يثبت الانقلاب العسكري يوميا أن عبد الفتاح السيسي ما قام بانقلابه العسكري على الرئيس محمد مرسي، إلا من أجل تأسيس دولة الفساد والمرتشين، حتى أن أغلب المرتشين الذين تم القبض عليهم، من كبار رجال دولة الانقلاب ومؤيديها، في الوقت الذي أكد تقرير منظمة الشفافية الدولية الذي تم إصداره مساء الأربعاء 26 يناير 2017 أن "مصر أكثر فساداً في 2016". ورصدت التقارير الرقابية بالأرقام حجم الفساد المتفشي بين المسؤولين المرتشين في عهد الانقلاب، والذي وصل لمئات المليارات من الجنيهات بحسب ما كشفه المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الذي أطاح به السيسي، والتي كان من بينها خلال اليومين الماضيين وليس أخرها، قضية فساد سعاد الخولي ابنة النظام المخلصة ونائبة محافظ الإسكندرية.
وتولت سعاد الخولي، منصب محافظ الإسكندرية بالانابة بقرار من رئيس الوزراء في فترات انتقالية بجانب أنها شغلت منصب نائب المحافظ لقرابة 3 سنين غيرت خلالهم 3 محافظين "لثقة الرئيس فيها"، والتي كانت تعتمد على "الشو" الإعلامي في كل جولاتها الميدانية.
وسعاد الخولي هي أرملة لواء شرطة وأولادها ضباط شرطة أيضا، وبالرغم من عملها في بلاط الانقلاب، وخدمة مصالحه، ألقت هيئة الرقابة الإدارية ظهر أمس الأحد، القبض على سعاد الخولي، نائبة محافظ الإسكندرية، داخل ديوان عام المحافظة، عقب التأكد من تورطها في عدة وقائع فساد تشمل الرشوة والإضرار بالمال العام والتربح.
وأكدت التحريات تقاضيها مبالغ مالية وعطايا مادية ومصوغات ذهبية قيمتها تعدت المليون جنيه من بعض رجال الأعمال مقابل استغلال سلطاتها، والإخلال بواجبات الوظيفة، وإيقاف وتعطيل تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة لمبانٍ أقيمت دون ترخيص أو على أرض ملك الدولة بالمخالفة للقانون، وإعفائهم من سداد الغرامات المقررة عن تلك المخالفات، مما أضر بالمال العام بحوالي 10 ملايين جنيه.
وكشفت تحريات الرقابة الإدارية أن نائب محافظ الإسكندرية تعمدت إخفاء عناصر ثروتها غير المشروعة بأسماء آخرين تجنبًا لملاحقة الهيئة لها.
لتظهر قضية سعاد الخولي المسرحية التي يعيشها المصريون مع نظام الانقلاب ومؤيديه، الذين يظهر أغلبهم في شاشات الفضائيات ليتحدثوا عن مشروعات الوهم، وحجم التحديات التي تواجهها دولة السيسي، ليكتشف المصريون في النهاية أن مسئولي دولة الانقلاب ما هم إلا مجموعة من المرتشين واللصوص سطوا على الدولة من خلال قائد الانقلاب العسكري، الذي أسس لدولتهم الفاسدة بالسطو على الحكم والانقلاب على أول رئيس مدني منتخب انتخابا ديمقراطيا حقيقيا.
دولة الفساد
ولعل تقرير منظمة الشفافية الدولية 2017 أن "مصر أكثر فساداً في 2016"، وتدهور وضع مصر على مؤشر الفساد درجتين في 2016، حيث سجلت 34 نقطة، مقابل 36 العام السابق، يثبت حجم الفساد في دولة السيسي، خاصة مع فضائح نظامه التي تمثلت في القبض على عشرات المسئولين في قضايا رشوة وفساد.
وقالت الشفافية الدولية في تقريرها "يبقى الفساد مستشريا في مصر في ظل غياب أي إرادة سياسية حقيقية وجادة لمكافحته"، بعد أن احتلت مصر المركز 108 في مؤشر الفساد من بين 176 دولة شملها المؤشر في 2016، وكانت تحتل المرتبة 88 من بين 168 دولة في عام 2015.
وقالت المنظمة الدولية إن "الحكومة المصرية تعدت على الهيئات المستقلة حين أقال عبد الفتاح السيسي بمرسوم رئاسي رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة، وادانته وحاكمته قضائيا عندما كشف عن حجم ما كلف الفساد في مصر في الأربع سنوات الأخير
صلاح هلال
صلاح هلال، وزير الزراعة المُرتشي، والذي تم اختياره لهذا المنصب بترشيح من إبراهيم محلب، رئيس حكومة الانقلاب في مارس2015 ، وهو من مواليد عام 1956 بقرية كفر العمار محافظة القليوبية، تخرج في كلية الزراعة جامعة الأزهر، عام 1978، وحصل على الدكتوراه في العلوم الزراعية من نفس الجامعة، كما أنه أستاذ تكنولوجيا البذور بمعهد بحوث المحاصيل التابع لمركز البحوث الزراعية، وتم تعيينه إخصائي بحوث في المعهد، عام 1982، ليتدرج في المناصب داخل وزارة الزراعة إلى تقلده منصب الوزير في آخر محطة وظيفية قبل عملية القبض عليه. خلال فترة توليه الوزارة توالت تصريحاته التي تهاجم الفساد بشدة وتستنكره، كان آخرها "اللي مش هيشتغل هشيله، ولن أسكت على فساد أو أتراجع عن مواجهته ..وساكشف عن قضية فساد كبرى في أحد قطاعات الوزارة". وفي اليوم التالي لتصريحه، تم الاعلان عن قضية فساد وزارة الزراعة، والذي اتهم فيها صلاح هلال شخصيًا، إضافة إلي مدير مكتبه محمد إسماعيل، وأيمن الجميل، رجل الأعمال، والصحفي محمد فودة، وتم القبض عليهم. وتتمثل وقائع القضية وفقًا لما أعلنته النيابة العامة، أخذ مسئولي الوزارة، رشاوى عينية، وطلب عقارات مقابل تقنين مساحة أرض 2500 فدان في وادي النطرون، وجاءت الهدايا عبارة عن عضوية عاملة في النادي الأهلي، ب 140 ألف جنيه لأحد المتهمين، وهاتفي محمول ب 11 ألف جنيه، وإفطار في أحد الفنادق في شهر رمضان بكلفة 14 ألفًا و500 جنيه، وطلب سفر لأسر المتهمين وعددهم 16 فردا لأداء الحج بتكلفة 70 ألف ريال للفرد، وطلب وحدة سكنية بأكتوبر ب 8 مليون و250 ألف جنيه. وصدر الحكم بمعاقبة وزير الزراعة السابق ومساعده، بالسجن المشدد 10 سنوات وعزلهما من وظيفتهما، كما قضت المحكمة أيضًا بإعفاء رجل الأعمال أيمن محمد رفعت الجميل رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات كايرو ثري ايه، ومحمد محمد فوده من العقوبة.
أيمن الجميل
أيمن الجميل، هو الراشي في القضية، وهو رجل أعمال، ظهر لأول مرة لوسائل الإعلام بعد تبرعه بملغ مالي 150 مليون جنيه لصندوق “تحيا مصر”، الذي أسسه “السيسي”، لجمع تبرعات من رجال الأعمال المصريين.
“أيمن” هو نجل رفعت الجميل، رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات “كايرو ثري إيه” للتصدير والاستيراد والشحن والتفريغ في محافظة دمياط، والمُحتكر الأول لأعمال ميناء دمياط من استيراد وتصدير وتخليص جمركي منذ مطلع التسعينيات، بجانب كونه أحد أباطرة الحزب الوطني المنحل في المحافظة، حيث فاز لدورتين متتاليتين2000 ، و2010 عن دائرة كفر سعد بتزكية من الحزب له على حساب “سمير زاهر” رئيس اتحاد الكرة السابق، ويتمتع بعلاقة وطيدة بالرئيس السابق حسني مبارك ونجله علاء.
محيي قدح
محيي قدح، شاب أربعيني العُمر، وهو يشغل منصب مدير مكتب الوزير المُتهم “صلاح هلال”، وتتجاوز مهامه منصب مدير المكتب إلى كونه الرجل الأول داخل الوزارة، الذي يتمتع بنفوذ واسع، حيث يؤخذ رأيه في كافة القرارات الهامة داخل الوزارة، كما تمتع بعلاقة نافذة مع الوزير الأسبق أيمن فريد أبو حديد، وكان المُستشار الأول له في كافة الشئون داخل الوزارة.
محمد فودة
محمد فودة، الوسيط في عملية الرشوة، حاصل على مؤهل فني صناعي، من مدينة زفتى بالغربية، وبدأ رحلة الصعود كمراسل صحفي لجريدة الجمهورية في زفتى، ثم انتقل لجريدة الوفد، وانتقل بعدها لجريدة ميدان الرياضة، حتى وصل لمنصب مساعد رئيس تحريرها “علاء صادق”.
ظهر “فودة” للإعلام للمرة الأولى في عام 1997 كوسيط في قضية رشوة بين المستشار ماهر الجندي محافظ الجيزة وقتها، ورجل الأعمال عمرو خليفة، لإنهاء إجراءات تخصيص 130 فدانًا بطريق مصر- إسكندرية الصحراوي ووجهت له النيابة تهمة أخرى، وهي استغلال النفوذ والكسب غير المشروع خلال سنوات عمله بالوزارة، وهي القضية التي قادته للسجن خمس سنوات وتغريمه 3 ملايين و167 ألف جنيه.
في عام 2012، عاد “فودة” مجددًا للظهور على وسائل الإعلام المصرية، التي قدمته كمستشار إعلامي وكاتب صحفي، من خلال كتابه مقالات بشكل منتظم في صحيفة “اليوم السابع”، ونشر حوارات صحفية له بشكل منظم مع وزراء البترول، والطيران، كما أعلن ترشحه لانتخابات مجلس النواب عن دائرة مركز زفتى، وعمل مستشارًا إعلاميًّا لأكثر من قناة تليفزيونية، ولغرفة صناعة الإعلام، ولشركة إنتاج فني.
وائل شلبي
مستشار وقاضٍ مصري، شغل منصب أمين عام مجلس الدولة الكيان القضائي المسؤول عن المنازعات الإدارية في مصر، أوقف على خلفية تهم فساد في ما يعرف إعلاميا "قضية الرشوة الكبرى". ذكرت السلطات المصرية أنه انتحر في زنزانته مع بداية 2017.
شغل شلبي العديد من المناصب القيادية -وفق الإعلام المصري- فقد تولى منصب نائب رئيس مجلس الدولة وأمين عام مساعد للشؤون المالية والإدارية للعلاقات الخارجية، وتدرج في وظائف قضائية بهيئة مفوضي الدولة، والقضاء الإداري.
وانتدب شلبي أمينا عاما لمجلس الدولة يوم 25 مايو 2015، وتسلم منصبه يوم 1 يوليو من السنة نفسها، كما شغل أيضًا منصب المتحدث الرسمي باسم مجلس الدولة، وأثار تعيينه في منصب الأمين العام لمجلس الدولة تحفظات المستشارين بسبب صغر سنه، باعتبار أن المنصب يحتاج لعامل الأقدمية والخبرة.
ووفق الصحف المصرية، فقد كان شلبى منتدبا إلى أكثر من عشر جهات حكومية، فكان المستشار القانوني لمحافظ الشرقية، والمستشار القانوني لجامعة المنوفية، وكان عضو مجلس إدارة شركة الاتصالات ممثلًا عن مجلس الدولة، وعضو مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك ممثلًا عن مجلس الدولة، وعددا من الجهات الأخرى. وتحكم شلبى في اللجان الضريبية ومجالس التأديب التي يشارك فيها، إضافة إلى كونه المتحكم في حركة الانتدابات والإعارات للمستشارين داخل المجلس.
تفجرت قضية شلبي بعد أن قامت الرقابة الإدارية بتوقيفه في الساعات الأولى من يوم 1 يناير 2017 تنفيذا للإذن الصادر بهذا الشأن من نيابة أمن الدولة العليا، وذلك على خلفية اتهامات تتعلق بتورطه في قضية فساد كبرى، ليقدم استقالته من منصب الأمين العام لمجلس الدولة.
وقبلت استقالة شلبي من منصبه، وفق ما أعلن مجلس الدولة في بيان إثر اجتماع عاجل للمجلس الخاص للشؤون الإدارية.
وجاءت تلك التطورات بعد أن ضبطت الرقابة الإدارية مدير المشتريات بالمجلس جمال اللبان ووجدت في منزله مبالغ ضخمة هي 24 مليون جنيه مصري، وأربعة ملايين دولار أميركي، ومليونا يورو، وفق ما نشرت الصحف المصرية، ليتم قتل وائل شلبي بعدما أعلن أنه ليس بمفرده في شبكة الفساد، وتعلن سلطات الانقلاب عن انتحاره يوم 1 يناير 2017 داخل محبسه.
مختار جمعة
ولعل مختار جمعة مخبر وزارة الأاوقاف هو أحد أكبر رموز الفساد في دولة السيسي، حيث أفادت مستندات تسربت من داخل وزارته، أنه تم تشطيب شقة وزير الأوقاف، الدكتور مختار جمعة، بالمنيل، على نفقة الوزارة بنحو 772 ألف جنيه، وهي الشقة التي اشتراها الوزير من مقاول يعمل مع هيئة الأوقاف يدعى سيد عبدالباقي بنحو 60 ألف جنيه فقط “مجاملة”.
وكشفت المستندات أن هيئة الأوقاف كلفت شركة “المحمدي” التابعة للهيئة، بتشطيب الشقة التي أثيرت حولها الشبهات والكائنة بالطابق الرابع- عمارة 8- شارع المتحف بالمنيل.
كان من بين تكاليف الإنفاق “بانيو” مخصوص لوزير الأوقاف كلف هيئة الأوقاف 13.850 ألف جنيه، أما الستائر فقد وصل سعرها إلى 42.800 ألف جنيه، بينما تكلفت دواليب المطبخ 25.000 ألف جنيه.
وذكرت مصادر، أن الوزير باع الشقة فيما بعد لرئيس بعثة الحج المصرية.
كما أصدر مختار جمعة قرارا تضمن سفر ابنه، أحمد محمد مختار جمعة وزوجته فاتن شريف عبدالله، للحج على نفقة الوزارة.