محمد عبدالحافظ أول معصية وقعت في السماء منذ بدء الخليقة كانت الحسد، عندما تمني إبليس زوال النعمة التي أنعم الله بها علي آدم وزوجه حواء، وسعي وعمل حتي خرجا من الجنة.. وكان الحسد أيضاً هو سبب أول جريمة وقعت علي الأرض عندما قتل قابيل أخاه هابيل حسداً، لأن الله تقبل قربان هابيل ولم يتقبله من قابيل فغضب وأضمر حسداً لأخيه وارتكب جريمته.. ويقول تعالي في سورة المائدة الآية72 {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ}. والحسد يؤذي صاحبه قبل أن يؤذي المحسود، فإبليس أول الحاسدين مأواه جهنم، وقابيل في النار لأنه قتل أخاه، وكل من يحسد يعيش تعيساً لأنه يستكثر النعمة علي غيره، بل ويتمني زوالها، وأن تكون له هو وحده، وقد يصل الأمر إلي أن يحسد الأخ أخاه علي حب أبيه، وهذا ما حدث مع إخوة يوسف، ودفعتهم رغبتهم في زوال النعمة إلي التفكير في قتل أخيهم، ولكنهم في نهاية الأمر أن ألقوه في غياهب الجُب. والحسد يتعارض كلياً مع الإيمان، فالحاسد لا يكون في قلبه ذرة إيمان، ولا يرضي بقدر الله ومشيئته وحكمته في تقسيم الأرزاق، والمواهب، والجمال، والقبول، والنجاح.. ويقول رسولنا الكريم [ »لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد«، ويقول [ ناهياً عن الحسد »إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب«، ويقول [ في حديث آخر »ثلاثة لا يستجاب دعاؤهم، آكل الحرام ومكثر الغيبة ومن كان في قلبه غل أو حسد للمسلمين«. لم يمنعنا الإسلام عن الطموح وأن نتمني الخير والرزق لأنفسنا، وأن نسعي له، ولكن دون النظر لما في أيدي غيرنا. لن نستطيع أن نمنع الحاسدين، ولكن في أيدينا أن نتقي شرهم بسور الإخلاص والمعوذتين. إذا استعنت فاستعن بالله وإذا استعذت فاستعذ بالله.