أصبحنا علي بعد أسابيع قليلة من عقد المؤتمر الاقتصادي العالمي في شرم الشيخ. وكلنا أمل أن ينجح هذا المؤتمر في جذب رءوس الأموال الأجنبية للاستثمار في مصر. وان تنجح الحكومة في اقناع المستثمرين والشركات العالمية الكبري بأن السوق المصري من أهم الأسواق الواعدة في المنطقة. وأن فرص الاستثمار فيه لا حدود لها. وأن عوائد هذا الاستثمار مجزية. وأن هناك مزايا تميز السوق المصري عن باقي أسواق الدول المجاورة في المنطقة. أهمها اتساع حجم هذا السوق الي ما يقرب من 90 مليون مستهلك يضاف إليه أسواق الدول التي ترتبط بها مصر باتفاقيات للتجارة الحرة سواء في أفريقيا أو الدول العربية أو الاتحاد الأوروبي. ناهيك عن توافر الامكانيات الاقتصادية والثروات الطبيعية والبنية الأساسية التي يحتاج إليها المستثمر لاقامة مشروعه. وعلي الرغم من هذه الامكانيات والمزايا فان المستثمر الأجنبي يحتاج الي بيئة استثمارية جيدة ليعبر برءوس أمواله الي خارج الحدود. هذه البيئة يجب ان تتميز بالاستقرار الأمني والاجتماعي. وتشريعات اقتصادية واضحة ومستقرة. وجهاز حكومي كفء يعمل في مناخ من الشفافية ولا يتسم بالبيروقراطية أو الفساد. لقد أعلنت الدولة في أكثر من مناسبة ان الاقتصاد المصري يطبق سياسة السوق الحر. وان القطاع الخاص هو القائد العام للاقتصاد. لكن هذه السياسة لا تعني أبداً أن ترفع الدولة يدها بالكامل عن هذا السوق وتترك العمل فيه بلا ضوابط ولا معايير ولا قواعد محددة. بل لابد من توافر الآليات والأجهزة القوية للرقابة ومنع الاحتكار والاستغلال. ورعاية طبقات المجتمع المختلفة. وضمان توافر ووصول السلع والخدمات للمواطنين بالجودة اللازمة والأسعار المناسبة دون مغالاة. كما لابد أيضاً من تفعيل دور منظمات المجتمع المدني وجمعيات حماية المستهلك لمساندة الحكومة وكإحدي الأدوات المهمة والفاعلة في أي دولة تطبق سياسة السوق الحر. نجاح دعوتنا في زيادة حجم الاستثمار الأجنبي يحتاج إلي حل المشاكل المتراكمة التي يعاني منها المستثمر المحلي علي مدي سنوات طويلة. وأهمها البيروقراطية والاجراءات المعقدة التي تعرقل اقامة المشروعات الجديدة. ويحتاج الي ثورة عقلية تعيد الانضباط وترفع كفاءة الأجهزة الحكومية. وقبل كل ذلك دولة قوية يمكنها فرض الاستقرار وهيبة القانون. إن مصر لديها من الثروات الطبيعية والامكانيات الاقتصادية التي لو احسن استغلالها سيصبح الاقتصاد المصري واحداً من أقوي الاقتصاديات في منطقة الشرق الأوسط.