ما أجمل! الإحساس الجمعي المصري، ومشاعره الجياشة نحو التقبل للقيم الجمالية، والروحية، والخلقية، التي تزيد من نقائه، وصفائه، وما أعظم! العقيدة، ومفرداتها، حين تكون بمثابة النبراس المضيء لتفاصيل مجريات أحداث يومنا؛ فنسمع عذب الكلم، وشجىّ الأصوات الجاذبة لانتباه الأفئدة، وما أرقى! اللقاء على مائدة هدى القلوب؛ حيث استخلاص، واستنباط دلالات، ومقاصد، ومعان أحكام تضبط النفوس؛ فتصير مطمئنة؛ إذ يعزز الخير، ودروبه في غورها؛ إنه القرآن الكريم، الحامل لجمال البيان، المفعم بنغم الحروف، والمقاطع عظيمة التراكيب، والزاخر بحسن المقصد، والغزير، والحائز على براءات تربوية، لا نظير لها؛ فبه، ومن خلاله يبنى الوجدان، ويكتمل البنيان. الرسالة الإعلامية باقية الأثر، أظهرت بجلاء جمال تلاوة القرآن الكريم، عبر بوابة إعلامية نالت الاهتمام، والاعجاب، ليس من داخل القطر المصري فقط، بل، بكافة ربوع الأرض؛ فالحفاوة بآيات كتاب الله – تعالى – مرصد قلوب، قد آمنت به، وبمحكم التنزيل، وهنا نتحدث عن ثروة قرآنية، تمتلكها البلد الأمين، فما أكثر! المواهب من مختلف أعمار الإنسان المصري، وما أزهي! صور الإتقان، والتجويد، التي ظهرت على ساحة برنامج التلاوة، وهذا ما يجعلنا بكل صدق نثّمن أصحاب الأفكار الرائدة، سواءً منتسبو الشركة المتحدة، أحد أكبر الكيانات الإعلامية في مصر، والعالم العربي، والقائمين على إدارة وزارة الأوقاف المصرية، بداية من معالي وزير الأوقاف، وكافة من يشارك في هذه الملحمة، العظيمة المقدار، والقدر. شاهدنا في دولة التلاوة فلسفة الانتشار القائمة على منهجية رائعة، سواءً في التنظيم، ومعايير اختيار المتسابقين، من شتى ربوع الوطن؛ وذلك بهدف اكتشاف كنوز، تثري الوجدان، وتحافظ على ريادة هذا البلد في تلاوة آيات الذكر الحكيم على مر التاريخ، وعبر مراحل الزمان، وهنا نشيد بالشفافية، والنزاهة من قِبل لجان تحكيم، تضم قرّاء، وعلماء متخصصين، من وزارة الأوقاف المصرية، وبالطبع نثّمن الجهود المضنية، المعنية بإخراج برنامج تليفزيوني، يحمل رسالة سامية؛ إذ قد بدا واضحًا في البنية الإنتاجية المبهرة، وهو ما يؤكد روعة التكامل بين الرسالتين، وفعالية الأثر المنشود. أعتقد أن الحافز المعنوي، يشغل حيز التفكير لدى المتسابق، قبل الجانب المادي المعبر عن تقدير، وتشجيع؛ لذا فقد كان العدد الغفير للمشاركة قائمًا على نبل المقصد، وهذا لا يعني أن دولة التلاوة تقوم على شكلية العرض، بل، تؤكد على نهج استراتيجية طويلة المدى، قد بدت ملامحها في تجديد دماء المدرسة المصرية، ورسالتها النورانية، الشمولية، المخاطبة لذوق يعشق طرب التلاوة، والتأثر بالمعنى، ناهيك عن الحفاظ بأصول التجويد، عبر فضاء زاخر بالمحتوى؛ ومن ثم تتحقق غلبة الغاية النبيلة، الرامية إلى بث تلاوات، تهدف إلى تهذيب النفوس، وتعزيز الإيمان، وترسيخ القيم، وتنمية مجالات المعرفة الأصيلة، ناهيك عن الاستمتاع بالجمال الصوتي، واللغوي. دولة التلاوة أكدت على ماهية تحمل المسؤولية لأجيال جديدة، أعلنت عن نفسها، وحققت مكانة خاصة في قلوب المصريين، وهذا يؤكد أن الرأي العام المصري يميل بصورة إيجابية لكل ما يطرب الوجدان، ويرقرق المشاعر، ويبعث الأمل، عبر بوابة المعاني، التي تخاطب العقول، والأفئدة، وهنا نوقن أن الأصالة باقية، وأن التجديد سنة كونية، من خلال شباب هذه الأمة، الذين يملكون الموهبة، ويصرّون على المشاركة من أجل رفعة المقام، وبالطبع يأتي الاهتمام الجماهيري من حرص الشخصيات الرسمية على حضور حلقات البرنامج، الذي أخرج على شاشات التلفاز مواهب، قد فاقت التوقعات. روعة برنامج دولة التلاوة المنظم من خلال المتحدة، والأوقاف في المتابعة الحثيثة من أطياف المجتمع المصري، وفي التناول التلقائي عبر بوابة الإعلام المرئي، والمقروء، والمسموع، ناهيك عن الحالة الروحانية، وصورة التدبر، والخشوع غير المتكلفة، تجاه جاذبية تلاوة القرآن الكريم، بمقاماته، التي تهزّ الوجدان، وتزيد من عمق المعنى، وتفعم القلوب بصفاء الخشوع، والسكينة، إنها حالة تستحق الرعاية، ومشروع ينبغي أن يتعاظم؛ ليسود مشارق الأرض، ومغاربها؛ فالترحيب الذي رصدناه يؤكد على نُبْل الغاية.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع. ____ أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر