الصاروخ قبل قليل من اليمن.. التلفزيون الإيراني: لم تطلق بعد الموجة الجديدة على إسرائيل    الخارجية السورية: التفجير بكنيسة مار إلياس محاولة يائسة لضرب التعايش الوطني    مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصف الحفر الناجمة عن القصف الأمريكي لموقع فوردو الإيراني    العويران: الهلال الفريق العربي الأقرب للتأهل للدور المقبل من كأس العالم للأندية    مران بدني للاعبي الأهلي قبل مواجهة بورتو.. وتعليمات خاصة من ريبييرو    مانشستر سيتي يكتسح العين في مونديال الأندية    ديانج: نواجه بورتو بالعزيمة.. وهدفنا تحقيق الانتصار    أكسيوس نقلا عن مسؤول أمريكي: ويتكوف أكد لعراقجي أن واشنطن تريد الحل الدبلوماسي    دونجا: أداء الأهلي في كأس العالم للأندية سيئ.. والفريق يلعب بطريقة غير واضحة مع ريبيرو    التعليم: وصلنا لمرحلة من التكنولوجيا المرعبة في وسائل الغش بامتحانات الثانوية العامة    نانسي عجرم تُشعل مهرجان موازين في المغرب بعودة مُبهرة بعد سنوات من الغياب    «أكسيوس»: الهجوم على إيران كان عملية ترامب وليس البنتاجون    وزير الخارجية الإيراني يصل إلى موسكو للتشاور مع بوتين    تنسيق الجامعات 2025.. كل ما تريد معرفته عن هندسة حلوان لطلاب الثانوية    فاتورة التصعيد الإسرائيلى- الإيرانى.. اشتعال أسعار الطاقة وارتباك الأسواق واهتزاز استقرار الاقتصاد العربى.. توقعات بزيادة التضخم مجددا فى الأسواق الناشئة وإضراب في سلاسل الإمداد    رئيس «كهرباء القناة» يتابع سير العمل بمركز إصدار الفواتير وإدارة الأزمات    طبيبة كفر الدوار تطعن على حكم إيقافها 6 أشهر في قضية إفشاء أسرار المرضى    برواتب تصل إلى 13 ألف جنيه.. وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة للشباب    ثورة «الأزهرى».. كواليس غضب الوزير من مشاهير الأئمة.. وضغوط من "جميع الاتجاهات" لإلغاء قرارات النقل.. الأوقاف تنهى عصر التوازنات وتستعيد سلطاتها فى ضبط الدعوة    مشاجرة بالبنزين في بولاق الدكرور والضحية سيدة    مأساة في البحيرة.. طفلان خرجا للهروب من حرارة الصيف فعادا جثتين هامدتين    مصرع شابين غرقا ببركة زراعية في الوادي الجديد    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالصف    85% حد أدنى للشهادات المعادلة.. تنسيق برنامج تكنولوجيا تصنيع الملابس 2025    بالصور.. خطوبة نجل سامي العدل بحضور الأهل والأصدقاء    حقيقة تحديد 4 نوفمبر المقبل موعدا لافتتاح المتحف المصري الكبير    الأزهر للفتوى يحذر من الغش في الامتحانات: المُعاونة على الإثم إثم وشراكة في الجريمة    ما حكم تسمية المولود باسم من أسماء الله الحسنى؟.. أمين الفتوى يجيب    الدكتور علي جمعة: المواطنة هي الصيغة الأكثر عدلًا في مجتمع متعدد العقائد    بالأرقام.. ممثل منظمة الصحة العالمية: 50% من حالات السرطان يمكن الوقاية منها    نيللي كريم تكشف عن مواصفات فتى أحلامها المستقبلي (فيديو)    «الخدمات الطبية» تقدم فحصًا طبيًا ل312 حالة من العاملين بكهرباء جنوب القاهرة    «الشيوخ» ينتقد أوضاع كليات التربية.. ووزير التعليم العالى: لسنا بعيدين عن الموجود بالخارج    محافظ كفر الشيخ يشيد بحملات طرق الأبواب بالقرى لنشر خدمات الصحة الإنجابية    موعد افتتاح المتحف المصري الكبير    جامعة جزيرة الأمير إدوارد بالقاهرة تحتفل بتخريج دفعتها الرابعة لعام 2024/2025    مندوب روسيا لدى مجلس الأمن: موسكو تدين بأشد العبارات ضربات أمريكا الاستفزازية ضد إيران    تفاصيل القبض علي المتهم بقتل زوجته بعلقة موت في الدقهلية    رئاسة حى غرب المنصورة تواصل حملاتها المكبرة لرفع الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    إصابة 6 أشخاص خلال مشاجرة ب الأسلحة البيضاء في المنوفية    سيناتور أمريكي: إدارة ترامب تكذب على الشعب الأمريكي    بعد ارتفاعه رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 23 يونيو 2025    سعر الطماطم والبصل والخضار في الأسواق اليوم الاثنين 23 يونيو 2025    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    لا تسمح لأحد بفرض رأيه عليك.. حظ برج الدلو اليوم 23 يونيو    18 يوليو.. هاني شاكر يلتقي جمهوره على مسرح البالون في حفل غنائي جديد    «المهرجان الختامى لفرق الأقاليم» يواصل فعاليات دورته السابعة والأربعين    صنّاع وأبطال «لام شمسية»: الرقابة لم تتدخل فى العمل    منصة إلكترونية بين مصر والأردن لضمان حماية العامل    اعتماد نتيجة امتحانات الترم الثاني لمعاهد "رعاية" التمريضية بالأقصر.. تعرف على الأوائل    وشهد شاهد من أهله .. شفيق طلبَ وساطة تل أبيب لدى واشنطن لإعلان فوزه أمام الرئيس مرسي!    غضب أيمن الرمادي من الزمالك بسبب مكافأة كأس مصر (تفاصيل)    كورتوا ينتقد أسينسيو: كرر نفس الخطأ مرتين.. وعليه أن يكون أكثر ذكاءً    كأس العالم للأندية.. ريبيرو يتحدث عن مواجهة بورتو وحلم الأهلي في التأهل    تقديم الخدمات الطبية ل1338 مواطناً فى قافلة مجانية بدسوق في كفر الشيخ    وداعًا لأرق الصيف.. 4 أعشاب تقضي على الأرق وتهدئ الأعصاب    هل يُغسل المتوفى المصاب بالحروق أم له رخصة شرعية بعدم تغسيله؟.. الإفتاء تجيب    محمد علي مهاجمًا محمد حسان بسبب إقامة عزاء لوالدته: تراجع عن ما أفتيت به الناس في الماضي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فجر عاطف صحصاح تكتب: غياب منظومة العدالة وأثره فى إسقاط الانقلاب

ليس جديدا القول بأن فقد المواطن شعوره بالعدل قد يحيله إلى مجرم يصوب سهام غضبه إلى المجتمع بأكمله، فيصيب منه بقدر ما أصيب هو، ويتساوى أمام عينيه من آذاه ومن لم يؤذه، فالكل عنده قاسم فى خندق الظلم الذى احتشد ضده.
ولكن.. ولأن ما نتحدث عنه هو إطار مختلف؛ يرتبط بانقلاب عسكرى يضطهد شعبا يرفضه، ويكيل له الاتهامات وينكل به ضربا وسجنا وقتلا بل وحرقا، والأغرب من ذلك أنه نظام يفتح أبواب السجون ليخرج فسدة قاتلين ليستبدلهم بآخرين مؤتمنين مصلحين.
وقد كان هذا الشعب المضطهد سبّاقا متمايزا فى اختياره رأيا يبعد به عن فكرة الانتقام أو الرد الذاتى على العنف بالعنف، فانتفض مدافعا مقاوما بحزمة من الرؤى والقيم والمبادئ؛ عصى على الطرف الآخر أن يفقه كيف تتم المحافظة عليها رغم كل المحن.
ولذا ننظر إلى الأمر هنا من زاوية أخرى ومن منظار الفساد نفسه، فهناك آثار عديدة لتغييبه المتعمد لقيمة "العدل"؛ فقديما حُفظ لابن خلدون مقولته الشهيرة: "العدل أساس الملك"؛ وعليه يكون غياب تلك القيمة عامل نحر فى عرش الانقلاب إلى أن يتهاوى؛ فلا يُنتظر أن يثبت كرسى حكم فوق أساس هش وقيم مهترئة، بل إنه وكلما زادت مساحات الظلم وتنوعت عجَّلت بإنهاء الانقلاب وسقوطه المخزى.
فرغم أن كتابات كثيرة قد تحدثت عن أسباب انهيار الاتحاد السوفيتى، إلا أن أكثرها أشار إلى أن القهر العنصرى، والرغبة فى إقامة "وحدة أيديولوجية" قسرية، تتناسى وجود قوميات متعددة، بل تعمل على تهجير وإقصاء ومعاداة كل القوميات المعاندة والصلبة، خاصة المنطلقة من أساس دينى لأنه كان الأقوى بين تلك الكيانات، ولذا فقد أدى الغبن الشديد إلى سقوط مرير، وتهاوى الصرح الذى كان يظنه الكثيرون شامخا.
كذلك لم تمتنع المجتمعات الغربية الآن وهى فى أوج ازدهارها عن ممارسة المعيارية المزدوجة والكيل بمكيالين، خاصة فى تعاملاتها الخارجية مع الدول الإسلامية. بل اتجهت إلى تنظير من نوع مختلف يعلى من قيمة "الصراع" بل ويبحث عنها إن لم توجد، حتى يبقى لنفسه على عدو أمام شعوبه فتظل تقف خلفه تدعم وتساند. وتلك القيم المعوجة هى التى تجعل الكثير من منظرى العلوم الاجتماعية يؤكدون أن العالم الغربى رغم "رفاهته" الظاهرة والتى هى مرحلة تعلو التقدم، إنما يحمل فى طياته معاول هدمه.
*****
وعليه.. فتهاوى الممالك الفاقدة للعدل، معادلة ثابتة يختلف فقط توقيت تحققها، فالإنسان يتقلب بين شر محض وخير محض، بين نموذج "هابيل" الكاف يديه عن الأذى رغم الاعتداء، كمعيار للخير النقى فى صورته الأولى، ونموذج "قابيل" الذى لم تمنعه الأخوة وبراءة الطرف الآخر من إيقاع الاعتداء وإلحاق أشد درجات الأذى والظلم.
وبين الصورتين يعيش بنو آدم جميعهم من يومها إلى الآن، وبقدر ما ينتصر فى الإنسان جانب على الآخر بقدر ما يتخذ سماته العامة، وتظهر ملامحه وأخلاقه، والحقيقة أن الفرد وحده ليس هو من يؤكد على أحد تلك الجوانب أو يكبتها ويواريها، ولكن للمتغيرات المحيطة دورا كبيرا فى ذلك، ولذا كانت تشريعات العقاب والجزاء جنبا إلى جنب مع المبادئ والقيم الأخلاقية لتساندها وتدعمها، وهى المهام المنوطة بمؤسسات القضاء والأمن فى أى مجتمع، ومع فقد تلك المؤسسات لمعنى وجودها الأصيل، بالإضافة إلى تحولها إلى معاول فى يد محور "قابيل" الذى قرر أن يعادى "هابيل" إلى الأبد. هنا يعمل "قابيل" على استدعاء روحه السارية فى نفوس البشر، فيتعاضد الشر ويتآزر، فى نظرية يمكننا أن نسميها "تكثير الشر" حتى يعيش الفرد ومن بعده المجتمع فى نطاق "القابلية للظلم" فيقبله ولا يلفظه، ويمهد له وقد يتباهى بوجوده فى مرحلة لاحقة على تبريره أو إخفائه.
والحقيقة أن فارقا كبيرا بين الخير عندما يُستدعى ويتكاثر، وبين الشر إذ يفعل الشىء نفسه، لأن للخير طريق صوب المصالح العليا والمقاصد المثالية السامية، ولذا يكون تكاثره إنما هو انتقال بالخيرية من نفس فرد إلى حياة مجتمع، فى حين أن تكاثر الشر لا يبدو متكاتفا إلا فى اللحظات الأولى فقط، لأنه طريق نفعى مادى، وحداؤه إنما هو نحو المصالح الذاتية المندفعة بلا حد من شرع أو قانون، وعليه يكون التعاضد بين أبناء محوره فقط حتى يتحقق الكسر التام لتلك الحواجز، ثم يكون الشتات أو التشابك والصراع نتيجة حتمية لتنافر المصالح الفردية التى لا يمكنها أن تجتمع فى ظل شره حب الذات وتقديس النفس، والحرص على جمع أكبر قدر من المنفعة الخاصة.
*****
هب معى أن راكبى حافلة مزدحمة قد قرروا التناحر وساد بينهم الخلاف، فى حين انشغل السائق عنهم وأخذ يعدو حتى يصل إلى النقطة التى يريدها هو لا التى يريدها الراكبون، فهل من المتوقع أن تصل الحافلة إلى مأربها بسلام؟ ستتعاظم الشجارات والنزاعات، وستنتقل حتما من بين الركاب إلى السائق الذى استغل تناحرهم واتجه بهم إلى حيث لم يتفقوا عليه فى البداية، ولذا فخلافات تلك الحافلة ستؤدى إلى هلاكها وهلاك كل من فيها.
وهو ما يجعلنا ننتقل إلى عامل آخر ينحر فى المجتمعات الفاقدة لل"العدل" وهو سيادة ما يمكن تسميته بروح "الجهالة"، فالأصوات عالية، والصخب مرتفع، فى حين أن المتحدثين ضعيفو الحجة فاقدون للأدلة، يضعون المتناقضات فى فقرة واحدة وينسجون منها قصيدة للطرب!
والأغرب من ذلك أن هذا الهراء يجد من يسمعه، فيفسد ذوقه، وتضعف سبل البيان والإنصاف لديه، فتنشأ من جراء ذلك طبقات هشة فى البنية والمضمون، وبالتالى قاصرة فى الرؤية لا تملك نظرا نحو مستقبل أو تنمية، وهى الطبقات التى لا يمكنها أن تظل تقاوم كثيرا، فحجة العقل والعلم لا مراء سرعان ما تغلب الجهالة وتهوى بها صريعة دون مقاومة تذكر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.