فى زمن تهيمن فيه السينما على الذاكرة الجماعية، يصبح تحويل الأسطورة إلى الشاشة أمرا محفوفا بالمخاطر. هذا هو حال فيلم «الست»، الذي يحاول تجسيد حياة أم كلثوم، أيقونة الموسيقى العربية، ومع ظهور أول بروموهات الفيلم، انقسمت الآراء بين من أشاد بجرأة المخرج فى محاولة إعادة خلق شخصية أيقونية، وبين من خشى أن يتحول هذا التاريخ إلى صورة مبسطة لا تعكس عمق تجربة «الست» الحقيقية. وعند تحليل الجدل الدائر حول فيلم «الست»، يتضح أن كثيرا من الانتقادات جاءت من خشية الجمهور أن يتحول تاريخ أم كلثوم بكل ثرائه وتعقيده وصراعاته إلى صورة مسطحة لا تليق بامرأة غيرت شكل الموسيقى العربية. فالدراسة تشير بوضوح إلى أن الاعتماد. من هنا، يمكن النظر إلى فيلم «الست» باعتباره اختبارًا حقيقيًا لهذه النظرية، هل سيقدم أم كلثوم كأسطورة صوت فقط؟ أم كإنسانة كاملة، عانت وقررت وتمردت وخسرت وانتصرت امرأة صنعت مجدها بنفسها؟ الذي اثار انتباهى فى البرومو كلمة «مستوحى من قصة حقيقية لأم كلثوم» هذه الجملة تثير علامات استفهام، هل هناك أحداث مؤلفة؟ هل سنشاهد أحداثًا من تأليف المؤلف عن حياة الست؟ أم أن مؤلف الفيلم يبعد عن نفسه أى جدال يحدث بعد عرض الفيلم. أي تلميح بأن القصة «مستوحاة» وليست مبنية على وقائعها الحقيقية، يخلق حالة من القلق والخوف، من أن يزوّر الفيلم فى التاريخ أحداثًا لم تحدث فى الحقيقة. وأي محاولة لتبسيطها سينمائيا تفشل فى تقديم صورتها الحقيقية، لأن الاختزال فى حالة «الست» ليس مجرد خطأ فني، بل خيانة للذاكرة العربية.