما يكون متمكنا من مادته سوي السلوك صاحب أخلاق عالية وكل ذلك يجبر كل من حوله علي احترامه، ويضيف ان من اكثر اسباب فقدان المعلم هيبته هو الدروس الخصوصية فتضيع هيبة المعلم حين يكون اجيرا عند الطلبة حينئذ لا تكون له هيبة فلابد أن تكون هناك مسافة بين التلميذ والمدرس لتبقي الهيبة ويبقي الاحترام قائما واذا ضاعت هذه المسافة صارت الدنيا فوضي، وعن تجربتي كما يقول: كنت اتعهد تلاميذي كأبناء لي فإذا كان أحدهم فهمه بطيء أكرس من قوتي حصة بعد المدرسة يوميا لتقويته في المادة التي يتعثر فيها، وأن يكون هناك مساواة في العقاب والثواب بين التلاميذ وعدالة في توزيع المهام والواجبات أو وضع الدرجات وألا يبخل المعلم في ابلاغ كل فرد من طلابه عما تعلمه فعن معاذ رضي الله عنه قال: »اعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن يأجركم الله بعلم حتي تعلموا»، ويؤكد الشيخ عاشور لم يكن أباؤنا يقدمون علي اهانة معلميهم واليوم بعض الاباء يهينون المدرس علي مرأي ومسمع من الأبناء فكيف نطلب من التلميذ احترام معلمه وليس هناك عقوبات رادعة للطلاب الذين يعتدون علي معلميهم. وعلي المسئولين في بلادنا مسئولية كبري في اظهار قيمة المعلم وعلي الاباء أن يغرسوا في نفوس الأبناء احترام المعلم. حكيم المجتمع ويقول د.مصطفي عوض استاذ الدراسات الإنسانية بجامعة عين شمس. العملية التعليمية منظومة تضم مبني يتضمن وسائل الدراسة والرياضة ومعلما خاليا من الضغوط النفسية ومؤهلا تعليميا وتربويا وطالب مستعد نفسيا للتعليم والتربية المدرسية.. ومن هنا كان المعلم والمجتمع عنصرين مرتبطين فالمعلم يوضع محل تقدير للمجتمع ولذا يجب أن يكون حريصا علي هذه الثقة ولابد له من رعاية توفر له حياة كريمة تكفه عن التماس وسائل زيادة الدخل وتحسين الماديات حتي لا يتخلي عن دوره الحقيقي داخل الفصل والمدرسة ويحتفظ بهيبته. ويضيف وحتي يكون المعلم ناجحا لابد أن يكون له عدة ادوار تربوية واجتماعية تساير روح العصر لانه أصبح ناقلا الثقافة للمجتمع.. ومن أدواره الآن تنظيم المسابقات الدينية والثقافية والرياضية.. واستضافة المحاضرين المتخصصين في ندوات تناقش مشاكل مطروحة علي الساحة وفي الشارع المصري مقدمة بفهم واعٍ صحيح وليس مغلوطا.. كما أن عليه تنظيم مشاركات ونشاطات لخدمة البيئة والحي مثل تشجير الأحياء المحيطة بالمدرسة وتجميلها.. هذا بالاضافة إلي مقابلة اولياء الامور للاستماع إلي مشاكل الدراسة والصعوبات التي يعانيها الطالب في حياته المدرسية أو الأسرية بل يمتد دوره أيضا إلي زيارة بعض التلاميذ في منازلهم عند تفاقم المشكلات مثل عنف التلميذ وعدم رغبته في الدراسة أو تدني مستواه الخلقي التعليمي وأيضا تشجيع الاباء علي زيارة المدرسة لان للأسف البعض منهم يضع التلميذ في المدرسة ويكتفي بذلك. بل في بعض الاحيان لا يعلم ولي الأمر الصف الذي يدرس فيه ابنه.. ومن أهم عناصر نجاح المعلم أن يكون لديه روح ايجابية تنعكس علي حيوية الطلاب فلا يكون متشائما عبوسا ويتوقع من طلابه تحقيق النجاح طالما قدم وبذل في مادته وهذا لا يمنع أن يكون لديه روح دعابة في موضعها لخلق جو من المرح داخل الفصل. تعليم ذاتي ويضيف د.حاتم عبدالمنعم استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: حتي يكون المعلم ناجحا لابد أن يكون التعليم الذاتي بمعني ان لا يلقن المعلم التلاميذ المعلومات بل يعلمهم كيفية البحث عن الفكرة والمعلومة خاصة بعد توافر وسائل التكنولوجيا الحديثة وهذا من أسباب حب التلاميذ للدراسة وعدم كراهيتهم للمواد الدراسية وبالتالي بهذه الطريقة يتفوق الطالب ونقضي علي ظاهرة الغش لان كل طالب سيحرص علي تقديم فكره وأفضل ما لديه منوعا ومختلفا عن الآخرين. ولا نغفل ضرورة وجود دور حقيقي لنقابة المعلمين القوية التي تدافع عن اعضائها ولا تسمح بإهانتهم أو السخرية منهم مع تنظيم دورات تأهيلية كل فترة للارتقاء بهم وبالمهنة ولاطلاعهم علي الاساليب الحديثة المواكبة لروح العصر ولفكر التلاميذ. أما د. علي سليمان استاذ الدراسات النفسية والتربوية بجامعة القاهرة: فله اقتراح ان يصبح لكل معلم رخصة تجدد كل ثلاث سنوات كما هو متبع في العالم ويتم التجديد من خلال نتائجه كل عام مع تلاميذه واخلاقياته داخل المدرسة مع طلابه فللأسف وجدنا بعض نماذج من المدرسين المتحرشين والمتعاطين والمزوغين والغشاشين فالعقاب الرادع لمثل هؤلاء هو عدم تجديد العمل لهم في هذه المهنة المحترمة.. وبذلك نكون قد قضينا علي الفساد ونضمن تخريج وزير ناجح وطبيب متقن لان المعلم هو القدوة. ويضيف لابد ان يكون ما يقدمه المعلم مرتبط بالواقع التطبيقي لان التلاميذ عندهم اعتقاد خاطيء ان ما يدرسونه ليس له تطبيق في الحياة وهذا مفهوم خاطيء فمناهجنا المصرية اقوي من المناهج الامريكية والالمانية. والطالب المصري اذكي طلاب العلم ولكن تقديم المادة بشكل جاف وعدم توافر الوسائط العلمية وعدم تبسيط المادة يجعلها ثقيلة علي المدرس والطالب.